أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - الاستقواء بالخارج!














المزيد.....

الاستقواء بالخارج!


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 3540 - 2011 / 11 / 8 - 07:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



درج ويدرج في مراحل معينة ببعض البلدان العربية، نمط من الكتابة السياسية التي يسعى كتّابها إلى البحث في ما يحدث بالبلد المعني، أما أولئك الكتّاب المنحازون للدفاع عن النظام الحاكم أو، في حالة أخرى، المتماهون به - ونحن هنا نعني النظم العربية القمعية التي اكتسبت هوية "نظام استبدادي وفاسد مفسد" - فإنهم يتحدثون بلغة الشتيمة والإدانة، عن أن الأكثرية الكبرى من الشعب، المتضررة باضطراد، من سياسات النظام القمعي الأمني تطالب بضرورة الاحتماء بقوة ما حيال ما تواجهه من مظالم وجرائم على أيدي هذا النظام القائم. وهؤلاء الكتّاب مع سياسيين ومثقفين وآخرين يتهمون أولئك المتضررين والمضطهدين في داخلهم، بأنهم "عملاء للخارج"، ويسعون إلى تقسيم البلاد في ظل تلك الحماية بالخارج.


الخطاب السياسي الذي يطلقه كتّاب وإعلاميو واحد أو آخر من تلك النظم الاستبدادية وغيرها، يخترقه خطأ معرفي وسياسي، هو أن النظام الاستبدادي، الذي يستأثر بكل شيء، هو نفسه الذي يُنتج فكرة الاستقواء بالخارج، ويتم ذلك عن طريقين اثنين، يتمثل أولهما في امتناعه عن الإصلاح الوطني الديمقراطي، خوفاً من مساءلته عن الخراب الشامل، الذي أحدثه في البلد. أما الطريق الثاني، فيتمثل في إذلال الناس وإرعابهم، إذا طالبوا بالإصلاح.

وإذا حاول الناس (كما يفعل الثوار الشباب الآن) أن يواجهوا تلك الحالة المكرسة بهيمنة السلطة الواحدة وبقانون الطوارئ وغيره، فإن هذه السلطة القمعية تعلن أن هنالك "مؤامرة خارجية" تنقض على "أمن الوطن وسلامته واستقراره"، مسوّغة بذلك "الضرب من حديد على عملاء الاستعمار وأيتامه".

وهذا بدوره يؤسس لاستباحة البلد بكل الأشكال، تحت رعاية قانون الطوارئ أولاً، وبمسوغات الاتصال بالأجنبي ثانياً، وبتهمة تدمير المؤسسات الوطنية ثالثاً.

ولذلك فإن الثائرين والمنتفضين يصبحون "خونة متآمرين". ولعل التحليل الثقافي والقيمي والسياسي يظهر أن ما يفعله أولئك القتلة يذكرّ بما تفعله جيوش الاحتلال حقاً حيال البلد، الذي يضعونه تحت قبضتهم.

أردنا من ذلك أن نضبط العلاقة بين دعوة ملفقة لإدخال الأجنبي الاستعماري من قبل من انتفض ثأراً لكرامته وحريته وعدالته المهدورة من طرف، وبين القيام بأشنع الجرائم الإنسانية من طرف آخر. لقد قامت مجموعات بحثية بدراسة طرز العقابيل، التي يخلّفها الاستبداد الشمولي في بلد متخلف، فاتضح أن هذه العقابيل الناتجة عن أسباب اجتماعية سياسية وثقافية واقتصادية وقيمية في فترة من التاريخ، ربما تغري بالاعتقاد بأن ذلك كله إنما يقود إلى القول بوجود "جينات بشرية قابلة للتطور ولتطوير الإنسان" من جهة، وبوجود جينات بشرية "غير قابلة على تحقيق ذلك" من جهة أخرى، ومن شأن هذا، إن صح - وهو غير قابل لأن يصح - فإنه سيسمح بوجود "أعراق متقدمة وأخرى متخلفة".

من دواعي الأسى أن تظل تلك الإيديولوجيا معششة في أدمغة النظم العربية الاستبدادية، صاحبة السلطة والثروة والإعلام والمرجعية، علماً بأن هذه الأيديولوجيا - خصوصاً حين يُعاد إنتاجها ضمن الوطن الواحد - تصبح هي نفسها الصدى الخطير للخطاب الاستعماري الإمبريالي والعولمي الراهن، هكذا إذن، يظهر أن من يعمل لإدخال الآخر الأجنبي ليس هو الشعب والشعوب، وإنما هو الذي تواطأ مع ذلك الأجنبي من أجل استمراره وجموحه لامتلاك الأبدية.



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الربيع العربي- والمسار الفلسطيني
- موقف أوباما: هذا ما يغضبنا
- الطبقة الوسطى والانتفاضات
- الأيديولوجيا : المواقف والمعارف
- الحروب والمنظومات الأخلاقية
- الدولة المدنية والإسلاميون
- المسار التاريخي العربي
- الإصلاح والسلاح
- الاستبداد والوعي التاريخي
- كلمات في عمل جدير بالقراءة


المزيد.....




- شاهد اللحظات الأولى بعد هجوم روسي ضخم بطائرات مسيرة على أوكر ...
- طهران تعلق على الغارات الإسرائيلية في عدة مناطق بسوريا
- -الهجوم على سفينة مساعدات غزة قرب مالطا إشارة تحذير- - يديعو ...
- السودان.. مقتل مدنيين بعد سيطرة الدعم السريع على النهود
- زاخاروفا تعلق بقول مأثور على دعوة القوات الأوكرانية للمشاركة ...
- مصر.. اكتشافات أثرية في سيناء تظهر أسرار حصون الشرق العسكرية ...
- بيان مصري بعد قصف إسرائيل منطقة مجاورة للقصر الرئاسي في دمشق ...
- السعودية.. تنفيذ حكم القتل -تعزيرا- في مواطنين اثنين من أسرة ...
- رئيس وزراء اليمن أحمد عوض بن مبارك يعلن استقالته
- زاخاروفا تعلق على تهديد زيلينسكي لضيوف عرض عيد النصر في موسك ...


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - الاستقواء بالخارج!