أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - نأي الرأس وغربة الجسد في مرويات تحسين كرمياني















المزيد.....

نأي الرأس وغربة الجسد في مرويات تحسين كرمياني


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 3673 - 2012 / 3 / 20 - 18:46
المحور: الادب والفن
    


صدرت عن (المؤسسة العربية للدراسات والنشر) ببيروت الرواية الخامسة للكاتب العراقي تحسين كرمياني وهي تحمل عنواناً لافتاً للانتباه وهو (حكايتي مع رأس مقطوع). ولا شك في أنّ هذا العنوان الصادم يحتاج إلى تأويلات منطقية لكي نقنع القارئ بثيمة الرواية التي تبدو فنتازية أو كابوسية في أضعف الأحوال. يمكننا أن نصنّف هذا العمل الروائي بأنه سوريالي، وغرائبي، وكابوسي بامتياز، كما أنه سوداوي في جزء كبير منه قبل أن تلوح لنا في أفق النهاية نقطة مضيئة تفضي بنا إلى المفهوم الأوسع للحريات الشخصية والعامة في العراق الجديد. ذكرتْ غير مرّة بأن أي حدثٍ فنتازي لابد أن ينطلق من نتوءٍ واقعي حتى وإن كان حُلُمياً في معظمه. وحسناً فعل الروائي تحسين كرمياني حينما دفع زوجة الراوي سالم (والذي أسندَ إليه الروائي دور كاتب النص أيضاً) إلى شراء دُمية غريبة الشكل تتكلم حينما يمرّ أي شخص من أمامها، غير أن القارئ لا يصادف هذه الدمية الناطقة إلاّ لماما، لكنها سوف تحضر بقوة في نهاية هذا النص الفنتازي الذي ينطوي على مفارقة فنية ذكية سأرجئ الحديث عنها الآن لكي لا أُحرم المتلقي من عناصر التشويق والدهشة والإثارة التي قد تذهل القارئ وتحطم أفق توقعاته المرتقبة. لابد من الإشارة إلى أن الراوي (سالم) كان ينزعج كلّما سمع هذه الدمية الغريبة تتحرّش به حينما تحيّيه بكلمة (هلو) أو حينما تطلب منه طلباً إغرائياً مكشوفاً(قبِّلني أرجوك)، وهو كما سنعرف لاحقاً رجل مؤمن يؤدي فروضه الدينية بانتظام، لكنه مولع بالكتابة، ومنقطع إليها، فلاغرابة أن يتجول كثيراً في أرجاء مدينته (جلبلاء) على قدميه حيناً أو بواسطة مركبته حيناً آخر. لم يكن مؤلف النص وراويه كاتباً مغموراً، فها هو يفكر في تلبية الدعوة اللحوحة التي تقدّم بها أحد الإعلاميين العاملين في تلفاز المدينة لإجراء حوار مطوّل معه لمناسبة صدور تسعة كتب له في آنٍ واحد في عمّان ودمشق والقاهرة، ولكنه كان يرجئ اللقاء لسبب غامض يجهله، وربما يعزوه إلى الوضع الأمني المتردي الذي تعيشه مدينة (جلبلاء) المُتنازَع عليها! كما كان يفكر في تلبية دعوة كلية الآداب في مدينة خانقين للحديث عن تجربته الأدبية الطويلة نسبياً، وهي دعوة مغرية للوقوف أمام الجمهور وجهاً لوجه. كما يتوفر (سالم) على طقوس محددة سواء في متابعة موضوعاته الأدبية، أو في المناخ الخاص الذي اتفق عليه مع زوجته قبل الاقتران، فهو لا يسمح بدخول أي كائن بشري لغرفته الواقعة في الطابق الثاني من البيت حتى وإن كانت زوجته، الأمر الذي سوف يعزز سريّة الحدث الفنتازي الذي نحن بصدده الآن، خصوصاً وأن الراوي (سالم) قد مرّ بإرهاصات تنبئ بوقوع حدث صادم قد لا تنتهي مفاجأته خلال وقت قصير. يسعى الروائي لأن يحيط قارئه علماً بالحقبة التي أعقبت سقوط النظام السابق في التاسع من أبريل عام 2003 