أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد مهدي - مع الله في ملكوته (1)















المزيد.....

مع الله في ملكوته (1)


وليد مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 3661 - 2012 / 3 / 8 - 13:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


(1)

واخيراً وصلنا للحديث في حضرة الله ، صاحب هذا الملكوت ..
الملك الاعظم في وجداننا كبشر ، العنوان الاعمق لفهمنا الانساني المشترك للعدالة التي يتساءل عقلنا التجردي المعرفي المعاصر عنها :

• هل إننا راكمنا تصوراتنا عن الآلهة وعن ملكوتها فاختلفت وتشابهت حسب طبيعة الاختلاف والتشابه بين الثقافات والأمم لتوحد تصورات الامم عن الآلهة في إله واحدٍ هو الله كرمز مشتركٍ للعدل بعد ان توحد اعتقادنا بحقيقة وحدة النوع الإنساني ؟
• ام ان " الله " هذا شخصية واعية ما ورائية حقيقية ، تجلى فعلاً للانبياء والاولياء واوحى اليهم ما اوحى كل حسب فهمه وعلمه وهو الاصل في " العدالة " وليس العكس ؟

لن اميل لراي من هذه الاراء ، ولا يهمني شخصياً ماهو الاصل في بحثنا عن العدالة ، ما نبحث عنه هو ثقافة مشتركة لفهم العدالة فهماً شاملاً قائماً بالقسط والميزان ..
في سلسلتي ( البحث عن ملكوت الله ) و ( ملكوت الله القادم ) كنا قد نهجنا البحث وفق مبدأ كلود ليفي شتراوس في تشريح ودراسة الثقافة والتي تعتبر بأن :
هناك خلفية ( مخفية ) مشتركة ثقافية جامعة لعموم الجنس البشري وإن بدت ظاهراً مختلفة حسب اللغة والحضارة وهي تؤكد وحدة النوع الإنساني .
مسار البحث في المقالات الثمانية السابقة كان يدور حول الخيوط التي من الممكن أن توصلنا لهذه " الخلفية المشتركة " ..
ما يمكن أن يقودنا إلى علاقة فلسفة أي عقيدة دينية وتصورها عن الدين والكون بأصلٍ مشترك جامع غير مدرك لما يمكن أن نطلق عليه " الثقافة الإنسانية الأصيلة " ..
فكل نتاجات البشر الثقافية بدءاً من عصور موغلة في القدم سبقت " اختراع " الكلام ونهاية بعصر الأرقام Digital eraفي يومنا هذا كانت تتخذ لنفسها أدوات في التعبير والبناء ..

فكانت أداة الدين الأساسية مثلاً هي " الصورة " قبل ان تظهر الحضارة المنطوقة المكتوبة لتصبح " الكلمة " هي اداة الفكر الديني الأساسية وهو ما أسميناه سابقاً " عصور الكلمة " التي بدأت في سومر قبل ستة آلاف سنة فقط ، فيما كانت عصور " الصورة " كأداة للتعبير الديني سابقة للكلام المنطوق والمكتوب لملايين السنين .
لهذا السبب ، بقي تساؤلنا معلقاً رغم إننا حاولنا إجابته في السلاسل السابقة :
هناك حقبة لم يكن يتكلم فيها الانسان الا باصوات ومقاطع لا يمكن تسميتها لغة حقاً ، ترى كيف كانت لغة الرب وحروف نطقه في حينها ؟
هل كان الله يتكلم قبل أن يتكلم الإنسان ؟ لو كان الجواب نعم ... ما هي لغته ؟؟
هل كان في الملكوت لغة وكلمات وقتها ام ان الملكوت الالهي كان يجاري تطور الجنس البشري فكان ملائكة الرب يتناقلون الافكار بتوارد الصور والخواطر Telepathy ؟
بعد أن تحدث البشر بعدة لغات ، فاين هي لغة الملكوت .. وهل للرب لغة خاصة لا يمكن للبشر معرفتها والدين مجرد ترجمة من لغة " الملكوت " إلى لغة البشر كالارامية والعبرية والعربية ؟

