أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سنان أحمد حقّي - أضواء على زوايا من علم الفلسفة الأساسي ( المنطق)!















المزيد.....


أضواء على زوايا من علم الفلسفة الأساسي ( المنطق)!


سنان أحمد حقّي

الحوار المتمدن-العدد: 3546 - 2011 / 11 / 14 - 00:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


المنطق هو علم الفلسفة الأساسي فهو يخدمها في تقويم أي نظريّة فلسفيّة وبعدد نظريات الفلسفة الرئيسة فإنه يوجد أنواع بنفس العدد من أنواع المنطق فهناك المنطق الشكلي أو الصوري وهناك المنطق الرياضي والمنطق التاريخي والمنطق الجدلي وهكذاولكلٍّ منها قواعده ومناهجه وهو يمثّل قواعد التفكير السليم بالنسبة لأيّة نظريّة فلسفيّة وحيث أن الفكر الفلسفي معقّد التركيب فإنه تظلّ على الدوام توجد زوايا لم يُسلّط عليها الضوء بشكل وافٍ مهما أشبع الدارسون هذا المضمار بحثا
1. في الوجود والعدم

أطالع كثيرا من التساؤلات المتخصصة في علاقة العدم بالوجود سواءً ما كان منها فلسفيا أو علميا صرفا وكثيرا ما يلتبس الأمر عليّ إلى حد بعيد حين أقلّبه من النواحي الفلسفيّة ( من حيث المعنى والكيفيّة) وسبق أن كتب في هذه “العلاقة والتناوب” أدباء بالقدر الذي شغل العلماء والفلاسفة فهو موضوعٌ فكريّ عميق منشّط لعمل الذهن والخيال ولكنني رأيت أن العلماء والباحثين استغرقوا كثيرا في الإشتغال بالعدم بحيث نستنتج أن العدم سابق للوجود وأن الوجود انطلق من العدم وأفاض بعض المفكرين في ما هو مطروح من حيث كيفيّة انبثاق الوجود من العدم ووجدت أنه كلما تم الجوء إلى أفكار تعتمد على البرهان لا يجدون بدّا من استعمال أجزاء ولو متناهية في الصغر للمادة أو الطاقة ليعودوا فيطرحوا تساؤلات متعاكسة مع كل هذا، ووجدالبعض أن العالم ستيفن هوكينغ في النهاية طرح فكرة أن هناك شكل من العلاقة الجدلية بين العدم والوجود وكانت تلك الفكرة حلاّ مقبولا للتوقف عندها حيث انبثق كلّ منهما في ترابط ووحدة كما تقتضي تفاصيل المنطق الجدلي المعروف ولم أجد نفسي مقتنعا بعد. الوجود ! لو بحثنا عمّا يعنيه في علم الرياضيات سنستطيع أن نفترضه( شيئا) كما يقول الفلاسفة والعدم هو لا شئ ولو لجأنا لعمليّة العدّ فإننا سنجد أن أي رقم يمثّل وجود شئ سواءً كنّا نعدّ تفّاحا أو كواكبا أو أفرادا من البشر ثم نستطيع أن نستمرّ بالعدّ صعودا وهذا مفهوم تماما فلو كان عندنا أو أمامنا تفّاحة فسنقول هذه تفّاحة واحدة ثم إثنتان ثم ثلاث وهكذا ولكن ماذا كان عندنا قبل أن نجد التفّاحة؟ بالطبع لم يكن عندنا شئ أي لم يكن عندنا (تفّاحة)ولا نستطيع لو عدنا من البداية أن نبدأ العد لنقول الآن لا يوجد تفّاحة ثم وجدنا تفّاحة واحدة ثم إثنتان لسبب بسيط وهو أننا لم نكن قبل وجود التفّاحة نعلم ماذا سيوجد تفّاح أو كمّثرى أو لاشئ أو دجاجة أو أي شئ آخر لأن المعدود مهمّ أن نعرفه مع عدّه ولهذا كل معرفتنا تركّزت على وجود تفّاحة في البدء ثم انتقلنا إلى الإسترسال بالعدّ ولهذا لا يوجد تجانس بين مفهوم العدم والوجود لأن العدم يستلزم معرفة جنس أو نوع الموجود حتّى يمكن أن نعقل عدم وجوده أليس كذلك؟ ( كماهو الأمر بعدم جواز جمع جنسين معا كالتفاح والدجاج مثلا)
هذا فضلا عن أن الوجود لا يعني بالضرورة المادّة إذ أن الوصول إلى أن ما قبل المادة أن كان هناك طاقة كثيفة لن يحلّ المشكلة ، إذ أن الوجود يعني الطاقة أيضا فهي ليست العدم إذ سنسأل ماذا كان هناك قبل الطاقة؟ فنعود إلى سؤالنا الأساسي عن الوجود والعدم مرة أخرى.
ولهذا من الناحية الرياضيّة فإن الوجود لا بدّ أن يكون سابقا للعدم ببيان نوع الموجود لكي نعقل معنى أنه غير موجود
ولهذا السبب فإنني بكل تواضع واعتذارلأهل الإختصاص أجد أن التفكير بالعدم كحالة سابقة للوجود لا طائل من وراءها بل إن الأصوب أن ننطلق من الوجود وبعد ذلك يمكن أن نعقل عدم وجوده أي أن نعي وجود التفّاحة مثلا ثم عندما نفكّر بالحال قبل وجودها يمكن أن نعي عدم وجودها وأنا يمكن أن أفهم وجود علاقة جدليّة بين الوجود والعدم ولكنني أنطلق من أسبقيّة الوجود على العدم ( عدم وجوده) لأن ذلك أيسر على التصوّر والفهم من الذهاب للتحليلات المعقّدة والتي لم تفضِ إلى نتيجة نستطيع معها صياغة نظريّة متماسكة أي أنه كل ما علينا هو أن نقلب الآية فنفكّر بالوجود أي أن الوجود أوّلا ثم بدأنا نحاول فهم عدم وجوده أي عدمه .
وأكرر مرة أخرى للتوضيح أننا نرى القمر فنفهم وجود القمر أي أنه موجود ثم نمضي في محاولة فهم عدم وجوده ونتفهّم ذلك جيدا ولو أن القمر لم يكن موجوداّ أساسا فإننا سوف لن يخطر على بالنا وليس من المنطقي أن نتسائل متى يوجد القمر ؟أو لا يوجد قمر، وهو لم يكن موجوداً أساساً فلماذا لم نقل متى يوجد الشهاب أو النيزك أو أي شئ؟إذ ما يُدرينا أنه سيكون هناك قمر؟
أي إنني أدعو بكل تواضع إلى قلب الآية كما يقولون وأن نفكّر بالوجود باعتباره سابقٌ للعدم وهو أوّلٌ والعدم حالة ناشئة عن وجود الشئ!كما إن عدم وجود شئ ووجود شئ لا ينطوي على نفس المعنى في الحالين أي ليس على الشئ نفسه فحالة النفي في لا شئ تعني بالمطلق لا يوجد أي شئ أي تنفي الجنس وكل شئ لا على التحديد ولكن الشئ في الإثبات يعني شيئا محددا وعينا محددا ( كما في حال المعرفة والنكرة في اللغة، إذ أن النفي يكون فيه الشئ نكرة أمّا الشئ في حالة الوجود فهو معرّف )وهما في الحالين مختلفين كل الإختلاف وهذا هو ربما سرّ التعقيدات والمماحكات الجارية.
مع الإعتزاز بالمجهود العلمي على اختلاف جهاته وصوره. ففي الجبر البولياني أو المنطقي نجد أن العمليات الرياضيّة محصورة ب( و، أو ، نفي)أي لا نجد نفي مطلق بدون تحديد الكميّة أو المجموعة وهذا مصداق رأينا في عدم إمكان حصول نفي لكل شئ بل هناك نفي لشئ محدد أي نفي المجموعة A ولكن لا يمكن فهم نفي كل الكميات إذ لن تكون تلك عمليّة منطقيّة ويتوجّب علينا تحديد الكميّة أو المجموعة التي نعبّر عن نفي وجودها وهنا يتّضح أن الموجود سابق لحال عدمه أيضا ، وحتّى لو أمكن التعبير عن عدم وجود أي شئ وجب وصف هذا الشئ أو تلك الأشياء إذ ربما يكون هناك شئ أخر في الوقت الذي لا توجد فيه أشياء محددة وهكذا نتوصّل إلى أن وجود الأشياء سابقٌ لعدمه كما أنه ليس هناك مفهوم منطقي للعدم بصورة عامّة بل هو مفهوم محدد ينفي وجود شئ محدد ولا نستطيع أن نبدأ بفكرة العدم أي أنه كان هناك عدم ثم انطلق وجود الأشياء بل العكس هو صحيح فقط ونعني أنه كان هناك شئ وعند نفيه نحصل على حالة خاصّة بالشئ الموصوف فما يُصطلح عليه بالعدم ما هو إلاّ نفي لوجود الشئ وهو عمليّة رياضيّة معروفة ومنطقيّة ولكن لا وجود لفكرة العدم بشكل منعزل عن عمليّة النفي إذ أننا في أي مجموعة يمكن أن تحتوي على عناصر لا نهائيّة لكن ننفي من محتواها عنصرا ما فقط أو عنصرين وهذا ممكن ولكن يتبقّى عندنا عناصر أخرى لا حصر لها بعد نفي وجود ما نفينا وجوده وحتّى في حالة المجموعة الخالية فإنها مجموعة موجودة ويمكن نفي وجودها وهي تحدد مجموعة تحتوي على نفي عناصر ما يتّحد أو يتقاطع مع عناصر مجموعة أخرى ولكن تظلّ سابقة لحالة عدم وجودهاومرتبطة بوجود عناصر المجموعات المتعاملة معهاللتعبير عن نفي وجودهاففي حالة البحث عن عناصر مشتركة وعندما لا نجد شيئا منها لا يعني وجود عناصر أخرى ولكن لا يهمنا الإنتباه إليها بسبب انتباهنا إلى ما يشترك مع المجموعة الثانية غير الخالية أيضا وعندما تّتّحد مع مجموعة أخرى غير خالية فإن العناصر المنفيّة لا داعي لذكرها إذ هي نفي باقي الأعداد كلها إلى المالانهاية ولكن ليس نفي أيّ شئ لا علاقةله بما موصوف من عناصر في المجموعة التي كما قلنا تتقاطع أو تتحد معها
إن جنوح علماء الفيزياء إلى البحث عن الحال ما قبل المادّة يمكن أن يوصلنا إلى الطاقة ولكن الطاقة ليست العدم وما دام هناك شيئ موجود مهما كان وصفه لا يعني العدم وبهذا لا نعتقد أنه يوجد شئ إسمه العدم بل هناك دائما شئ موجود وله مظهران الأول هو وجوده والثاني هو نفي وجوده والنفي هي عمليّة رياضية منطقيّة وليست كميّة أو شيئا موجودا، وبالتالي هناك الوجود وهناك نفي للوجود وهي حالة من حالات الوجود وعمليّة منطقيّة ومترابطة مع الوجود ومعه وليست واقعا مستقلاّ كما هي حال الوجود
2. الصفر!
كما وضّحنا في أعلاه نجد أن الصفر أيضا ليس رقما بحد ذاته إنما هو مرتبة ولكي نوضّح ذلك حسب رأينا فإننا نعود إلى أن العد يبدأ بالرقم (1) ثم الأعداد التي تليه ولا نستطيع أن نبدأ بالعدد صفر لأنه كما أسلفنا لا يوجد شئ متعّلق بالموجود والفرق هو نفي للموجود (1) ليس إلاّ ولا وجود للصفر بشكل مطلق لأن الموجود سيكون ما لا نهاية له من الموجودات من ابتداء العد في الوقت الذي نبدأ العد به هو واحد ثم ما يليه وهذه مغالطة تتناقض مع ظهور أول عدد للشئ
والحقيقة أن الصفر إنما هو مرتبة فقط فإذا تصورنا المرتبة الأولى عبارة عن حجرة صغيرة وهكذا كل الغرف التالية مرتبة الآحاد ثم العشرات والمئات وهكذا فإن العد يبدأ عندما يظهر الشكل واحد في الحجرة الأولى من اليمين وعند العدد إثنين يظهر العدد واحد في الحجرة التي تلي أي الثانية من اليمين أما الأولى فتبقى فارغة وهكذا حسب العدّ بالصيغة الثنائيّة ولن نستخدم سوى العدّ بشكل واحد هو الرقم واحد وليس هناك عددان إذا ليس هذا العد ثنائيا بل أحاديا وباستخدام العدد (1) فقط أمّا الصفر فهو ليس إلاّ نفي لوجود الرقم (1) وليس رقم آخر وإذا وافقتموني فإن الصيغة إنما هي أحاديّة وليست ثنائيّة باستخدام الرقم (1) واحد فقط والأصفار ما هي إلاّ حجر تم نفي وجود الرقم واحد فيهامن عدمه فقط وهكذا كلما انتقل الرقم واحد إلى حجرة جديدة نتج رقم جديد وبهذا فإن الرقم صفر ليس إلاّ نفي لوجود الرقم واحد وليس رقما آخر بل هو حجرة أي مرتبة أو مكان يمكن أن يظهر فيه الرقم واحد، والصفر هنا في هذه الحالة يعني نفي وجود العدد واحد لأننا نعرف أننا نعدّ ابتداءً من الواحد ولا يمكن أن يكون العدم لأننا لا نتوقّع أن يظهر في الحجرة الأولى شيئا سواه فنحن متعارفون على احد احتمالين وجوده أو عدم وجوده وليس عدم وجود شي آخر!
والصفر ما دام هو عبارة عن نفي وجود عدد ما لذلك فإن الصفر لا يساوي الصفر، وهذا هو سرّ عدم صلاحيّة القسمة على الصفر وكثيرا ما نجد أن المقادير التي تؤدي إلى صفر في الرياضيات التطبيقيّة نعمل على تجنبها . وأذكر أنني عندما كنت طالبا بالجامعة قدّمت لأستاذنا آنذاك وهو دكتور بالرياضيات وابن أحد أكبر علماء الرياضيات في حينه وهما الإثنان الأب والإبن هما بإسم (يارنيك)، قدّمت له أحجية طريفة مطلوب فيها معرفة الخطأ الذي وقعنا فيه حيث أن الحل السليم للأحجية كان يؤدي إلى أن(1=2) هذا طبعا خطأ فقال لي أن الصفر لا يساوي الصفر وهذا رأي سديد لم أفهمه تماما في وقته (وكذلك إن الرقم أو الكمّيّة لا تساوي نفسهاأيضا كما وضّح لي بعد عرض الأحجية عليه) إذ أن نفي وجود أي عدد يمكن أن يؤدّي إلى صفر والموجود الذي يحصل نفيه ليس هو نفسه في كل عمليّة نفي وقال الأمر هو أشبه ببيتين أحدهما مثلافي بغداد والآخر في براغ فإنهما وإن كانا بنفس الخارطة ونفس التفاصيل فإنهما لا يمكن أن يتساويا لأن الأول في بغداد والثاني في براغ مثلا
وبالتالي يمكن أن نتّفق على أن عمليّة الترقيم والتعداد بالصيغ الثنائيّة تحمل تسمية على الأغلب أنها خاطئة أيضا والأصوب أن نسميها أحاديّة إذ لم نستخدم سوى رمز واحد وهو الرقم واحد ثم نفيه ( أي محوه) ولا نعتقد أن تلك صيغة ثناشيّة بل أحاديّة تماما.
ونجد في القرآن الكريم ما يؤيّد هذا النظام حيث تقول الآية:
بســــــــــــم الله الرحمن الرحيم
"وجعلنا الليل والنهار ايتين فمحونا اية الليل وجعلنا اية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا"
صدق الله العظيم
محونا أي نفينا، والمبصرة هي الموجودة !
وهذا شاهدً في العدّ والأعداد وعلم الحساب من القرآن الكريم
3.المنطقي والتاريخي
من ابرز المقولات الفلسفيّة في المنطق الجدلي هي مقولة العلاقة بين المنطقي والتاريخي وعندما يبحثها علماء المنطق الجدلي والفلسفة الماركسيّة يصرّون على أولويّة التاريخي على المنطقي وهم في كل المقولات الجدليّة يضعون أولويّة حيث بدأوا بأولويّة المادّة على الفكر وأولويّة الواقع الموضوعي على الوضعي وهلمجرا وأنا أومن بوجود المنطق الجدلي طبعا ولست وحدي أفعل هذا بل حتّى مفكّري المثاليّة يعتقدون به من أمثال هيغل( الألمانيّة ليس فيها حرف الهاء إذ أنه حرف علّة والأصح أن نقول إيغل)بل أن بعض علماء الدين يثبتون وجود المنطق الجدلي في أسس الفقه الإسلامي إذ أن الخلّ لو تمّ استعماله قبل أربعين يوما فهو خمر ولهذا كان المشرّع أوجب عدم استعماله قبل أربعين يوما أي بعد تحوّله من خمر إلى خلّ وهذا أحد قوانين المنطق الجدلي وهو قانون التراكم الكمّي يؤدّي إلى تحوّل نوعي !
وكل شئ تم شرحه في كتب الفلسفة والمنطق ولكن نوجز هنا فنقول أن ما يحدث تاريخيا سواء أن وجدنا له تعليلا أم لا أو وافقنا عليه أم لا فقد أصبح واقعا موضوعيا ما دام قد حصل ولربما يجده بعض الناس سلوكا براغماتيا ولكن الأمر ليس دائما هكذا بل عندما لا يكون قد حصل بعد فإن قواعد المنطق تظلّ تعمل ويحقّ لنا الإستنتاج والإجتهاد إلى أن تحصل بعض الحقائق كما يقولون على الأرض عندذاك يتوقّف الإجتهاد ويؤخذ بما حصل فعلا أي أن تناوب الحادث تاريخيا ومنطقيا موجود ولكن تعاقبه هو المهم إذ أن ظهور حقيقة تاريخيّة جديدة من شأنها أن تجري تعديلا على جوهر المنطق عموما لأنها ستؤخذ في تفاصيله في المرحلة القادمة وهكذا
ولهذا تسمّى علاقة المنطقي بالتاريخي علاقة جدليّة وطبعا لا يوجد ما يؤكّد على الإستقرار على الأحداث التاريخيّة أو المعطيات التاريخيّة فقط لأن جوهر علم المنطق سيتوقف وهذا خلاف ما يدّعيه المنطق الجدلي من تحوّل نوعي بالتراكم الكمّي والتأثير متبادل مع المعطيات المقابلة أي التاريخية بالمنطقيّة ، وأعتقد بتواضع شديد أن التمسّك بالتاريخي سيجعلنا نتجمّد في مفهوم التاريخ وهنا قد لا نستطيع الإفلات من مفهوم الإسناد والترجيع وهو عماد الفكر السلفي التاريخي لأنه يقوم على ما تعاقب من أحداث تاريخيّة فقط وتكون لها الأولويّة بشكل صارم ولكن دراسة كثير من الحقائق الفكرية تُرينا أنه ما دامت العلاقة متبادلة بين التاريخي والمنطقي فالأصوب أن هناك تأثير للمنطقي على التاريخي أيضا وهما يتفاعلان معا طوال الوقت ولهذا عندما نجد أن الحدث التاريخي يخلو من الإستمرار الفعّال يمكن تحفيزه بالإعتماد على الدوافع المنطقيّة وتجنّب الأحداث التاريخيّة غير الملحوظة ولكن بطبيعة الحال يجب أن نفهم أنهما يعملان معا وطوال الوقت لئلا نتمادى في التصورات المنطقيّة والتي قد توقعنا في التصورات غير العلميّة او الخياليّة كما يُقال
ولا يمكن فهم حركة التاريخ بالإعتماد على المنطق وحده كما لا يمكن فهمه بالإعتماد على حركة التاريخ العفويّة والتلقائيّة وحدها . لهذا فإن القول هذا منطق التاريخ قول فيه ثقة كبيرة أكثر من اللازم إذ أن القول بتاريخ المنطق هوقولٌ صحيح أيضا وهو يماثل القول بحقيقة أسبقيّة المادّة على الفكرة وكذلك أمر أسبقيّة الفكرة على المادّة خصوصا إذا تأملنا منجزات العلوم هذه الأيام من جانب نتصوّر فيه الفكرة على أنها إشارة وعالم اليوم التقني كله مبني على الإشارة وأهم منجزاتها هو الحاسوب وثورة الحاسوب والإتصالات وعلم الألكترونيات الرقمي، لهذا فإن التصديق بتبادل التأثير يوجب علينا أن نصدّق باحتمال تعاقب التبادل طوال الوقت وفي آن واحد أي كما يقول منطق إيغل ( وحدة وصراع الأضداد)
وهذا كما ذكرنا منطق جاء به أهل الإيمان وليس علماء الجدل المادّي فحسب فالمثل الشعبي يقول( المنشار يأكل الخشبة ولكن الخشبة أيضا تأكل المنشار!)أو المثل الآخر( المنشار ياكل وينوكل!)
4.هل هناك علاقة بين نظريّة فائض القيمة والإلحاد؟
تقوم فكرة الإشتراكيّة على نظريّة فائض القيمة ولست هنا لأستعرض تلك النظريّة الواسعة ولكن لا بأس من أن أقدم لها معنى موجزا، فالعامل عندما يعمل لدى ربّ العمل لو استطاع أن يتوقّف عندما يحصل على عموم احتياجاته في اليوم الواحد ما كان ليحصل فائض من قوّة العمل ولكنه أي العامل عندما يستمرّ في العمل فإن ما يفيض عن حاجته في العمل من ساعات يستولي عليها الرأسمالي وهي التي تشكّل الأرباح وهذا هو النظام الرأسمالي والخلاصة أن فائض القيمة هو الفرق بين الأجور وقوّة العمل البذولة في صنع أو إنتاج السلع ( وهي لا تساوي إلاّ مقدار قوة العمل المبذول في إنتاجها)
والآن هل في هذا أي آراء تخصّ الدين أو الأديان؟ أنا لحد الساعة لا أجد ما يتعارض مع الأديان وشان هذا الإكتشاف الإقتصادي إنما هو نفس شأن أي إكتشاف أو اختراع علمي في الهندسة أو الفيزياء أو الكيمياء أو سواها فلماذا لا نجد أن اكتشاف الفضاء أو اختراع الكومبيوتر أمرٌ له علاقة بالأديان؟ إن الموضوع إقتصادي صرف ومالذي جعل لمثل هذا القانون التخصصي كل هذا الضجيج والإتهامات المختلفة،نعم إن أحد الأسباب هو أن عددا من الإشتراكيين والدعاة للإشتراكيّة والشيوعيّة أسرعوا في أن يقدموا البراهين الفلسفيّة والفكريّة للبرهان على صحّة هذا المفهوم بالرغم من أنّه لم يحتج إلى مفاهيم فلسفيّة واسعة بسبب كونه مفهوم إقتصادي جاء نتيجة البحث التخصصي وانحصرت التحليلات بعلم الإقتصاد ولا علاقة مباشرة بين الدين والفلسفة وبينه خصوصا في أوّل الأمروليس لهذا القانون أو النظريّة أي شئ يعارضها مع الدين أو الدين الإسلامي على وجه الخصوص خصوصا إذا علمنا أن الصناعة وظاهرة العمال وكتلها الكبيرة لم تكن موجودة في عصور الإسلام الأولى وكل ما يتّفق عليه المتعاقدون يكون لهم شريعة لازمة لكل الأطراف إن لم يكن في عهودهم ما يتناقض مع الشرع ، أعتقد أن كافّة الأبحاث اللاحقة بصدد الموضوع لا علاقة لها بالدين ولهذا فإن من كان مؤمنا قبل نظريّة فائض