على أيدي القوات الأنكلو- أميركية، وما تلاها من فوضى عارمة في مختلف مرافق الحياة كالفساد الإداري، وانقطاع الماء والكهرباء، والتجاوز على أراضي الدولة، ونهب المال العام الذي وصل إلى هذه المدينة النائية التي سرق فيها مقاول محتال الأموال المخصصة لإنشاء رصيف جديد للشارع الوحيد الذي لم تمتد إليه يد الصيانه والتعمير منذ عدة عقود. ثمة زقاق ضيّق انحسرت مساحته الواسعة بسبب التجاوزات المُشار إليها سلفاً سيمر به الراوي (سالم) وسيسمع صوتاً بشرياً مخنوقاً إلى جانب مجموعة أصوات تطلقها عدد من الجِراء المذعورة التي كانت تلوذ بأكياس النفايات التي تجمعّت في ذلك الزقاق الضيّق. ركلَ خمسة أكياس مملوءة بالنفايات، وحينما اصدمت قدمه بالكيس السادس سمع صوتاً بشرياً متألماً يطلب النجدة: (سالم أنقذني)! وبين المفاجأة، والذهول، والخشية من المساءلة القانونية قرر الاستجابه لطلب هذا الرأس المقطوع وأن يأخذه إلى غرفته المخصصة للكتابة لكي يبوح له بهذه الحكاية الفنتازية الخام التي تصلح أن تكون مادة صادمة لعمل روائي قادم إن أحسنَ (سالم) توظيفها، وبناءها بناءً فنياً رصيناً. لابد من التنويه إلى أن هذا الحدث العبثي اللامعقول يبدو معقولاً في المناخ العراقي الذي تردّت فيه الأوضاع الأمنية إلى درجة سيئة جداً بحيث بات فيه بعض الناس يطلبون من الجُناة أن لا يرموا الجثث فوق المزابل القريبة من بيوتهم لأنهم لم يعودوا قادرين على تحمّل روائح الجثث المتعفِّنة! هكذا تصبح الفنتازيا واقعاً، ويغدو اللامعقول معقولاً، أو فيه مساحة مشتركة من (المنطق) الذي يحتمل الأخذ والرد. أخذ الرأس المقطوع وصعد به سريعاً إلى غرفة الكتابة فاستفسرت زوجته قائلة: (أين تأخذ الصمون)؟، لكنه يظل يراوغها، وحينما تلّح عليه يقول لها بأن الكيس كان يحتوي على أوراق مهملة أراد أن يتخلص منها، لكنه غيّر رأيه في اللحظات الأخيرة وقرّر إحراقها في المنزل لكي لا تقع في أيدي بعض المتطفلين. تخضع العلاقة الفنتازية بين (سالم) والرأس المقطوع إلى اشتراطات صارمة حيث يحذرِّه من مغبة أي تجاوز بسيط قد يفضي إلى نتائج لا تُحمد عقباها، خصوصاً وأن زوجته قد أخبرته بأنها بدأت تسمع صوت كلب ينبح من غرفته! يا تُرى، هل تشبّع الرأس المقطوع بأصوات الجِراء المذعورة؟

نأي الرأس وغربة الجسد
تأخذ الرواية منحىً فلسفياً حيث يقاصص الراوي (سالم) الرأسَ مقاصصة جديّة بالسؤال عن ماهيته الحقيقية، فيرّد عليه بلغة قد تبدو مألوفة للعراقيين الذين يعيشون في ظرف استثنائي شاذ: (أنا نُحِرت من قِبل فئة ضالة تعمل على ترويع الناس)، ومع ذلك فالرأس يعتقد أنه تحرّر من محنة الجسد الذي كان يحفزِّه على ارتكاب الآثام والذنوب، فالجسد من وجهة نظر الرأس هو مستودع للشرور والشهوات والخطايا، وهو الذي أودى بنفسه وبرأسه إلى هذا المصير المفجع، ولا غرابة أن يسقط تحت مقصلة العقاب ليكون طعماً تتناهشه الكلاب الضالة، فيما سيتعفن الرأس المستنير المحتشد بالصفات الملائكية السامية بعد بضعة أيام. لا يتوقف التنظير الفلسفي عند هذا الحد، فالرأس يؤمن إيماناً قاطعاً بإن الإنسان إذا أراد أن يتعلّم الأسرار الكبرى في الحياة فعليه (أن يفصل رأسه