أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خديجة آيت عمي - فضيلة














المزيد.....

فضيلة


خديجة آيت عمي
(Khadija Ait Ammi)


الحوار المتمدن-العدد: 3632 - 2012 / 2 / 8 - 02:16
المحور: الادب والفن
    


ثم أخذَت تبكي أكثر فأكثر كلما تعمّقت المحلّلة النفسانية في الموضوع .
لم أفهم شيئا في البداية ، إذ أن مواضيع في غاية الحساسية تصفعني بين الحينة و الأخرى و مع ذلك فإن ضرورة العمل تحتّم علي الإستمرار دون التوقف عند إشارات المرور .
كان انطباعي غريبا في بداية الأمر إذ لأول مرة أزور المكان ،قد يكون ذلك راجع لتأخري عن الموعد ، حيث يحدث أن تُغلق إحدى محطات الأندركراود Underground نديرعرووند للترميمات والإصلاحات لتتركك تائها بين محطات أخرى أيّهم الأنسب و الأقرب لمكان الزيارة ، ممّا حثّني على الهرولة دون استمتاع بشئ . إذ تقلّ الحركة نوعا ما في كودج ستريت Goodge Street بعد أن يكون قد التحق بالعمل أغلب الموظفين و العاملين بالقطاع العام و أصحاب الشركات و العاملين لحسابهم الخاص و لا تعد ترى سوى أصحاب التاكسي السوداء أو سائقي الدراجات الهوائية والنارية منطلقين من شركة لأخرى لاستلام و تسليم الرسائل و الطرود و الشرائط و الكتب و الأقراص و الأدوية إلخ ...، إذ يُعدّ هذا النوع من المواصلات أضمنها و أسرعها في مدينة هائلة كهذه .
تعرفت على المكان .. دخلت إليه ، ركبت المصعد ثم وجدت نفسي جالسة إلى جانب امرأة ترتدي السّواد . لم يبدُ على المرأة شئ و تعجبت من نفسي كيف توجهت إلى مكان هوليس بحاجة إليّ .انتظرت قليلا ، جاءت الدكتورة فعرّفتها بنفسي بعد أن نطقت إسمي رغم عدم معرفتي سابقا .
لم تكن تعرف السيدة فضيلة من أين تبدأ قصتها لكنها ردّدت أنها إمرأة محطّمة لم تعد رغبتها في الحياة تزيد عن فكرة إنهائها كما تناهى إليها بالأمس.
كنت لم أستسغ الأمر جيدا بعد ، إذ أن المكان مخصّص لأشياء في غاية التعقيد و أن ما وصلني لحد تلك اللحظة لم يعدو أن يكون سوى " كليشيه " مُمِلّ قديم.
"كان موعد البارحة محطّما لي و أتساءل إلى أين المصير في حالة رفضهم منحي الإقامة "،همهمتْ " و هل زوجك على علم بكل هذا ؟" أردفت الطبيبة .
" لا ، ذهب و لم يعد منذ أن علم بالأمر ، منذ أكثر من شهر ، خدعْته كما قال ".
" و لكن هل من الممكن مصارحته ، إذ كان دائما إلى جانبك " قالت الطبيبة .
آنذاك فقط تهاطلت دموع فضيلة بغزارة ، فتحت حقيبتها بحثا عن المزيد من الكلينكس ، إذ أصبح الأمر عندها لا يطاق .
كانت تشهق من الإختناق فحاولت الدكتورة تهدئتها و فكرت في أن تأتي بالمزيد من الورق من خارج العيادة .
"نعم كان دائما يحاول مساعدتي " مضيفة وعن مشكلة الإقامة صرّحت فضيلة للدكتورة أن ذلك أيضا لا يعرف عنه شيئا .
كانت يدا فضيلة المكتنزتين تتحركان وتمعسان يد الحقيبة وكأنها تستعدّ للتّصبين .
"تصوري ، بعدما غادرتُ عيادة المحامي البارحة كنت محطمة،اتصلتُ بصديقة كنت أسكن بقربها توسلت إليها أن أراها ولو لدقيقة واحدة و لو على باب منزلها لكنها رفضت متحجّجة بالمرض ، تصوري لا أحد يريد مصادقتك إن كانت لديك مشاكل، والآن أجد نفسي وحيدة ،لا أملك أحدا في هذا العالم !!"
"رفضتُ بشدة رؤية أمه لدى زيارتها وكلما سألني أسئلة عن حياتي أشعروكأني أرغب في إلقائه من النافذة ، والآن يرغب المحامي في أخذ تفاصيل عن الزوج الذي لا أملك أيّ إثبات على أنه زوجي ، ربّما أعادوا زوجي ، أقصد زوجي الأول إلى البلد ودوائر الهجرة على علم بزواجنا وأنا مرتعبة من أن أعرف نفس المصير ،آنذاك سيذبحني إخواني الذكور وتلقي عائلتي بجثتي إلى الكلاب وووو..."
ازداد شعور الطبيبة بالحرج رغم تمرسها في هذا الإختصاص ورغم انشغالها في قضايا كثيرة كهذه ، فألحّت قائلة :"ماذا تخسرين لو قلت له الحقيقة كلها خصوصا وقد أُسيئت معاملتك من قبل عائلتك منذ طفولتك؟!"
"هه ،كان سيحتقرني وكان سيتخلّى عنيّ ،إنني لا أثق في أحد، لا أثق في أحد ،إحتقرني حين اكتشف بأنني لا أزال متزوجة من الزوج الأول وهو بدوره (الزوج الأول) سيقتلني حالما وصولي إلى البلد إن حدث وطُردت من هنا ، فأناغير مطلّقة ،لا أدري لماذا عملت بنصيحة أخت حين عرضت علي فكرة الزواج عوض المكوث في الحالة التي كنت عليها " قالت منتحبة .
ثم غادرت فضيلة العيادة متصبّبة من العرق في مئزرها الأسود الفضفاض الذي يلفها من رأسها إلى أخمص قدمها بما فيه ذقنها زاحفة وهي تختفي عن الأنظار.



#خديجة_آيت_عمي (هاشتاغ)       Khadija_Ait_Ammi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيفالدي ، أو القسّيس الأحمر
- الثلج
- العدالة و التنمية
- التزوير القديم للدستور الجديد
- المغرب ما بين بلطجة البلطجية و بلطجة الدستور
- الكانتور
- الوزير
- ردا على رسالة السيد محمد الفيزازي
- المغرب بين الشرق المؤمن و الغرب الكافر(2 )
- المقبرة
- المغرب بين الشرق المؤمن و الغرب الكافر
- النيرفانا
- اغتيال نبارك أو لعربي
- العودة
- الطبيعة
- الإنتخابات بالمغرب
- الفردانية و النظام الإقتصادي في المغرب
- الفصول الأربعة ل -فيفالدي-
- باباكار
- درس في الأخلاق


المزيد.....




- صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
- كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير
- أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خديجة آيت عمي - فضيلة