أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ميشيل نجيب - العامرية وغياب القانون














المزيد.....

العامرية وغياب القانون


ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)


الحوار المتمدن-العدد: 3652 - 2012 / 2 / 28 - 12:20
المحور: حقوق الانسان
    


عمليات النفى والتهجير للأقباط فى مصر كانت معروفة على المستوى المحلى فى محافظات الصعيد، وكانت أجهزة الأمن والشرطة المصرية ترعى تلك الجرائم تحت مسمى "جلسات الصلح العرفية" التى كانت تتم فى صمت بعيداً عن أعين أجهزة الإعلام، لذلك لم تكن تلك الأحداث معلنة بل دائماً تتم فى الخفاء حفاظاً على الوحدة الوطنية، لكن الحال تغير بعد الثورة وقد تحرر أبناء الشعب المصرى من قيود النظام البوليسى للرئيس السابق مبارك، وبدأت الأسوار التى تحجب الحقائق تنهار وتنكشف الكثير من العورات ليس فقط فى النظام الحاكم أو السياسيين بل فى تركيبة الكثير من أبناء المجتمع المصرى الصامتين الغارقين فى مستنقع اللامبالاة لسنوات طويلة.

من الواضح أن العقلية المصرية بعد مرور أكثر من عام على الثورة لم تتغير، فى غفلة من الزمان تحدث الكثير من المآسى بين شعب مصر دون الوقوف أمامها بجدية، لأن هناك عبثية فى التفكير والكثير من المحاولات الأبتزازية التى تساوم بأسم الأديان، لدرجة أن أصبح القانون أعرج وإله السماء لا يحب إلا البلطجية الذين يدمرون ويحرقون بيوت المسيحيين والمختلفين معهم فى الديانة، مما يعنى أن الضمير الإنسانى المجتمعى فى مصر أصبح مقعداً يجلس على كرسى متحرك.

حادثة أو أزمة العامرية بالأسكندرية والتى نتج عنها طرد أو نفى أو تهجير ... ضع لها التسمية كما تشاء صديقى القارئ، تم طرد ثمانى عائلات من المسيحيين، والسبب كما قيل بسبب إشاعة أنتشرت فى القرية عن شاب مسيحى ألتقط صور لفتاة مسلمة على تليفونه المحمول، أو فى أسوأ الأحوال أن هذا الشاب قد أرتكب فعل خاطئ مع هذه الفتاة، وما أن تخرج شائعة مثل هذه حتى تنطلق كالصاروخ، ويتصدى لها شيوخ المساجد ورجال القرية بالتحريض الصريح ضد الكفار والثأر منهم وعقد الجلسات العرفية التى تطالب بطرد المسيحيين وبيع ممتلكاتهم بحجة أن السلطات الأمنية لا تضمن سلامتهم، وهذا ما حدث فى بادئ الأمر بطبيعة الحال.

لا يتساءل أحد عن الأسباب الحقيقية التى تجعل مثل هذه الأحداث سهلة الوقوع خاصة أن من يقوم بها هم مصريين مؤمنين بربهم وبدينهم وبرسولهم، يعنى ناس مؤمنين بالله الذى يعرفون جيداً أن تعاليمه السماوية ترفض بشدة ما قاموا به من أعمال تدمير وحرق وهدم لبيوت المسيحيين وممتلكاتهم الأخرى، لأنها أعمال عنف ضد المنطق والعقل والضمير وضد كل الشرائع الدينية والإنسانية، ومع كل هذا تتكرر تلك الأعمال والحوادث والجميع يعرف أن الشرارة الأولى تنطلق دائماً من المسجد حيث تحريض الشيوخ الأصوليون ثم يتبعها خروج المصلين فى أفواج هائجة صوب الكنائس وبيوت المسيحيين.