هل القرآن عربي اصلاً ام مترجم من لغة ملكوتية للعربية بفرض انه كلام منزل من الله ؟
( وكذلك الحال مع التوراة ، هل كان الله يتكلم العربية حين تحدث إلى موسى بالعبرية ؟ أم كان يتحدث العبرية حين كلم آدم ؟ )

نحن في هذه السلسلة الجديدة نريد دخول هذا الملكوت الغامض عبر " تشريح " و " هيكلة " ادوات بناء الديانات الوثنية والتوحيدية في الشرق والغرب من جهة ، و إعادة بناء تصور جديد مشترك للمكلوت الإلهي بين الثقافات المختلفة بمفاهيم مشتقة من هذه الادوات اكثر حداثة وموضوعية قريبة من حقائق المعرفة المعاصرة من جهة أخرى بما ينسجم ومسعى شتراوس بغية الوصول إلى فهم علمي موضوعي للخلفية المشتركة بين كل الدينات والتي تغنينا عن الاجابة على التساؤلات السابقة عن ماهية " الشخصية الإلهية " وإلى اي اطارٍ ثقافي هي اقرب ..

فسواء كان " الله " حقيقياً ام مختلقاً ، في النهاية يوحدنا المسعى للعدالة مهما اختلفت معتقداتنا فيه ، وشخصياً اجد لا بأس في ان يكون الله رمزاً او ايقونة ثقافية جامعة لعموم الجنس البشري لتجسيد العدالة ، وليس ان يكون كما هو محتكراً لثقافة تروج لاساطيرها باسمه على حساب اخرى كما يفعل شيوخ البترو- ارهاب في الخليج وحاخامات الحرب في اسرائيل وملالي الرثاء والنواح الذي بلا نهاية في كربلاء ..

لا يمكن تجسيد هذه العدالة إلا بتثبيت رمزية ثقافية مشتركة لهذا الاله تتناسب مع منجزات الحضارة الانسانية العلمية والمعرفية الحداثوية ..
بالتالي ، الخلفية الثقافية المشتركة التي يداب علماء الانثروبولوجيا لاكتشافها هي " اللغة " الحقيقية المتخفية وراء لغات البشر وانماطهم الثقافية ، والتي قد تساعدنا في " تحرير " رمزية الاله من عبودية نمط ثقافي بذاته وتعميمه ليكون نموذجاً إنسانياً عاما ..
هذه الخلفية المشتركة ، قد لا تكون هي لغة الرب ، لكنها حتماً تحتل الاولوية لتكون كذلك كونها تمثل عموم الجنس البشري ولا تنحاز لامة او ديانة دون اخرى .
هذا الفهم ، لا يتيح لنا معرفة ماهو مشترك بين البشر باختلاف ثقافاتهم ودياناتهم فحسب وإنما إعادة رسم تصور جديد عن علاقة الإنسان بالدين وما هو دور الدين في تنامي وتطور العقل الإنساني وادواته .

(2)

سنبدأ بعصور " الكلمة " الممتدة من سومر ومصر وسوريا وما أنتجتاه من معرفة روحية ونبحث عن نقاط تلاقيها مع عصور " الصورة " التي سبقتها ولم نعد ندرك منها أي شيء ، لان ما يلاقي عصر الخيال او " الصور " مع عصر " الكلمة " الحديث من مكون ثقافي هو بكل تاكيد اصل قديم وجامع للنوع البشري ..
و لعلنا نجد في الموروث العبري قبس من جذوة ، خيوط دلائل رفيعة لما كان في الديانات القديمة في وادي الرافدين ووادي النيل ، هذه الخيوط الرفيعة ترشدنا إلى علاقة الدين بالزمن ..
و التي ترشدنا بدورها لعلاقة " الوعي " بالزمن سواء على مستوى الفرد او المستوى الجماعي ، في موضوعنا نحن نبحث العلاقة الثانية ، الوعي الجمعي بالزمن ..
سنبدأ ببحث علاقة توقيت ايام الاسبوع بالدين التي بدأها السومريون ووصلت لنا بصيغ دينية مختلفة عبر تراث العبريين :
فاصل ايام الاسبوع " السبعة " هو ديانة الكواكب السومرية ، حيث الحكماء السبعة والآلهة السبعة الذين قسم الاسبوع على عددهم ..
يبدأ الأسبوع بيوم الأحد ، يوم الشمس Sunday ، حيث كانت الشمس إلهاً في عموم الديانات قبل التوحيد ..
وهو الإله البابلي " شمش " والمصري " آمون " ، ولعل كتاب " شمس المعارف الكبرى " للبوني يمثل خلاصة وذروة ما تم تحصيله من بابل القديمة ومصر واعيدت صياغته بالطريقة العبرية ليصل لنا منحولاً للصيغة الإسلامية بلسانٍ عربي مبين ..
فالبوني وغيره من عرافي السحر القديم كان يموضع ايام الاسبوع " ملونة " في جدول ..
اذ يبدأ بالاحد كيومٍ للشمس ( اله جلجامش شمش ) وياخذ اللون الاصفر الذهبي ، ثم الإثنين يوم القمر Monday وياخذ اللون الابيض ( وكان إلاله سين لدى البابليين ) ، فالثلاثاء Tuesday وهو يوم إله الحرب الاغريقي Mars المريخ الاحمر ، فالاربعاء Wednesday الازرق الممثل للإله عطارد ، فالخميس ( الاخضر ) الممثل للمشتري ، فالجمعة البرتقالية النحاسية الممثلة بالكوكب الزهرة .. الإلهة الانثى المؤنثة عشتار ، عشتروت ، فينوس ، افروديت ( لاحظ ان العربية تذكر كل ايام الاسبوع عدا الجمعة فإنها انثى ) ، واخيراً يومُ زحل الداكن السبت ..
( علماً ان كتب السحر والعرفان الإسلامية القديمة لا تذكر الآلهة القديمة التي كانت محاطة بهالة من " عنفوان " وحياة تشابه الابطال العظماء في روايات البشر ، والاصح ، هي قصص بدايات نسج الادب الإنساني لمعاني البطولة والقيم السامية ) ..
ذكرناهذه الالهة هنا لاجراء المطابقة ، إذ كانت كتب العرفان الإسلامية والعبرية تستعيض عنها بالملائكة العظماء السبعة وهم حسب التسمية العبرية :
روقيائيل ويومه الاحد ( الاصفر ) ، جبرائيل ويومه الاثنين ( الابيض ) ، شمائيل ويومه الثلاثاء ( الاحمر ) ، ميكائيل ويومه الاربعاء ( الازرق ) ، اسرافيل ويومه الخميس ( الاخضر) ، عنيائيل ويومه الجمعة ( البرتقالي النحاسي ) ، اخيراً ، عزرائيل او كسفيائيل ويومه السبت .. ولونه " الاسود " ( او النيلي الازرق الداكن ) ...!!

(3)

