أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - نبيل جعفر عبد الرضا - رؤية إستشرافية للدولة الريعية في العراق















المزيد.....



رؤية إستشرافية للدولة الريعية في العراق


نبيل جعفر عبد الرضا

الحوار المتمدن-العدد: 3636 - 2012 / 2 / 12 - 22:03
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


د. نبيل جعفر عبد الرضا و خالد مطر مشاري
تمهيد :

يواجه الاقتصاد العراقي تحدياً رئيساً يتعلق بكيفية إدارة القطاع النفطي والدور الذي ستؤديه الحكومة والشركات الخاصة النفطية (الأجنبية والمحلية) في إعادة تطوير هذا القطاع وتأهيله ، وطبيعة العلاقة بين الحكومة وتلك الشركات النفطية بهدف زيادة الطاقة الإنتاجية من النفط الخام لتحقيق اكبر قدر ممكن من الإيرادات المالية اللازمة لتمويل عمليات إعمار العراق وتطوير بناه التحتية.

و بناءً على ما سبق سنتناول المبحثين الآتيين :

المبحث الأول : الاقتصاد العراقي في ظل عقود مشاركة الإنتاج .
المبحث الثاني : الاقتصاد العراقي في ظل هيمنة الدولة على القطاع النفطي .

المبحث الأول

الاقتصاد العراقي في ظل عقود مشاركة الإنتاج

يواجه العراق عدة خيارات فيما يتعلق باستغلال ثروته النفطية ومن ابرز تلك الخيارات للسياسة النفطية المرتقبة هي:
أولاً : سيطرة الدولة على القطاع النفطي وذلك من خلال قطاعها العام، فالدولة تتخذ كل القرارات وتستحوذ على جميع العائدات (أي بقاء الصناعة النفطية مؤممه) وقد عملت الدولة بموجب هذا النظام منذ عام 1972 إلى الوقت الحالي، أمّا فيما يتعلق بعلاقاتها مع الشركات الأجنبية فتقوم الدولة باستئجارها لتقديم خدمات معينة في إطار عقد مع الحكومة ويمكن ان يأخذ هذا العقد الصيغ التالية:-
1- عقود الخدمة التقنية (خدمة التطوير والإنتاج):-
تقوم الشركة الأجنبية في هذا النوع من العقود بتطوير وتشغيل الحقول النفطية، وبعدها تستلم الدولة أو شركتها النفطية الحقل النفطي ولكن بشرط استمرار الشركة الأجنبية بتقديم خدماتها لمدة لا تقل عن (15) سنة، و تستمر الشركة الأجنبية بشراء النفط المنتج بسعر السوق أو بتخفيض متفق عليه.

2- عقود شراء المباع (إعادة الشراء):

تعد إيران أول من طبق هذه العقود في التسعينات، وهذه العقود مشابهة لطريقة عمل عقود الخدمة التقنية ولكن لمدة زمنية اقصر تمتد بين (3-5)
سنوات بعد مدة تطوير تتراوح بين (2-3) سنة ، وبعدها تستلم الشركة النفطية الوطنية الحقل وتحتفظ بجميع عوائده، في حين أن الشركة الأجنبية تحصل على حصتها بشكل عيني (كنفط خام) ويحسب كنسبة من الاستثمارات التي وضعتها الشركة الأجنبية على أن يتضمن عائداً متفقاً عليه مع شروط الوصول إلى معدلات الإنتاج المتفق عليها، وبهذا تتحمل الشركة الأجنبية الخسارة في حال وقوعها.

3- عقود المجازفة (مخاطر الخدمة):
استخدمت الجزائر هذه العقود في بداية إنتاجها، إذ بموجبها تقوم الشـــركة
الأجنبية بتقديم رأس المال اللازم لتطوير المشروع النفطي، وحين يبدأ الإنتاج
تستعيد نفقاتها مضافاً إليها مبلغ محدد لكل برميل نفطي منتج، وبعبارة أُخرى
إن الشركة الأجنبية ستزداد أرباحها بزيادة الإنتاج النفطي مقابل تحملها مخاطر
الخسارة وبخاصةً إذا شمل المشروع النفطي عمليات البحث والتنقيب.
ومن ابرز المآخذ على هذا النوع من العقود أنها لا تتفق من حيث كمية إنتاجها
مع الحصة المقررة في أوبك فضلاً عن طول مدة العقد.

ثانياً : نظام عقود الامتياز النفطية:
يعرف أحياناً بحق الملكية أو الريعية الثابتة أو النظام الضريبي، وبموجبه تمنح الدولة للشركة الأجنبية حق البحث واستخراج النفط بحيث تصبح الاحتياطات النفطية للشركة الأجنبية بمجرد اكتشافها، فيكون لها الحق باستخراج النفط وبيعه ونقله او تكريره وبالمقابل فان الشركة الأجنبية تدفع للحكومة ضريبة وريعاً مقابل حق الملكية.

ثالثاً : نظام عقود مشاركة الإنتاج:

وهو النظام المطروح للعمل في العراق، ويعد من أكثر الأنظمة النفطية تعقيداً ، إذ بموجبه تقوم الشركة الأجنبية باستثمار أموالها بالعمليات النفطية المختلفة ابتداءً من
مرحلة الاستكشاف والاستخراج وتأسيس البنى التحتية وانتهاءً بمرحلة الإنتاج (أي القيام بعمليات تطوير المكمن النفطي كافة) مقابل حصولها على حصة متفق عليها من الإنتاج وذلك بعد تسديد تكاليف الاستثمار من النفط المنتج والذي يحدد على أساس المواصفات الاقتصادية والجيولوجية للمكمن النفطي.
يوجد في العراق 27 حقل منتج حالياً و نحو 25 حقلاً نفطياً غير منتج ولكن قريب من الإنتاج ، بينما يوجد ما يقارب 26 حقلاً نفطياً غير منتجه و بعيده عن الإنتاج ، و يوجد في العراق 65 رقعة استكشافية نفطية متوزعه في مناطق مختلفة من العراق . و تجدر الإشارة إلى أن درجة الخطورة ستكون منخفضة جداً فيما يتعلق بالحقول النفطية المكتشفة غير المطورة، أما بالنسبة للرقع الاستكشافية فستزداد فيها درجة الخطورة وان كانت هذه الخطورة ليست مرتفعة ذلك لان احتمال وجود النفط في تلك الرقع الاستكشافية مرتفع، ويمكن توضيح الأقسام الأربعة للحقول النفطية والرقع الاستكشافية كما يلي:
1- الحقول المنتجة وعددها 27 حقلاً.
2- الحقول غير المنتجة والقريبة من الإنتاج، ويبلغ عددها 25 حقلاً ,
3- الحقول غير المنتجة والبعيدة عن الإنتاج وعددها 26 حقلاً
4- الرقع الاستكشافية وعددها 65 رقعة تتوزع في مناطق مختلفة من العراق

يعد الربع الأخير من القرن الماضي من أكثر الفترات استخداماً لعقود مشاركة الإنتاج فيما يتعلق بالصيغ التعاقدية الخاصة بالتنقيب عن المعادن ومن ضمنها النفط والغاز الطبيعي وتطوير إنتاجهما .إذ أدخلت عقود مشاركة الإنتاج إلى عالم الصناعة النفطية عام 1966 من قبل الحكومة الاندنوسية وذلك بعد مفاوضات دامت خمس سنوات، والتي كانت كمحاولة منها للتخلص من عقود الامتياز التي وقعتها في ظل ظروف الاستعمار، فبعد أن نالت أندنوسيا استقلالها من هولندا حاولت التخلص من سيطرة الشركات الأجنبية النفطية، فاضطرت إلى توقيع عقود مشاركة الإنتاج مع تلك الشركات الأجنبية لإيجاد صيغ جديدة تراعي سيادة الدولة على مواردها النفطية وإعطاءها عوائد نفطية تزيد عن 50% من الإيراد النفطي التي كانت تحصل عليها من عقود الامتياز النفطية وبالوقت نفسه خشيتها بسبب عدم نجاح التجربة الإيرانية عام 1954 والخاصة بتأميم النفط الإيراني الأمر الذي قد يتكرر في أندنوسيا.
لقد عارضت الشركات النفطية الكبرى بشدة هذه العقود في بدايتها، وذلك لخشيتها من أن تحل عقود مشاركة الإنتاج محل عقود الامتياز التي كانت سائدة آنذاك، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية أعطت لشركاتها النفطية الحرية الكاملة في توقيع مثل هذه العقود ، و بهذا وقع العقد الأول عام 1966 بين الحكومة الاندنوسية ومجموعة شركات أمريكية تسمى IIAPco ، ووقع العقد الثاني في عام 1968 مع شركة النفط فليبس الأمريكية المستقلة، وذلك لأن الشركات المستقلة كانت مستعدة لتقديم تنازلات معينة مقابل حصولها على مثل هذه العقود وخصوصاً في زحمة الحصول على مصادر نفطية عالمية، أن تزامن رغبة الشركات النفطية الأجنبية المستقلة في توقيع عقود مشاركة الإنتاج مع عمليات التأميم في السبعينات والثمانينات دفع الشركات النفطية الكبرى لإستعدادها لتوقيع مثل هذه العقود (عقود المشاركة) في تلك الفترة.

