بعد رفضها وصفات صندوق النقد الدولي ألأرجنتين تفلت من فخ الديون / رشيد غويلب

رشيد غويلب

الحوار المتمدن-العدد: 3584 - 2011 / 12 / 22 - 10:24
المحور: الادارة و الاقتصاد
    

استطاعت الأرجتين قبل عشر سنوات تجاوز إفلاس فعلي، ومع استلام الرئيس نيستور كيرشنر في مايس 2003 بدأت أوضاع البلاد تستقر، وتحقق نمو يحمل أبعاداً صينية.
تبدو رئيسة الأرجنتين كريستينا كيرشنر على عجالة من أمرها، فبعد أن أدت في العاشر من الشهر الحالي اليمين الدستوري لفترة رئاسية ثانية، على اثر حصولها على 54% من أصوات الناخبين و تحقيق حزبها الأكثرية في مجلسي الكونغرس. وجهت كيرشنر الدعوة لعقد جلسة للكونغرس الذي عليه إقرار حزمة من القوانين التي تمت مناقشتها، فضلا عن إقرار ميزانية عام 2012 . البند الثالث في الموازنة يتضمن المبالغ المخصصة لتسديد الديون و الفوائد المترتبة عليها للعام القادم و البالغة 14 مليار دولار، منها 8 مليارات تدفعها الخزينة وستحصل الحكومة على 5.6 مليار دولار من احتياطي البنك المركزي.
وفق معطيات وزارة الاقتصاد كانت ديون الأرجتين العامة تبلغ في آذار من العام الماضي 174 مليار دولار، أي ما يمثل 46% من الناتج الإجمالي المحلي، ولكن يبدو إن الأرجنتين أثبتت قدرة في التعامل مع ديونها.
كانت صورة البلاد في كانون الأول عام 2001 مختلفة بالمرة، إذ سجلت الموازنة العامة للدولة عجزا بالمليارات، واجتاحت البلاد احتجاجات واسعة، ونهب المحلات التجارية كان شائعا، وقبل أعياد الميلاد من نفس العام جرى طرد الرئيس فرناندو دي لا روا من منصبه. وقتل ما لا يقل عن 39 شخصا في أعمال شغب عمت البلاد، و انكمش الاقتصاد بمقدار 11%، ووصل الانكماش في بعض القطاعات، كقطاع البناء إلى 40%، و في قطاع التجارة و البنوك 25% ،و عاش نصف السكان تقريبا تحت مستوى الفقر في بلد يبلغ عدد سكانه 40 مليون نسمة 20% منهم عاطلون عن العمل، و لجأ ستة ملايين إلى اقتصاد المبادلة العينية للدفاع عن أنفسهم.
في كانون الثاني 2002 ، أعلن الرئيس المعين حديثا ، ادواردو دوهالدى، عجز الأرجنتين عن التسديد، و إيقاف خدمة الديون، وفصل البيزو عن الدولار. تدهورت قيمة البيزو بالنسبة للدولار، فمن سعر الصرف الاصطناعي المثبت رسميا و البالغ بيزو لكل دولار في عهد الرئيس منعم، هبطت قيمة البيزو لتصل الى 4 :1 ولتستقر بعدها على 3 :1، و في غضون أسابيع فقد البيزو 70% من قيمته، فمما أفاد القدرة التنافسية للصناعة الأرجنتينية.
لقد أنهت الأرجنتين علاقتها بصندوق النقد الدولي، فهل لهذا السبب استعادت الأرجنتين بسرعة عافيتها؟ " نعم هذا هو أحد الأسباب الأساسية" يجيب روبرتو لافاجنا الذي كان بدأ من نيسان عام 2002 وزيرا للاقتصاد ومسؤولا عن إدارة ملف الديون، لقد كان صندوق النقد الدولي و برنامجه للتكيف الهيكلي منظمة تحمي فقط مصالح القطاع المالي،و بهذا الصدد يقول " كل ما اقترحه الصندوق علينا في عام 1999 يعيده اليوم في اليونان". منطق برامج صندوق النقد الدولي هو اليوم كما كانت بالأمس مبنية على تحقيق فائض بالميزانية من خلال اعتماد الخصخصة و بيع الممتلكات العامة، و خفض الرواتب التقاعدية و الأجور و رفع الضرائب، وتقليص الخدمات الاجتماعية و تقليص حقوق العاملين.
في مايس عام 2002 اعلم لافاجنا الرئيس السابق لصندوق النقد الدولي آنذاك هورست كولر بعدم رغبة الأرجنتين في الحصول على الأموال من الصندوق مستقبلا، " توجب علي أعادة الجملة ثلاثة مرات، و اعتقدت في البداية إن هناك مشكلة في الترجمة، ولكن كولر لم يستوعب عدم طلبنا المساعدة مستقبلا"
إلغاء سعر الصرف الثابت لم يحقق النجاح بمفرده، " انه القرار السياسي فيما إذا كان البيزو يخرج من خزينة الدولة ليتدفق في النهاية في جيوب المستهلكين المحليين أم في جيوب الدائنين". في عام 2002 اعتمدت سياسة تقوم على دعم الإنتاج و العمل و احتواء التضخم وبعد آن تحركت العملية تم تخفيف العبء على الميزانية بواسطة واردات الضرائب الجديدة، و تخفيض الإنفاق على برامج الطوارئ الاجتماعية. ويشير لافاجنا إلى " لقد حققت الأرجنتين في وقت قياسي فائضاً في الميزانية". إعادة جدولة الديون في عام 2005 سببت استرخاء آخر للميزانية، وقدم الرئيس السابق نستور كيرشنر للدائنين من القطاع الخاص عرضا يقضي بتنازل المستثمرين عن 75% من مطالباتهم، أي ما يعادل 100 مليار دولار من مجموع الديون، و الذي لم يوافق في حينها على العرض لم يستلم إلى اليوم سنتا واحدا. لقد انخفض الدين العام إلى 129 مليار تقريبا، وبلغت حصته من الناتج الإجمالي المحلي 70%، و منذ عام 2003 يحقق البلد نموا قدره 7%، باستثناء عام الأزمة 2009.
للسير في الطريق الخاص ثمنه، و لقد كان النبذ من قبل الأسواق المالية العالمية، هو الثمن الذي دفعته الأرجنتين منذ إعلانها الإفلاس، باستثناء فنزويلا التي قدمت لوقت طويل قروضاً بالدولار مقابل فائدة مجزية قدرها 15%.
في العام الحالي 2011 بلغت نسبة الديون بالعملة المحلية 38%، ولم يبق سوى نصف الديون تقريبا بالدولار، و 12% باليورو، و 2% بالعملات الأخرى. في حين تسبب الديون بالعملة المحلية للحكومة قليلا من الصداع، تبدو الصورة مختلفة فيما يتعلق بتهيئة المبالغ المطلوبة بالدولار. تبلغ رؤوس الأموال المهربة من الأرجنتين منذ عام 2006 وفق لافاجنا 60 مليار دولار.
من أجل الحصول على مزيد من السيولة، فإن الحكومة مستمرة بالتقشف، وستخفض في العام المقبل الدعم الحكومي لاستهلاك الخاص للمياه والغاز والكهرباء بالنسبة لأصحاب الدخول العليا والمتوسطة.

#رشيد_غويلب (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات