رشيد غويلب
الحوار المتمدن-العدد: 3659 - 2012 / 3 / 6 - 19:51
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
كثيرة هي الدروس التي علمنا ويعلمنا إياها “الربيع العربي” على الرغم من نهايات بعض فصوله غير السعيدة. وما جرى في اليمن اشر لنا الكثير من المواضع التي تستحق التوقف والتأمل ، رغم إن الفصل اليمني لم ينته بعد ولا يزال مفتوحاًَ على احتمالات كثيرة ولكنه علمنا ان ارادة الشعب اليمني وحدها هي التي أجبرت طاغية مستهتر مثل على عبد الله على النزول من كرسي السلطة ولا يقلل من أهمية الحدث انه جاء في إطار حلول نصفية ولم يأت بالتغيير الجذري الذي ناضل في سبيله الناس في ساحات وشوارع المدن اليمنية.
لقد غادر الدكتاتور وسلم مفاتيح السلطة مجبراً بعد أن فشلت مساعي حماته الخارجيين لإبقائه متربعا على عرش اليمن على الرغم من إرادة اليمنيين
علمتنا تجربة اليمن ايضاً امكانية فرض التحول السلمي وبأدوات سلمية، وان العنف ليس قدرا، وان الطغاة مهما اغرقوا في الوحشية ومهما بنوا من الأسوار والحواجز والقلاع وفرق الموت غير قادرين على مواجهة الشعب اذا احسن الناس تنظيم صفوفهم وتحلو بالصبر واصروا على الاستمرار. ولعل إقالة رموز من القيادات العسكرية الموالية لـ علي عبد الله صالح في أيام الماضية دليل على ذلك.إن درس ثالث اشتركت فيه التجربة اليمنية مع شقيقاتها في بلدان الربيع العربي قال لنا ببساطة لا زعامة دائمة ولا توريث للسلطة وان التغيير قادم لا محالة. ولعل هذه القناعة مغرقة في قدمها ولكن رحيل بن علي ومبارك وألقذافي وأخيرا صالح، أعادها إلى الأذهان وأعطاها قوة المثل ونفخ في جسدها الحيوية والتجدد. إن درس آخر لتجربة اليمن هو تلك القوة التي حطمت حاجز الخوف وجعلت الناس يفكرون بصوت عال ويحولون شعاراتهم ومطالبهم إلى واقع معاش، مغادرين بذلك الصمت الذي رافقهم عقوداً طويلة وكان نتاجاً لعنف الدكتاتورية وبشاعتها.إن تجربة اليمن أكدت ان الديمقراطية ليست بضاعة مستوردة ولا هي من صنع الغرب الكافر وان العرب المسلمين قادرون على اللحاق بركب الشعوب التي تقدمتهم شوطاً كبيراً على جادة بناء مجتمع الديمقراطية وحقوق الانسان.
كان يمكن ان تكون الصورة في تونس ومصر وليبيا يمنية أيضا، لو ان طغاة هذه البلدان جنبوا بلدانهم فضائح العنف والتدخل الخارجي. وقد جاءت تجربة اليمن متأخرة قليلاً بالنسبة لشعوب هذه البلدان، ولكنها درس بليغ لكل الشموليين واعداء الديمقراطية في البلدان العربية وخارجها، وحافز شديد التأثير للشعوب الباحثة عن حريتها وانعتاقها.
#رشيد_غويلب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