أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فلورنس غزلان - هل من ضوء في نهاية النفق؟














المزيد.....

هل من ضوء في نهاية النفق؟


فلورنس غزلان

الحوار المتمدن-العدد: 3673 - 2012 / 3 / 20 - 00:28
المحور: الادب والفن
    


تحتشد الغيوم بكثافة هذا اليوم في سماء باريس، أسألها أن ترحل حاملة رسالة ماءٍ تمحو القذا عن العيون والرماد مما تبقى خلف بشار وحرائقه..أسألها ألا تنسى عواطفي المحملة بوميض الشرر وبغضب جامح يود لو اقتلع جذور شجرة لعائلة اسمها الوحش ، اسمها الباطل، بربري المصدر، همجي التربية قاتل بالولادة، تتأجج نيراني أود ترجمتها بمفردات تخرج من أسر الغموض إلى رحاب الوضوح والمصداقية، لكن قاموسي اللغوي ضعيف البنية يتقوقع أمام الحدث مخفياً رأسه في معطف( المحيط، ورداء لسان العرب)، كيف لي وللغتي ألا تتعثر وتُتأتيء حين تقع عيوني وعيونها على مشاهد تغيبك مرغماً عن الواقع؟، فعقلك لايستوعب أن هذا ممكن، لايعي قدرة الإنسان على الفتك بالإنسان وبالحجر والحيوان، قدرته على الحقد والخراب ، قدرته على تقمص الموت ونثره فيما حوله..أن يتحول حُبهُ للقتل إلى متعة ورياضة!.
عدلت عن الكتابة ، وقررت استخدام صوتي، فخانني واختفى...شرد مني واحتمى بطيِ حنجرة أصرت على الفحيح ، عبثاً.. أنهزم أمام كل باب يمكنه أن يمثل نجدة لضعفي أو لغضبي أو لدهشتي من غرابة المرحلة وانسداد الأفق وضيق الكون من حولي، أحاول أن أخلع عني مدينة تلبستني خلال مايقارب عقوداً ثلاثة، أضعها في حوض دمي وأغسلها مصممة على تعقيمها وتحريرها من عفن الكراهية ،مصرة على عودة كرياتها البيضاء والحمراء بخليط أحمر قاني لاتفاصيل فيه.. غسانية آرامية كما ولدت في رحم التاريخ فوق هذي الهضبة التي أطلقوا عليها حوران، فيها إرث المسيح ورفوف المهاجرين من عُسف (الحاكم بأمر الله)، فيها بصمات خالد بن الوليد وأشعار أبي تمام، فيها روح جدي وجدك..فلنتمسك بالعشب بالسنابل وأغصان الزيتون ، فهي رمز للسلام وتقاسم خبز التنور الخارج للتو من بيادر تفتح ذراعيها لكل طارق ومضافاتها لكل عابر سبيل، رحت أهيء الأرض وأرسم بحبر المحبة بحجارة البازلت طريقي المُسَّلح بغنائيات تعشق الفرح، أبحث عن شبحي المخالف لشرائع احتلت المدينة، وجميعها يدعي الأحقية الموروثة! فكيف أجد ضالتي وأين ضاع وجه مدينتي الحقيقي في صراع تقاليد جديدة التأليه والتأريخ ؟!
حتى الله يسهو عني وعنها، يضيع الوقت بين موتٍ وآخر، تأخذ ساعة الوقت عقاربها من الموت مؤشراً لدقائقها... من جنوب الأرض لشمالها من شرقها إلى مغربها بالضبط كمسيرة الشمس ، لاشروق دون موت ولا غروب يذهب إلا بموت، جنود وبنادق منهم مايذكر فعله ومنهم من ينسى..أو يسجل في جعبة حصاده كم من عدو كان البارحة صديقاً يتسامر معه على كأس من الشاي أو قرعة متة..هو الآن في عداد رؤوس تَصَوَّر أن عليه قطافها..هكذا لقنه الزعيم أو الضابط الأرفع نجمة والأكثر وطنية!!..تعددت أشكال الموت، وتعددت معها ألوان اللحود وأماكنها، فليست المدافن وحدها المخصصة للأموات، ففي وطني يدفن المرء حيث يسقط.
أسألكم.. أسأل الله الناسي..أسأل من رَكَّب لنفسه قداسة وعصمة، أو من ركبوه ليكون الزعيم ابن الزعيم ..كم من الأسماء سقطت في اللحود ولم تسقط ورقتها في دفاتر العائلة وسجلات النفوس؟..سخرية الأقدار تعود دائرتها لترسم نفس الخطوط ومهما تعرجت تعود لتاريخ لم يمض عليه سوى ثلاثة عقود تقريباً ــ فحماة لاتبعد عنا سوى مرمى جيل أو جيلين ــ تاريخ نعبره ولا نعتبر..كل الجثث والمغامرات تسقط من طرف وتُحَمَّل لطرف آخر ..وفي النهاية كل الأطراف محقة..وكل الأطراف مصيبة! ..هي مصيبة بالمعنى الآخر للكلمة..مصيبتنا في هؤلاء..الذين يحملون رايات " الوطن "! أو من يحمل رايات الله، ومصيبتنا أكبر فيمن يعتنق مذهب الوطن ، لكنه يلهو بالوقت ويضاجع البنادق أملاً بنصرٍ لن يأتي إلابعد حريق روما.. الجميع يغمس عباءاته بزيت إلهي مقدس ، الجميع يهتف من بيوت الله والجميع يستشهد بآيات من الذكر الحكيم أو بأحاديث نبوية شريفة تثبت حسن طويته وحسن اختياره ، ومحاربته لعدو الأرض والسماء!!.....وأنا؟ وأنا..لست من هذا ولا من ذاك...أنا من حَملَ لكم الشاي ورغيف الخبزبالزعتر إلى الحقل بعد أن أنهيتم يوم حصاد شاق...أنا من وقفت تنتظر عودة أحمد ومريم من جامعة حمص ومن مدرسة الخنساء..حلَّ الغروب ولم تعد حافلاتهم...ومَرَّ فجر آخر وآخر ولم تعد عيناي ترى سوى ناقلات الجنود، لم أعد أسمع صباحيات فيروز ..بل زخات الرصاص تثقب أذناي وتسرق سكوني وكل معاني انتظاري لفرحٍ يوميء بفجرٍ أرقبه ...صرت أرى سرابه يبتعد وغربانه تتكاثر وتنعق ، تحوم من حولي وتُغرق سمائي الجميلة بظلال سوداء ورائحة تشي بمتاهة ربما تُدخلني من جديد في جحر أحزاني وتعيدني لدائرة موتٍ لاينتهي إلا بنهاية وطن.. أخاف اليوم ألا أراه.
ــ باريس 17/3/2012