قبل ان نناقش بنية المنظومة الكونية الماورائية في الوعي الجمعي لشعوب الشرق الاوسط المسيحية والمسلمة واليهودية والوثنية التي سبقتها والتي ترتبط ببرمجة ايام الاسبوع ، حتى نحصل على الصورة الاساسية لهذا الملكوت وطبيعة شخصية " الإله " فيها ، لا بد ان نذكر وبصورة سريعة بان الاقسام الروحية السبعة للملكوت لا يتفرد بها السومريون والبابليون والصابئة واليهود والمسيحيون والمسلمون..
الآلهة القديمة حسب " الفودوا " في افريقيا كانت تنقسم في سبعة أقانيم ، الإله شانغوا الافريقي مثلاً هو نفسه إله يوم الاحد السومري البابلي " شمش " ، هو نفسه روقيائيل ( رفائيل ) ملاك الحكمة في القبالة Kabala العبرية ..
كذلك طرق " السانتريا " في جزر الكاريبي هي الاخرى تلتزم بهذا التقسيم القديم لتعدد الآلهة السبعة ، كما نجدها حاضرة بقوة رغم عقيدة التوحيد المسيحية في رؤيا يوحنا اللاهوتي في الانجيل حيث كبش الله ذو سبعة قرون وسبعة عيون ودلالات هذا عن الكنائس السبعة ..
فمنظومة الآلهة السبعة تحولت إلى مندمج موحد في الكبش الفادي ( المسيح ) لكنها عبرت عن نفسها مجتمعة بشخصٍ واحد ..
الآلهة السبعة ممثلة بكواكب السومريين السبعة الاساسية هم انفسهم ملائكة السموات السبعة الكبار الذين يشرفون على باقي ملائكة الملكوت في ديانات التوحيد ، السبعة الكبار المقسمين المفرقين فيها حسب الالوان في قرص نيوتن المعروف في الفيزياء ، الوان الطيف الشمسي ( Spectrum ) السبعة لا سواها ..
وهنا نمسك بأهم حلقة وصل بين عصور الكلمة البابلية – العبرية وبين عصور الصورة المندثرة المندرسة التي كانت ممثلة في عقيدة الابورجينز ( من سكان استراليا الاصليين ) بما سمي بمرحلة " الأحلام " التي خلق فيها العالم من قبل آلهة الأحلام ( نقيض مرحلة " الكلمة " التي خلق الله بها العالم ) كما تحدثنا عنها في البحوث السابقة .
فالألوان السبعة ، هي صلة الوصل بين ماضي الملكوت البشري وحاضره حسب كل المواريث الثقافية لعموم الحضارات البشرية ..
أليس من الغريب ان نجد " الإمام البوني " في كتابه الاكثر شهرة بين امهات كتب السحر ( شمس المعارف الكبرى ) وهو ملتزم بذكر رتبة لونية لكل ملك من الملائكة الكبار المشرفين على السموات السبعة ونفس الالوان لملوك الجن المشرفين على " الارضين " السبع ؟؟
الكثير منا يعتقد بان الملكوت واحد لكن البشر باختلاف ثقافاتهم نظروا اليه من زاوية تختص بهم لهذا السبب كانت هناك اختلافات كثيرة تتناسب وزاوية الرؤية الثقافية ، ومن الطبيعي ان تكون لها خلفية مشتركة ممثلة بهذا التقسيم الذي يدور حول الرقم سبعة ..
فيما يرى القليل منا ، ممن لا يقبلون الحكم السطحي على الظواهر من اولي الالباب ، ومنهم كلود ليفي شتراوس ، إن هذا ناتج عن كون البشر كلهم ذوي اصلٍ مشترك ، واضيف :
المنظومة الحسية البصرية والوان الطيف الشمسي التي تستشعرها هي السبب في تبويب الملكوت على هذه الشاكلة ، وبذا يكون الملكوت بالنسبة لهم مجرد انعكاس من اللاوعي الإنساني ..
لا احب ان اكون منحازاً إلى رايي الشخصي في هذا البحث ، لذا ساستمر بفك طلاسم والعقد المرتبطة برموز الملكوت المشتركة بين كل الديانات البشرية تقريباً حتى بالنسبة للزردشتية والطاوية ورؤيتهما للملكوت الكوني ممثلاً بلونيهما الاسود والابيض ، حيث سنبحث علاقتها بالالوان السبعة لاحقاً ..
ما نحاول التوصل اليه عبر هذه المقدمة هو الوصول إلى صورة صافية ونقية للخلفية الجامعة للملكوت الإلهي كما يراه عموم البشر في الارض بنظرة كلية بغض النظر ، واؤكد على هذه النقطة ، بغض النظر اذا ما كان هذا الملكوتُ موجوداً ام لا ..
لان الهدف مشترك بين من يؤمن بوجوده وجوداً عينياً واقعياً وبين من ينكروه ويعتقدون بانه تكوين باطني عقلي او مجرد موروث ثقافي لا وجود حقيقي له ..
يبقى أن اذكر ، إن ما يرد هنا لم يرد في كتابٍ من قبل ، والبحث في الأصل الثقافي المشترك للجنس البشري كان مجرد حلم يراود ليفي شتراوس و " اعتقد " بأنني أحقق اولى مشاهد حلمه في هذه الدراسة الجديدة ، وكذلك الراحل محمد ارجون كان يسعى لتشريح الموروث الديني لكن ربما كان ليفزع من طريقتي هذه ..!

