أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد جمال الدين - حول الوضع في العراق ! 2















المزيد.....


حول الوضع في العراق ! 2


ماجد جمال الدين

الحوار المتمدن-العدد: 3612 - 2012 / 1 / 19 - 15:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حول الوضع في العراق ! 2
( الجزء ألثاني )

... يأس ...
لا شيء في هذه الدنيا يستحق أن نعيش من أجله ولا شيء يستحق أن نموت من أجله ، ألمؤسف فقط أننا نحيا ونموت للاشيء .. لذا نشعر أن علينا نحن أن نكافح أنفسنا كي نخلق أو نختلق سببا ما نعيش أو نموت لأجله . ثم نترك هذه ألأسباب والأهداف لأولادنا ، .... حين ندرك أنها أيضا .. عبثية .
إله نفسي


أعتذر عن تأخير كتابة هذا ألجزء من المقال ..
بالأمس إتفقت أغلب القوى السياسية المتسلطة الممثلة بالبرلمان على إمكانية إجراء إنتخابات مبكرة كطريق لحل ألأزمة وإنهاء ألإستعصاء السياسي واليوم تحاول تجميع شملها فيما يريدون تسميته بالمؤتمر الوطني .
هذا كما أعتقد يفند من جهة النظرة السوداوية التي لا ترى أفقا غير تقسيم العراق وصوملته بحروب أهلية ، فهي تبين ضعف تلك القوى المشرذمة بأهدافها أمام إرادة الشعب الناجمة عن وعي غريزى بضرورة وحدته كسبيل للبقاء ، ووعي مكتسب من تجارب ألأعوام الفائتة بأن لا ينجر وراء المطبلين للحرب الأهلية رغم كل الآلم وألأعاصير . ومن الجهة ألثانية يتيح فرصة جديدة أخرى للقوى الوطنية الديموقراطية التقدمية لإثبات وجودها بطرح برامج وآفاق واضحة وحلول عملية لتستعيد إلتفاف الجماهير حولها في ألمرحلة المفصلية الخطرة القادمة ( وهنا كتبت الخطرة لأني اقصد أن الخطورة لا تنبع فقط من الوضع الداخلي بل أيضا من كل ألأوضاع الخارجية بالمنطقة والتي يجب إستلهام ابعادها المستقبلية بشكل صحيح ) ، والتحضير جديا لأي إنتخابات قادمة يمكنها أن تأتي بوجوه جديدة على الساحة السياسية ( ولو أني أشك كما في سرعة إجراء إنتخابات كذا في أنها ستغير جذريا مواقع القوى السياسية ، ولو أنها ستكون تحولا إيجابيا طفيفا تجاه القوى الممثلة أو ألقريبة لمصالح الشعب ) .
كما وعدت ، في هذا ألجزء سأطرح بشكل رؤوس أقلام تسع إتجاهات يجب على القوى الوطنية الديموقراطية أن تناقش بشكل موسع الخطط ألعملية لتنفيذها بوضعها بشكل برامج متكاملة ومشاريع قوانين هادفة يمكن تطبيقها بأسرع وقت .. مثل هذه الخطط والبرامج ومشاريع القوانين ليس فقط تساعد على تحفيز هذه القوى لترك الحوارات الفارغة المحتوى بالركض خلف ألأفعال الشخصية وألأحداث ألانية لمتابعتها والتكهن حول ما وراءها بما يشبه حديث العجائز والمقاهي وتسمية ذلك تحليلا سياسيا ، وألإبتعاد عن خطابات المناكفة السياسية والشعارات الشعبوية والطوبوية . بل وأيضا تساهم بشكل فعال في تثقيف جماهير شعبنا وزيادة وعيه بمصالحة الحقيقية وإعطائة فهما أعمق لقيم وآفاق الديموقراطية وفوائدها كنظام ، وألأهم أنها ستشكل ضغطا جديا فعالا على كل السلطات والقوى الحاكمة لأنها تساهم بشكل نقدي بناء لأسس ومضامين الدولة ألعراقية بحيث لابد لكل من يتولى الحكم أفرادا وقوى وفئات أن يستند إليها ويجد فيها عونا ثمينا ، ( بغض النظر حتى عن مدى إخلاصه أو حتى إيديولوجيته الفكرية وأهدافه الخاصة والآنية ، ـ والحديث بالطبع عن السلطة الحاكمة حاليا سواء بشخص نوري المالكي أو حزبه وقائمته أو كل ألقوى والرموز المؤتلفة فيما يسمى حكومة الوحدة الوطنية ) . فهي تحث وتحض وتجبر الحكومة على العمل في الإتجاهات الصحيحة بدل التخبط في القرارات الجزئية من حيث لا تملك هي إستراتيجية ممنهجة ، فستكون شاكرة لهذه المساعدة من المعارضة البناءة الفاعلة . ( وأقول هذا عن إدراك تام لكل معطيات واقعنا المؤلم وتفاعلاته الديالكتيكية وليس عن أضغاث أحلام . بل أضغاث ألأحلام والتمنيات عادة ما أجده عند من يبدؤون بالشتائم على كل شيء وشيطنة الجميع ومن ثم يقعدون ينتظرون المهدي المنتظر والمسيح المخلص ) .
هذه ألنقاط رؤوس ألأقلام التالية ، الكثير منها عولجت بشكل جزئي ومجزء من كثير من ألأقلام الفردية بجهودها المخلصة بمقالات متفردة حاولت التعمق بخصوصيات المشاكل المطروحة بدون النظرة الموسعة من أعلى والربط مع مجمل ألأوضاع القائمة .. في حين على مستوى مناهج ألقوى وألأحزاب السياسية جائت فقط على شاكلة شعارات وأهداف لأغراض دعائية إنتخابية و شعبوية بحتة وينتابها الكثير من التناقض مع نفسها بذاتها ومع الواقع الفعلي . سأعدد أولا ما ببالي من رؤوس ألأقلام ومن ثم أتطرق لتوضيح مقتضب لما يقصد ضمن هذه العناوين وأهمية مناقشتها المنهجية بكل تفاصيلها ككل برنامجي موحد :
1. تغيير الدستور .، 2. معالجة هيكلية بناء الدولة وأسسها . 3. معالجة اسس البناء الإداري الذي قامت عليه مؤسسات الدولة والذي أضحى أكثر بيروقراطية وتعسفية بعد التحرير مما كان في زمن صدام حسين . 4 . معالجة هيكلية الإقتصاد العراقي وتحويله إلى إقتصاد تنموي حداثوي .5 .وضع خطة مدروسة لحل المشاكل ألإجتماعية وربطها بنيويا بقضايا وخطط التنمية الإقتصادية والبشرية ، 6.معالجة اسس البناء الثقافي والتعليمي التربوي وإيصال الفكر الحداثي الحر إلى عقول ( وقلوب ) الناس .، 7. قضايا البنية الأمنية والعسكرية . 8. توحيد القوى التقدمية في أحزاب ومنظمات جماهيرية ذات برامج واضحة لا شعاراتية شعبوية ولا شخصانية إنتهازية . والعمل من خلالها للتأثير الفعال في الواقع السياسي . 9. برلمان الظل وحكومة الظل .




1. تغيير الدستور
حين نستطلع النقاشات الجارية بين القوى السياسية المتنفذة في السلطة وخارجها حول التعديلات اللازمة على الدستور ( والتي بدأت حقيقة منذ يوم إقراره وتواصلت على مدى دورتين إنتخابيتين قبل أن تتفاقم في السنة ألأخيرة خاصة من خلال تصريحات المالكي وغيره ) نجدها جميعا ليس سوى محاولات ترقيعية لا تتناول منهجية الدستور نفسها بل فقط حذف وتبديل أو إعادة صياغة بعض المواد مع الإبقاء على ألأسس الفكرية التي تختفي وراء مجمل الدستور والتي تتعارض مع الفكر العلماني الذي يعتبر الحريات الفردية كقاعدته ألمبدأية ألأساسية ، والديموقراطي الذي يستند إلى مبدأ المواطنة لكل أبناء الشعب وليس من منظور فكرة الطوائف والمكونات في الشعب الواحد التي يجب أن تساوم مجزأة وتتنافس في ظل نظام المحاصصة للحصول على حقوقها ألأساسية الثقافية الإجتماعية الإقتصادية والسياسية . الديموقراطية التي تعني هيكلة جهاز الدولة بحيث تضمن ما يسمى إستقلالية وتوازن السلطات لكي تعبر الدولة بشكل ديناميكي عن إرادة الشعب وطموحاته ككل واحد يحكم نفسه بنفسه ، وليس ديموقراطية شكلية فقط عبر إنتخابات مجلس تشريعي عاجز يحدق في ذاته وسلطة أو سلطات تنفيذية متعالية تحكم برؤاها الخاصة للواقع والمستقبل والمنفصمة عادة ليس عن السجالات التشريعية التي يطرحها ممثلو الشعب ( ما دام حق تقديم مشاريع القوانين حكرا على السلطات التنفيذية ذاتها ) بل وعن عن إحتياجات ورؤى القاعدة الجماهيرية ومشاكل تطورها ، فلا تتحرك إلا تحت قوى الشد والجذب في حالات التأزم والإحتقان . النكتة أن كل القوى الممثلة في البرلمان ( ربما في ما عدا الأطراف الكوردية بتحالفهم المسعودي الطالباني أو من حركة التغيير والإسلاميين ،الذين يبدون عدم إهتمامهم بألأمر ما دام لا يتطرق لمكاسبهم الإنفصالية ) ، من المالكي ودولته اللاقانونية إلى الصدريين والمجلس الإسلامي ، أو من قائمة العراقية وأطرافها المتناثرة وإلى باقي ممثلي (ألمكونات ) ، كلها في ألآونة الأخيرة إنتابتها حمى جديدة من التصريحات حول التعديلات الدستورية ، وكل منها يتحدث فقط عن بعض المواد التي يريد ترقيعها بما يخدم مصالحه وأهدافه الضيقة . وألمثير للسخرية هنا أيضا أن بعض تلك المطالب بسطحيتها وإنتقائيتها تزيد تشقق الدستور المهلهل أصلا ..
لذا أعتقد أن كل من يريد أن يتحدث عن الوطنية الديموقراطية والتقدمية وبإسم الشعب أو الشغيلة أو ألمرأة ألخ أن يبدءوا بحوار جدي لطرح مشروع متكامل لدستور جديد .. هذا الحوار يجب أن يكون محورا عمليا لنشاط هذه القوى يثبت مدى جديتها والتزامها بقضايا الوطن ومستقبله من جهة ومن الجهة الآخرى من خلال الحوار المتعمق يتبين مدى إخلاص ونضوج أو قصور رؤية تلك القوى لقضايا الوطن والمستقبل تلك وحتى لقضايا الساعة وأهدافها المرحلية . وأعتقد يمكن أن نجعل هذا أساسا لبرلمان الظل ألذي سأتحدث عنه في الفقرة تاسعا .
كما ذكرت سابقا ، سأحاول المشاركة بطرح رؤيتي الخاصة في القضايا الدستورية والتي كتبتها قبل ثمان سنوات ونصف مضت .

2. معالجة هيكلية بناء الدولة وأسسها .
في العالم ما يقارب 200 دولة لكل منها خصوصياتها الهيكلية ونُظُم مختلفة لعمل سلطاتها الحاكمة ، سواء كانت بأشكال من الحكم الفردي الدكتاتوري والطغموي أو نماذج كثيرة من الديموقراطية والفيدراليات المختلفة بنيويا . هذه التجربة الغنية توضح مدى إستقرار هذه او تلك من الأنظمة وامكانيتها للتطور السلس وخدمتها لأهداف العدالة ألإجتماعية وتقدم المجتمع .
حين طُرحت مسألة الفيدرالية في العراق بعد التحرر من النظام الفاشي عارضتها بشدة ، كما يتضح من رسالتي القديمة ( موجودة في في صفحتي على الحوار ) والتي يتبين فيها أسباب ذلك وكذا في مقالي حول حول الدستور المشار إليه آنفا . وبنفس الوقت كنت قبل ذلك كتبت عن نظام فيدرالي في العراق يتناغم مع الواقع بل ويمكن أن يكون أمثولة لتوحيد دول الهلال الخصيب في دولة فيدرالية موحدة لا يزال في ألأمل أن تتحقق يوما ..
في واقعنا الحالي الذي صنعته أطماع وجهل القوى التي ساهمت فيما يسمى العملية السياسية نجد أمامنا نموذج مشوه لدولة لا يمكن أن نصفها بالدولة الفاشلة فقط لسبب واحد بسيط : أموال ألنفط الكبيرة التي تساهم في تماسك بنيان هذه الدولة وأجهزتها رغم هشاشتها الهيكلية . ولكن هذا النظام الريعي لبلد كامل لا يمكن أن يستمر دوما ، ليس بسبب نضوب النفط بل لأن التناقضات التي يخلقها تتفاقم بإستمرار بالشكل الذي يؤدي حتما إلى إنهيار الهيكلية الهشة . ( ناهيك عن ألأخطار ألأمنية التي يحملها النظام الإقتصادي الريعي وسوءاته بالنسبة لمستقبل ألأجيال أللاحقة ).
لذا فهنا أريد أن أطرح فقط بعض نقاط التشوه التي أعتبرها مفصلية ، والتي تحتاج لحوار جدي موسع من قبل ألقوى التقدمية بغية إيجاد حلول لها يمكن طرحها في واقعنا العملي ( أي ضمنا من خلال التفاعل البناء مع القوى السياسية المؤثرة في السلطة الحاكمة ) :

أـ رئيس منتخب لحفظ توازن السلطات . في الدول الفيدرالية تبرز بصورة خاصة ضرورة أن يكون رئيس الجمهورية منتخبا بشكل مباشر من الشعب وضرورة تعزيز صلاحياته الدستورية ليكون بمثابة إضافة تنفيذية للقضاء الدستوري ، الحاكم الفصل بين السلطات الثلاث ، وأيضا بين سلطات ألحكومة المركزية وألأقاليم بما يشمل حقه في إيقاف عمل رؤساء إلأقاليم ، وحتى إقصائهم في ظروف خاصة ، وتعطيل سلطاتها التشريعية إضافة لصلاحياته في حل مجلس الشعب المركزي لأجراء إنتخابات جديدة .. ربما ألدولة الفيدرالية الوحيدة ألتي تملك رئيس جمهورية بصلاحيات شبه فخرية هي الهند .. وانا لا أدري كل خصوصياتها ألتي حكمت ذلك ومنها بالطبع قدرة وهيبة نظامها القضائي ، ولكني اعتقد أن رئيس الهند يملك صلاحيات دستورية أكثر من الطالباني حاليا .
ب ـ مجلس محافظات . في الدستور الحالي هنالك فقرة عن (إنشاء ) مجلس ألإتحاد .. مادة من مواد كثيرة مضحكة بتناقضها كما بينت ذلك في مقالاتي عن الدستور المشار إليها سابقا .. في حين أن مجلس ألإتحاد ( أو مجلس المحافظات أو ألأعيان سموه كما تحبون) هو ألأساس الفعلي لأي نظام فيدرالي وبدونه لايمكن الحديث عن الفيدرالية لا تشريعيا ولا تنفيذيا .. ولذا نجد ألان الحكومة المركزية تمتلك صلاحيات ديكتاتورية أشبه بما كان في النظام السابق وتدير أمورها بشكل أهوائي ، ولكن نفوذها يمتد على كل مناطق العراق عدا ما يسمى إقليم كردستان . وبنفس ألوقت يكون البرلمان الحالي عاجزا عن حل مشاكل التناقضات الوطنية الكبرى ومسير العمل ألإستراتيجي بدون أللجوء إلى مؤتمرات وهياكل شاذة كمجلس السياسات العليا والمؤتمرات لتناول القوزي والطبيخ .
من الضرورة بمكان للقوى الوطنية التقدمية مشاريعها في طريقة إنتخاب مجلس الإتحاد وتحديد صلاحياته بشكل مفصل .