القيمة فإن له أن يبقى على إيمانه مع تصديقه بنظريّة فائض القيمة ومن لم يكن مؤمنا فله أن يتّخذ لنفسه موقفا يخصّه وهذه النظريّة لا توجب إعلان الإيمان من عدمه ولكنها حجر الزاوية في الأفكار الإشتراكيّة ولو لم يتباهى بعض اليساريين بخروجهم عن الإيمان كان من الممكن أو يوفّروا على أنفسهم مضايقات واتهامات لا حدّ لها ولم يكن ما يوجب إعلان بعضهم أنهم غير مؤمنين الأمر الذي استعدى عليهم عدد كبير جدا من المؤمنين وجعل عملهم بين الجماهير أكثر صعوبة
إن فائض القيمة تمثّل البرهان الأساسي على حقوق الطبقة العاملة على الرأسماليين وتبيّن استغلالهم وهذا هو مركز استناد نضال الطبقة العاملة في التخلّص من الإستغلال ولا يعني هذا ضرورة توحيد هذا النضال مع الأفكار الإلحاديّة او النظريات الفلسفيّة الأخرى ويمكن أن يؤمن بأحقيّة مطالب الطبقة العاملة المؤمنون وغير المؤمنين إلى جانب الأديان المختلفة والمذاهب المتنوّعة
اما الفلسفة والنزاع المادّي والمثالي وقوانين المنطق الجدلي فليس لها دخل باكتشاف نظريّة تخصّ العمل وقوّة العمل مثل اكتشاف أي نظريّة علميّة كنظريّة آينشتاين أو قوانين نيوتن أو فرداي أو كبلر أو قوانين ميكانيك الكم أو سواها فكل هذا له ولا شك علاقة بتطوّر الفكر والفكر الفلسفي ولكن الأساس في الأمر أن لا علاقة لها بالأديان بشكل يستوجب ما حدث للإشتراكيّة وأعتقد كما أسلفت لأن كثيرا من الأسباب تعود على طريقة عرض الإشتراكيين لأفكارهم التي انطلقت من فائض القيمة
لهذا يا أخوان لا ضرورة في أن يتحلل العامل أو المناضل من فكره الإيماني لكي يثبت أنّه إشتراكي أو مخلص لمصالح الطبقة العاملة
إن بلداننا تضمّ شعوبا هي في الغالب مؤمنة ولو اطّلعوا على أدبيات تقول أن فائض القيمة كفر فسيُنبذ الإشتراكيون والشّيوعيون إجتماعيا وسيكون عملهم غاية في الصعوبة ولا أظن أن أحدا بحاجة لهذا كلّه بدون مبرر



#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شنو؟.. لعد تردونها طول العمر؟
- من وراء الربيع العربي
- مسافرٌ زادهُ الخيالُ
- الذائقة العروضيّة وبحور بلا حدود!
- أفارسيٌّ أم عربيٌّ هو ؟ أم هو خليج البصرة!
- في الوجود والعدم..فكرة!
- نداء! (في ضوء انعقاد مؤتمر قوى وشخصيات التيار الديمقراطي الع ...
- ردٌّ على ردّ بشان موضوعنا بحور بلا حدود المنشور في الحوار ال ...
- هزّة دهوك الأرضيّة ووصايا وقائيّة مطلوبة!
- أزمة فكريّة أم نضوب فلسفي
- بورتريت سريع للشاعرالراحل عبد الخالق محمود!
- مصالح أوسع الشرائح الإجتماعيّة لها الأولويّة
- غزة ووحدة نضال الشعب الفلسطينيّ!
- قصائد مترجمة عن لغة مجهولة!
- جامعاتنا بين أفكار وخواطرسريعة!
- أي قانون؟
- دكتور جرح الأوّلي عوفه..جرح الجديد عيونك تشوفه!
- غزّة..وخيار السلام!
- وفاءٌ كسر قلوبنا جميعا!
- زها حديد..عبقريّة متعاظمة!


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سنان أحمد حقّي - أضواء على زوايا من علم الفلسفة الأساسي ( المنطق)!