أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - معضلة النظام الأمني














المزيد.....

معضلة النظام الأمني


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 3589 - 2011 / 12 / 27 - 00:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان عام 1958 تاريخاً استثنائياً بالنسبة للشعوب العربية، فلقد ولدت في سياقه أول وحدة قومية عربية، وكانت بين سوريا ومصر. وقد أعلِن عن ولادة هذا الحدث الكبير، دون المرور بمرحلة تأسيسية انتقالية تتم فيها دراسات موضوعية للبِنى والحقول السياسية والاقتصادية والقضائية... إلخ في البلدين. أما الهدف من ذلك، فهو دراسة الظروف المحيطة أساساً بعملية التوحيد من طرف، والعمل على بناء استراتيجية التوحيد بوصفها تعبيراً عن أنسب الاحتمالات المطروحة في حينه من طرف آخر. لكن هذين الأمرين كليهما لم يؤخذا بعين الاعتبار. فلقد جاءت الدعوة للوحدة بقدر ما، تعبيراً عن صراعات سياسية داخلية في سوريا.

أما ذلك التعبير عن الصراعات المذكورة، فقد تجلى في أمرين اثنين، هما السرعة في إنجاز ذلك دونما بحث أو درس أولاً، ووضع شرط أساسي وحيد على تحقيق الوحدة، هو إلغاء الأحزاب السياسية والمجتمع السياسي والحراك السياسي. وبدلاً من ذلك كله، فُرض على البلدين، مصر وسوريا، نمط من التنظيمات الشمولية والقسرية، سُمّي "الاتحاد الاشتراكي العربي"، ولم يَطُل الأمر، حتى ظهرت علامات الفساد والترهّل والتصدع في المجتمع الوحدوي الجديد. وفي هذه الحال، اتضح الخطر الأعظم، وهو غياب وتغييب القوى الحية الكفيلة بتصويب الأمور، واكتشفوا أن ما كان عليه أن يحمي الوحدة، كان قد تصدع قبل إنجازها بالحراك السياسي في مجتمع سياسي تنتجه الأحزاب الديمقراطية الناشطة. في ذلك المنعطف التاريخي، أخذنا نسجل أمرين اثنين. يقوم الأول منهما على مجتمع الوحدة الجديدة الخالي من أدوات مواجهة الخلل الكبير والمشكلات المستجدة، بحيث راح حضور القوى المناهضة لهذه الوحدة يتعملق ويسدّ الأفق. أما الأمر الثاني فراح يتبلور في تفكك المؤسسات وتغييب المساءلات والضوابط القانونية، مهيِّئاً لنشوء نظام أمني مؤسس على الاستبداد والفساد. وقد نشأ في سياق ذلك، تهدم المشاريع الموضوعة على بساط البحث والتنفيذ، مشروع التنمية الزراعية خصوصاً والتقدم والتحديث، ومشروع العلمنة بحدود أولية، إضافة إلى تطوير القدرة العسكرية الرادعة لإسرائيل (كما كانوا يعلنون). وينبغي القول إن النظام الأمني الجديد راح ينمو في الحياة العامة تحت أسماء متعددة . وسيبرز ما راح يعرف بالجيش العقائدي والجيش غير العسكري، وكلاهما سيتمم الآخر عبر وظيفة مشتركة، هي وضع الحاليْن في خدمة الطغمة الصغيرة ذات النسيج الطائفي أو المافيوي. وفي هذا وذاك وذلك، تتحدد مهمات الآخرين من الأوساط الشعبية ووضعهم في خدمتهم أولاً، وفي تجفيف المجتمع المصري والسوري (وغيرهما من المجتمعات العربية الأخرى) من كل احتمالات ورهانات التقدم باتجاه الثالوث المؤسس على الحرية والكرامة والكفاية المطلوبة.

لم يعد الجيش جيشاً لحماية البلد العربي المعْني والدفاع عنه، ولم يعد الأمن في خدمة الشعب ومراقبة الفاسدين والمفسدين ومهرِّبي الأموال ومبيِّضيها. وثمة ملاحظة ذات أهمية كبرى، هي أن مكوِّنات الجيش تتحدر (في أوساط القيادات الحاسمة وحدها) من مجموعات متجانسة باعتبار تلك النُّسج المذكورة من أُسرِي وعائلي وطائفي ومافيوي، وبهذا، نجد أنفسنا، حقاً، أمام خط من الدولة هو الدولة الأمنية، التي تضبط ذلك كله في خدمة قمة الهرم، الأوليغارشية المذكورة.

وحيث يكون الأمر على هذا النحو، الذي يُراعى في تكوينه أن يكون مغلقاً، وأن يُنجز مهماته بدقة، حيث يحقق مهمتين اثنتين حاسمتين، الاستمرار بالسلطة (إلى الأبد)، ووضع اليد على ثروة البلد بمنابعها الطبيعية والصناعية، يداً بيد مع إبقاء الإعلام في قبضة أولئك، والزعم بأنهم هم وحدهم من يقود الدولة والمجتمع. ها هنا تتضح فكرة تقوم على أن استئصال هذه المجموعة يمر بمرحلتين، إنزالهم من السلطة، والتأمين للمشروع الوطني الديمقراطي.



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من التخلف إلى الاستبداد
- الحرب الطائفية والنظام الأمني
- الاستقواء بالخارج!
- -الربيع العربي- والمسار الفلسطيني
- موقف أوباما: هذا ما يغضبنا
- الطبقة الوسطى والانتفاضات
- الأيديولوجيا : المواقف والمعارف
- الحروب والمنظومات الأخلاقية
- الدولة المدنية والإسلاميون
- المسار التاريخي العربي
- الإصلاح والسلاح
- الاستبداد والوعي التاريخي
- كلمات في عمل جدير بالقراءة


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - معضلة النظام الأمني