1- البنود الرئيسة لعقود مشاركة الإنتاج

أ‌- الريع (حق الملكية):- تحصل الدولة على حصة من النفط المنتج حالما يبدأ الإنتاج وذلك كحق للملكية، وتكون لهذه الحصة الأولوية في الدفع بغض النظر عن ربحـية
المشروع أو خسارته، ويأخذ الريع نسباً مختلفة فقد يكون ثابتاً أو متغيراً لأسباب مختلفة ، فحسب ما جاء بمشروع قانون النفط الجديد العراقي فهو نسبة ثابتة تبلغ 12.5%، أما قانون كردستان للنفط فالريع يتحدد حسب نوع النفط المنتج، إذ يبلغ 7.5% للنفط الثقيل و10% للنفط الخفيف والمتوسط، في حين يرتفع هذا الرقم في دول أخرى مثل شيلي إذ يصل إلى 45% من حجم الإنتاج الكلي، فيما ينخفض في دول أخرى مثل اندنوسيا والتي ينخفض فيها الريع النفطي إلى الصفر، إلا انه في اغلب الأحيان يحدد المخاطرة والتكلفة، وقد يدفع الريع نقداً أو عيناً كحصة من النفط المنتج.
ب-نفط التكلفة:- بعد أن يتم تسديد حصة الريع تأخذ الشركة الأجنبية حصة من النفط المنتج (كما مثبت في العقد) تسمى نفط التكلفة والتي تسدد بها الكلفة الاستثمارية للمشروع وتكون نسبتها ثابتة أو متحركة وذلك معتمداً على عدة عوامل من أبرزها إنتاجية الحقل والمبالغ المصروفة، وتختلف نسبة نفط التكلفة من عقد لآخر فقد تأخذ نسباً منخفضة كما في شروط ليبيا وقد تأخذ نسباً مرتفعة كما في شروط الهند واندنوسيا ولكن بشكل عام تقع بين (30-50%) والغالب 40%. وتجدر الإشارة إلى أن نفط التكلفة يشمل الكلفة الاستثمارية والتشغيلية ولهذا فانه بعد سداد التكلفة الاستثمارية سوف ينخفض مقدار نفط التكلفة لكونه يعبر عن الكلفة التشغيلية فقط.
ت-نفط الربح:- بعد سداد نفط الريع ونفط التكلفة فان النفط المتبقي يسمى نفط الربح والذي يقسم بين الشركة الأجنبية النفطية والدولة حسب نسب متفق عليها، وهذه النسب اما ثابتة أو متغيرة معتمدة على كمية الإنتاج أو نسبة العائد على الاستثمار وقد تحدد نسبة نفط الربح والذي تحصل عليه الشركة الأجنبية بين (16-30%) وأحياناً تنخفض إلى (9-10%) في حين توجد حالات خاصة يصل فيها نفط الربح إلى 65%.
ث- الضرائب: في اغلب الأحيان تفرض الدولة ضريبة على نفط الربح بين (0-60%) وهذا يعتمد على طبيعة الدولة وقوانينها الضريبية وهي نسبة ثابتة في أغلب الأوقات. وتجدر الإشارة إلى انه توجد حالات خاصة يتم فيها تجميد الضرائب للفترة الأولى من عمر المشروع بهدف تحفيز المستثمر الأجنبي، وأحيانا تكون الدولة شريكاً في العقد فيترك أمر الضريبة للشركة الوطنية النفطية للاتفاق عليها.

ج- الحوافز والمبالغ الإضافية: توجد ثلاثة أنواع من الحوافز التي تدفعها الشركة الأجنبية للحكومة وهذه الأنواع هي حافز توقيع العقد وحافز بدء الإنتاج وحافز اكتشاف النفط، وعادة ما تحدد هذه الحوافز بالعقد، فالحوافز في دول الشرق الأوسط تكون مرتفعة مقارنة بالحوافز في الدول الأخرى التي قد تنعدم بها الحوافز أحياناً، إذ تختلف الحوافز باختلاف صعوبة العمل والكلف التطويرية للمشروع والمواقع من حيث قربها من اليابسة والماء، إن حافز توقيع العقد قد يدفع عند توقيع العقد وبدون المعرفة المسبقة عن الإنتاج، أما حافز الإنتاج فيتغير بتغير الإنتاج، فمثلاً يدفع 2 مليون دولار عندما يبلغ الإنتاج 2 مليون برميل /يوم ويدفع 2 مليون دولار أخرى عندما يبلغ الإنتاج النفطي 4 ملايين برميل/يوم.
ح- مدة العقد: إن مدة عقود مشاركة الإنتاج تتضمن مرحلتي عمل وهما مرحلة البحث والتنقيب والتي تحدد مدتها في أغلب الأحيان بحدود ثلاث سنوات قابلة للتمديد سنتين ولمرتين، والمرحلة الثانية هي مرحلة الإنتاج والتطوير ومدتها في الغالب 20 سنة مع إمكانية تمديدها 5 سنوات، أو أن تثبت المرحلتين معاً أي بحدود 23 سنة قابلة للتمديد 5 سنوات لمرتين.وبهذا قد تصل مدة عقود مشاركة الإنتاج إلى 28 سنة.

2- طريقة عمل عقود مشاركة الإنتاج:
إن حق الملكية (الريع) كما في معظم شروط عقود مشاركة الإنتاج يساوي 12.5% ولنفرض أن نفط الكلفة يساوي 40% من إجمالي إيرادات الحقل، أما نفط الربح (وهو النسبة المتبقية بعد خصم الريع ونفط التكلفة) فيساوي 47.5% يقسم إلى قسمين 60%
للدولة و40% للشركة الأجنبية، ثم تقوم الدولة بفرض ضريبة دخل على حصة الشركة الأجنبية من نفط الربح ولنفترض إنها تساوي 40% ستخصم من حصة الشركة الأجنبية من نفط الربح لتضاف إلى حصة الدولة. وبهذا ستحصل الدولة على ما يقارب 48.6% من النفط المنتج في حين ستحصل الشركة الأجنبية على 51.4% منه .
و تضم عقود مشاركة الإنتاج فقرات أخرى كالحوافز الإضافية مثل حوافز توقيع العقد وحوافز الإنتاج وارتفاع معدلاته، وعلاوات الخطورة.
وتجدر الإشارة إلى أن نفط التكلفة سينخفض بشكل كبير بعد سداد رأس المال المستثمر وبذلك سيعبر عن التكلفة التشغيلية فقط، وبهذا ستزداد حصة الدولة من النفط المنتج لتصل إلى 79% للدولة مقابل 21% للشركة الأجنبية فقط .

3- الآثار المترتبة على عقود مشاركة الإنتاج:
طبق العراق التخطيط المركزي في إدارة قطاعه النفطي نحو أربعة عقود من الزمن وذلك من خلال قطاعه العام. ودوره الفاعل في السيطرة على النفط وتوجيه إيراداته على وفق سياساتها الاقتصادية المتبعة ، فمن الطبيعي أن يكون للتحول في إدارة الثروة النفطية في العراق من خلال فتح المجال للشركات الأجنبية بأن تقوم باستثماراتها الخاصة (لا سيما من خلال مشروع قانون النفط الجديد) مجموعة من الآثار السلبية على الاقتصاد والمجتمع العراقي والتي يمكن إيجازها بالاتي:

