تجاوبا مع جهود السلام ومطالبات اليسار/ -إيتا- تنهي كفاحها المسلح في مقاطعة الباسك الاسبانية

رشيد غويلب

الحوار المتمدن-العدد: 3524 - 2011 / 10 / 23 - 23:06
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

أعلنت منظمة ايتا السرية إنهاء العمليات العسكرية و التخلي عن الكفاح المسلح، جاء ذلك في تسجيل مصور وزعته جريدة "غارا" الاسبانية مساء أمس الخميس تحدث فيه ثلاثة أعضاء ملثمون يمثلون المنظمة، ويأتي إعلان المنظمة عن موقفها الجديد بعد ثلاثة أيام من انتهاء إعمال مؤتمر عالمي للسلام وإصداره نداءا بهذا الخصوص، وقع عليه العديد من الشخصيات العالمية بينهم السكرتير السابق للأمم المتحدة كوفي عنان، و تراهن المنظمة الآن على تطبيق النقاط الأخرى الواردة في النداء. طالب المؤتمر الحكومات في مدريد و باريس بأجراء الحوار مع مجاميع مقاطعة الباسك للوصول إلى سلام دائم، وإشراك السكان في اتخاذ القرارات السياسية.
جيري آدم رئيس حزب شيفن الايرلندي،و احد المساهمين في المؤتمر، دعا في تصريح صحفي له ،الحكومتين الاسبانية و الفرنسية، للترحيب بالنداء و الموافقة على البدء بالمفاوضات " لقد تلقيت بفرح الرد الايجابي لمنظمة ايتا على النداء الصادر عن مؤتمرنا".
مئات الضحايا
تـأسست منظمة ايتا (بلاد الباسك و الحرية) عام 1959 خلال سنوات دكتاتورية فرانكو، وربطت بين النضال ضد الفاشية و النضال من اجل الحقوق القومية للأقليات في اسبانيا، مطالبة باستقلال الباسك في إطار حدودها التأريخية التي تضم مدناً تتوزع عبر الحدود بين اسبانيا و فرنسا. وفق المعطيات الحكومية أدت العمليات العسكرية خلال العقود الماضية إلى مقتل 800 ضحية. ولا توجد أرقام دقيقة عن مدى تأييد سكان الباسك للمطالبة بالاستقلال، فقد منعت المحكمة الدستورية الاسبانية في مدريد المحاولة الوحيدة التي تبناها عام 2008 ، خوان خوسيه رئيس حكومة المقاطعة السابق عن حزب المحافظين القوميين، لإجراء استفتاء شعبي في المقاطعة حول الاستقلال من عدمه.
شهدت السنوات الأخيرة تباعدا بين المنظمة و القوى اليسارية التي كانت تدعم نضالها المسلح، وقد كانت الخطوة الأهم على هذا الطريق التصريح الذي أعلنه ارنالدو اورتيغي زعيم حزب باتاسونا المحظور خلال محاكمته في أيلول الماضي، و قد سبق ذلك إعلان قوى اليسار، بعد مناقشات استمرت شهورا، وثيقة تعهدت فيها من جانب واحد تخليها عن العنف وخوض النضال بالوسائل الديمقراطية، وتضمنت الوثيقة المطالبة بالحوار من اجل السلام، وعلى أثر ذلك أعلنت منظمة ايتا في كانون الثاني الماضي، وقفا غير محدود لإطلاق النار.
إعاقة حل النزاع
في العقود التي أعقبت موت فرانكو، و في سنوات الانتقال إلى الديمقراطية البرلمانية، أعاقت الحكومات المتعاقبة محاولات الحل السياسي وإنهاء العنف. بلغت الحرب ضد حركة التحرير الباسكية ذروتها في عهد حكومة الاجتماعيين الديمقراطيين (الاشتراكية الدولية) بزعامة فيليب غونزاليس التي شكلت فرقا للموت حملت تسمية"مكافحة الإرهاب"، ولكن المهمة الحقيقية لها كانت تصفية الشخصيات القيادية لليسار المتطرف، كما إن وضع مئات السجناء السياسيين من مواطني مقاطعة الباسك، الموزعين على السجون في مختلف السجون الاسبانية، ظل على الدوام مادة للخلاف، بسبب الصعوبات والسفر الشاق و البعيد الذي تتحمله العائلات التي تزور سجنائها، بالإضافة إلى الاتهامات المتكررة التي تطلقها منظمة العفو الدولية و منظمات حقوق الإنسان الأخرى ضد السلطات الاسبانية لممارستها التعذيب ضد السجناء السياسيين، و كذلك قرارات المنع التي تنال المنظمات ووسائل الإعلام في مقاطعة الباسك.
قرار السلام ورد فعل الحكام
أشار قرار منظمة ايتا الداعي لوقف العمليات العسكرية إلى أهمية مؤتمر السلام و احتواء النداء الصادر عنه على عناصر قادرة على حل النزاع بالكامل، و إن القرار يتمتع بتأييد أكثرية سكان المقاطعة و الرأي العام العالمي . إن بلاد الباسك تدخل مرحلة سياسية جديدة، "ونحن نرى في ذلك إمكانية تاريخية للوصول إلى حل عادل و ديمقراطي للنزاع"، و أكدت المنظمة على ضرورة الحوار لتجاوز العنف و الاضطهاد ، وطالبت بالاعتراف بشرعية المنظمة و احترام إرادة سكان المقاطعة، و أكدت المنظمة إن الظروف المتحققة الآن هي حصيلة نضال صعب كلفها حياة العديد من رفاقها إضافة إلى المغيبين في السجون و المنفيين، وان نضال شعب الباسك سيستمر ما دام هناك اضطهاد و تمييز وستستمر المنظمة بأداء قسطها في هذا النضال المشروع، " لهذا قررنا إنهاء كفاحنا المسلح ، وندعو الحكومتين الاسبانية و الفرنسية للمفاوضات المباشرة بهدف إنهاء الصراع و تجاوز العنف"، وفي نهاية الإعلان دعت المنظمة مجتمع الباسك إلى المشاركة في هذه العملية من اجل الوصول إلى السلام و الحرية.
كشفت ردود الأفعال في مدريد و باريس على الإعلان الأخير لايتا، ان الكثير من الساسة الأسبان لا يزالون يرفضون الحوار، فوزير الدفاع الاسباني رفض في حوار تلفزيوني بشكل قاطع الحوار مع المنظمات السرية " لا يوجد شيء نتفاوض عليه مع ايتا"، أما رئيس الحكومة فقد أوضح ان الحكومة ستقرر كيفية التعامل مع المستجدات. الرئيس الفرنسي امتنع هو الآخر عن تحديد موقف و طالب بضرورة " الانتظار و التعامل بحكمة".

#رشيد_غويلب (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات