أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سنان أحمد حقّي - مهدي محمد علي..توأم روحي!















المزيد.....

مهدي محمد علي..توأم روحي!


سنان أحمد حقّي

الحوار المتمدن-العدد: 3563 - 2011 / 12 / 1 - 11:32
المحور: الادب والفن
    


مهدي محمد علي..توأم روحي!
هذا أوان النحيب..!
هذا أوان الشجون والأحزان التي نشبت أظفارها فينا
من ستبكي يا قلب بعد هذا ؟؟
هل ستبكي تلك الصور والخيالات التي رافقت الطفولة ؟ أم حين أصبحنا صبية لا تبرح البسمة شفاهنا
كانت أول كلمة كتبها لي بعد عشرات السنين من الفراق والبعد هي ( يا توأم روحي!)كم بكيت في حينها ولكنني أبكي الآن أكثر
من على البعد في المسافات والأحداث وأشياء تُذكر وأخرى لا تًذكر ليس هناك شئ يوقف الدموع والنشيج
مازلت أًؤَمّلً النفس بل الروح أن نلتقي ، لم أستطع أن أُفارق هذا الأمل أبداً
ليفرح كلّ الذين فرّقوا بين ركني أروع ملحمة للصداقة العفيفة والراقية وها هو مدادها يجفّ !
هل فرح الأن كلّ أولئك الذين أرادوا أن يوظّفوا صلتنا النزيهة والنقيّة نقاء المرايا أمام القمر(كما يقول لوركا)لصالح منافع لا تساوي قلامة إظفر؟
الآن فقط يحقّ لهم أن يفرحوا إذ أن روحينا لم تفترقا لحظةُ واحدة ولم أتّخذ سواه صديقا واحدا كما اتّخذته في الخوالي من الأيام
إذ لم يكن لي طوال حياتي صديقا سواه.
لقد عشت وحيدا تماما إلى يومنا هذا وقد شغلتني رحمة الله بالحنوّ على أبنائي محاولةً منّي لسدّ ولو شيئ من الفراغ الهائل الذي احتواني
(قولوا لعين الشمس ما تحماشي ..لحسن حبيب القلب طالع ماشي..!)
هذا أوان النشيج
إلى أين ترحل يا توأم روحي؟
هل نسيت محلّة يحيى زكريا؟ كلّ الناس لا يذكرون مهدي إلاّ مع اسم سنان ولا إسم سنان إلاّ مع اسم مهدي!
قرأنا كل ما تيسّر لنا من الأدب العالمي ونحن لمّا نزل لم نتجاوز العاشرة من العمر أو أكثر قليلا
كنّا نلتهم كل ما تقع عليه أناملنا الصغيرة من كتب ومجلات ومنشورات ..هل نسيت أين كنّا نقرأ معا كتاب والفولاذ سقيناه ؟ على أولى عتبات سلالمكم القديمة في أيّام العطلة الصيفيّة ونحن لمّا نكد نخطو نحو الصفّ الأول المتوسّط
أين مذياعكم القديم يا مهدي وما ذا حلّ به ؟ ذلك المذياع الكبير الحجم جدا والذي لا أدري من جاءكم به ربّما ملاّ حميد أو أخوكم الكبير كريم ولكن الحقّ يًقال أنه كان يمكّننا من الإستماع إلى إذاعات كثيرة جدا يوم لم يكن كثير من الناس يستطيعون الحصول على بثّ صوت العرب بل وحتّى إذاعة موسكو!كان مذياعا عجيبا ولم أرَ قبله مذياعا يحتوي على موجات طويلة..!
حبيب إلى القلب أنت يا ( أبو صالح) هكذا كانت كنيته قبل أن تولد له أطياف التي لم تشأ الحياة أن أتعرّف عليها..ومحبُّ للنكتة ففي يوم من الأيام كنّا نستمع بواسطة ذلك المذياع الضخم إلى خطبة المسيو نيكيتا خروشوف في المؤتمر العشرين عبر إذاعة موسكو وطبعا نحن لا نفهم ولا كلمة واحدة من الروسيّة وكنّا منصتين بجدّ وكانت لهجة وصوت خروشوف مميّزة وغريبة علينا فقطع صمتنا مهدي ليقول ضاحكا وكم كان يفعل ذلك في المواقف الجادّة ..قال: هذا يبيّن من أهل الزبير يا معوّد! وكانت مقاطعه الصوتيّة أي خروشوف تنتهي بما يشبه بعض المقاطع الصوتيّة للهجة أهل الزبير وضحكنا وحوّلنا المذياع
ما قرأناه من الشعر والأدب في صبانا يسدّ حاجة طالب جامعي من طلبة هذه الأيام بلامبالغة بل أكثر، ولم نكن صغارا فقد كنّا نستوعب الكثير!
إستمعنا لمعظم الأغاني العربيّة وحفظنا منها الكثير وكانت حافظة مهدي النغميّة لا تبارى فهو يحفظ كل صغيرة وكبيرة في الجملة الموسيقيّة مع أنه لا يجيد العزف على أيّة آله وطبعا يحفظ الكلام أيضا
في صبانا كنت أنا أكثر منه حفظا أي أن سرعة ونوعيّة حفظي كانت كبيرة جدا فقد بدات بحفظ ما يقرب من خمسة عشر بيتا من الشعر من قراءة واحدة ولكنني للأسف بدأت أفقدها شيئا فشيئا