لم أكتب فى هذا الموضوع حتى الآن لأنى كنت منتظراً مشاهدة الساحة المصرية وما سيتمخض عنها من ردود فعل المصريين المسلمين لأنهم غالبية المجتمع ويتوقف عليهم التغيير والإصلاح الحقيقى فى المجتمع المصرى، ردود الأفعال للأسف لم تكن على مستوى الحدث الذى يكرس للعنصرية والفتنة الطائفية بين أبناء الوطن الواحد بأسم الدين، لكن بعد إرتفاع أصوات جماعات حقوق الإنسان تم رضوخ مجلس الشعب وقام بتشكيل لجنة ذهبت للتحقيق فى هذه الأزمة وتم تصحيح الأخطاء السابقة التى تمت فى جلسة الصلح العرفية وتوصلوا إلى إرجاع العائلات التى تم طردها وأتهموا الإعلام بأنه قام بإثارة الرأى العام وهكذا تم إحتواء الأزمة الطائفية.
كل ذلك رائع وجميل لكن أزمة طائفية بهذا الحجم كانت تنتظر العلاج والتحرك السريع من المثقفين ورجال الدين قادة روحيين وسياسيين يتصدون لما حدث بالإدانة السريعة والمطالبة الفورية بتطبيق القانون على الجميع وتقديم المتهمين إلى المحاكمة، لأن هذا هو الطريق الوحيد المعروف إلهياً وإنسانياً، لأن مجتمع الثورة الجديد يحتاج إلى سلوكيات ومبادئ يلتزم بها الجميع لتحقيق العدل وسيادة القانون على الشعب المصرى، فما حدث هو إختلال كبير فى منظومة القيم الدينية والإنسانية تحتاج رجال على كفاءة يتصدون لعلاجها حتى لا تصبح مرضاً مزمناً.

كانت خيبة أمل كبيرة لكل إنسان يحب وطنه مصر أن يرى رجال القانون والأمن فى المجتمع المصرى هم الذين يرعون جلسات الصلح العرفية، فى إعلان حقيقى عن موت دولة الأمن والقانون وسيطرة العقلية البدوية على أحوال مصر الثورة، أما سيادة القانون وتقديم المجرمين والمسئولين الحقيقيين عن تلك الفتن للمحاكمة فلا وجود له فى ظل تحويل مؤسسات الدولة إلى قبيلة صحراوية، وهنا قمة الكارثة التى أصابت مجتمعنا المصرى الجديد.
مقالى هذا أكتبه ليستيقظ الجميع ليتركوا المشاعر الدينية السلبية التى تمثل التربة الخصبة لأعمال العنف والفتن والتناحر بين أتباع الأديان المختلفين فى الديانة، وأدعوهم إلى التوحد فى حب مصر وحب بعضهم البعض والبعد عن كل ما يدعوهم إلى التفرقة مهما كانت المسميات، لأن مصر منهارة إقتصادياً ويجب العمل على وضعها على الطريق الصحيح، لكن لا يجب أن نترك مصر تنهار أخلاقياً وقانونياً لأن كل القوانين والشرائع الإنسانية والإلهية تريد الخير وترفض الشر، وعلى الجميع أن يتحدوا تحت أسم مصر يداً واحدة تبنى مستقبلها ومستقبل الجيل الجديد ليتمتع بالحرية والأمن والسلام.
الآن يحتاج المجتمع المصرى لليقظة الحقيقية للتخلص من الجمود الفكرى النتاج الفاشل للنظام السابق، الذى أستغل الأديان لتخدير الشععب وعلينا أن نتذكر جيداً أن "الدين أفيون الشعوب".



#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)       Michael_Nagib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خواطر فى ذكرى 25 يناير
- سنة أولى ديموقراطية
- مصر الجديدة بنت القديمة
- الإجرام الرسمى فى حق المرأة
- عيد ميلاد الحوار المتمدن
- الأنتخابات الدينية فى مصر
- غيبوبة صاحب القرار
- القمع الدموى للشعوب
- عورة الرجل وعورة المرأة
- النظام العسكرى المصرى
- الإعلام والقانون فى مصر
- مصرع الطغاة
- ماسبيرو وأسوان أين مصر
- شكراً ستيف جوبز
- فوز إسرائيل على مصر تسعة صفر
- الفرعون الحبيس
- سقوط المليونية فى مصيدة الدينية
- موسيقى الثورة الصاخبة
- النرويج وأيديولوجية الإرهاب
- الشياطين بين الجنة والسلطان


المزيد.....




- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...
- تعذيب وتسليم.. رايتس ووتش: تصاعد القمع ضد السوريين بلبنان
- كنعاني: الراي العام العالمي عازم على وقف جرائم الحرب في غزة ...
- كيف تستعد إسرائيل لاحتمال إصدار مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو؟ ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بش ...
- الأمم المتحدة: الطريق البري لإيصال المساعدات لغزة ضرورة
- الداخلية التركية تعلن اعتقال 23 مشتبها بانتمائهم لـ-داعش- بع ...
- تقرير كولونا... هل تستعيد الأونروا ثقة الجهات المانحة؟
- قطر تؤكد اهتمامها بمبادرة استخدام حق الفيتو لأهميتها في تجسي ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ميشيل نجيب - العامرية وغياب القانون