عند جسده)، فالجسد مستوطنة للموبقات، أما الرأس فهو مشكاة للنور الساطع الذي ينير درب الكائن البشري. لقد ارتبكت نفسية المواطن العراقي، وتشوّشت ذهنيته بسبب الفتنة الطائفية التي أيقظتها الأحزاب الدينية المتخلفة، وتزامنها مع اجتياج الخلايا الإرهابية لوسط البلاد وجنوبها، وهيمنة قوات التحالف الدولي على إدارة البلد المحتَل ونهب ثرواته بشكل منظّم، ووجودها في كل منطقة مأهولة من العراق بما فيها الزقاق الصغير الذي يحتوي على الرأس المقطوع في (جلبلاء)، إذ وجّهوا إليه (روبوتا) يكشف عن المواد المفخخة في أكياس النفايات، لكنه عاد معززاً بالإشارة الخضراء المطمْئِنة. عادت أمور الحي إلى وضعها الطبيعي ورجع (سالم) إلى صومعته ومَشْغله الإبداعي ليواصل الإصغاء إلى الرأس المنحور الذي يريد أن يُودِع حكايته إلى ضمير الأمة الذي يجب أن يكون شاهداً أميناً على عصره. اللافت للنظر أن هذا الرأس المقطوع يعرف كل شاردة وواردة عن قصص سالم ورواياته ومسرحياته ومقالاته الأدبية المنشورة في الصحف والمواقع الإليكترونية، كما أنه يتوفر على حسٍ نقدي عالٍ، وذائقة أدبية مرهفة، لذلك فهو يحثّ (سالم) على أن يكتب هذه الرواية بضمير المتكلم لكي تكون سهلة الروي، وقابلة لتحمّل إسقاطات الذات، وتجليات أناها المتفاعلة مع الحدث الرهيب. لم يجد الرأس حرجاً في سرد تجارب جسده الإيروسية التي توزعت بين السطو الليلي على الجارة التي تكشفت مفاتنها الأنثوية ليلاً واستسلمت لاجتياحه المباغت، وبين الفتاة التي سوف يغتصبها لاحقاً، وبين ممارساته للعادة (العلنية)، ومسافدته للأُتُن والحيوانات الأخر المتاحة أمامه. كان (سالم) يتردد على الجامع كثيراً، كما أشرنا سلفاً، فأخبره إمام المسجد بأن شخصاً غريباً، مرتبكاً قد سأل عنه ومضى على عجل. يا تُرى، لأية جهة ينتمي هذا الشخص الغريب الذي توارى فجأة؟ عاد (سالم) إلى بيته لكي يواصل الاستماع إلى الرأس المقطوع ونصائحة المتعددة بشأن الكتابة عن أشياء غامضة لا يعرفها الكاتب نفسه لأنها تحرِّضه على إعمال الذهن، وإشغال المخيلة، خصوصاً بعد أن تطورت العلاقة بين الاثنين، وبدأ الرأس يبوح له بكل أسراره الدفينة، وأحلامه الراكسة في تلافيف الدماغ. لا شك في أن الضحية كان متاثراً بقصص (سالم) ورواياته، بل أن رواية (قُفل قلبي) قد بدّلت له حياته أول الأمر، لكنه سرعان ما تخلى عن الدراسة، وحُب القراءة، وانغمس في تحقيق شهواته وملذاته العابرة. يصوِّر الرأس المقطوع جسده الشهواني الذي كان ملتصقاً به وكأنه مركبة نأت عن رأسه بعيداً، هذا الرأس المُلهِم والمستنير الذي كان رُبّاناً متوهجاً، لكنه فشل في قيادة سفينة الجسد إلى برّ الأمان. لم يترك هذا الجسد اللعين الذي كان ملتصقاً قبل بضعة أيام بالرأس المنحور إثماً إلا واقترفه، ولا رذيلة إلاّ وارتكبها، كما كان مستغِلاً ودنيئاً يتربص بفتيات المحلة الدوائر. وذات يوم رأى فتاة تكلّم شاباً، لكنه غاب في لمح البصر فأخذ يساومها بإفشاء السر إلى والدها إن لم تأتيه إلى البيت، وحينما جاءت اغتصبها، ولكن جارته الستينية، التي مرّت بتجربة الاغتصاب نفسها على يد أبيه، أنقذتها من محنتها حينما أخذتها إلى ممرضة خيّطت لها غشاء بكارتها، وطلبت يدها من أبيها لصاحب هذا الجسد، لكن والدها رفض أن يزوِّج ابنته إلى شخص كوردي غريب، فتزوجت في نهاية المطاف من ابن عمّها ومرت القضية بسلام. لم تعترض هذه الجارة الستينية حينما تحسسها هذا الجسد الذي كان ملتصقاً بالرأس المقطوع، وحملها على كتفه، وطرحها على حصيرة في الغرفة، وأفرغ شهوته المحمومة في تضاعيف جسدها، وحينما اشتكت له من عجز زوجها الجنسي بسبب تعرضه لأشعة كيمياوية قتلت رجولته، واقعها ثانية ثم غطّ في نوم عميق. وعلى الرغم من تحلل هذا الجسد وانحداره الأخلاقي إلا أنه جرّب الكتابة ذات يوم، لكن الرأس سرعان ما نبّهه بأن الكتابة موهبة لا يتوفر عليها، لذلك راح يلتهم الكتب التي تقع بين يديه وبضمنها كتابات (سالم) الأدبية. حينما ماتت جارته الستينية فقدَ هذا الجسد صوابه، وقد اقترح بعض نساء المحلة تزويجه عسى أن يهدأ شبقه الجنسي. لم يكتفِ (سالم) بهذه التفاصيل الدقيقة، وإنما كان يريد أن يعرف مَنْ هو صاحب هذا الرأس المقطوع الذي يتوفر على ذهنية متأججة، وجسد شهواني يغلي بالرغبات الآنية؟ كانت محاججة الرأس المقطوع في محلها عندما خاطبه بما معناه قائلاً: (أنا بزّاز أعطيتك القماش، وعليك أنت الخيّاط أن تفصّله وتخيّطه على هواك).

حل العقدة
نجح الروائي تحسين كرمياني في خلق حوار سردي طويل بين الراوي وكاتب النص (سالم) وبين الرأس المقطوع من جهة، وبين الرأس المقطوع الذي يتحدث عن الجسد الملتصق به من جهة أخرى. تتضح تفاصيل العقدة الأولى القائمة على الشبه التام بين الروائي الذي كتب (بعل الغجرية) و (مزرعة الرؤوس) و (مزبلة الرؤوس البشرية)، وبين الرأس المقطوع الذي اختطفه شخص مجهول بعد أن وضعَ فوّهة البندقية على صدغه وأمَرَه أن يمشي من دون أن يقوم بأية حركة مريبة، وأدخله في نهاية الزقاق المعتم إلى غرفة فيها مجموعة من الملثمين الذي أتهموه بالتجسس عليهم لأنهم تصوروه نفس الكاتب الروائي الذي طلبوا منه أو يوقف نشر رواية (بعل الغجرية) التي يزعمون أنها تكشف عن أحد حلولهم المطروحة في حربهم المقدّسة ضد السلطة. ثم خاضوا معه نقاشات طويلة، لكنهم نحروه في نهاية الأمر بسكينة عمياء أو بمنجل غير حاد، وألقوا رأسه في الزقاق الضيق الذي صادف أن يكون قريباً من بيت الروائي (سالم) الذي يشبهه كثيراً في ملامحه الخارجية.
تخيل (سالم) أن الرأس المقطوع قد نام، لكنه في حقيقة الأمر قد فارق الحياة، وبدأت رائحته النتنة تعطّ، ولم تنفع معه الروائح التي يبخها عليه وفي فضاء الغرفة المحيط به. أخذه على عجل، مع مشيعيين كانوا يدفنون جنازة أخرى، ودفنه في القبر الذي حفروه لأبيهم الذي توفي قبل بضعة أيام، لكن أخاه غيّر رأيه وقرّر أن يدفنه في مقبرة السلام. لقد فقد (سالم) شيئاً عزيزاً عليه، لأن هذا الرأس كان خير أنيس له، رأس متنور يتوهج ثقافة وفكراً. عند ذلك وجد الراوي نفسه متهيأً لكتابة نصه الروائي الذي أسماه ببساطه (حكايتي مع رأس مقطوع)، قسّم الرواية إلى مقاطع، ثم رسم النهاية وأعطاها لزوجته كي تصححها له لغوياً، وتبدي ملاحظاتها الفنية على النص الروائي الذي أرسله إلى دار النشر وعاد بعد مدة قصيرة ليوزع على الاصدقاء والمعارف في حفل بسيط.