هل هذا أوان النحيب ؟
إلتقينا في ألمانيا وجلسنا يوما كاملا بالتمام والكمال (24 ساعة) نتكلّم ونتحدّث في كلّ شئ ولم يكن أي منّا يترك مقعده إلاّ إلى الحمّام
وبزغ الفجر
وتجوّلنا في الجوار في طبيعة جميلة ونهارٍ دافئ
وركبت أنت ذلك القطار السريع جدا في ساعات الفجر الأولى من اليوم التالي وكنت بلا تذكرة وخشيت أن يتم إنزالك من القطار خصوصا أنك لا تحسن الألمانيّة ولن يكون بمستطاعك الدفاع عن موقفك
وكتب لك فوفيان ورقة صغيرة إلى فاحص البطاقات يذكر فيها أن حاملها شخص مثقف ولكن لديه موعد مهم ولم يكن شباك قاطع التذاكر مفتوحا عندما وصلنا في وقت مبكّر لذلك أرجو أن تستلم منه المبلغ المطلوب وتعذره!
وهكذا كان وانطلق القطار بسرعة لا مثيل لقطار في بلادنا مثلها
كذلك انطلق بك هذا القطار الآن
إنتمينا للكشافة سويّةً
وحاولنا كتابة الشعر سويّة أيضا
وتعلّمنا هواية الإستماع للموسيقى الكلاسيكيّة العالميّة سويّةً أيضا
وكنّا نزاول الرسم والخط العربي كثيرا ولكنّك كنت دقيقا جداربما أكثر من الواجب قليلا
لقد شاهدنا أعظم الأفلام الأجنبيّة سويّةً إذ كنّا حريصين على أن نشاهد الأفلام الجيّدة مهما كان وضع جيوبنا!
فقراء جدّا نحن ولكننا أغنياء جدّابأكثر من فقرنا
أحببنا الفقراء منذ صغرنا وحاولنا أن نخلص لقضاياهم حسب مفهومنا وقدرتنا على الإستيعاب
ولن أجد أجمل من قصّة الأم خميسة لأذكرها في يوم فراقنا هذا ، تلك المرأة السوداء التي كانت تبيع الباقلاء المسلوقة عند بداية إحدى الفروع وعلى وجه التقريب عند بيت أم صبيح ومجاور بيت قادر أفندي وكانت امرأة كبيرة السنّ فوجدنا أنها تعاني كثيرا في حمل قدرها الكبير وأدوات عملها الأخرى وهي تأتي في فجر كل يوم وتغادر بعد ساعتين أو ثلاثة فألزمنا نفسينا ونحن ما زلنا في الصفوف الأولى من الدراسة الإبتدائيّة أن نذهب كلّ يوم إلى دار الأم خميسة ونحمل عنها قدرها وأدواتها إلى حيث تجلس ثم نذهب إلى المدرسة وفي أيام الجمع قد نعود إليها لنحمل عنها ما وصفنا عائدين أيضا
وكم كان سرورنا عظيما يوم حضرت الأم خميسة إلى دارينا لتوجّه الشكر ولتدعو لنا أمام أهلنا فقد كان يوما عظيما في حياتنا لم نشهد أعظم منه بعد ذلك
كان منظرنا عندما يرانا الناس في الشارع مميّزا جدا فقد كنّا نسير معا ولكن بسرعة كبيرة وكأننا نركض عند كل مشوار بل حتّى في تنزّهنا وكان هذا طبعا مثار تندّر أصدقائنا ومعارفنا
يا مهدي
لقد طرحت أنت عنك ذكريات كثيرة من الماضي في كتابك عن البصرة ولكنني أحتفظ بها كلها ولا أحبّ أن أطرحها كما فعلت لأنها كنزي الذي أحمل أينما ذهبت
وكنت أَ ؤمل النفس دوما أن نلتقي وأراهن أننا سنلتقي وأحتفظ لك هذه الأيام بجميع المقطوعات الموسيقيّة لمحمد عبد الوهاب التي كنت تحفظها وتؤدّيها بصوتك وقد حرصت أن أجمع لك كل ما كنّا نحب أن نستمع له من أجمل ما سمعنا بعد أن توفّر لنا جهاز حاسوب
ولن أسمح لك أن تغيب عنّي أكثر من هذا فلقد طال الفراق كثيرا
أنت معي وفي كياني وروحي يا توأم روحي كما تقول أنت
وليهنأ من حرصوا على تفريقنا الآن فقد أفلحوا اليوم فقط وليس قبل ثلاثين عاما أو يزيد فإنهم ما أفلحوا إلاّ هذا اليوم
في هذا الموعد مع النحيب والنشيج
لا تقولوا وداعا ..فمثله لا يغيب أبداً
ولن أستطيع أن أقول أكثر فعندي موعدُ مع البكاء والنحيب والنشيج واعتصار الذكريات ولوم الناس والأوضاع وسؤال الناس لماذا؟
لماذا؟؟؟؟
ولو كان باستطاعتي لعملت كلمة لماذا كبيرة جدا ونقشتها بنجوم السماء لتطلع على بلادي ليراها الناس كل مساء لعلّهم يكفّوا عن الأذى
(إرحل يا قمر
يا قمر
فلئن جاء الغجر
صنعوا منك خواتم وعقودا بيضاء)
(فما يُنبيك عن ظلم الليالي كمن فقد الأحبّةَ والصحابا!)

سنان أحمد حقّي
مهندس ومنشغل بالثقافة
دهوك في 1 من كانون الأول2011-12-01



#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تلعب الجامعة العربية دورا جديدا .. !؟
- تحكيم المباني ضد الزلازل من الجوانب التصميميّة !
- من سمات القيادة المقتدرة!
- تأملات تقدّميّة في ثورات الربيع العربي
- العيافة والقيافة والفراسة والطيرة...وغيرها من طبائع العرب
- أضواء على زوايا من علم الفلسفة الأساسي ( المنطق)!
- شنو؟.. لعد تردونها طول العمر؟
- من وراء الربيع العربي
- مسافرٌ زادهُ الخيالُ
- الذائقة العروضيّة وبحور بلا حدود!
- أفارسيٌّ أم عربيٌّ هو ؟ أم هو خليج البصرة!
- في الوجود والعدم..فكرة!
- نداء! (في ضوء انعقاد مؤتمر قوى وشخصيات التيار الديمقراطي الع ...
- ردٌّ على ردّ بشان موضوعنا بحور بلا حدود المنشور في الحوار ال ...
- هزّة دهوك الأرضيّة ووصايا وقائيّة مطلوبة!
- أزمة فكريّة أم نضوب فلسفي
- بورتريت سريع للشاعرالراحل عبد الخالق محمود!
- مصالح أوسع الشرائح الإجتماعيّة لها الأولويّة
- غزة ووحدة نضال الشعب الفلسطينيّ!
- قصائد مترجمة عن لغة مجهولة!


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سنان أحمد حقّي - مهدي محمد علي..توأم روحي!