(4)

ما يلفت الانتباه حقاً في كتب السحر القديمة التي كانت منتشرة حتى عهود قريبة في القرنين الماضيين في العالم الإسلامي مثل كتاب " بحور الغرائب " ، هو ربط الملكوت الإلهي وما حواه من عمار أرضه ( الجن ) وسكان سماواته ( الملائكة ) بالزمن ..
كل عمل ينجز وكل تميمة تعقد وكل قرابين تقدم لابد أن تتم في توقيت معين وكأن السموات ومن يحكمها جهاز " رقمي " مبرمج وفق توقيت و إيقاع زمني خاص ..
كانت التعاويذ التي تتلى ملتزمة بقواعد خاصة وموقوتة للدخول إلى " قواعد بيانات " الملكوت ( العقل الجمعي البشري ) وتتطلب الاستئذان من رموز تمثل آلهة او ملائكة بمثابة بوابات او قائمين في مستويات متعددة من هذا الملكوت بغية تيسير الولوج الذهني إلى تلك العوالم المنظمة و " الملونة " حسب الطيف الشمسي .
لهذا نجد الألوان وعلاقاتها مع بعضها خلفية اساس إلى درجة اعتبار الملكوت عالم نوراني كل ما فيه يتعلق بالنور ( الضوء ) حتى أن رؤيا ( أو حادثة ) الإسراء والمعراج للرسول محمد كانت تصف كل سماء بدرجة لونية معينة ويسكنها نبي من الأنبياء وهو ما يؤكد انعكاس الملكوت العبري البابلي السومري نفسه الذي تحدثنا عن آلهته وملائكته قبل قليل ، لكن ما اضيف اليه في الموروث الروحي الاسلامي هو تحول " الانبياء " الى رموز دلالة تتشارك مع الرموز الملكوتية القديمة ( الالهة – الملائكة ) في البنية العامة لهذا الملكوت ..
فالمرئيات طالما ارتبطت ثقافياً بالمعقولات ، فالبصر يمكن أن يعني " العقل " في الموروث الإسلامي ، وفي الإنجليزية أنا أرى I see يمكن أن تعني " أنا افهم " ، لهذا السبب ، الدرجات اللونية المشتركة بين كل الثقافات والديانات يمكن أن تكون في حقيقتها منعكسات لمستويات باطنية من العقل نتيجة تاثير الحواس والالوان الاساسية ، او ربما كان العالم ما قبل الخليقة الذي تحدثنا عنه في موضوعي ( فيزياء ما قبل الخليقة ) و ( فيزياء العالم الآخر ) هو عالم طيفي نوراني للطاقة ما قبل الزمكانية على هذه الشاكلة ..؟
واؤكد باننا لا يجب ان ننحاز لراي ونركز جهدنا للبحث في الاصل المشترك لثقافة وحدة النوع الانساني سواء كان حقيقياً او مختلقاً لحاجة انسانية عامة ..
هذا ما يدفعنا للوغول اكثر في تشريح ودراسة علاقة المستويات اللونية للملكوت حسب الموروث العبري ( في القبالة Kabala ) تحديداً لاستكناه صورة بدئية عن الخلفية الجامعة للنوع البشري ..

(5)