#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أريد جواباً على محبتي لسوريا دون سيف
- ملاحظات حول المجلس الوطني السوري:
- حمص
- لو كنت يابابا عمرو - ويتني هيوستن-!
- بين إبرة الدم وإبرة الحياة!
- موقع جديد يشرف عليه الكاتب الكبير - رفيق الشامي-
- للخروج من عنق الزجاجة السوري
- أحب...وأختلف مع البعض في الحب!
- قوس الحرية
- الحلقة المفقودة عند المعارضة السورية
- بين وهمه ومكائده...يسقط بشار الأسد
- - الحرية صارت على الباب-
- ( بنات البراري) للكاتبة السورية المبدعة - مها حسن-
- رياح الثورة، رياح النفط، والإسلام السياسي!
- من المنفى إلى أحمد
- نظام يأكل الوطن، وشعب يتآكل، ومعارضة تحبل بخلافاتها!
- بابا عمرو
- رسالة موجهة للمجلس الوطني السوري!
- الطرق القديمة ملغمة، والحديثة تواجه احتمالات خطيرة ( أخص الم ...
- سوريا، الشعب، العالم العربي، والكون


المزيد.....




- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...
- رواية -خاتم سليمى- لريما بالي.. فصول متقلبة عن الحب وحلب


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فلورنس غزلان - هل من ضوء في نهاية النفق؟