أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - الحكمة ومصير الوطن














المزيد.....

الحكمة ومصير الوطن


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 3673 - 2012 / 3 / 20 - 00:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عاشت سوريا ولا تزال، تعيش محنة لعلها العظمى في تاريخها، فما مرّ بها في العِقد الأخير خصوصاً يعتبر -في المقاييس العالمية- مأساة تهز الضمير الإنساني بكيفية مرعبة. وأنْ يحدث ما حدث، يعني أن الإنسان في ترتيبه الحضاري وبوصفه إنساناً عاقلاً، لا يزال دون مستوى العقلانية الحكيمة، أو أنه قابل، حتى الآن، للتراجع إلى مستوى يُفترض أن يكون قد خرج منه. فالوعي الذي ندعوه "وعي المطابقة" بين الواقع العيني وما يقابله من منظومة للمفاهيم البشرية الدنيا الضرورية التي يحوز عليها البشر، إن ذلك لابدّ أن يقود البشر إلى حدٍ ما أوّلي من التوازن والعقلانية والحكمة، والمعيار في ذلك أن يظل البشر مُتمتّعين بإمكانية اكتشاف أن السّير في قلب غابة حارقة، ينبغي أن يظل آمناً، بالحد الأدنى، أي أن يحول دون الاشتعال بالنار.

ما حدث في حمص وغيرها من مدن سوريا مؤخراً، كان مشهداً لا يجوز أن يُسمح به. وربما نقول، إن السماح بإشعال النار القاتلة هو سماح مُدان بجعل دم السوري مستباحاً، من هذا الطرف أو ذاك، خصوصاً حين يحدث ذلك بآليات وأدوات لا يجوز أن تظهر إلا في وجه العدو التاريخي الاستراتيجي، والكل يعرفه! وإذا تعذر ذلك ضمن منظومة التفكير التي نمتلكها، فإن البحث في الفكر السياسي القائم على قواعد مفتوحة ومحتملة وقابلة للاستنباط والاجتراح، كما على المساومات والتنازلات، لابد أن يفضي إلى المحافظة على وطن يجري القتال على أرضه ويُدفع الثمن من حسابه. وما كانت السياسة قد غابت بل غُيِّبت من الحياة العامة والخاصة في سوريا على امتداد ما أصبح في رسم نصف قرن إلا قليلاً، فقد كان من طبائع الأمور أن يدخل القطر السوري الجميل في نفق مُعتم، لقد غاب الخطاب السياسي، وفُتح الباب على مصراعيه أمام ما قُدِّمت بصفتها حلولاً "مستحيلة أو زائفة"، لقد وُضع البلد أمام طريق سوفييتي تحت مادة تحمل رقم 8 من الدستور: إنه حق كلي وصائب أبداً، أن يكون طرف واحد من أطراف المجتمع السوري، سيد الموقف، من حيث هو، في الاقتصاد والثقافة والتعليم والقضاء والاستراتيجيا، ذلك أنه هو الذي "يقود الدولة والمجتمع"، هكذا إلى الأبد. وبهذا، يكون "الحزب القائد والزعيم القائد"، أول الموقف ومُنتهاه، الآن وغداً و"إلى الأبد".

أما ما يمكن أن يُنشئه تطور المجتمع من تغيرات هنا وهناك وفي هذا الجيل أو ذاك، فإنه يبقى مُغْلقاً، أي غير مهيّأ لأن يُنتج تقدماً وتغيراً وتحولاً باتجاه الأمام. ذلك لأن من يُنجز ذلك هو "الحزب القائد الأبدي"، في حين يبقى المجتمع مُجفَّفاً لا يُجدِّد ولا يبدع: إنها أيديولوجيا طاغوتية سياسياً وأخلاقياً وتاريخياً.

وإذا كان الأمر كذلك، يصبح من المستحيل أن ينزاح الأعلون عن مواقعهم، حتى لو أجهزوا على المجتمع والدولة بآخر رصاصة. والطريف المرعب أن المجتمع السوري المؤسس تاريخياً على التعددية، بمعظم صيغها وتجلياتها، يوضع ضمن قالب واحد أبدي، بحيث إذا طالب الآخرون من الطبقات والفئات والأجيال والمجموعات بالتغيير باتجاه الحرية والتعددية والكرامة والعدالة وغيرها، فإن أولئك ينظرون إليهم بمثابتهم مُجرمين أو عملاء تُناط بهم مهمة تدمير البلد وتنفيذ مؤامرة خارجية كونية. هذا الموقف المضاد للتاريخ والتقدم يمثل خطراً كاسحاً، فالإصلاح والتطوير والتغيير والتجديد هي دعوات هدَّامة، ولم يدْر أولئك أن هذه الأهداف فضيلة، وعليها يتأسس التاريخ المفتوح، وتحقيق ذلك يتوافق مع الحكمة والعقلانية.



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصير فريد للشمولية الاستفرادية
- من الاستبداد إلى التقسيم
- الدستور السوري... ثلاثة أخطاء
- جدال حول مصدر الأزمة
- تغييب -اللاعب الأكبر-
- دبلوماسية في خدمة الجريمة!
- ليسوا مندسِّين
- الثورة واستحقاقات التعددية
- حين تغيب العقلانية
- تساؤلات لا يحتملها -الاستبداد-
- معضلة النظام الأمني
- من التخلف إلى الاستبداد
- الحرب الطائفية والنظام الأمني
- الاستقواء بالخارج!
- -الربيع العربي- والمسار الفلسطيني
- موقف أوباما: هذا ما يغضبنا
- الطبقة الوسطى والانتفاضات
- الأيديولوجيا : المواقف والمعارف
- الحروب والمنظومات الأخلاقية
- الدولة المدنية والإسلاميون


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - الحكمة ومصير الوطن