أ‌- الخسائر المالية للعراق: من أبرز انعكاسات عقود مشاركة الإنتاج هي الخسائر المالية التي يتحملها الاقتصاد العراقي التي تحصل عليها الشركات الأجنبية بمثابة أرباح نتيجة لاستثماراتها في القطاع النفطي العراقي.
يمكن تقدير الخسائر المالية للعراق عند سيناريوهات مختلفة من حيث كمية الإنتاج والشروط التي تتضمنها عقود مشاركة الإنتاج، فبالنسبة لكمية الإنتاج سنفترض كميات مختلفة من الإنتاج النفطي، أما بالنسبة للشروط المطبقة سنأخذها على وفق ما هو مطبق في عدد من الدول المختلفة، سنبدأ بروسيا بوصفها أكثر الدول مرونة في تطبيق هذه العقود وذلك لأسباب اقتصادية متعلقة بإرتفاع تكاليف الإنتاج النفطي وارتفاع درجة الخطورة فيها لبعد النفط عن سطح الأرض ،لذا فهي تعطي تنازلات فيما يتعلق بحصتها من الريع النفطي و تعطي حصة أكبر للشركة الأجنبية و بذلك تصل حصة الشركة الأجنبية إلى 23% مقابل77% للدولة من النفط المنتج بعد سداد نفط التكلفة ، ثم سنأخذ عمان التي تعد اقل مرونة في شروط تطبيق عقود المشاركة وذلك لسهولة إستخراج النفط فيها وإنخفاض درجة المخاطره مقارنةً بروسيا وبذلك تكون حصة الشركة الأجنبية 20% مقابل 80% للدولة من النفط المنتج بعد سداد نفط التكلفة ، أما ليبيا فهي أكثر الدول تشدداً في تطبيق عقود مشاركة الإنتاج وذلك لأسباب سياسية متمثلة بتنازل الدولة عن مصدر سيادتها الوطنية (لاسيما النفط) و تستعيض عن ذلك برفع حصتها من الريع النفطي و خفض حصة الشركة الأجنبية إلى 9% فقط في حين تسيطر الدولة على 9% من النفط المنتج بعد سداد نفط التكلفة .
بافتراض كمية إنتاج تبلغ 1 مليون برميل /يوم وعند سعر يبلغ 80 دولار / للبرميل، ستصل خسارة العراق المالية على وفق شروط روسيا إلى 18.4 مليون دولار يومياً وحوالي 6.624 مليارات دولار سنوياً، وعند تطبيق شروط عمان تبلغ خسارة العراق المالية 16 مليون دولار سنوياً وما يقارب 5.760 مليارات دولار سنوياً، في حين أن
تطبيق شروط ليبيا سيخفض الخسائر المالية للعراق إلى 7.2 ملايين دولار يومياً وحوالي 2.592 مليار دولار سنوياً بوصفها أكثر الدول تشدداً في تطبيق عقود مشاركة الإنتاج.أمّا عند افتراض كمية إنتاج2مليون برميل/يوم ستزداد خسارة العراق المالية، فعند تطبيق شروط روسيا ستصل خسارة العراق إلى 36.8 مليون دولار يومياً وبحدود 13.248 مليار دولار سنوياً، في حين أن تطبيق شروط عمان ستصل الخسارة المالية للعراق إلى 32 مليون دولار يومياً وحوالي 11.520 مليار دولار سنوياً، وعند تطبيق شروط ليبيا ستنخفض خسارة العراق المالية إلى 14.4 مليون دولار يومياً وحوالي 5.184 مليار دولار سنوياً.
و إذا افترضنا زيادة كمية الإنتاج النفطي إلى 3 ملايين برميل/يومياً فستزداد خسارة العراق المالية إلى 55.2 مليون دولار يومياً وحوالي 19.872 مليار دولار سنوياً على وفق شروط روسيا، أما عند تطبيق شروط عمان ستصل الخسارة المالية للعراق إلى 48 مليون دولار يومياً وبحدود 17.280 مليار دولار سنوياً، في حين أن تطبيق شروط ليبيا سيخفض الخسارة المالية للعراق إلى 21.6 مليون دولار يومياً ونحو 7.776 مليارات دولار سنوياً وبافتراض إن كمية الإنتاج ستصل إلى 4 ملايين برميل/باليوم ستزداد خسارة العراق المالية وذلك على وفق الشروط المطبقة، فعند تطبيق شروط روسيا ستصل خسارة العراق المالية إلى 73.6 مليون دولار يومياً ونحو 26.496 مليار دولار سنوياً. وعند تطبيق شروط عمان ستصل خسارة العراق المالية إلى 64 مليون دولار يومياً وحوالي 23.040 مليار دولار سنوياً، في حين إن تطبيق شروط ليبيا سيخفض الخسارة المالية للعراق إلى 28.8 مليون دولار يومياً وحوالي 10.368 مليار دولار سنوياً.
وتجدر الإشارة إلى إن تلك الخسائر المالية حسبت على أساس أن العراق لا يتحمل من نفط التكلفة سوى التكلفة التشغيلية، بمعنى انه قام بتسديد الشركات الأجنبية تكاليفها الاستثمارية، إذ تقدر خسائر العراق المالية المتضمنة لنفط التكلفة الاستثمارية عند مستوى إنتاجي يبلغ 1 مليون برميل/ يومياً حوالي 4.12 ملايين دولار يومياً وبحدود 14.803 مليار دولار سنوياً، وعند زيادة الإنتاج إلى 2 مليون برميل يومياً ستزداد خسارة العراق إلى 8.24 ملايين دولار يومياً وحوالي 29.606 مليار دولار سنوياً، وعندما يبلغ الإنتاج 3 ملايين برميل يومياً ستزداد خسارة العراق المالية إلى 12.34 مليون دولار يومياً وبحدود 44.42 مليار دولار سنوياً، وبافتراض زيادة الإنتاج إلى4ملايين برميل / يوم ستصل خسارة العراق إلى 16.45 مليون دولار يومياً ونحو59,22مليارسنوياً وذلك بافتراض سعر80 دولاراً للبرميل وعلى أساس إن حصة الشركة الأجنبية تقدر بحوالي 51.4% مقابل 48.6% للدولة من النفط المنتج، وذلك لتضمنه لنفط التكلفة الاستثمارية.
نخلص من ذلك أن العراق سيتحمل خسارة مالية عند تطبيقه لعقود مشاركة الإنتاج والتي تحصل عليها الشركات الأجنبية كأرباح نتيجة لاستثمارها بالنفط العراقي وان كانت هذه الخسارة تعتمد على طبيعة الشروط المطبقة في عقود مشاركة الإنتاج.
وهذا يعني إن العراق لا يتحمل أي خسارة في حال قيامه بتطوير هذه الحقول بعيداً عن عقود مشاركة الإنتاج. وبما أن الخسارة التي يتحملها الاقتصاد العراقي من تطبيق عقود مشاركة الإنتاج هي أرباح تحصل عليها الشـركات الأجنبية فهذا يعنـي إن أرباح الـشـركات
الأجنبية ستزداد بزيادة أسعار النفط الخام والكميات المنتجة وبالمقابل ستنخفض هذه الأرباح بانخفاض أسعار النفط الخام والكميات المنتجة، وذلك على وفق شروط العقد المطبقة.
كما تعتمد أرباح الشركات الأجنبية على طبيعة المكمن النفطي من حيث كمية إنتاجه الذي يعتمد بدوره على حجم الحقل النفطي ومقدار احتياطيه وطبيعته الجيولوجية وبالتالي تكاليف تطويره.
ويمكن حساب الإيرادات السنوية المتوقع الحصول عليها لحقول مختلفة من حيث موقعها وحجم إنتاجها ومخزونها النفطي وبالتالي تكاليفها التطويرية وكما هو موضح بالجدول (27) والذي من خلاله نلاحظ إن الإيرادات السنوية المتوقع الحصول عليها من حقل الأحدب (وهو حقل صغير وغير منتج و بعيد عن مناطق الإنتاج و ذات طاقة إنتاجية تبلغ 100 ألف برميل /يوم، ومخزون نفطي يصل إلى 2 مليار برميل وتكلفة تطويرية تقدر بحوالي 1.3 مليار دولار) تبلغ إيراداته السنوية 2.880 مليار دولار، عند سعر 80 دولاراً للبرميل، تكون حصة الدولة منها ما بين (1.93-2.62) مليار دولار سنوياً و حصة الشركة الأجنبية تتراوح بين (26-95) مليون دولار سنوياً و ذلك حسب شروط العقد المطبقة، أما حقل ارطاوي (وهو حقل متوسط غير منتج ولكن قريب من مناطق الإنتاج، وذات طاقة إنتاجية تقدر بحوالي 200 ألف برميل /يوم، واحتياطي نفطي يصل إلى 2 مليار برميل وتكلفة تطويرية تصل إلى 1.3 مليار دولار تبلغ إيراداته السنوية المتوقع الحصول عليها 5.760 مليارات دولار تكون حصة الدولة منها ما بين (3.86-5.24) مليار دولار سنوياً و حصة الشركة الأجنبية تتراوح بين (0.52-1.9) مليار دولار سنوياً وذلك حسب شروط العقد المطبقة،في حين الاستثمارفي حقل كبير مثل حقل مجنون (وهو حقل ضخم تبلغ طاقته الإنتاجية بحدود 600 ألف برميل/يوم، واحتياطي نفطي يصل إلى 21 مليار برميل وتكلفة تطويرية لا تتجاوز 4 مليارات دولار علماً انه حقل منتج) ستصل إيراداته إلى 17.280 مليار دولار سنوياً، حصة الدولة منها بين (11.58 – 15.70) مليار دولار سنوياً و حصة الشركة الأجنبية تتراوح بين (1.58-5.70) مليار دولار سنوياً وعند سعر 80 دولاراً /للبرميل، وذلك على وفق شروط العقد المطبقة، وعليه يمكن القول إن حصة الشركة الأجنبية من الإيرادات النفطية المتحققة من الاستثمارات النفطية تزداد بزيادة حجم الحقل النفطي وبالتالي ستزداد خسارة العراق المالية بزيادة حجم الحقل النفطي من حيث إنتاجه ومخزونه وموقعه وبالنتيجة تكاليفه التطويرية.

وتبعاً لذلك سيختلف العائد الداخلي للشركات الأجنبية من حقل لآخر اعتماداً على طبيعة الحقل النفطي ، و إذا ما أخذنا ثلاثة حقول نفطية مختلفة في مواصفاتها النفطية ، سنلاحظ إن معدل العائد الداخلي الذي تحصل عليه الشركات الأجنبية يزداد بزيادة حجم المكمن النفطي، فبالنسبة لحقل صغير كحقل العماره سيتراوح معدل العائد الداخلي بين (55% و 89%) عند سعر 70 دولاراً للبرميل و عند ارتفاع البرميل النفطي إلى 80 دولار/للبرميل سيبلغ معدل العائد الداخلي بين (57-97%) للحقل نفسه ، أما في حقل متوسـط كحقل الناصرية فان معدل العائد الداخلي للشركة الأجنبية يتراوح بين (69-145%) عند سعر 70 دولار/للبرميل وسيصل هذا المعدل إلى (101-153%) عند سعر 80 دولاراً/للبرميل و للحقل نفسه ، بينما سيزداد ليصل ما بين (125-199%) عند سعر 70 دولاراً للبرميل في حقل كبير (كحقل مجنون)، وسيصل معدل العائد الداخلي إلى (131-207%) عند سعر 80 دولاراً وهذا يدل على أن معدل الداخلي للشركات الأجنبية يزداد بزيادة حجم الحقل النفطي وسعر البرميل، وبالتالي لا يمكن أن تعطي عقود مشاركة الإنتاج للعراق (البلد المضيف) حصة كاملة من الريع النفطي والذي يعد حقاً له ، وذلك لان الأسعار وكميات الإنتاج لا يمكن التنبؤ بها عند توقيع شروط العقد، وبالتالي فان أي زيادة في الإنتاج أو الأسعار ستصب لصالح الشركة الاجنبية، وان أي زيادة في ارباح الشركة تقلل من الريع الذي تحصل عليه الدولة المضيفة .

ب- بما إن عقود مشاركة الإنتاج توكل عمليات تطوير القطاع النفطي إلى الشركات الأجنبية والتي تقوم بدورها بجلب كوادرها الفنية والإدارية معها الأمر الذي سيبعد الكوادر العراقية من المشاركة وبالتالي تقليل دورها في تطوير تلك الصناعات النفطية ، وبعبارة أخرى إن الاستعانة بالكوادر الأجنبية في تطوير المكامن النفطية سينعكس في جانبين الأول هو عدم الاستفادة من الخبرات والمهارات العراقية و إبقاءها في مستوى متدنٍ بدلاً من تطويرها، والجانب الثاني يتعلق بالاستغناء عن عدد كبير من العاملين العراقيين في المجال النفطي.
ت- لا تعمل عقود مشاركة الإنتاج على تطوير المشاريع النفطية في العراق، وتجارب العراق التاريخية مع الشركات النفطية الأجنبية تدل على ذلك، فلم تطور الشركات الأجنبية الصناعات النفطية في العراق بشكل متكامل، فمنذ بداية عملها عام 1925 إلى نهايته عام 1972 اكتفت تلك الشركات بتطوير ما يعزز أرباحها التجارية فقط وبعيداً عن المصالح الاقتصادية والاجتماعية للعراق إذ كانت تعتمد على عقود الخدمة التقنية مع الشركات النفطية الأجنبية وغير المرتبطة بالشركات النفطية المحلية إلا في حالات نادرة وبالتالي فإنها تحصل على
خدماتها من الخارج. وبمعزل عن الشركات الخدمية العراقية مما أفضى إلى عدم تطوير منظومة شركات خدمية متكاملة للقطاع النفطي.