ج ـ وحدة النظام القضائي . من مساخر الدستور الحالي أنه جعل لقضاء ما يسمى إقليم كرددستان ليس فقط إستقلالية تامة بل وجعل قراراته أعلى من قرارات ألقضاء ألإتحادي (وحتى ليس فقط على ارض المحافظات الثلاث بل وفي قضايا النزاعات التي تشترك بها ) ، هذا ليس فقط تشويها في هيكلية بناء الدولة الفيدرالية بل وخرقا فاضحا لمفاهيم سيادتها .
عدا عن هذا فإن صلاحيات مجلس القضاء ألأعلى ومهامه تحتاج لتدقيق كبير ونقاش موسع من أجل تطوير فروع القضاء العراقي بشكل متكامل ، وإيجاد مشاريع لتحديث سلة كبيرة وهائلة من القوانين المتشابكة التي غالبا ما يرجع بعضها إلى العهد الملكي أو قرارت مجلس قيادة الثورة البعثية والتي ما زلنا نعمل بها .. وهذا أيضا يساهم بدوره في إعلاء مستوى الثقافة القانونية للمواطن العراقي ، وهي ألأساس في الدولة الديموقراطية .
إذا إستثنينا بعض الجهود الفردية لذوي الإختصاص في مقالات ضيقة ألتوجه وقليلة الفائدة العملية لأنها لا تجد قارئها لا على المستوى الشعبي ولا يوجد متحاورين حولها في مجلس النواب ، فأين القوى الوطنية الديموقراطية من كل هذا ؟
د ـ وحدة النظام الضرائبي وتفعيله وفق إستراتيجية واضحة متكاملة لخدمة أهداف التنمية الإقتصادية ( والبشرية ) . ألنظام الضريبي أحد أهم أسس وأركان تشكل الدول ولعب دورا هاما في تفسير فكرة المواطنة ، وأهميته لا تكمن فقط في دوره التاريخي هذا بل في أنه في الدولة الحديثة يعتبر من أهم العوامل التي توجه مسار التنمية الإقتصادية والمجتمعية . في العراق النظام الضرائبي ليس فقط مشقق ( تحت غطاء دستوري .. ) بحيث لا يمكن فعلا الحديث عن وحدة النظام بل وأيضا عشوائي لأنه أساسا يكون منتوج قرارات متفرقة عتيقة وحديثة تتخذها السلطة التنفيذية بدون تخطيط متكامل وأهداف إستراتيجية يقرها المشرع ، بحيث من الصعب الحديث عن نظام أصلا ..
لذا يكون الحوار الجدي حول بناء نظام ضرائبي جديد متكامل وواضح الأهداف والمعالم من أهم أهداف القوى الوطنية التقدمية في تغيير هيكلية الدولة وإستراتيجيات البناء اللاحق وتثقيف المواطنين أيضا .
هـ ـ وحدة النظام المالي والتخطيط الإقتصادي ، وألإستثمار ألمتناسق بمايخدم حاجات كل مناطق العراق بإعتبارها مساحة جيو إقتصادية موحدة ( وهذا من أهم فوائد ومكونات النظام الفيدرالي الصحيح ) . الواقع الحالي ينفي ما تقدم ، فدور السلطة التشريعية مقتصر فعليا على إقرار شكلي لميزانية الدولة . وتقسيم عوائد النفط بشكل محاصصة سياسية ( لكل المحافظات وألأقاليم كما ورد بالدستور المخزي ) يمثل تشويها معنويا وعمليا لهيكلية النظام المالي وألإقتصادي بما يمنع مبدأيا من الإستجابة للإحتياجات المتفاوتة وضرورات التطور على خط موحد . وسنرجع للقضايا ألإقتصادية لاحقا .
و ـ تفعيل دور الحكومة المركزية بتقليص عدد ألوزراء وزيادة كفاءة ألإدارة ألإستراتيجية على أسس علمية . وإعتماد اسس مدروسة لإنتقاء الكادر الإداري على مستوى وكلاء الوزارات والمدراء العامين بشكل تنافسي على خطط منهجية لعملهم اللاحق يطرحونها قبل التعيين ( أي ليس فقط على أسس النزاهة والكفاءات من تقييم تجاربهم السابقة ) .
هنا يجب التمثل بكثير من التجارب العالمية المتقدمة ، مثلا بتشكيل حكومة مصغرة أعضائها بدرجة نائب رئيس وزراء تبحث وتقر السياسات الستراتيجية في إتجاهات عمل الحكومة ككل ، أما باقي الوزراء فهم من التكنوقراط الملزمين بتنفيذ السياسات العامة وفق الظروف والخطط العملية التي يجري إقرارها في إجتماعات الحكومة الموسعة . ( من أحد مطالب أو إدعاءات القائمة العراقية ، لا أدري ، بأن حكومتنا الحالية لا تملك نظام داخلي ! )
ز ـ قضايا فصل وتنسيق ألمهام بين الحكومة المركزية والسلطات التنفيذية في المحافظات وفيما بين ألأخيرة ، وهذا يعني بالضرورة فصل وتسنين ( تقنين أسس ) موارد التمويل وإعادة التمويل بين المركز والمحافظات لحفظ إستقلالية ألأخيرة وإمكانيتها للتخطيط المستقبلي، وهذا بالتالي يعني تحديد المهام التشريعية أيضا بين المركز والمحافظات .
في هذه المسالة مواد كثيرة للبحث التخصصي القانوني والسياسي والإقتصادي ، والتي يجب على القوى الوطنية الديموقراطية الحوار حولها بشكل تفصيلي والإتفاق عليها كأسس قانونية .
( عذرا ولكن حضرتني هنا نكتة : في روسيا الفيدرالية عالجوا مرة في مجلس الشعب ( الدوما ) ومجلس ألأعيان ( ألإتحاد ) مشكلة رهيبة ـ تخص النحالين فقد كانت جموع النحل تنطلق من أحد ألأقاليم لتتغذى على أزهار إقليم آخر ثم تعود إلى مناحلها بعد أفلست ألإقليم المضيف .. والسؤال من يدفع ألخسائر ؟ إستمر ألإستماع عدة جلسات حتى تم إتخاذ القرارات والقوانين المناسبة .. حين كنت وما زلت اتخوف من النظام الفيدرالي المشوه فلأنه قد يجر إلى صراعات وحروب ليس على مناطق ومدن ـ متنازع عليها ـ حسب تعبير الدستور الحالي بل من صراعات حول الأراضي والمراعي والمياه أقرب لما كان يدور بين العشائر قبل مائة عام ولكن بإستعمال الكلاشينكوف والعبوات الناسفة ) .



ح ـ ألإنتخابات والنظام الإنتخابي وقانون ألأحزاب .
( لولا أني أخاف من إتهامي بمعاداة الديموقراطية لدعوت لقصر حق الإنتخاب فقط على خريجي الدراسة الثانوية فما فوق ، وهذا سيساهم بشكل فعال بمحاربة الأمية والتخلف في واقعنا العراقي وربما عشر سنوات أو عقدين لن نجد إنسانا بالغا لا يتوفر له هذا الشرط ، ولكني بدون أي خوف ووجل أدعو هنا إلى منع حق الترشح في اي من السلطات التشريعية ،المركزية والمحافظات ، لكل المعممين وأصحاب العباءات من النساء )
نظام ألإنتخابات الذي إعتمد في عام 2005 ـ 2006 ومن ثم عدل وأعتمد في الإنتخابات التالية تحت عنوان القوائم المغلقة المفتوحة من خلف ومن قدام .. بالتأكيد لا يحتمل أي نقد لأنه كان مخصصا ومفصلا ليحتوي تشوهات جسد القوى السياسية التي كانت موجودة بهرم السلطة أصلا ومحتاجة فقط لإقتراع شكلي كزي مبهرج تلبسه أمام العالم الخارجي وتخدع به عامة الجماهير المتعطشة لرؤية محاسن الديموقراطية . ( حتى في نظام دولة يقوم أساسا على التقسيم الطائفي كلبنان مثلا فإن النظام الإنتخابي هنالك أكثر ديموقراطية وكشفا وتمثيلا لأرادة الشعب بما لا يقاس من قانون الإنتخابات ألعراقي ) .
لذا على القوى الوطنية الديموقراطية التقدمية فعلا أن تناقش وضع مشروع قانون جديد للإنتخابات يضمن التعبير الفعلى عن إرادة الشعب لإختيار ممثليه الحقيقيين ولتبين ألإتجاه السياسي الغالب في الرأي العام ، وتضعه كمسودة جاهزة بحيث يمكن أن يجري الحديث عن ترويجه جماهيريا وتنافسيته مع القانون الحالي ككل مناقض .
أما عن قانون ألأحزاب ( وألمطروح ألان للمناقشة في البرلمان الحالي ) فإنني لا أنكر أن فيه بعض ألأفكار والمواد الجيدة رغم أن الكثير من ألتناقضات فيه جاءت نتيجة التساومات بين ألأطراف الحاكمة مما يجعله متهرئا وقابلا للتفسير على وجوه عديدة على شاكلة القرآن المحمدي .. يجب على القوى الوطنية التقدمية أن تعد مسودة قانون أحزاب خالي من التناقضات بكل تفاصيله بحيث نستطيع أن نفهم منه ماهي ألأحزاب الدينية ولماذا لا يمكن أن تنشأ أحزاب على هذه الشاكلة الفئوية ، ومامعنى برنامج الحزب ألخ الخ ألخ .. هنالك الكثير هنا من النقاش الذي لا يمكن إختصاره بمقال أو إثنين نقرأها بين حين وآخر .
.

