أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - حماقات السلمون أو حينما يعانق الشعر ابتهاجه














المزيد.....

حماقات السلمون أو حينما يعانق الشعر ابتهاجه


مصطفى لغتيري

الحوار المتمدن-العدد: 3631 - 2012 / 2 / 7 - 18:48
المحور: الادب والفن
    


حماقات السلمون أو حينما يعانق الشعر ابتهاجه
هناك خصيصة مهيمنة على الشعر المغربي خصوصا و العربي عموما ، و تتمثل في طغيان الحزن على الشعراء ، فينتجون قصائد تضج بأجواء الشكوى و الأنين ، و لعل ذلك راجع - في رأيي - إلى سببين رئيسين، أولهما النزعة الرومانسية التي طغت على الشعر العربي في فترة من فترات تطوره ، و لا يزال تأثيرها ساريا إلى اليوم ، و ثانيهما الأوضاع الاجتماعية الصعبة التي يحيا في أتونها الشعراء و المواطنون عموما، إذا سلمنا بأن الشاعر ضمير أمته و المعبر عن همومها و أحلامها و طموحاتها ، و نلاحظ أن قلة قليلة من الشعراء استطاعت التخلص من هذه الأجواء الكئيبة التي تخنق القصائد ، خاصة أولئك الذين انتهجوا "الخلق" بدل "التعبير " في اجتراحهم للقصائد ، محفزين في ذلك باقتناع واع أو غير واع ، مفاده أن لا فائدة ترتجى من الحزن و الشكوى ، بل على الشاعر أن يواجه قسوة العالم بالفرح و الضحك و السخرية ، التي قد تكون سوداء في كثير من الأحيان ، بهذا النهج يرد الشاعر الصاع صاعين لهذا العالم المتخاصم مع ذاته و إنسانيته و قيمه المثلى.
و أنا أجدد الصلة بديوان " حماقات السلمون" للشاعرين محمد بلمو و عبد العاطي جميل، استوقفتني تلك النبرة الساخرة ، المتمرغة في ضحكها و فرحها ، التي تخترق القصائد ، رغم حفرها عميقا في تربة الالتزام بمعناه الاجتماعي و السياسي و الإنساني ، ففي هذا الديوان المشترك نلمس انشغالا قويا بالهموم الوجودية العميقة ، و الانشغالات الوطنية و القومية ، التي لا تخفى على القارئ ،و الاهتمامات الإنسانية الجلية ، و مع ذلك اختار الشاعران أن يدبجا قصائديهما بماء الفرح و الضحك ، و قد انتهجا ذلك ليعمقا أجواء السخرية و المفارقة الطافحتين من قولهما الشعري الجميل ، و لا أدري كيف وجدت نفسي أقارن بين الديوان و صاحبيه ، خاصة و أنني أعرف أن هذين الشاعرين كائنان جميلا الرفقة و المعشر ، فكلما يلتقي المرء جميلا أو بلمو ، يلمح الابتسامة تستلقي على شفاههما ، و فرحة الكائن الإنساني تتربع على قسماتهما ، و قد تأكد لي هذا التشابه بين الديوان و صاحيبيه ، حين وجدت أن كلا الشاعرين احتفيا بالفرح ، كل بطريقته ، ليعزفا في آخر المطاف سمفونية تنضح فرحا و ابتهاجا ، يقول الشاعر محمد بلمو في قصيدته " بلا معنى " :
حد الانفجار
أضحك
ثمة دائما
عيون على الزناد
و أصابع تشتعل
و يرد عليه الشاعر عبدالعاطي جميل في قصيدته " بيان الغواية" :
اضحك حتى تنفجر
و في مكان آخر من نفس القصيدة يقول جميل:
اضحك
لكم تبدو قاسيا
حين تلغي بسمتك
كيما تخترق مدادي
و تهيج قافيتي
و لا ينبعث هذا الضحك قويا، و يلقي بسمته الجميل على كل ما يحيط به ،هادئا ، عفو الخاطر ، جميلا إلى حدود الغواية ، دون أن يسنده إحساس قوي بالفرح ، ذلك الذي يتجذر في أعماق النفس البشرية ، يقول جميل في قصيدة "وجود":
أيا سليلة الريف
سودي
هشمي كل القيود..
فلاؤك جذلى.
هذا الجذل السادر في إنسانيته هو نفسه المستلقي في سرير قصائد الشاعر محمد بلمو، الذي يقول مثلا في قصيدة"نص الأفعال":
بحثوا عن مروحة و بصل و عطر
و حين عادوا فرحين برشدهم
تناثرت مزهريات
تمزقت كتب
ودخل الهواء في غيبوبة
و إن كنا نلمس هنا نوعا من المفارقة و السخرية اللاذعة ، فإن ديدن شاعرينا أن يقاوم أجواء الحزن ،حتى لا تتسرب إلى النفس و من ثمة إلى القصيدة ، فهما حريصان أشد الحرص أن يولدا الفرح من رحم الحزن ، يقول بلمو في قصيدة "شيق كالجنحة":
أي الوجوه أقبلت
على فنائك
فانشرح الحزن
تضاءل اليأس في اصفرار
التلال.
و تتعمق الرؤيا لدى الشاعر عبد العاطي جميل و يضرب عميقا في هذا النهج ، فيقول في قصيدة "فانوس البهاء":
و نوزع الفرح المرير
على شعب طريد
قد لا تكفي هذه الوقفة المتعجلة عند ثيمة الفرح في ديوان " حماقات السلمون" لتوفيها حقها ، لكن حسبها أن تثير الانتباه إلى خصيصة جميلة، يفتقدها الشعر المغربي، متمننين الاهتمام بها أكثر ، حتى يتخلص الشعر من حزنه التافه و يتسربل بالفرح و السخرية ، اللذين يمنحا القصيدة بعدا جماليا و وظيفيا لا غبار عليها ، و قد تحقق في هذا الديوان الكثير من ذلك ،و كأني بالشاعرين الصديقين ، وهما ينثران الفرح من حولهما ، يعبران بحق عما جاء في قصيدة " طريق" للشاعر عبد العاطي جميل حين يقول:
نحن زورقان
يعشقان
دهشة الريح.