ث- لا تهتم الشركات النفطية الأجنبية بالمحافظة على سلامة المكمن النفطي وبالتالي فهي لا تستخدم طرائق الاستخلاص الفنية التي من شأنها أن تمنع الأضرار التي قد تصيب المكمن النفطي ، فالهدف الأساسي لها هو الحصول على اكبر ربح ممكن وبأقل تكلفة، وهذا هو المعيار المستخدم لأي استثمار أجنبي .
ج- إن دخول الشركات الأجنبية للعراق من خلال عقود مشاركة الإنتاج سيخلق نوعاً من المنافسة بين الشركات الأجنبية والمحلية النفطية الخاصة وشركة النفط الوطنية، فمن البديهي إن المنافسة ستجري لصالح الشركات الأجنبية وذلك لما تتمتع به هذه الشركات من مزايا لا تستطيع الشركات النفطية المحلية الخاصة و العامة توفيرها، ومن ابرز تلك المزايا استخدام التقنيات الحديثة والإدارة المتطورة فضلاً عن أن الاستثمار في المجال النفطي يحتاج لرؤوس أموال ضخمة لا تستطيع الشركات النفطية المحلية الخاصة من توفيرها، الأمر الذي سيدفع الشركات المحلية للاستثمار في مجالات أخرى اقل أهمية أو دفعها للخارج للقيام باستثماراتها الخاصة وهذا يعد خسارة يتحملها الاقتصاد العراقي .
ح- من مساوئ عقود مشاركة الإنتاج الأخرى هي أنها قد لا تتوافق مع سياسة الأوبك إذ تسعى الشركات الأجنبية إلى زيادة الطاقة الإنتاجية على وفق مصالحها التجارية وغير محافظة على السعر الملائم للنفط في السوق العالمية، في حين إن منظمة الأوبك تتبع سياسة إنتاجية معينة، إذ تقوم برفع الإنتاج في حالة ارتفاع أسعار النفط، وخفض الإنتاج عند انخفاض الأسعار حفاظاً على السعر الملائم للنفط ، و هذا ما لا ينطبق وسياسة الشركات الأجنبية مما قد يفضي إلى عدم الالتزام بقرارات أوبك الإنتاجية.
خ- على الرغم من أن عقود مشاركة الإنتاج تسمح من الناحية القانونية بفرض سيطرة الدولة على احتياطيها النفطي (وهذا ما تنص عليه شروط توقيع العقد) إلا انه من الناحية العملية سيصبح الاحتياطي النفطي تحت سيطرة الشركات الأجنبية لعقود مستقبلية، الأمر الذي
سيضعف إمكانية الدولة من التطور الاقتصادي المنشود ، إذ تفرض هذه العقود مجموعة من القيود على الحكومة العراقية الحالية والمستقبلية، و ذلك لطول مدة العقد التي تمتد من 20-30 سنة والتي لا تسمح للحكومات المستقبلية بتغييرها، إذ تعتمد تلك الشروط على الوضع التفاوضي والتوازن السياسي القائم في أثناء التوقيع.
د- الفقرة الثابتة: تتضمن عقود مشاركة الإنتاج على شرط يسمى (شرط الاستقرار) الذي بموجبه يمنح العقد موضوع الاتفاق حصانه ضد أي قوانين أو قواعد تنظيمية أو سياسية مستقبلية، وبتعبير آخر لا تسري القوانين الجديدة بما فيها الضريبة على الشركات الأجنبية العاملة على وفق عقود مشاركة الإنتاج، وهذا يعني إن الحكومة العراقية المستقبلية لا يسمح لها بإجراء أي تغيير ضريبي أو إحداث تغيير في معايير العمل أو السلامة أو العلاقات الاجتماعية أو البيئية، و إذا قررت الدولة إحداث أي تغيير فإنها ستدفع من جانب حصة الدولة فقط في حين ستبقى أرباح الشركات الأجنبية مضمونه وكاملة وذلك على أساس إن أي تعديلات لا تنطبق على الشركات الأجنبية.
ذ- إن أي خلاف بين الحكومة العراقية والشركات الأجنبية لا يحل بالمحاكم العراقية بل في المحاكم الدولية التي لا تراعي المصالح العامة للمجتمع العراقي ومن أهم تلك المحاكم هي غرفـة التجارة الدولية في باريس وجنيف، والتي تدار من قبل محامي الشركات والمفاوضين
التجاريين الذين ينظرون إلى القضايا التجارية الضيقة فقط في حين لا يأخذون بعين الاعتبار القوانين العراقية. فضلاً عن إمكانية جعل بلد الشركات الأجنبية طرفاً في النزاع إذا كانت معاهدة الاستثمار ثنائية الأطراف.
ر- من المآخذ الأخرى لعقود مشاركة الإنتاج إنها بالرغم من إلزامها الشركات الأجنبية بجدول زمني لاستخراج النفط ولا يترك ذلك لتقديراتها، إلا أنها تعطي الشركات الأجنبية مرونة كبيرة في هذا المجال، إذ تمنح الشركات الأجنبية في بعض العقود في مرحلة التنقيب 3 سنوات قابلة للتمديد سنتين ولمرتين، وعند الوصول إلى اكتشاف نفطي تمنح الشركة الأجنبية سنتين أخريتن لتقييم مشروعها تجارياً، بمعنى إن مدة التنقيب وحدها قد تصل إلى تسع سنوات الأمر الذي يتيح للشركات الأجنبية فرصة التأثير في الأسواق العالمية للنفط .
ز- تعد عقود مشاركة الإنتاج تجاوزاً على حق الأجيال المستقبلية، بوصف النفط هو حق للأجيال المستقبلية مثلما هو حق للأجيال الحالية، وذلك لطول مدة العقد، وبمعنى آخر أن لعقود مشاركة الإنتاج انعكاسات سلبية على حق تلك الأجيال المستقبلية إذ يجب الحفاظ على ثروتهم النفطية مستقلة غير مرتبطة بعقود طويلة الأمد مع الشركات الأجنبية و بالتالي تمكن تلك الأجيال المستقبلية من استخدامها على وفق الظروف المستقبلية، وليست مقيده بعقود مشاركة مع الشركات الأجنبية وبالتالي عدم تمكن الأجيال المستقبلية من استغلال ثروتهم النفطية بما يتلاءم ومصالحهم الاقتصادية والاجتماعية المستقبلية .
س- من الآثار السلبية الأخرى لعقود مشاركة الإنتاج إنها تبعث الشعور بالقلق والريبة في نفوس المعنيين بمشاريع الدولة من إداريين وفنيين ومجهزين ومستهلكين وخصوصاً في أوضاع العراق الحالية. في الحقيقة إن مسألة إشراك الشركات الأجنبية في القطاع النفطي العراقي مسألة مطروحة بإلحاح في العراق فقط ، و كأن شركات النفط العراقية غير كفوءة في إدارتها مقارنة بالشركات النفطية الوطنية في البلدان المجاورة كالسعودية والكويت مثلاً ، متناسين الدور الكبير الذي قدمته هذه الشركات النفطية العراقية في الحفاظ على مستويات الإنتاج النفطي بمستوى معقول على الرغم من ما مر به العراق من ظروف صعبة ، ربما لو مرت بها شركات نفطية أخرى لتوقف بها الإنتاج النفطي أو سينخفض لمستويات متدنية.
ش- من مساوئ عقود مشاركة الإنتاج الأخرى إنها سوف تحرم العراق من فرصة الحصول على عقود استثمارية أفضل مستقبلاً، أي إن الاقتصاد العراقي سيتحمل تكلفة الفرصة البديلة، وذلك لطول مدة العقد وعدم التمكن من إلغائه لأسباب مختلفة .
تجدر الإشارة إلى أن العراق يعد أول دوله في الشرق الأوسط ذات احتياطيات نفطية هائلة و يعتزم تطوير قطاعه النفطي بالاعتماد على عقود مشاركة الإنتاج ، بينما تسعى الدول المطبقة
لهذه العقود بالابتعاد عنها مثل روسـيا وفنزويلا على الرغم من انخفاض احتياطيها و إرتفاع تكاليف الإنتاج النفطية فيها،إذ لا تطبق عقود مشاركة الإنتاج في الدول المنتجة الرئيسة في الشرق الأوسط مثل السعودية وإيران والكويت والتي تعتمد على شركاتها الوطنية في تطوير
قطاعها النفطي،إذ إن 12% فقط من الاحتياطي العالمي للنفط يخضع لعقود مشاركة الإنتاج،في حين67%منه طورته الشركات النفطية الوطنية الأمرالذي يعطي للعراق الفرصة الكبيرة للاستثمارفي قطاعه النفطي ومن دون الحاجة إلى تحمل تكاليف الشركات الأجنبية .
ص- ارتفاع التكاليف التشغيلية في عقود مشاركة الإنتاج : بما إن الشركات الأجنبية تبحث دائماً عن الأرباح الأعلى لذا فهي لا تفضل أن تدفع مستوى تكلفه ثابت كحق للمكية (الريع ) و لذلك فهي تربط ما تدفعه بتقديرات الأرباح ، فإذا ما انخفضت الأرباح انخفضت معها مدفوعات الشركة الأجنبية ، إذ تعتمد تلك الشركات الأجنبية على طرق محاسبيه معقده فيما يتعلق بطريقة خصم التكاليف و طريقة معاملة تكلفة رأس المال ، إذ انه كلما زادت درجة التعقيد المحاسبي زادت فرصة الشركة الأجنبية في الحصول على عوائد مالية أكبر ، و لهذا فان الشركات الأجنبية تكون على علم تام بتفاصيل العمل كافة و بدرجه تفوق خبرات الدولة التي تتعامل معها ، مستعينةً بذلك بأكبر الشركات المحاسبية العالمية و أكثرها خبره و مثال ذلك مشروع ساخالين في روسيا ، فبسبب تعقيد النظام المحاسبي فيها فقد كانت تكاليف التشغيل الإضافية تخصم من عوائد الدولة بدلاً من خصمها من أرباح الشركات الأجنبية و كانت تلك التكاليف تنمو بنمو المشروع ، وقد تبين بعد دراسة أجرتها غرفة التدقيق الروسية لاقتصاديات المشروع إن الدولة تحملت ما يقارب 2.5 مليار دولار كتكاليف تشغيلية ، الأمر الذي أثار مجموعه من التحفظات على المشاريع النفطية الأجنبية المستقبلية.
ض- تحاول الشركات الأجنبية إبراز عيوب الدولة المضيفة لتخفي بها ما تتمتع به من مزايا ، ففي العراق سيتم التركيز في عقود مشاركة الإنتاج على الوضع الأمني و السياسي غير المستقرين و بالتالي ارتفاع درجة المخاطرة ، متناسين ما يتمتع به العراق من موقع نفطي عالمي مميز ، ففضلاً عن إلى امتلاكه ثالث أكبر احتياطي نفطي عالمي فان تكاليف استخراج البرميل النفطي هي الأدنى ، إذ تقدر بحوالي 1.5 دولار في حين تكون مرتفعه في معظم الدول النفطية الأخرى مثل فنزويلا و التي تتراوح تكاليف الاستخراج فيها 3-5 دولارات للبرميل و أعلى من ذلك في روسيا ، فضلاً عن أن النفط العراقي يتواجد بتركيبات جيولوجية غير معقده مما يجعل الاستثمار فيه مربحاً و يضع الحكومة العراقية في موضع تستطيع من خلاله فرض شروطها بثقة عاليه .
صحيح أن للاستثمار الأجنبي مزايا لا تستطيع الشركات النفطية العراقية في الوقت الحالي الاستفادة منها لأسباب متعددة ، من ابرز تلك المزايا المنافسة بين الشركات الأجنبية النفطـية المختلفة مما يدفعها لتقديم الأفضل من طرائق الإدارة الحديثة و استخدام التكنولوجيا المتطورة و المعايير الحديثة في الحفاظ على البيئة ، و لكن تلك المزايا لا تقارن بمستوى الكلفة ألاقتصاديه و الاجتماعية التي يتحملها العراق عند تطبيقه لعقود مشاركة الإنتاج ، إذ أن بلداً مثل العراق يسهم به القطاع النفطي بنسبة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي و يهيمن على هيكل الصادرات و يشكل الجزء الأعظم من الإيرادات النفطية و بالتالي دوره الكبير في النفقات العامة لابد من أن تكون الدولة هي المسيطرة على هذا القطاع ، ولأجل الحصول على مزايا المنافسة في عمليات الصناعة النفطية المختلفة (مثل عمليات التكرير و النقل و التوزيع و الصيانة و الخدمات العامة ) لأهمية المنافسة فيها و من اجل ترشيد استخدام الموارد ، تستطيع الدولة الاستعانة بالشركات الأجنبية و المحلية النفطية بعقود خدمه و بقاء الدولة هي المسيطرة على هذا القطاع النفطي من خلال وضع الضوابط الأساسية و القوانين العامة لعمل تلك الشركات النفطية , و من ثم تحقيق النجاح الاقتصادي في القطاع النفطي على وفق مقتضيات المنافسة و من دون تنازل الدولة عن سيطرتها على هذا القطاع ، وهذا ما يحصل في معظم الدول المتقدمة و قد لاقى نجاحاً واسعاً في هذا المجال , كما تجدر الإشارة إلى طرائق أخرى تستطيع الدولة الاستعانة بها كبديل لعقود المشاركة هي أن تقوم الدولة بإدارة المنشآت النفطية على أساس تجاري ، أي انتهاج أسلوب الشركات النفطية الخاصة في إدارتها و من دون الحاجة إلى إشراك الشركات الأجنبية في إدارتها .
و عليه يمكن القول إن التغير في دور الدولة لا يعني فقدان الدولة لسيطرتها على القطاع النفطي و احتياطيه ، ذلك لان الهدف الحقيقي (غير المعلن ) وراء سعي الدول المستهلكة الكبرى إلى تطبيق عقود مشاركة الإنتاج في القطاع النفطي العراقي إلى ما يتمتع به هذا القطاع من أهميه استراتيجيه على الصعيد العالمي ،فضلاً عن ذلك النمو الاقتصادي العالمي المتزايد سنوياً و بالتالي النمو في الطلب على النفط بما يوازي النمو الاقتصادي السنوي ، لذلك تسعى تلك الدول الكبرى لتطبيق عقود مشاركة الإنتاج في العراق لضمان احتياطيه فضلاً عما ستحققه شركاتها النفطية من أرباح .