أما العقدة الثانية التي كسرت توقعات القارئ فتكمن في مفرزة الشرطة التي جاءت تسأل عنه، وحينما عاد من سفرته العائلية بعد يومين ذهب إلى مخفر الشرطة ليواجه سيلاً من الأسئلة التي يتهمه فيها الضابط بإخفاء الرأس المقطوع الذي توصل إليه من خلال غربلة النص الروائي من الأحداث الخيالية. فالرواية الأخرى تقول إن مجهولين اختطفوا مركبة خارج البلدة، وحينما عرفوا أن الشاب هو ابن عائلة ثرية جداً طلبوا فدية كبيرة، ولأن والده رفض المقايضة قطعوا رأسه وألقوه في الزقاق الضيق. لم يقع الكاتب في الفخاخ التي نصبها الضابط. كما أن الرواية هي مجرد حكاية من صنع خياله المتأجج كتبها الروائي، كما يقول، (دفاعاً عن الواقع الأليم الذي تعيشه بلدته جلبلاء). كان الضابط معجباً، في حقيقة الأمر بكتابات الروائي، لذلك طلب منه أن يزوده بنسخ من رواياته الأخر. حاول الروائي تحسين كرمياني أن ينهي نصه نهاية مبهجة تعزز الأمل في نفوس القرّاء فلاغرابة أن يقول الضابط: (لايجوز اعتقال الكلام الصريح في حياتنا الجديدة)، كما أن الروائي نفسه يعزز هذا الأمل الكبير حينما يقول: (لن تموت بلاد فيها سلطة تحترم الكلام الأدبي). وهو يعتقد نهاية المطاف بأن معالم الحرية بمعناها الواسع قد ولدت في هذه المدينة التي كانت منسية ونائية ذات يوم.
المفاجأة الثالثة التي كسرت كل التوقعات السابقة هي أن طفلة الراوي كانت تبكي لأن الدمية فقدت رأسها، فتصرخ زوجته مستفهمة: (أين أخذت راس الدمية يا سالم)؟ لتضعنا أمام احتمال آخر قد يكون صحيحاً، لكنه يؤثث جسد الرواية كلها بفنتازيته وغرائبيته وكوميدييته السوداء المفجعة. وإذا صحّ هذا الاحتمال فهذا يعني أن الروائي قد نجح في إيهامنا على مدار النص بفنتازية المناخ الروائي الذي أوقعنا فيه، وشدّنا إليه شدّ الروائي العارف بأسرار مهنته، والمُتقن لأدواته الفنية التي تتطوّر يوماً بعد يوم كلما زادت خبراته التقنية، وتراكمت تجاربه الحياتية.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بحر كاظم يستنطق ذاكرة المكان وتجلياته عند سعود الناصري
- الكتابة في ظلال ملحمة كلكامش
- ترجمة النفس
- تكريم الدكتور محمد مكية في حياته (2-2)
- تكريم الدكتور محمد مكية في حياته (1-2)
- استذكار العالم عبد الجبار عبدالله (الجزء الثاني)
- استذكار العالم عبد الجبار عبدالله (الجزء الأول)
- السخرية السوداء واللغة المبطنة في روايات الداودي
- الرهان اليساري والعلماني لا يزال قائما
- التوجّهات الجديدة في الاقتصاد العراقي. . . إشكالية التنمية و ...
- دور كفاءآت المهجر في تطوير التعليم العالي في العراق
- إشكالية تطوّر العملية السياسية وتأخّر الإعمار في العراق(ج1)
- مهرجان ريندانس السينمائي الدولي يحتفي بالفكر الأميركي الثوري ...
- أدب السجون في العراق: جدار بين ظلمتين مثالاً
- تريّيف المدينة العراقية
- الدكتور حميد الهاشمي يتحدث عن -عجلة المدنية وعصا العشائرية-
- المبالغة والغرور
- تحيّة لدار الشؤون الثقافية العامة
- الروائي زهير الجزائري في أمسية ثقافية بلندن (3)
- إلى السيد نوري المالكي، رئيس مجلس الوزراء المحترم


المزيد.....




- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - نأي الرأس وغربة الجسد في مرويات تحسين كرمياني