منذ مطلع هذه الالفية وانا اتسائل مع نفسي باستمرار :
لو كان الدماغ البشري عبارة عن كومبيوتر " بيولوجي – عصبي " يقوم الوالدان والمجتمع ببرمجته بالتنشئة الاجتماعية عبر تعليم طفلهما وتربيته ، فهل هناك برنامج " مركزي " اساسي لهذا الكومبيوتر الحيوي مجرد من التنشئة الاجتماعية وسابق لها لا يتدخل به الابوين ولا المجتمع ..؟
هل يمكن في يوم من الايام الوقوف على اللغة البرمجية الاساس والبرنامج الاساسي له بمثابة لغة Visual basic او DOS اساسية مشتركة بين عموم البشر ..؟
هل تشابه رتب الملكوت اللونية السبعة له علاقة بهذه " الخلفية المشتركة " ؟
الموضوع يصبح بالغ الصعوبة حين نراجع بواقعية علمية ماهية " البيانات Data" المختزنة كذكريات في الدماغ كي نحلل شيفراتها فعلى غرار لغة الصفر واحد ( 0 ,1) في الحاسوب ، لا توجد بين ايدينا مثل هذه اللغة الاساسية لاننا لا نزال نجهل البنية الاساسية ونمطية التخزين في الدماغ ..
لكن ، يمكننا التعرف على طبيعة الرموز المشتركة بين الالوان الملكوتية السماوية التي تعبر عن نمط معين من انماط " الارشفة " في العقل الاجتماعي الكلي ، بل وحتى العقل الفردي ..
فالروح الفردية حسب الموروث الشرقي العام تشابه " الروح الكونية الكلية " كونها تنقسم إلى سبعة الوان تمثل سبعة مستويات ..
بالتالي ، جهلنا بلغة البرمجة الاساسية ( الاكثر عمقاً ) وعدم توفر الادوات المعرفية اللازمة اليوم لفتح اسرار العقل الانساني الدفينة لا يعني اننا لا يمكننا ان نتوصل قريباً إلى البرمجة ( الاكثر سطحية ) والاقرب إلى واقعنا الادراكي العقلي ..
لغة الالوان السبعة ، وكما سنرى في الموضوع القادم هي نظام " وندوز Windows " اساسي خاص بالعقل البشري الفردي ينبثق عنه نظام " ملكوتي " كنسخة ثقافية مطابقة له في الوعي الجمعي الكلي ..

الموضوع القادم سنحل فيه اشكاليات قديمة اثيرت حول مواضيع سابقة مثل روحانية الثيوصوفيا الفردية ( كهانة المحافل الماسونية الحديثة ) وفرقها عن روحانية الغنوص والعرفان المسيحي الاسلامي وفرق ما عرف بالسحر الابيض والاحمر والاسود وواقعية مدلولاتها الرمزية في الوعي الجمعي القديم لشعوب الشرق الاوسط ، ومن ثم بحث العلاقة بينها جميعاً ضمن نظام الملكوت الكلي وعلاقة عزازيل وملوك الجن بالملائكة الكبار ورمزية سجود هذا الملكوت برمته للإنسان الواعي المفكر ( آدم ) ..



#وليد_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤية في استراتيجية الهيمنة الاميركية و دراسة علاقتها بازمة 2 ...
- افول الامبراطورية الاميركية ، هل من بديل ؟
- ملكوت الله القادم(3)
- البدء كانت الكلمة ..على شفتيك
- الماركسية الانثروبولوجية
- ملكوت الله القادم(2)
- ملكوت الله القادم (1)
- إمرأةٌ .. أمام مرآة !
- الطريق إلى بابل
- السيناريو الروسي لحرب الشرق الاوسط
- سوريا قاعدة للجهاد الاميركي الجديد !
- بابل و واشنطن و حربٌ على ضفة التاريخ
- البحث عن ملكوت الله (3)
- الإلحاد المزيف و المعرفة
- البحث عن ملكوت الله (2)
- البحث عن ملكوت الله (1)
- من يقود الحرب الامبريالية ؟ آل الصباح وشل الانجلوسكسونية اُن ...
- الوعي الثقافي الإنساني من ديكارت إلى ما بعد الماركسية
- الروحانية و العقل Spirituality and Mind
- الانوثة والروحانية Femininity and spirituality


المزيد.....




- إعلان مفاجئ لجمهور محمد عبده .. -حرصًا على سلامته-
- -علينا الانتقال من الكلام إلى الأفعال-.. وزير خارجية السعودي ...
- عباس: واشنطن وحدها القادرة على منع أكبر كارثة في تاريخ الشعب ...
- شاهد.. الفرنسيون يمزقون علم -الناتو- والاتحاد الأوروبي ويدعو ...
- غزة.. مقابر جماعية وسرقة أعضاء بشرية
- زاخاروفا تعلق على منشورات السفيرة الأمريكية حول الكاتب بولغا ...
- مسؤول إسرائيلي: الاستعدادات لعملية رفح مستمرة ولن نتنازل عن ...
- وزير سعودي: هجمات الحوثيين لا تشكل تهديدا لمنتجعات المملكة ع ...
- استطلاع: ترامب يحظى بدعم الناخبين أكثر من بايدن
- نجل ملك البحرين يثير تفاعلا بحديثه عن دراسته في كلية -ساندهي ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد مهدي - مع الله في ملكوته (1)