المبحث الثاني
الاقتصاد العراقي في ظل هيمنة الدولة على القطاع النفطي

تلجأ الدول النامية عادةً إلى الاستعانة بالشركات الأجنبية لتطوير قطاعاتها الاقتصادية المختلفة لغرض الحصول على التكنولوجيا الحديثة و الإدارة المتقدمة عندما تصبح تلك القطاعات الاقتصادية عبئاً على الميزانية العامة نتيجةً لخسائرها المتتالية و عدم تحقيقها لإيرادات صافيه ، و هذا لا ينطبق على القطاع النفطي في العراق بوصفه الممول الرئيس للميزانية العامة و المصدر الأساسي للإيرادات الحكومية . إن الاقتصاد العراقي هو اقتصاد ريعي يعتمد على النفط في بناء قاعدته الاقتصادية و بالتالي عملية إشراك الشركات الأجنبية في القطاع النفطي العراقي تتعارض بشده مع تحقيق الأهداف التنموية المنشودة .
و عليه يمكن القول إن لمستقبل إدارة القطاع النفطي في العراق الدور الكبير في تحديد طبيعة الاقتصاد العراقي و خصائصه و ذلك من خلال مدى سيطرة الدولة و تحكمها بمواردها النفطية و إمكانية الاستفادة منها نظراً لأهمية القطاع النفطي في الاقتصاد العراقي .
أولاً / الأهمية ألاستراتيجيه للثروة النفطية في العراق :
يؤدي القطاع النفطي دوراً مهماً في الاقتصاد العراقي ، فمنذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 كان للقطاع النفطي الدور الكبير في تمويل المشاريع التنموية في البلاد ، إلاّ إن هذه الأهمية ازدادت منذ عام 1951 إذ بدأت الإيرادات النفطية بالازدياد لتصبح الممول الرئيس للميزانية العامة و بالتالي أصبحت التنمية الاقتصادية في العراق مرهونة بالإيرادات النفطية ، إذ تزداد المشاريع التنموية بزيادة تلك الإيرادات و تنخفض بانخفاضها ففي السبعينات و بسبب ازدياد الإيرادات النفطية نفذ العراق مجموعه من الخطط التنموية للمشاريع الإنتاجية و الخدمية ، أما في الثمانينيات و التسعينيات فقد انخفضت المشاريع الاستثمارية بسبب انخفاض الإيرادات النفطية الناجم عن الحروب التي مرّ بها العراق و الحصار الاقتصادي .
يمتلك العراق ثالث اكبر احتياطي نفطي عالمي يقدر بحوالي 115 مليار برمـيل فضلاً عن ما يعتقده المختصون في المجال النفطي بأن العراق يمتلك (300) مليار برميل من الاحتياطي المحتمل و بالتالي ستزداد قدرته في التأثير على السوق النفطية العالمية لو استطاع زيادة طاقته الإنتاجية مما يؤهله بأن يكون من أكبر المصدرين للنفط الخام ، مما يفضي إلى أن يصبح العراق من اكبر الممولين للسوق النفطية مستقبلاً مستفيداً من إنتاجه النفطي الحالي المنخفض مما يؤدي إلى إطالة سقف النضوب فيه ، و الذي يقدر بحوالي 159 سنه و بمعدل إنتاجي يبلغ 2 مليون برميل/يوم مقارنةً بالدول النفطية الأخرى كالسعودية و التي يقدر عمرها الإنتاجي بحوالي 88 سنه و الكويت 132 سنة و الإمارات 135 ، و ذلك لأنها تنتج بأقصى طاقاتها الإنتاجية.
يتركز الإنتاج النفطي العراقي بثلاثة حقول رئيسه تشكل مايقارب80% من الإنتاج الكلي أي بحدود 1.600-1.700 مليون برميل /يومياً ، و هذه الحقول هي حقول كركوك و الذي بدأ الإنتاج فيه عام 1927 و حقل الرميله(الجنوبية و الشمالية) و الذي بدأ الإنتاج فيهما عامي 1951و 1962 على التوالي,و حقل غرب القرنة و الذي بدأ الإنتاج فيه بكوادر عراقيه خلال مدة الحصار ، و يمتاز إنتاج هذه الحقول بالسهولة منذ تاريخ بدء العمل فيها ، و من المميزات الأخرى هي إن الأراضي العراقية لم تشملها عمليات البحث و التنقيب إلا في مناطق محدوده ، إذ توقفت عمليات البحث و التنقيب منذ الثمانينيات بسبب الحرب العراقية الإيرانية ، الأمر الذي أفضى إلى انخفاض عدد الآبار النفطية إذ يبلغ عددها 2300 بئر في عموم العراق قياساً بالدول الأخرى كالولايات المتحدة الأمريكية التي اضطرت إلى حفر مليون بئر في ولاية تكساس وحدها ، و يعتقد الكثير من الاختصاصيين في المجال النفطي إن الحقول المنتجه في العراق يمكن تطويرها لإنتاج ثلاثة أضعاف إنتاجها الحالي و منها حقل غرب القرنه ، و من المتوقع أن يصل إنتاجه النفطي إلى 750ألف برميل /يومياً بكوادر مختصة من شركة نفط الجنوب .
و يتميز النفط العراقي بقربه من سطح الأرض في حين إن الكثير من الآبار النفطية في العالم تقع في أعماق البحار و بعيداً عن سطح الأرض ، كما يتـنوع النفط العراقي مـن النفط الثقيل جداً إلى النفط الخفيف جداً ، علماً إن معظمه من النفط الخفيف.

يسهل تصدير النفط العراقي من خلال الأنابيب الممتده من الساحل الشرقي للبحر المتوسط أي إمكانية تجنب مضيق هرمز و الخليج العربي ،إذ يمتلك العراق مجموعه من خطوط الأنابيب النفطية الداخلية و الخارجية ، و من أهم الخطوط الداخلية هو الخط الاستراتيجي (حديثه-الرميلة) و الذي أنشئ عام 1975 و الذي يعطي العراق المرونة الكبيرة للتصدير عبر الخليج العربي أو عبر البحر المتوسط ، الاّ أن الحروب التي خاضها العراق و العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليه أدت إلى تعرضه لأضرار بالغه .
أما الخطوط الخارجية فتتمثل بمجموعه من الخطوط من أهمها خط أنبوب (كركوك-جيهان التركية) و الذي يبلغ طوله (600)ميل و بطاقة قصوى يبلغ(1.65)مليون برميل /يوم ، الاّ انه تعرض لأعمال تخريبية منذ عام 2003 ، و يمتلك العراق خط أنابيب في محافظة البصرة و بطاقة تصديريه تبلغ (500) ألف برميل /يوم ، تمّ تصميمه ليحمل صادرات البصرة النفطية إلى منصات التصدير الجنوبية. أما الخط الثالث فهو خط أنابيب ( بانياس ) و الذي تم إنشاؤه في الستينيات ، إذ يقوم بنقل النفط الخام من حقول كركوك إلى ميناء بانياس السوري على البحر المتوسط و طرابلس في لبنان ، و ينقل نحو (200) ألف برميل /يوم إلى معامل التكرير السوريه في حمص و بانياس ، و الخط الرابع هو خط الأنابيب العراقي السعودي(IPSA ) الذي أنشئ في نهاية الثمانينيات لضخ النفط الخام عبر المملكة العربية السعودية و بطاقة مقدارها(1.65) مليون برميل/يوم ، الاّ انه أغلق بعد احتلال العراق للكويت عام 1990 . و تجدر الاشاره إلى أن هناك مجموعه من خطوط الأنابيب المقترح إنشاؤها في مناطق مختلفة من العراق ، من أبرزها خط أنابيب لنقل النفط من حديثه إلى العقبة في الأردن و خط أنابيب لنقل النفط من البصرة إلى عبادان في إيران . و بذلك سوف تزداد المنافذ التصديرية التي تمكن العراق من تصدير النفط الخام إلى جميع الأسواق النفطية و بتكاليف منخفضة ، فضلاً عن أن العراق يمتلك مجموعه من خطوط الأنابيب لإيصال النفط إلى المصافي العراقية ، و من أبرز تلك المصافي العراقية مصفى الشعبية بطاقة إنتاجيه تبلغ 126 ألف برميل /يوم الاّ أن تعرضه لعمليات تخريبية أدى إلى انخفاض الإنتاج فيه إلى 98 ألف برميل /يوم ، ومصفى الدوره ذات طاقه إنتاجيه تبلغ 100 ألف برميل /يوم الاّ إن إنتاجه الفعلي انخفض إلى 54 ألف برميل /يوم ، و مصفى كركوك ذات الطاقة الإنتاجية 27 ألف برميل /يوم
و من مزايا المصافي العراقية إنها تنتج أنواعاً مختلفة من المشتقات النفطية و بكميات مختلفة، و من ابرز تلك المشتقات هي مادة دستلاتس ( الديزل) و مادة الرسدولس (النفط المتبقي و يشمل الزيوت والشحوم و غيرها ) و بكميات ( 138.5 و 138.6 ) ألف برميل /يوم على التوالي ، و كما هو موضح بالجدول (30) الأمر الذي سيسد حاجة العراق من المشتقات النفطية فيما لو استطاع إعادة تأهيل مصافيه النفطية لتنتج بحدود طاقاتها القصوى.
نخلص من ذلك أن الأهمية ألاستراتيجيه للنفط العراقي تميزه عن بقية بلدان العالم و تعد من أهم الدوافع للاستثمارات الأجنبية في قطاع النفط العراقي ، غير مراعين للكلف الاقتصادية و الاجتماعية التي من الممكن أن تنتج عن الاستثمار الأجنبي في القطاع النفطي .

