قمة العشرين تجبر اليونان على إلغاء الاستفتاء و المعارضة تطالب بانتخابات مبكرة

رشيد غويلب

الحوار المتمدن-العدد: 3537 - 2011 / 11 / 5 - 06:48
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    

أعلن رئيس وزراء اليونان التراجع عن قراره القاضي بطرح، ما يسمى ببرنامج إنقاذ اليونان، للاستفتاء العام، جاء ذلك بعد مفاوضات سادتها الفوضى مع حزب الديمقراطية الجديدة اليميني المعارض، انتهت بإمكانية الاتفاق على تشكيل حكومة انتقالية يتنازل فيها باباندريو عن منصب رئيس الوزراء، بعد أن كان الأخير يرفضها في السابق وبهذا يفتح الطريق ثانية لتلقي اليونان 8 مليارات يورو، كدفعة أولى من 110 مليارات يورو اقرها الاتفاق الأخير في بروكسل، بعد أن جمدت ألمانيا و فرنسا دفعها، على اثر إعلان رئيس الوزراء اليوناني عزمه على إخضاع الصفقة لاستفتاء عام، ويبدو إن التهديد القادم من مدينة كان، حيث تعقد قمة العشرين قد حقق أهدافه، إذ لم يكتف الرئيس الفرنسي بتجميد الدفع بل هدد بطرد اليونان من منطقة اليورو، إذا أصرت الأخيرة على إجراء الاستفتاء.

المعارضة اليمينية أعلنت عن إمكانية التصويت في البرلمان لصالح " برنامج إنقاذ اليونان" المشروط بإخضاع سيادة اليونان لرقابة المراكز المالية العالمية وإلزامه بتنفيذ حزمة تقشف جديدة أكثر تدميرا من سابقاتها، وبهذا يمكن العدول عن إجراء الاستفتاء، وعلى اثر ذلك بدأت التحركات للبحث عن بديل لبابا ندريو، وكما تشير وكالات الإنباء فان مجموعة من نواب حزب باسوك الحاكم تعمل على حث رئيس الوزراء للتنازل عن منصبه، و البديل المتوقع له هو لوكاس باباديموس النائب السابق لرئيس البنك المركزي الأوربي، وإذا ما تحقق هذا السيناريو فانه سينهي الخلافات و الرعب الذي عم الأسواق المالية و مراكز القرار السياسي الأوربية جراء إطلاق فكرة إجراء الاستفتاء.
يذكر إن أحزاب المعارضة اليونانية كانت قد رفضت فكرة إجراء الاستفتاء كل من موقعه الفكري و تطلعاته المستقبلية، فحزب الديمقراطية الجديدة المحافظ اعتبر، على لسان متحدثه للشؤون الاقتصادية، الاستفتاء " استمرارا لخداع الشعب" و أضاف " لم يتردد باباندريو عن تعريض بلدنا للمخاطر بغية الحفاظ على دوره السياسي و مصالحه الشخصية" وان " البديل هو الإجراء الفوري لانتخابات مبكرة". رئيس كتلة حزب تحالف اليسار البرلمانية وصف قرار إجراء الاستفتاء" بالمقامرة الخطيرة، التي ستسيء لسمعة الديمقراطية". بالنسبة للحزب الشيوعي اليوناني كان القرار " خلق آلية لابتزاز الشعب يهدف إلى إخضاع الطبقة العاملة و فئات الشعب الأخرى لتحمل أعباء الأزمة و لتمرير اتفاقية جديدة"، بالإضافة إلى ذلك طالب الحزبان اليساريان بأجراء انتخابات مبكرة بدل من الاستفتاء.

قوى اليسار في بلدان الاتحاد الأوربي و رغم ترحيبها بتوجه الحكومة اليونانية لاستفتاء الشعب بعد ألإصرار لأكثر من عام على سياستها السابقة الخاطئة في التعامل مع أزمة الديون، إلا أن هذه القوى حذرت من تكون هذه الخطوة تكتيكية تهدف إلى الضغط على اليمين المعارض لغرض تمرير الصفقة و تجاوز مطالبات قوى اليسار و الحركة الاحتجاجية الواسعة المستمرة في البلاد، و هذا ما تأكد بعد يومين فقط من إعلان زوبعة الاستفتاء، إذ تراجع رئيس الوزراء اليوناني عن الفكرة فور تلقيه الضوء الأخضر من اليمين المحافظ، ووصفت قوى اليسار ألأوربية الرفض الغاضب لأسواق المالية و حكومات بلدان المركز الأوربي بالمنافي لجوهر الديمقراطية، وطرحت بعض قيادات اليسار الأوربي حاجة اليونان الآنية لخطة مارشال جديدة لإعادة بناء اليونان، معيدة للأذهان رؤية اليسار لحل بناء و ناجح للأزمة المالية من خلال: تحرير الميزانيات العامة من اعتمادها على الأسواق المالية، و إتاحة الإمكانية لحصول البلدان على قروض ميسرة من البنك الأوربي المركزي مباشرة دون إملاء لإجراءات تقشف قاسية. إلغاء قسم من مديونية البلدان المتضررة و فرض ضريبة المليونير، و إخضاع قطاع البنوك للقانون العام و إعادة تنظيمها بشكل صارم.

من الجدير بالذكر إن اليونان اضطرت، تحت ضغط الاتحاد الأوربي على الموافقة منذ عام 2010، على أربعة برامج للتقشف تضمنت رفع معدلات الضرائب و خفض الرواتب التقاعدية و تقليص الخدمات الاجتماعية وتسريح الجماعي للعاملين في القطاع العام ، فضلا عن فقدان السيادة على السياسة المالية، وفي استطلاع للرأي عبر 13% فقط عن تأييدهم لصفقة بروكسل الأخيرة.

#رشيد_غويلب (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات