أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سنان أحمد حقّي - مهدي محمد علي.. شاعرٌ وليس كاتبُ جنّة البستان فقط !














المزيد.....

مهدي محمد علي.. شاعرٌ وليس كاتبُ جنّة البستان فقط !


سنان أحمد حقّي

الحوار المتمدن-العدد: 3621 - 2012 / 1 / 28 - 14:33
المحور: الادب والفن
    


مهدي محمد علي.. شاعرٌ وليس كاتبُ جنّة البستان فقط !
مهدي محمد علي شاعرُ من طراز أولئك الشعراء الذين وُلدوا شعراءَ بالفطرة وليس كأولئك الذين اكتسبوا صفة الشاعر بالدراسة والثقافة والتدريب، ولا يعني هذا أنه ليس مثقفا أبداً ولكن شاعريّته أو صفته الشعريّة تأثّرت بثقافته كما حدث بالنسبة لبدر شاكر السياب ومثل هذا الطراز من الشعراء لا يبدو أن عددهم كثيرٌ هذه الأيام إذ يجب أن تبدأ بموهبة متدفّقة وغنائيّة بادية وتلقائيّة وعفويّة منسابة تبريها وتنحت ملامحها الثقافة والدراسة ولا يستطيع مثل هذا شعراء كثيرون من نمط الذين ذكرنا ممن اكتسبوا صفتهم الشعريّة بالدراسة والثقافة ولولا رغبتي في عدم ذكر الأسماء لتجرّأتُ على ذكر شعراء كبار في عالم اليوم ممن يتبوّؤون مكانة رفيعة في عالم الشعر في الوقت الذي يفتقر شعرهم إلى الغنائيّة والتلقائيّة ولا يستطيع أحدٌ أن يحفظ شيئا من شعرهم ولا أن يردّده بينه وبين نفسه ولا يصلح كثيره للتغنّي أو الإنشاد
وفي هذا المقال القصير لا أنوي أن أستعرض شعر الراحل أو أن احلّله خصوصا في ظلّ عدم توفّر دواوينه المنشورة وخصوصا ما كتب في الفترة المتأخّرة .
لكنّني أودّ الإشارة بشكل عريض إلى أن كتابه (البصرة جنّة البستان ) لا يمثّله كشاعر وكمبدع رغم ما قدّمه فيه من أدب رفيع وذكريات دقيقة ممتعة إذ أنه شاعر بالأساس وشاعر يستحقّ دراسة جادّة لشعره منذ أوّل قصيدة كتبها في حياته وحتّى آخر قصيدة وعندما نستحضر مهديا سواءً في كتاباته أو شعره نجدهُ أديبا حقيقيا شفاّفا سواءً في شعره أو نثره فأذنه تلتقط نغم الكلمة وكاميرته تلتقط الملوّن من المفردات الدقيقة ونستطيع ببساطة أن نتعرّف على مشروع شاعر كبير .
ولكنّه تأثّر كثيرا بالمدارس الحديثة كما تأثّر في مسار حياته ببعض الشعراء من الأسماء اللامعة وكان كلّ هذا من شأنه أن يدفع به قليلا خارج ملكاته ومواهبه التي كان عليه أن يعيها ويلتزم بتطويرها لا أن يتأثّر بما يكتبه الآخرون ممن يفتقرون لما يماثل ملكاته الشعريّة الحقيقيّة وكان عليه أن يتطوّر دون أن يترك غنائيته وتلقائيّته التي بدأ بها بسبب محاولاته السير مع المسار الجمعي إذ أن الأدب وبخاصّة منه الشعر يحتاج إلى تلك العناصر والخصائص الذاتيّة وليس كما فعل آخرون عندما أغفلوا الوجدان والخصائص الذاتيّة بدعوى اللحاق بالموجة سواء ما كان عربيا أو عالميّا فنحن جميعا نعلم أن الأدب يتعامل مع الخاص والعام من خلال الخاص أي تقديم النموذج الخاص الذي يقدّمه العام ومن خلال منظوره سلبيا أو إيجابيا وليس العكس والأديب غير معني كالعالِم بتقديم العام من خلال الخاص ولكنه معني بتقديم الخاص من خلال العام كما ذكرنا .
كما أنني وبشكل سريع آخذ عليه أنه سارع بالنحو منحى الشعراء الكثيرين بالتحرّر من قيود الشعر المختلفة فبعد أن انتهج منهج الشعر الحرّ وضرب أوزان الخليل سارع للإنتماء إلى شعر وقصيدة النثر وكان عليه أن يتأنّى لئلاّ ينزلق في الإندفاع نحو النثريّة مع أن نثره جيّد جدا كما قلنا ولكنّه في النهاية شاعرُ وشاعرُ بالفطرة وهذا شيٌ ثمين ما كان عليه أن يفرّط به
أنا أعلم أنه كتب في مقتبل حياته الأدبيّة شعرا بسيطا ولكنّه جميلُ إلى حدّ كبير ولكن اندفاعه إلى الحداثة وانتهاء بعض أعماله إلى التماهي مع ما بعد الحداثة سيرا على هدى بعض أقرانه ومن تأثّر بهم وكان عليه أن لا يفعل
من يريد أن يتعرّف على مهدي محمد علي أديبا وإنسانا برأيي يجب عليه أن يتعرّف عليه شاعرا أولاًّ وقبل كل شئ والمرور على ما تركه من شعر في كل الفترات والحقب ويدرسه ويُحلّـله ليكتشف مشروعا لشاعر كبير ولِدَ بالفطرةِ شاعرا وسعى وكرّس حياته كلّها ليكون شاعرا حقيقيا وتعامل مع كل الظواهر ومحتويات الشأن العام والتخصّصي بلغة الشعرولكن حياته كانت قاسيةً ولم تمنحه ما منحت لغيره من الحظ والفرص الكافية ليبري لنفسه ولشعره أقلاما وينحت بها في جدار هذا العصر المتلاطم آياته الخالدة وقد أخطأت الدنيا معه كما أخطأت معنا كلنا سواء كنّا شعراء أو أدباء أو فنانين أو أيّاً ما نكون كمبدعين من المتعاملين مع العلوم أو الآداب أو الفنون أو الشأن العام، ولكنّه كما مازجت روحي روحه الخالدة وجدته شاعرا فعلا وقد خُلقَ شاعرا ومات شاعرا رغم الضيق و التعسّف وقد سعى إلى الحريّة بكلّ ما أوتيَ من قوّة وحبّ وإن لم تبادله ذلك الحبّ إلاّ بالجفاء ونكران الجميل.
ليس كتاب جنّة البستان هو أهم ما ترك لنا مهدي محمد علي بل إن شعره هو الذي يمثّل ذلك الشعاع الخالد لشاعر نقش إسمه بصعوبة بالغة في جدار العصر كما ذكرت.
وإن شئنا أن نستذكر مهديا شاعرا أو إنسانا أو مناضلا أو أخا وصديقا أو أن نحيي ذكراه فما علينا إلاّ أن نبدأ بما ترك لنا من شعر ثم نأتي على ما ترك من نثر ومن ضمنه جنّة البستان ذلك الكتاب الممتع التي نسجته ذكريات واعترافات شخصيّة سطّرها بمداد من الشجاعة والقدرة الأدبيّة ولكن شعره أوّلا فهو حياته وصفاته ومنجزاته ولا أحسب أن ما حدث من تقديم جنّة البستان على سائر شعره قد حدث بإهمال لحقّه أو إزاحة له عن مساحة الشعر والشعراء أو حسداً من ( أنفسهم) ولكنّه شاعر
هو شاعر منذُ أن وُلِدَ وحتّى آخر لحظة من حياته ولا يمكن أن يكون غير ذلك وأختم مقالي البسيط هذا بأن أقول إن سطرا واحدا من الشعر الجيّد يمكنه أن يبدّد أحدث الأساليب المقترنة بالتشفير وادعاءات التنظير وتجارب شعريّة لا يُبتغى منها سوى طرق أبواب جديدة وإن كانت بائسة
إن مهدي محمد علي شاعرُ قبل كل شئ وعلى من يريد أن يتعرّف عليه أن يطرق أبواب شعره ولا يكتفي بجنّة البستان على ما فيها من أدبٍ رفيع إذ أنه شاعرٌ
شاعرُ قبل وبعد جنّة البستان إلاّ إذا لم يقرأ من يُحيي ذكراه ويأسى لفقده شعره بعد، ولا أظنّهم كذلك!



#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هو الشاعر ؟
- مثقفون و مثقفون..!
- رسائل ..
- المنطق الجدلي والنظريّة الفلسفيّة..!
- تعقيبا على مقال لا أغلبيّة في العراق!
- حول بابل ومسار التاريخ ومقال الأستاذ وليد مهدي !
- النمو الحضري بين النظريات والدوافع..!
- عودة إلى الهزّات الأرضيّة !
- لمحات وتأملات مع مقال الأستاذ وليد مهدي في البحث عن ملكوت ال ...
- مهدي محمد علي..توأم روحي!
- هل تلعب الجامعة العربية دورا جديدا .. !؟
- تحكيم المباني ضد الزلازل من الجوانب التصميميّة !
- من سمات القيادة المقتدرة!
- تأملات تقدّميّة في ثورات الربيع العربي
- العيافة والقيافة والفراسة والطيرة...وغيرها من طبائع العرب
- أضواء على زوايا من علم الفلسفة الأساسي ( المنطق)!
- شنو؟.. لعد تردونها طول العمر؟
- من وراء الربيع العربي
- مسافرٌ زادهُ الخيالُ
- الذائقة العروضيّة وبحور بلا حدود!


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سنان أحمد حقّي - مهدي محمد علي.. شاعرٌ وليس كاتبُ جنّة البستان فقط !