أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خديجة آيت عمي - المقبرة














المزيد.....

المقبرة


خديجة آيت عمي
(Khadija Ait Ammi)


الحوار المتمدن-العدد: 3621 - 2012 / 1 / 28 - 12:17
المحور: الادب والفن
    


عزمت رغم الإرهاق الشديد الذي أعاني منه منذ أيام أن أحضر إلى جلسة المحكمة ،إذ أن قضية كهذه لا يُستهان بها و يُبدي القانون صرامة تجاه هذا النوع من المخالفات.
قررت المشي رغم تحامل الأمطار ، إذ تمتاز النزهات الصباحية بطعم خاص ، قلما تحقق مثيله عند الظهيرة و لا أدري سببا لذلك .
كانت القطط و الكلاب تنطّ من على مظلتي السوداء ، إذ ظهرت على أشكال مختلفة لتعطي معنى خاص لحديقتي المتنقلة.والواقع أنني كنت البارحة في أمسّ الحاجة إلي التفكير العميق حيث تمنحني النزهة علاقة أقوى بالأمكنة و الأزمنة و البشر .
كنت أمشي تحت المطر الغزير إلى أن شعرت بماء دافئ يتسرّب إلى حذائي ، لقد وصل الماء جواربي أيضا ، إلا أنني هممت بالإستمرار ، ثم تذكرت أهل الجبال الذين يعيشون تحت ظروف مناخية متطرفة ،و مع ذلك فهم يعيشونها ولا يشتكون .
الأجدر بي أن أصمت لأمنح المطر فرصة الحديث . مشيت دون انتباه لشعري الذي وصلته حمىّ البلل بدوره . أثناءها عزمت على أن أختصر الطريق و أن أقطع كنيسة القديس " سانت جورج " من الوسط .
كانت الكنيسة أنيقة كما هي العادة ، إذ سبق لي منذ زمن بعيد أن حضرت كونشرتو للموسيقى الكلاسيكية أثناء الظهيرة مخصص ليستمتع موظفو المنطقة و أهلها باستراحة الغذاء منتعشين بحركات و أنغام الموسيقى .
لم يكن لدي الوقت الكافي للإستمتاع بمرئى الكنيسة و سررت أن أقطع زمنا متأملة في المقبرة الجميلة الصغيرة التابعة لها ، إذ ناذرا ما يمرّ أحد بها اللهم الراغبون في زيارة أحد الأقارب .
توقفت قليلا ، خفّت الأمطار فأغلقت المظلة لكي أخلد في سكون المكان ،اغتبطت إذ تذكرت مقبرة مونبارناس الكبيرة التي ليست سوى معبدا للإنسان .
توقفت و حاولت أن أقرأ شاهد القبور ، إذ تعود بعض التواريخ إلى 1720 م.لم أتمكن من قراءة كل شئ بسبب فعل الطبيعة من رطوبة و مياه ، فالزمن كفيل بأن يكسر أقوى الصخور و أصلبها .
توجهت تجاه الجهة الغربية للمقبرة ، إذ لم أزر المقابر منذ زمن مما جعلني غير قادرة على الإنصراف دون الإستمتاع باللحظة الزائلة أملا في لمس شئ من الخلود و الراحة .
كانت بعض القبور نَظِرة ، بشواهد ملمّعة كأن أصحابها استأنسوا الجمال و النظافة و ارتفعت قبورأخرى بزهور خجولة تظهر هنا و هناك . نظرت إلى الأرضية لأرى "سكاّتة" رضيع بيضاء نظيفة لا شك أنه قد زار بدوره المكان.
كان لا بد لي أن أختطف نفسي من هذه الرحلة العميقة ، إذ أن موعد المحكمة على اقتراب و ليست لي النيّة في إضافة مشكل آخرسوى الإسراع إذ أن المحكمة لا تتساهل مع متجنّبي الضرائب بما فيها ضريبة السّكن التي كنت بصددها البارحة . فعقوبة متجنّبي الضرائب صارمة قد تودي بصاحبها إلى السجن و لو كان رئيسا للوزراء.



#خديجة_آيت_عمي (هاشتاغ)       Khadija_Ait_Ammi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المغرب بين الشرق المؤمن و الغرب الكافر
- النيرفانا
- اغتيال نبارك أو لعربي
- العودة
- الطبيعة
- الإنتخابات بالمغرب
- الفردانية و النظام الإقتصادي في المغرب
- الفصول الأربعة ل -فيفالدي-
- باباكار
- درس في الأخلاق
- موافقة وزيرة المغرب على البيدوفيليا
- لندن
- السنة الأمازيغية الجديدة
- النكاح مقابل الغذاء
- مذكرات مدينة
- المطعم
- العورة غايشا
- الحياة
- العرب بين الجنس والسياسة
- الجرس


المزيد.....




- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
- جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي ...
- أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس ...
- -جيهان-.. رواية جديدة للكاتب عزام توفيق أبو السعود
- ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟
- روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة
- تجربة الشاعر الراحل عقيل علي على طاولة إتحاد أدباء ذي قار
- عزف الموسيقى في سن متأخرة يعزز صحة الدماغ
- درويش والشعر العربي ما بعد الرحيل
- -غزة صوت الحياة والموت-.. وثيقة سينمائية من قلب الكارثة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خديجة آيت عمي - المقبرة