ثانياً / مبررات سيطرة الدولة على القطاع النفطي في العراق :
يرى بعض الاقتصاديين إن اقتصاد السوق أكثر كفاءة من التخطيط المركزي في إدارة الموارد الطبيعية و البشرية أي إن القطاع الخاص هو أكفأ من القطاع العام ، إذ يعطي كميه أكبر من الإنتاج للمدخلات المستخدمة نفسها ، أو إعطاء المقدار نفسه من الإنتاج لمدخلات أقل ، و هذه الكفاءة تتحقق من خلال عمل آلية السوق بحرية كاملة و بعيداً عن أي تدخل حكومي.
إن معيار الكفاءة هنا غير دقيق ذلك لأنه يرجع سبب الكفاءة إلى نوع الملكية أي أن الشركات الأجنبية (ذات الملكية الخاصة) أكفأ في إدارتها للموارد من الملكية العامة ، في الحقيقة لا يمكن الأخذ بهذا المعيار في قياس مستوى الكفاءة لأنها مستقلة عن نوع الملكية سواءً أكانت خاصه أم عامه ، و مثال ذلك ما تعرضت إليه الشركات العملاقة مثل شركة انرون للطاقة من انهيارات ، و بالتالي فان الإدارة السيئة قد تتحقق في القطاع الخاص المدار من قبل الشركات الخاصة (الأجنبية و المحلية) و القطاع العام على حدٍ سواء .
أما فيما يخص دور الشركة الأجنبية بجلب رؤوس الأموال و الخبرات المتقدمة نحو الصناعة النفطية العراقية و التي يحتاجها حالياً لتعزيز مستويات الإنتاج النفطي فيه ، لأهمية العوائد النفطية في إعادة أعمار العراق ، و هذا يفرض على الدولة فتح الباب أمام الشركات الأجنبية للمساهمة في تطوير القطاع النفطي وذلك عن طريق سن القوانين الجاذبة للاستثمار الأجنبي و توفير الأمن و الاستقرار ، في الحقيقة إن جذب الاستثمار الأجنبي لا يرتبط بمدى سيطرة الدولة على قطاعها النفطي ، فقد جرب العراق نوعين من الملكية هما الملكية الخاصة و العامة ، تمثلت الأولى بشركة نفط العراق للمدة من 1925-1972 و خلالها لم يحقق العراق النتائج المرجوه فيما يتعلق بتطوير قطاعه النفطي مما أفضى إلى صدور قانون رقم 80 لعام 1961 و الذي قلص عمل الشركات الأجنبية و مهد الطريق لتأميم النفط عام1972 لتسيطر الدولة عليه بالكامل من خلال تأسيس شركة النفط الوطنية و التي كان لها الدور الفاعل في زيادة الطاقة الإنتاجية من النفط الخام ، فضلاً عن اكتشاف العديد من المكامن النفطية .
أما فيما يتعلق بأن الشركات الأجنبية ستؤدي إلى رفع مستويات الإنتاج بما يتناسب و مستوى الاحتياطي النفطي الكبير في العراق ، و بتعبير آخر إن بقاء الدولة هي المسيطرة على القطاع النفطي في العراق سوف تبقيه دون المستوى الإنتاجي الملائم لاحتياطيه الكبير ، و هذا الرأي يتجاهل واقع أن مستويات الإنتاج النفطي دون مستواها المطلوب ليس فقط في عهد الشركات الوطنية ، بل أيضاً كانت منخفضه في عهد الشركات الأجنبية . و يمكن إرجاع ذلك إلى سببين رئيسين الأول هو إن الشركات الأجنبية كانت تخطط للإنتاج النفطي في العراق لفترات مستقبليه قد تصل إلى عشر سنوات قادمة ، أي عدم قدرة العراق من تكييف إنتاجه النفطي على وفق تقلبات الطلب في السوق النفطية العالمية و ذلك لارتباطه بالشركات الأجنبية بعقود طويلة الأمد مما يخولها بحرية التصرف بمستويات الإنتاج ، و كانت تلك الشركات تواجه تقلبات الطلب النفطي من خلال نفوط البلدان المجاورة التي تقع تحت سيطرتها أيضاً ، أما السبب الثاني و الذي أدى إلى بقاء مستوى الإنتاج منخفضاً بعد التأميم غلى الرغم من سيطرة الدولة على هذا القطاع فلا يرجع إلى عدم كفاءة القطاع العام في إدارته و إنما يعود إلى الحروب المتواصلة و الحصار الاقتصادي الذي عانى منه العراق لفترات طويلة ، و تجدر الاشاره إلى أن العراق حقق في السبعينات مستويات إنتاج عاليه بلغت 3,7 ملايين برميل/يوم بسبب الأوضاع الأمنية و الاقتصادية المستقرة . و من الجدير بالذكر في هذا الصدد تجربة إيران عام 1991 مع الشركات الأجنبية عندما أعلنت عن تطبيق خطه جديدة هدفها زيادة الطاقة الإنتاجية أسموها (خطة الفجر الجديد) عن طريق فتح الباب أمام الشركات الأجنبية للقيام باستثماراتها في إيران ، إلا إن النتائج لم تكن جيده ، إذ انه بعد عشر سنوات من تطبيق الخطة لم تحقق أي زيادة في الإنتاج إلا بمستوى تعويض انخفاض الإنتاج في الحقول القائمة. صحيح إن قدوم الشركات النفطية الأجنبية في الوقت الحالي إلى العراق سيؤدي إلى رفع مستويات الطاقة الإنتاجية للنفط و ذلك لما تتمتع به هذه الشركات العالمية من تكنولوجيا متطورة وطرائق حديثه للإدارة ، إلا إن هذا لا يتحقق إلا عن طريق توفير الأمن و الاستقرار السياسي و الاقتصادي و الذي يعد الشرط الأساسي لقدوم هذه الشركات النفطية العالمية و هذا قد يتطلب عدة سنوات و استثمارات كبيره و بالتالي فمن مصلحة العراق تطوير قطاعه النفطي بكوادر عراقيه و عدم انتظار قدوم الشركات النفطية الأجنبية .
و من الحجج الأخرى هي حاجة العراق الماسة للتكنولوجيا المتطورة و المهارات الفنية و الإدارية الحديثة في إدارة و تطوير القطاع النفطي و هذا لا يتحقق إلا من خلال إشراك الشركات الأجنبية في القطاع النفطي العراقي ، و يمكن الإجابة على هذا الرأي بأن العراق قادر على جذب الاستثمارات الأجنبية و بالتالي التكنولوجيا و الخبرات المتطورة من دون الحاجة إلى إشراك الشركات الأجنبية بقطاعه النفطي و إبقاء سيطرة الدولة قائمه عليه ، و ذلك من خلال خيارات الاستثمار المتعددة و التي من أبرزها عقود الخدمة و عقود إعادة الشراء و غيرها ، فضلاً عن ذلك إن العراق هو بلداً مستخرجاً للنفط بمعنى إن العراق يقوم باستخراج النفط الخام و تصديره فقط ، و ليس بلد منتج للنفط ، أي إن العراق لا يكرر إلا جزءاً ضئيلاً من النفط فيما يصدر معظمه على شكل نفط خام و بالتالي يمكن الاعتماد على ما متوفر في العراق من الخبرات و الكوادر الفنية العراقية و الاستعانة بالشركات الأجنبية على وفق عقود المقاولات للحصول على ما تحتاجه صناعة النفط العراقية من التكنولوجيا الحديثة و تقنيات صناعة النفط غير المتوافرة في العراق .
يرى بعض المختصين في المجال النفطي أن سبب تخلف القطاع النفطي في العراق يعود إلى المركزية الشديدة في إدارته ، فضلاً عن عدم كفاءة هذه الإدارة ، و هذا الادعاء يتجاهل حقيقة مهمة و هي أن العراق مر بحرب الثماني سنوات و بعدها حرب 1991 و الحصار الاقتصادي الذي دام 13 سنه ناهيك عن الحرب الأخيرة عام 2003 و دورها في تدمير البنى التحتية للقطاع النفطي ، فضلاً عن ذلك الإدارة السيئة للنظام السابق،على الرغم من كل تلك العوامل مجتمعةً لازال القطاع النفطي قادراً على الإنتاج و هذا يدل على ما يضمه هذا القطاع من مهارات وخبرات كبيره، و لذلك فان أكفأ طريقه لتطوير القطاع النفطي في العراق وبدون تدخل الشـركات الأجنبية هي إدارة القطاع النفطـي من قبل الكفاءات و الاختصـاصات العراقية و بمعزل عن التدخلات السياسية الداخلية و الخارجية بما يضمن مركزية إدارة القطاع النفطي من قبل الجهات الحكومية المختصة و الاستخدام الأمثل في تخصيص الموارد المتاحة ، و التي هي مسؤولية الأجهزة التخطيطية و المالية العراقية.
و من الحجج الأخرى هي إن الاستثمارات الأجنبية النفطية ستنجح أسوةً ببقية الدول التي طبقتها مثل النرويج على سبيل المثال ، متناسين إن سبب نجاحها في تلك البلدان يعود بالدرجة الأساسية إلى قوة الموقف التفاوضي لها ، بسبب استقرارها السياسي و الاقتصادي ، في حين إن العراق يمر بظروف سياسية و اقتصادية هشة لا تمكنه من اتخاذ موقف تفاوضي قوي و بالتالي ستكون الاتفاقيات النفطية مع الشركات الأجنبية ليست بصالحه .
و من الأسباب الأخرى التي يتمسك بها المدافعون عن الشركات الأجنبية هي إن سيطرة الدولة على النفط تعني استغلال القوه الاقتصادية للنفط من أجل تحقيق أهداف سياسيه و بعيده كل البعد عن أي هدف اقتصادي ، و هذا الرأي يتجاهل إن تحول النفط كأداة سياسية يعتمد على طبيعة السلطه السياسية و بالتالي فمن الممكن أن يوظف النفط العراقي لأغراض اقتصادية مهمه تحقق تغيراً هيكلياً في الاقتصاد العراقي و تحسناً في مستوى نوعية الحياة في العراق مع احتفاظ الدوله بالقطاع النفطي.
إن أهم حجج سيطرة الدولة على قطاعها النفطي هي ما تتضمنه القاعدة العامة المتبعة في غالبية المجتمعات العالمية ذات النظم و القوانين الدستورية المستقرة و التي تستند إلى حقيقة إن ما فوق الأرض لصاحب الأرض أما ما هو في باطنها فهو ملك عام يعود للمجتمع , و إن أي استثناء من هذه القاعدة يجب أن يكون على وفق قانون تصدره الدولة على شكل امتياز يمتد لمكان و زمان معينين و لظروف خاصة ، و بما إن النفط هو ثروة طبيعيه و هو ملك للشعب و بالتالي فان مسألة بقاء سيطرة الدولة عليه هي من أهم المسائل المتعلقة بسيادة العراق و شعبه و هذا لايعني رفض التعامل مع الشركات النفطية الأجنبية لأهميتها في تطوير القطاع النفطي العراقي وذلك على أساس المصالح المتبادلة بين الطرفين، و هذا يعتمد على الوضع التفاوضي و مدى الاستقرار السياسي و الاقتصادي في البلاد ، و بما إن العراق يمر بوضع أمني لا يسمح له بأن يحقق اتفاقيات متكافئة فمن مصلحته تأجيل التعامل مع الشركات الأجنبية في الوقت الحالي و الاكتفاء بعقود قصيرة الأجل .

