أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - دبلوماسية في خدمة الجريمة!














المزيد.....

دبلوماسية في خدمة الجريمة!


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 3631 - 2012 / 2 / 7 - 00:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جاءت الأحداث المروِّعة قبل يومين في مدينة حمص على أيدي القوى العسكرية والأمنية التابعة للنظام الأمني السوري، لتثير مجموعة من الأسئلة الملتهبة، فهل يمكن تصور مجموعات مسلحة عسكرياً ونفسياً تقوم بالهجوم على فئات مسالمة عزلاء، وتنتمي إلى الشعب الذي ينتمي إليه هؤلاء، بكل قوة السلاح العسكري التدميري؟! والملفت أن الأحياء التي يوجَّه إليها السلاح، تمثل مناطق تجمُّع لفئات سكانية تعيش على تخوم المدن: مُفْقرة مُذلّة مُهانة، فهي تخيم في تلك التخوم، كما يخيم البدو هنا وهناك. وأصحاب هذه الخيم لا يفتقدون إلى الحرية السياسية والثقافية والمدنية وغيرها فحسب، بل هم يفقدون كذلك العمل الكريم، الذي يجعل منهم بشراً. والآن وفي مثل هذه الأوضاع الرهيبة، لا يُسمح لهؤلاء أن يعيشوا لحظة أمل قد تأتيهم، حين تنفتح كُوَّة أو أخرى في جسد نظام الفساد والاستبداد، فالموت السريري الذي يوجدون فيه على مدى عقود، لا يجوز أن ينتهي، لأنه إن انتهى، يمكن أن يُحدث اضطراباً في نظام الأشياء، خصوصاً في حقول السلطة والثروة والإعلام والمرجعية، التي يسيطرون عليها في سوريا.

وفي سبيل إحكام القبضة على أولئك وعلى مناصريهم ومُحاليفهم بحكم العيش المشترك، اشتغل النظام القائم على تلفيق منظومة من المفاهيم والأفكار، التي تخدم ذلك الهدف. فكان الكلام على أن التدخل الخارجي "خط أحمر"، إذا لجأ المرء إليه في سوريا، يكون قد ارتكب خيانة عظمى. وكان ما كان، حين بدأ الإعلام الداخلي يسوّق لذلك، بأن وضع ما طرحه الرهان الشبابي الجديد موضع تشكيك وتخوين. فلقد بدأوا بالقول بأن ما يحدث في سوريا إنما هو أمر تابع لأجندة خارجية، مشكّكين بذلك في أن شباب سوريا غير جديرين، بالأساس، بالتأسيس لثورة في بلدهم تُنهي الفساد والإفساد والاستبداد، أي مشكّكين بمطلب الإصلاح في بلد يفتقده منذ أربعة عقود ونيف. وفي هذا وذاك، مشى النظام إلى الأمام في مقولته حول "المؤامرة الخارجية" مُقْصياً استحقاق الإصلاح والتطوير والتحديث.

والأمر الملفت في ذلك كله أن الاستقواء بالأجنبي -إنما هنا روسيا والصين- ارتفع في المراحل الأخيرة إلى مستوى الاستراتيجية الأولى والحاسمة، في كسب المعركة ضد الانتفاضة-الثورة في سوريا، لكن مع المحافظة على ما ابتُدع تحت مصطلح "المؤامرة الخارجية"، دون التفكّر بأن الموقف الذي تتخذه روسيا والصين من سوريا، إنما هو تدخل فاضح في شؤونها، خصوصاً إذا استحضرنا ما جرى بثه في الإعلام من أن روسيا و(غيرها) تقدم للنظام مواد عسكرية يستخدمها في حرب ضد الشعب ذاته. فلقد جاءت نتائج جلسة مجلس الأمن الأخيرة يوم السبت المنصرم، مخيِّبةً للشعب السوري، الذي يُخضَع لوسائل مؤلمة من القمع والعنف المفرط. لقد حدث ذلك في مجلس الأمن مُدلِّلاً على أنه مؤسسة هزيلة خاضعة لمنظومة من القواعد والضوابط، التي وإن جاءت متفقة مع قواعد اللعبة الدبلوماسية، إلا أنها تطيح بمبدأ الدفاع عن الشعوب، ومن ثم بمبدأ "العدالة".

إن إخضاع العمل الدبلوماسي الدولي لمبدأ "الفيتو"، هكذا دون قواعد تضبطه وتحافظ -في الوقت نفسه- على مبدأ العدل المقدس في التعامل مع الشعوب، يُفضي إلى تدمير المؤسسة، التي يُراد لها أن تكون حامية لحقّ الشعوب. وإذا علمنا أن وراء ذلك "الفيتو"، الذي أطلقته روسيا والصين في وجه مشروع يهدف إلى إيقاف العنف القاتل بحق الشعب السوري، مصالح أنانية ودنيئة اقتصادية أو مُثُلاً أيديولوجية قائمة على الشمولية والظلامية الدبلوماسية - السياسية، فإننا نكون وجهاً لوجه أمام انحطاط قاتل في تجديد العلاقات الدولية بين الدول والشعوب. وها هنا، نكون قد واجهنا تراجعاً هائلاً في منظومة القيم الإنسانية الخاصة بالعدالة والمساواة وتغليب الحقيقة والكرامة على ما عداها من المصالح.



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليسوا مندسِّين
- الثورة واستحقاقات التعددية
- حين تغيب العقلانية
- تساؤلات لا يحتملها -الاستبداد-
- معضلة النظام الأمني
- من التخلف إلى الاستبداد
- الحرب الطائفية والنظام الأمني
- الاستقواء بالخارج!
- -الربيع العربي- والمسار الفلسطيني
- موقف أوباما: هذا ما يغضبنا
- الطبقة الوسطى والانتفاضات
- الأيديولوجيا : المواقف والمعارف
- الحروب والمنظومات الأخلاقية
- الدولة المدنية والإسلاميون
- المسار التاريخي العربي
- الإصلاح والسلاح
- الاستبداد والوعي التاريخي
- كلمات في عمل جدير بالقراءة


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - دبلوماسية في خدمة الجريمة!