أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - تحيّة لدار الشؤون الثقافية العامة














المزيد.....

تحيّة لدار الشؤون الثقافية العامة


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 3492 - 2011 / 9 / 20 - 11:57
المحور: الادب والفن
    


تُعد دار الشؤون الثقافية العامة في بغداد رئة واسعة يتنفّس بواسطتها عدد كبير من الأدباء والمفكرين العراقيين على وجه التحديد. وفي غمرة المدّ الطائفي الذي جلبته الأحزاب الدينية المتشدّدة من الطرفين شاعت ثقافة التحاصص أيضاً التي انتصفت لطرف واحد، مع الأسف، وغمطت حق الطرف الآخر الأمر الذي أحدث خللاً ملحوظاً في توزيع الحصص الثقافية على مجمل مكوّنات وأطياف الشعب العراقي البريء من ظاهرة التمييز العرقي والطائفي التي جلبها الظلاميون وأصحاب الضمائر والنفوس الميتة الذين يمشون في الاتجاه المعاكس لحركة التقدّم والمدنية والحضارة.
في خضم هذا الوضع الطائفي المتردي الذي تحاول الأحزاب الدينية المتخلفة ترسيخه بين أوانٍ وآخر تطل علينا دار الشؤون الثقافية في بغداد بإصدار ثقافي متحضر يحمل عنوان "جسارة التعبير" للأديب والمترجم العراقي الراحل نجيب المانع، طيّب الله ثراه، لكي تؤكد هذه الدار أنها خيمة للمثقفين العراقيين جميعاً، وأنها لا تفرّق بين قوميةٍ وأخرى، ولا تميّز طائفة عن طائفة، ولا دينٍ عن دين آخر، لأنها ببساطة شديدة تنتصر لثقافة العراقيين جميعاً، وترفض أن تكون وكراً سريّاً يعمل لمصلحة جهة محددة تُلغي الآخرين، وتُصادر حقوقهم الثقافية المشروعة.
إن إصدار كتاب مثل "جسارة التعبير" الذي يتحدث عن الأدب والفن والترجمة والموسيقى الكلاسيكية والغناء الأوبرالي واللوحة التشكيلية والمنحوتة وما إلى ذلك من الفنون القولية وغير القولية هو أشبه بالنسمة الباردة التي تمرّ في ظهيرة قائظة وما أحوج المثقفين العراقيين إلى مثل هذه النسمات العليلة التي تؤجج الذهن، وتريح الأعصاب المشدودة!
لا يحتاج المثقف العراقي إلى كتابٍ طائفي أصفر يكدّر صفو الحياة ويزيد من قتامتها، وإنما يحتاج إلى أن ينهل من حقول المعرفة الإنسانية، ويتحسس جمالياتها العديدة. وما من كتاب أدبي متنوع الأبواب مثل كتاب الراحل نجيب المانع الذي يشبه باقة ورد تضم كل الفنون القولية وغير القولية تقريباً. وأكثر من ذلك فإن غالبية الموضوعات تُحيل إلى أبرز رموز الثقافة العالمية ويكفي أن نشير هنا إلى تولستوي ودستويفسكي ورامبو وأندريه مالرو وصاموئيل بيكيت وفان كوخ ورمبرانت وبيكاسو وشيكسبير وإليوت وجيمس جويس وبروست وستندال وبرناردشو وأوسكار وايلد وبلزاك وزولا وهمنغواي وعشرات الكتاب والفنانين الآخرين الذي لا يسعهم هذا العمود. فما الذي يريده المثقف العراقي أكثر من هذه الإطلالات الأدبية والفنية في زمن مليء بالخطف والقتل والتدمير؟
شكراً لدار الشؤون الثقافية العامة لأنها أصدرت هذا الكتاب ووزعته على المكتبات العراقية، وشكراً للشاعر نوفل أبو رغيف الذي يتبنى نشر الثقافة العراقية التي تنتمي إلى كل أطياف الشعب العراقي، وشكراً له مرة أخرى لأنه لم يتحيّز لهذه الجهة أو تلك، وإنما "تحيّز" إلى الأدب العالمي والفنون الكونية التي نحتاجها في عراقنا الجديد. فالشخص الذي يستمع إلى سمفونيات باخ وبتهوفن وجايكوفسكي لا يمكن أن يربط على خصره حزاماً ناسفاً، والذي يشاهد مسرحيات شيكسبير ويونسكو وآرابال لا يمكن أن يلصق عبوة ناسفة في سيارة عابرة قد يلجها طفل صغير أو امرأة جميلة أو رجل طاعن في السن، والذي يقرأ كتاباً مُتَرجماً من عيون الأدب العالمي يخجل أن يكون طائفياً أعمى البصر والبصيرة، والذي يشاهد معرضاً للفن التشكيلي أو يتأمل في اللوحات الفنية المُصوَّرة لبيكاسو وموندريان ومونيه وتيرنر لا يمكن أن يزرع عبوة ناسفة على قارعة الطريق لكي يزهق أرواحاً بريئة لم تقترف ذنباً.
إن منْ يشيع فناً من الفنون الإنسانية الراقية في بلاد الرافدين إنما ينقذ وطنه من المرضى المجانين وأصحاب النفوس المُشوّهة الذين أبتُليَ بهم مجتمعنا العراقي الطيّب الذي يجب أن ننتشله من بين مخالب الطائشين والمغامرين والمتخلفين ذهنياً. وما من شيء على وجه البسيطة يستطيع أن يفعل فعله مثل الكتاب الذي يمجِّد الأعمال الأدبية والفنية لأنها، ببساطة شديدة، تنقّي الأرواح من شوائبها، وتفتح الأعين والعقول على مديات جديدة مُدهشة.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الروائي زهير الجزائري في أمسية ثقافية بلندن (3)
- إلى السيد نوري المالكي، رئيس مجلس الوزراء المحترم
- شركة الناصر للطيران
- الأحزاب الدينية والسينما العراقية
- الشخصية المنشطرة وتعزيز الأمكنة الافتراضية
- الحقوق المائية
- رواتب البرلمانيين العراقيين
- القرصنة والابتزاز
- مُحفِّزات أعمال الشغب والعنف في بريطانيا
- الجادرجي في أمسية ثقافية بلندن يتحدث عن تأثير ثورة 14 تموز ع ...
- صلاح نيازي يرصد التغييرات التي طرأت على الأدب والفن بعد ثورة ...
- عبد المنعم الأعسم يتحدث عن ثقافة التسامح
- تحديات الإعلام العراقي في الداخل والخارج
- الصدمات و الكراهية في السياق العراقي
- قاسم حول: -المغني- فيلم متميز في مضمونه وشكله وقيمه الجمالية
- خالد القشطيني يقرأ بعض حكاياته ويوقّع كتابه الجديد -أيام عرا ...
- الواقعية الجديدة في -زهرة- بارني بلاتس
- -حديث الكمأة- لصبري هاشم أنموذج للرواية الشعرية
- أسرار فرقة الدونمه ودورها في المجتمع التركي الحديث (3-3)
- الدونمه بين اليهودية والإسلام . . . مسوّغات العقيدة المُزدوج ...


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - تحيّة لدار الشؤون الثقافية العامة