أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - ترجمة النفس















المزيد.....

ترجمة النفس


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 3666 - 2012 / 3 / 13 - 12:53
المحور: الادب والفن
    


صدرَ عن مشروع (كلمة) التابع لهيئة أبو ظبي للثقافة والتراث كتاب (ترجمة النفس. . السيرة الذاتية في الأدب العربي) وهو من تأليف مجموعة من أساتذة الأدب في أميركا، تحرير دوايت راينولدز وترجمة سعيد الغانمي. وكما هو معروف فإنّ (ترجمة النفس) أو كتابة (السيرة الذاتية) لم تحظَ باهتمام النقّاد والدارسين العرب والمستشرقين على حدٍ سواء على الرغم من كونها جنساً أدبياً يتوفر على ملامح واشتراطات خاصة. ويعود هذا الإهمال إلى بعض المغالطات التي شاعت في الأدب الغربي بأن السيرة الذاتية هي نوع غربي خالص لم يعرفه الكُتّاب العرب من قبل. كما عزّز هذه الأوهام بعض الاستنتاجات النمطية الجامدة التي تقول بأن المسلمين لم يعرفوا أدب (الاعتراف) الذي يتمحور حول البوح بهدف التكفير عن الخطايا التي يرتكبها الإنسان المُذنِب، وهذا يعني أن السيرة الذاتية العربية تبقى ناقصة لأنها تفتقر إلى تقنية البوح الذاتي الداخلي التي يعُّدها النقاد واحدة من أهم تقنيات السيرة الذاتية الحقيقية. لقد ردّ جلال الدين السيوطي قبل بضعة قرون حينما قال: (مازالت العلماء قديماً وحديثاً يكتبون لأنفسهم تراجم). وهذا يعني أن الأدباء والكُتّاب العرب والمسلمين كانوا منهمكين على مدى عشرة قرون في الأقل في كتابة التراجم والسير الذاتية. لا شك في أن بعض التراجم مكتوبة بضمير الغائب، وليس بضمير المتكلم، وأنها تركز على الفعل أكثر من الانفعال، وقد لا تنطوي على اعترافات كبيرة، وربما تكون مناسَبةً لتعظيم الذات وتحْمِل صاحبها على المبالغة والتباهي والغرور، ولكن هذا لا يمنع من كونها سيراً ذاتية تنطوي على قدرٍ كبيرٍ من الحقيقة. فدافِع المؤلف العربي أو الإسلامي في كتابة سيرته الذاتية هو دعوة القارئ إلى الاقتداء بسيرته أو تبيّين نعِم الله عليه بدليل الآية الكريمة التي تقول (وأما بنعمة ربك فحدّث)، وهذا لا يمنع طبعاً مؤلف السيرة الغربية من القول(تلك هي الأخطاء التي ارتكبتها، فتحاشوا السقوط بها).
يركِّز الفصل الأول من هذا الكتاب على أن السيرة الذاتية هي نوع غربي خالص كما أشرنا سلفاً. وأن الثقافة الغربية تعامل الذات باعتبارهما منقسمة بين (النفس الخارجية) المُعلَنة، و (النفس الداخلية) المُضمرة، فيما تنحصر وظيفة الكتابة في إشهار المضمر وإعلان المكتوم ومحاولة المطابقة الصريحة بين الذات الداخلية والخارجية. فيما يرى مؤلفو هذا الكتاب التسعة بما فيهم المحرر دوايت راينولدز أن هذه الثنائية ليست ضرورية ولا مطلقة، بل هي نتيجة للثنائية الفرويدية التي شاعت بين الوعي واللاوعي والتي لم تتبلور في الثقافة الغربية إلا في القرن التاسع عشر.
يسلّط الفصل الثاني الضوء على أبرز أنماط الكتابة الحميمة وهي السيرة، والترجمة، والبرنامج، والفهرسة والمناقب. وكما هو معروف فقد شاع النمطان الأولان وانتشرا بشكل واسع على المستويين التاريخي والجغرافي. أما مصطلحا البرنامج والفهرسة فقد ارتبطا بمناطق جغرافية وحقب زمنية محددة. إذ أُستُعمِل مصطلح (برنامج) بمعنى سيرة حياة في أسبانيا الإسلامية وتحديداً منذ القرن الثامن حتى القرن الخامس عشر، فيما انحصر استعمال الفهرسة بمعنى السيرة أو السيرة الذاتية في شمال أفريقيا في السياقات الصوفية فقط. أما مصطلح المناقب الذي يعني (الفضائل) بالمعنى الحرفي فقد ارتبط ارتباطاً واضحاً بالثناء والمدائح قبل أن يتحوّر ليعني السيرة الذاتية.
يؤكد مؤلفو هذا الكتاب بأن السير الذاتية المبكرة قد ألفت بمعزل عن بعضها كما هو الحال في سيرة حُنين بن إسحاق والمُحاسبي والترمذي، لكن بحلول القرن العاشر وبدايات القرن الحادي عشر بدأ تداول سير ذاتية قصيرة كتبها أطباء وفلاسفة مثل الرازي وابن الهيثم وابن سينا وقد حظيت باهتمام القرّاء في مساحة جغرافية واسعة. ثم ظهرت سير ذاتية طويلة مثل سيرة ابن بُلُقِّين والغزالي. ولابد من الإشارة إلى ظهور بعض السير الذاتية التي تتمحور على موضوع التحوّل الديني من اليهودية أو المسيحية إلى الإسلام كما هو الحال مع السموأل المغربي وفراي أنسليمو تورميدا (عبد الله الترجمان).
تختلف دوافع المؤلفين تبعاً لتوجهاتهم الفكرية والروحية والثقافية فقد كتب حُنين بن إسحاق والرازي سيرتيهما دفاعاً عن نفسيهما ضد نقادهما، بينما كتب المُحاسبي سيرة ذات طبيعة روحية، فيما كتب ابن الهيثم والمؤيد الشيرازي والداني تقارير بحثية عن حياتهم. ومع بدء القرن الثاني عشر حتى القرن الرابع عشر ظهرت نصوص لسير ذاتية مكتوبة بأشكال مختلفة بعضها على شكل لمحات مدرسية، وبعضها الآخر على شكل إرشادات روحية، أو أعمال أدبية خالصة مثل سيرتي عمارة اليمني وأسامة بن منقذ. ثم حدثت نقلة كبيرة في السيرة الذاتية في أواخر القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر حينما ظهرت سير للسخاوي والسيوطي وابن طولون الدمشقي والعيدروس وغيرهم الكثير.
درس مؤلفو الكتاب التسعة السيرة الذاتية العربية في الفصل الرابع دراسة نصية واعتمدوا على نماذج تطبيقية مهمة أبرزت خصوصية الذات، ونمو الشخصية عبر مراحل متعددة تبدأ من الطفولة، مروراً بالصبا والشباب وذروة النضج، وانتهاءً بالشيخوخة. كما ركزوا في هذا الفصل على أهمية الأحلام والهواتف والرؤى وتضمين السير الذاتية باستشهادات شعرية مهمة بغية التركيز على الانفعالات الداخلية لكاتب السيرة الذاتية لأن المنتقدين يرون أن السير الذاتية العربية تميل إلى الفعل لا الانفعال، كما أنها تصوّر انفعالات الآخرين وتهمل انفعالات الذات.
يتضمن القسم الثاني من الكتاب ترجمة لثلاث عشرة سيرة ذاتية عربية إلى الإنكليزية غير أن المترجم سعيد الغانمي اعتمد على الأصول العربية لهذه السير كما ساهم في تحقيقها وإضافة بعض المعلومات التي وجدها ضرورية ومفيدة للنصوص الأصلية ومن بين هذه السير الذاتية نذكر سيرة حُنين بن إسحاق وعبد اللطيف البغدادي وجلال الدين السيوطي وعلي مبارك.
كما عزّز المؤلفون الكتاب بكشّاف إحصائي للسير الذاتية العربية يضم ما يزيد على مائة وأربعين سيرة ذاتية عُثر على نصوصها أو وجدوا أخباراً متداولة عنها. كما أضاف المترجم سعيد الغانمي عدداً من السير الأخرى التي لم يقع عليها المؤلفون التسعة للكتاب. ضم الكتاب في خاتمته ثبتاً بعدد من المصطلحات التي أستعملت في متن الكتاب مع شروح وافية لها توفر للقارئ معلوماتٍ دقيقةً تضيء متن هذا الكتاب وتستجلي موضوعه الشيّق. وفي الختام لابد من الإشارة إلى أن سعيد الغانمي هو كاتب ومترجم عراقي معروف، يقيم في أستراليا حالياً، أصدر أكثر من أربعين كتاباً مُؤلَفاً ومُترجَماً نذكر منها (المعنى والكلمات) و (أقنعة النص) و (منطق الكشف الشعري)، ومن كتبه المُترجَمة (العَمى والبصيرة) لبول دي مان، و (السيمياء والتأويل) لشولز.