ثالثاً: الآثار المترتبة على هيمنة الدولة على القطاع النفطي العراقي:
ثمة مجموعه من الآثار المترتبة على سيطرة الدولة على قطاعها النفطي يمكن إيجازها بمايلي:
1- سيحقق العراق إيرادات ماليه إضافية في حال قيامه باستثمار حقوله النفطية المكتشفة و غير المستغلة ، وهذا يعني تجنب العراق للخسائر المالية المتوقعة من تطبيق عقود مشاركة الإنتاج.
2- إن إدارة الدولة لقطاعها النفطي تعني فسح المجال للمختصين و الخبراء العراقيين لتطوير مهاراتهم و إبداعاتهم الفنية و الإدارية ، و الذين اثبتوا جدارتهم خلال تاريخ العراق النفطي منذ عام 1972 إلى الوقت الحالي على الرغم مما مر به العراق من ظروف سياسيه و اقتصاديه صعبه .
3- إن سيطرة الدولة على القطاع النفطي سينعكس بصوره ايجابيه على سوق العمل في العراق و ذلك من خلال الروابط الأمامية و الخلفية التي سيخلقها قطاع النفط و تحفيزه على تطوير قطاعات أخرى سينجم عنها ايجابيات عديدة منها تشغيل الأيدي العاملة .
4- ستتمكن الدولة من المحافظة على سلامة المكامن النفطية ، ذلك من خلال تطوير البنى التحتية بما يتناسب و ديمومة هذا القطاع و المصالح الاقتصادية و الاجتماعية للبلد .
5- إن سيطرة الدولة على القطاع النفطي تعني تحكمها بنوعية الاستثمارات النفطية التي يحتاجها العراق و التي من شأنها زيادة الطاقة الإنتاجية في البلاد ، فضلاً عن أنها
تفسح المجال للرساميل المحلية للقيام باستثماراتها النفطية و ذلك من خلال توفير التسهيلات القانونية و تقديم الدعم اللازم ، الأمر الذي سيصب لصالح الاقتصاد العراقي.
6- ستصبح الدولة في وضع تستطيع من خلاله التحكم بكميات الإنتاج النفطي و بالتالي ستزداد قدرتها ضمن الأوبك في تحديد السعر الملائم للنفط ، بما لا يتعارض و السياسات الاقتصادية المتبعة في الأوبك .
7- من الآثار المترتبة على سيطرة الدولة على قطاعها النفطي هو الشعور بالطمأنينة في نفوس المعنيين بمشاريع الدولة من إداريين و فنيين و مجهزين و مستهلكين بوصف الدولة هي المتحكمة بالقطاع النفطي و احتياطيه المستقبلي و بالتالي تديره بما يتلاءم و مصلحة الشعب و حقه المشروع في السيطرة على رمزه الوطني ، مما يعني الحفاظ على سيادة العراق الداخلية و الخارجية و بعيداً عن سيطرة الشركات الأجنبية لاسيما إن للشعب العراقي تاريخاً نضالياً طويلاً في هذا المجال.

رابعاً: خيارات الاستثمار في تطوير القطاع النفطي العراقي:
من الأسباب التي يتمسك بها المدافعون عن الاستثمار الأجنبي في القطاع النفطي العراقي هي ارتفاع تكاليف إعادة إعمار القطاع النفطي و تطويره نظراً لتعرضه لأعمال تخريبية بصوره مستمرة ، فضلاً عن إن ثلثي الحقول النفطية العراقية هي حقول غير مطوره و بالتالي تحتاج لأموال طائلة قد يعجز العراق عن توفيرها ، و يمكن الإجابة عن ذلك من خلال الخيارات المتاحة أمام العراق للاستثمار في القطاع النفطي و بدون الحاجة إلى إشراك الشركات الأجنبية في قطاعه النفطي و من ابرز تلك الخيارات :

1- التمويل من الميزانية العامة:
من أبسط طرائق تمويل الاستثمارات النفطية في العراق هو تخصيص مبلغ سنوي من
الميزانية العامة للدولة تستخدم لتطوير القطاع النفطي ، ذلك لأن مقومات نجاح هذه الاستثمارات تكون مضمونه و لعدة أسباب من أهمها انخفاض درجة المخاطرة التي قد يتعرض لها رأس المال المستثمر ، لوجود كميات كبيره من الاحتياطي النفطي و غير المستغل ، فضلاً عن إن عمليات البحث و التنقيب تمتاز بانخفاض درجة المخاطرة فيها الأمر الذي يفضي إلى انخفاض تكاليف الاستثمار في المجال النفطي مقارنةً بالعوائد المتحققة منها و بالتالي تدني فترة الاسترداد .
يقدر المختصون في هذا المجال إن زيادة الطاقة الإنتاجية للعراق إلى 3 ملايين ب / ي يتطلب استثمارات تقدر بحوالي 3 مليارات دولار سنوياً و لمدة ثلاث سنوات ، و هذا يقع ضمن حدود الميزانية و التي وصلت إلى 41مليار دولار عام 2007 خصص منها ما يقارب 2.5 مليار دولار لتطوير القطاع النفطي ،إلا انه لم يتم إنفاقها كلياً فضلاً عن إن الوضع المالي في العراق جيد و الدليل على ذلك ما تمتع به العراق من احتياطي نقدي بلغ 27 مليار دولار و هناك 10 مليارات دولار في صندوق العراق للتنمية الذي تشرف عليه الأمم المتحدة . و هذا يعني إمكانية تمويل مشاريع تطوير القطاع النفطي من الموارد المالية العراقية ، فضلاً عن أن العراق بعد ثلاث سنوات من بدأ الاستثمارات النفطية سوف تزيد إيراداته من الاستثمار الجديد مما يعني إمكانية تمويل تلك الاستثمارات الجديده من الإيرادات الإضافية .
و يرى المدافعون عن الاستثمارات الأجنبية إن تخصيص جزء من ميزانية العراق لتمويل الاستثمارات النفطية سيتم خصمه من مخصصات النفقات الاجتماعية(الصحة و التعليم) بينما العراق بأمس الحاجة لمثل هذه الخدمات ، و بتعبير آخر انه يكن توجيه تلك المخصصات الاستثمارية إلى أوجه إنفاق أخرى و الاستعانة بالشركات الأجنبية في تمويل القطاع النفطي , و هذا سيتم مواجهته باستخدام سعر الخصم و البالغ 12.5% و الذي صمم خصيصاً لتوفير ثمن الفرصة البديلة لرأس المال المستثمر،أي أنه يتم تقدير ثمن الفرصة البديلة لرأس المال المستثمر في تطوير القطاع النفطي ، في حين أن الواقع يشير إلى عدم قدرة العراق من إنفاق الأموال المخصصة أصلاً لقطاعي التعليـم و الصحـة و
غيرهما من الخدمات الاجتماعية , و عليه يمكن القول إن من مصلحة العراق تخصيص جزء من ميزانيته العامة لتطوير حقوله غير ألمطوره و ذلك تجنباً للخسائر المتوقع تكبدها في حالة توقيع عقود مشاركة الإنتاج .
2- الاقتراض الداخلي الخارجي :
يمكن لشركة النفط الوطنية أو الحكومة العراقية الاقتراض من أجل تمويل استثماراتها في القطاع النفطي و تكون تلك القروض كما يلي :
أ‌- الاقتراض من البنك المركزي و استخدام النفط المستقبلي كضمان .
ب‌- الاقتراض من الوكالات و المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد و البنك الدوليين .
ت‌- إصدار سندات حكوميه .
و في الحالات الثلاث تكون تكلفة التطوير منخفضة و فترة الاسترداد سريعة و بالتالي تكون فترة التسديد سريعة أيضاً و هذا ما أكده خبير الطاقة العراقي في مركز دراسات الطاقة العالمية (محمد الزيني) إذ يبين انه إذا اقترضت شركة النفط الوطنية 3 مليارات دولار لتطوير حقل مجنون لينتج بمقدار 600-700الف ب/ي على سبيل المثال على أن يسدد القرض بعشر سنوات و بسعر فائدة مركب مقداره 10% سنوياً فسوف تبلغ خدمة الدين (أصل +فائده) حوالي 352 مليون دولار سنوياً , أي بحدود 1.6 دولار للبرميل , و بجمع تكلفة الإنتاج و النقل لكل برميل ستبلغ الكلفه 3.5 دولار /للبرميل و لذلك فان الريع الذي ستحصل عليه شركة النفط الوطنية هو 76.5 دولار /للبرميل عند سعر 80 دولار للبرميل ، و مع هذه الأسعار و التكاليف لن تتردد البنوك من إقراض شركة النفط الوطنية أو الحكومة العراقية و ذلك على أساس عد ما يتحقق من ريع كضمان , و هنا يرى المدافعون عن الاستثمار الأجنبي إن اقتراض العراق سيؤدي إلى تراكم الديون الإضافية بوصف العراق من أكبر الدول المدينة في العالم و بالتالي فان المقرضين سوف يمتنعون عن إقراض العراق ما لم يعقد اتفاقيه لتسديد ديونه ، فضلاً عن ذلك فان صندوق النقد الدولي يسعى إلى فرض شروط معينه على العراق لتخفيض ديونه ، و من أبرز تلك الشروط فتح الباب أمام الشركات الأجنبية للاستثمار في القطاع النفطي، الأمر الـذي يجعـل مســألة تقديم قروض للعراق مسألة صعبه ، فعلى الرغم من أن العراق استطاع اقتراض ما يقارب 5 ملايين دولار بعد عام 2003 إلا انه استخدم ضمانات مكلفه لذلك . ويمكن الإجابة عن ما سبق بأنه يمكن استخدام النفط المستقبلي كضمان و ذلك بسبب ارتفاع مستوى الريع فيه ، و أن هذه القروض تستخدم لأغراض استثمارية و ليست كسابقاتها من القروض الاستهلاكية المستخدمة لتمويل الحروب ، و بالنتيجة فإنها ستؤدي إلى زيادة الإيرادات و هذا يترتب عليه سرعة تسديد القروض .
3- التعاقد مع الشركات الأجنبية :
يمكن للعراق استخدام عقود مع الشركات النفطية الأجنبية على أن تكون هذه العقود أكثر مرونة من عقود مشاركة الإنتاج ، كما هو الحال في إيران و السعودية و الكويت ، كعقود الخدمة التقنية و عقود إعادة الشراء و عقود المجازفة (مخاطر الخدمة) و هي عقود طورت نتيجةً للحاجة الماسة إلى رؤوس الأموال و الخبرات و التكنولوجيا الحديثة . و إنها ستجنب العراق الخسائر المالية و الكلف الاجتماعية و الاقتصادية التي يتحملها الاقتصاد العراقي نتيجةً لتطبيقه عقود مشاركة الإنتاج.