#مصطفى_لغتيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بلاغة الصورة الشعرية في عتبات العناوين عند الشاعرة رشيدة بوز ...
- وحي ذاكرة الليل إصدار جدد للأديبة العراقية رحاب حسين الصائغ. ...
- متعة أدب الرحلة في -من القلعة إلى جنوة- للكاتب المغربي شكيب ...
- إصدار جديد للشاعرة رشيدة بوزفور ..تقديم مصطفى لغتيري
- القصيدة العربية بين البعد الشفوي و الكتابي
- شهادة مصطفى لغتيري ضمن ملف الرواية المغربية في مجلة سيسرا ال ...
- المبدعون المغاربة والنقد... أية علاقة؟
- مرور عشر سنوات على صدور مجموعتي القصصية الأولى -هواجس امرأة-
- حب و برتقال ..مقاطع من رواية جديدة كتبتها ولم يحن أوان نشرها ...
- الدكتورة سعاد مسكين تحفر عميقا في متخيل القصة المغربية القصي ...
- **هواجس و تساؤلات حول الكتابة القصصية في المغرب
- المحاكاة الساخرة في القصة القصيرة جدا عند أحمد جاسم الحسين
- لغتيري يوقع رواياته في معرض الكتاب بالدارالبيضاء
- مغرب جديد يصنعه شباب 20 فبراير
- لماذا يجب النزول إلى الشارع يوم 20 مارس للتظاهر؟
- أيام معتمة- للكاتبة المغربية البتول محجوب أو عندما تشع الكتا ...
- لماذا سأنزل غدا إلى الشارع من أجل التظاهر؟
- رواية -الحافيات- للأديبة دينا سليم أو عندما تتخذ المرأة من ج ...
- أدباء وكتاب يتحدثون ل(الزمان) عن درجة الجرأة في الكتابة
- الاحتفاء بالشخصية في المجموعة القصصية- الأب دحمان- للقاص الم ...


المزيد.....




- بعد جدل الصفعة.. هكذا تفاعل مشاهير مع معجبين اقتحموا المسرح ...
- -إلى القضاء-.. محامي عمرو دياب يكشف عن تعرض فنان آخر للشد من ...
- إلغاء حبس غادة والي وتأييد الغرامة في سرقة رسومات فنان روسي ...
- اعلان 2 الأحد ح164.. المؤسس عثمان الحلقة 164 مترجمة على قصة ...
- المجزرة المروّعة في النصيرات.. هل هي ترجمة لوعيد غالانت بالت ...
- -قد تنقذ مسيرته بعد صفعة الأوسكار-.. -مفاجأة- في فيلم ويل سم ...
- -فورين بوليسي-: الناتو يدرس إمكانية استحداث منصب -الممثل الخ ...
- والد الشاب صاحب واقعة الصفع من عمرو دياب: إحنا ناس صعايده وه ...
- النتيجة هُنا.. رابط الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2024 ...
- عمرو مصطفى يثير تفاعلا بعبارة على صورته..هل قصد عمرو دياب بع ...


المزيد.....

- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - حماقات السلمون أو حينما يعانق الشعر ابتهاجه