اسم الكتاب: ترجمة النفس. . السيرة الذاتية في الأدب العربي
جهة الإصدار: مشروع كلمة الإماراتي
تأليف: مجموعة من الأساتذة الأميركيين
تحرير: دوايت راينولدز
ترجمة: سعيد الغانمي



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تكريم الدكتور محمد مكية في حياته (2-2)
- تكريم الدكتور محمد مكية في حياته (1-2)
- استذكار العالم عبد الجبار عبدالله (الجزء الثاني)
- استذكار العالم عبد الجبار عبدالله (الجزء الأول)
- السخرية السوداء واللغة المبطنة في روايات الداودي
- الرهان اليساري والعلماني لا يزال قائما
- التوجّهات الجديدة في الاقتصاد العراقي. . . إشكالية التنمية و ...
- دور كفاءآت المهجر في تطوير التعليم العالي في العراق
- إشكالية تطوّر العملية السياسية وتأخّر الإعمار في العراق(ج1)
- مهرجان ريندانس السينمائي الدولي يحتفي بالفكر الأميركي الثوري ...
- أدب السجون في العراق: جدار بين ظلمتين مثالاً
- تريّيف المدينة العراقية
- الدكتور حميد الهاشمي يتحدث عن -عجلة المدنية وعصا العشائرية-
- المبالغة والغرور
- تحيّة لدار الشؤون الثقافية العامة
- الروائي زهير الجزائري في أمسية ثقافية بلندن (3)
- إلى السيد نوري المالكي، رئيس مجلس الوزراء المحترم
- شركة الناصر للطيران
- الأحزاب الدينية والسينما العراقية
- الشخصية المنشطرة وتعزيز الأمكنة الافتراضية


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - ترجمة النفس