المصادر
1- عبدالاله الامير، "العقود البترولية الانتاجية"، مجلة الاصلاح الاقتصادي، العدد 4 في 10/ آذار / 2007، ص44.
2- فؤاد قاسم عبدالامير، ثلاثية النفط العراقي، الطبعة الاولى، (بغداد، دار الغد للنشر، 2007)، ص57.
3-عبدالاله الامير، "العقود البترولية الانتاجية"، مجلة الاصلاح الاقتصادي، العدد 4 في 10/ آذار / 2007، ص44.
4-د. نبيل جعفر عبدالرضا، "مخاطر عقود مشاركة انتاج النفط على الاقتصاد العراقي، بحث القي في الندوة العلمية التي نظمها اتحاد العمال في نقابة النفط مع شركة نفط الجنوب بعنوان: ((مناقشة قانون الاستثمار الاجنبي)) والمقامة في المركز الثقافي النفطي، بتاريخ 6/2/2007، ص1-2.
5-فؤاد قاسم عبدالامير، ثلاثية النفط العراقي، الطبعة الاولى، (بغداد، دار الغد للنشر، 2007)، ص250-255.
6- عقود مشاركة الإنتاج , إصدارات مركز الإمارات للدراسات ألاستراتيجيه ،2006, ص1 ، معلومات متاحة على شبكة المعلومات الدولية على الموقع: http://www.E.C.S.S.R.com

7- كريك مونتيت، "عقود مشاركة الانتاج التنازل عن مصدر سيادة العراق"، 2005، ص32-33 بحث منشور على موقع منظمة بلاتفورم ، على الموقع: http://www.cudedesimgns.org
8- كريك مونيت، "عقود مشاركة الإنتاج خصخصة النفط تحت مستقبل آخر"، بحث القي في مؤتمر الاتحاد العام لعاملي قطاع البترول في البصرة، في 26/5/2005، ص1-2.
9-د. حمزة الجواهري، "القطاع الخاص والخصخصة في الصناعة النفطية،2006، ص1, بحث منشور في الانترنت على المواقع http://www.Iraqihome.com.
10-د. طارق عبدالوهاب، "مناقشة لمشروع قانون النفط"، معلومات متاحة على الانترنت في 7/2007، ص1، على الموقع، http://www.ALAKhbAr.com
11-عبدالوهاب حميدج رشيد، "مسألة معارضة الخصخصة"، الحوار المتمدن، العدد 1134 في 3/2005، ص1، معلومات متاحة على الانترنت على الموقع http://www.rezar.com
12-عبدالمجيد الهيتي، "مساهمة في النقاش حول نفطنا"، معلومات متاحة على الانترنت في 2006 ، ص4-5، على الموقع http://www.ALthahafaaljada.com
13-محمد عاكف جمال، "رائحة البارود تسبق رائحة النفط"، مجلة البيان، العدد: 10000، السنة الثامنة والعشرون، نوفمبر/ 2007، ص1-2، على الموقع الالكتروني: http://www.ALbonain.com .
14-فيصل التميمي، "قانون النفط الجديد انقلاب على ارادة الشعب ونضاله"، 2007، ص1-2، معلومات متاحة على الانترنت على الموقع: http://www.ALGhad.com
14-د.عباس النصراوي ،"مسألة معارضة الخصخصة"،ترجمة عبدالوهاب حميد رشيد، مجلة علوم انسانيه،العدد:20،ايار2005ص2-4
15-عادل رشيد ، "النفط العراقي اداة توحيد ام تقسيم"، بحث منشور في 2007 على الانترنيت على الموقع : http://www.E.C.S.S.R.com ص2
16-علي عباس خفيف ،" مخاطر الخصخصة/خصحصة القطاع النفطي،" الحوار المتمدن، العدد: 1718، 2006، ص1, متاحة على شبكة الانترنيت على العنوان : http://www.rezgar.com
17-فاضل الجلبي ،"العراق ضمن وضع جديد للسوق العالميه للنفط"، 2006, ص1, معلومات متاحة على الانترنت : http://www. AKHBARLIBYA.com
18-أشواق عباس ،"النفط العراقي و الخصخصةالقادمه"، الحوار المتمدن، العدد 1133 في 3/2005، ص2-3، معلومات متاحة على الانترنت على الموقع http://www.rezar.com
19-فاضل الجلبي ،"العراق ضمن وضع جديد للسوق العالميه للنفط"، 2006, ص1, معلومات متاحة على الانترنت : http://www. AKHBARLIBYA.com
20- د. حسن لطيف كاظم الزبيدي ، النفط و السياسه النفطيه في العراق ، في حسن لطيف وآخرون، النفط العراقي و السياسة النفطية في العراق في ظل الاحتلال الامريكي،رؤيه مستقبلية ، (بغداد، مركز العراق للدراسات،2007) ص47-50
21-د.نبيل جعفر عبدالرضا ، خصخصة قطاع النفط العراقي الابعاد و المخاطر ،في باسيل يوسف و آخرون ,استراتيجية التدمير (بيروت،مركز دراسات الوحده العربيه,2006) ص143
22- د.عباس النصراوي ،"دفاعا عن قطاع الدوله ،" 2005, ص 3-4, معلومات متاحه على شبكة المعلومات الدوليه الانترنت على الموقع، : althakafaaljadeeda.com http://www.
23-د.نبيل جعفر عبدالرضا ،" مشروع قانون النفط, خطوه للأمام أم للخلف ,"2007, ص 1 , معلومات متاحه على شبكة المعلومات الدوليه الانترنت على الموقع : ALmannarah.com http://www.
24-عصام الجلبي ، صناعة النفط و السياسه النفطيه في العراق ، في ضياء جعفر و آخرون،في برنامج لمستقبل العراق بعد انتهاء الاحتلال ، (بيروت، مركزدراسات الوحده العربيه، 2005) ص164-165
25-وليد خضوري ، "صناعة النفط في العراق،رؤيه مستقبلية"، 2004 , ص2-3, على الانترنت على الموقع : wwwthetharwaproject.com
26-د.جعفر عبد الغني، ،"مادا يكون الموقف من النفط الخام"،2007, ص2, معلومات متاحة على الانترنت : althakafaaljadeeda.com http://www.



#نبيل_جعفر_عبد_الرضا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم الدولة الريعية
- منظمات الأعمال في البصرة :
- الآثار الاقتصادية لتحرير التجارة الخارجية في العراق
- إستراتيجية مقترحة لمعالجة الفساد في الاقتصاد العراقي
- مناخ الاستثمار النفطي
- بيئة الاعمال في البصرة
- مخاطر الاستمرار بتثبيت الدينار العراقي
- التجارة في البصرة
- القدرات التصديرية المستقبلية للغاز الطبيعي في العراق
- البصرة تعوم على اكبر بحيرة نفط في العالم
- الأهمية النفطية لبحر قزوين
- نحو إستراتيجية جديدة لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى العراق
- المنافذ الحدودية في البصرة
- دور هيئات الاستثمار في جذب الاستثمار المحلي والأجنبي
- الآثار السلبية للاغراق التجاري على الصناعة في العراق
- الموازنة الاتحادية في العراق لعام 2012
- آليات التمكين الاقتصادي للمرأة العراقية


المزيد.....




- واشنطن تتمسك بالعراق من بوابة الاقتصاد
- محافظ البنك المركزي العراقي يتحدث لـ-الحرة- عن إعادة هيكلة ...
- النفط يغلق على ارتفاع بعد تقليل إيران من شأن هجوم إسرائيلي
- وزير المالية القطري يجتمع مع نائب وزير الخزانة الأمريكية
- هل تكسب روسيا الحرب الاقتصادية؟
- سيلوانوف: فكرة مصادرة الأصول الروسية تقوض النظام النقدي والم ...
- يونايتد إيرلاينز تلغي رحلات لتل أبيب حتى 2 مايو لدواع أمنية ...
- أسهم أوروبا تقلص خسائرها مع انحسار التوتر في الشرق الأوسط
- اللجنة التوجيهية لصندوق النقد تقر بخطر الصراعات على الاقتصاد ...
- الأناضول: استثمارات كبيرة بالسعودية بسبب النفط وتسهيلات الإق ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - نبيل جعفر عبد الرضا - رؤية إستشرافية للدولة الريعية في العراق