3. معالجة اسس البناء الإداري الذي قامت عليه مؤسسات الدولة .
مشكلة الفساد الإداري والمالي والبيروقراطية والمحسوبية والترهل والبطالة المقنعة في أجهزة الدولة العراقية والتي نضحك ونبكي منها ونشمت في أنفسنا ، ليست بلاءا وعقابا سماويا لايمكن الفرار منه وتحييده سوى بالدعاء والتعاويذ والتقية ، وليس طامة مرضية لا نستطيع معرفة أسبابها مكوناتها وعلاجها . وعلاجها لا يكون بحلول شكلية وسطحية على غرار هيئة النزاهة ، فرغم وجود هذه أضحى إتخاذ القرارات وألأوامر والتعاليم ألإدارية أكثر تعسفية أهوائية ديكتاتورية مما كان في زمن الفاشية الصدامية .. ألآن أنا كموظف لا أستطيع حتى رؤية إضبارتي ألشخصية ! وهذا في وزارة يفترض أن تكون ابعد أجهزة الدولة عن ألسرية وألإحتياطات ألأمنية .
الحديث طويل جدا عن كل أسباب مشاكل ألجهاز ألإداري وألطرق الناجعة لمعالجتها بحلول جذرية شاملة تتضمن وتضمن مبادئ واسس قانونية واضحة لبناء الجهاز الإداري وترشيقه وشفافية عمله ، وبالطبع إقصاء ومعاقبة الفاسدين وعديمي الكفاءة .
هنالك ضرورة ملحة لأتمتة النظام ألإداري والمحاسبي في أجهزة ألدولة توصلا إلة الحكومة الأكترونية ألحديثة ، وهذا بذاته يقلل من ألكثير من ألمشاكل البيروقراطية والترهل ألحالي .
يمكن للقوى الوطنية المثابرة تقديم الكثير من الحلول وألإقتراحات لمعالجة أمراض النظام الإداري ، ومنها أيضا ترويج علني وترشيح أسماء الكفاءات ألإدارية العالية والمخلصة لشغل المناصب المفصلية في ألمؤسسات حتى لا نبتلى بامثال أيهم السامرائي وغيره ممن يخرجون من صندوق بندورا ألأحزاب الحاكمة .
ولكن بالطبع أهم ألأسباب والحلول يكمن في بنية الإقتصاد العراقي ككل والنظرة الثورية لإعادة هيكليته وفق رؤية حداثوية تتطلع للمستقبل بخطى عملية وتتخطى ألأنماط الجامدة القائمة على أفكار مؤدلجة وأمنيات شعبوية ومصيبة الكسل الجماهيري . وهذا ما نناقشه في الفقرة التالية .

يتبع في الجزء الثالث .



#ماجد_جمال_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول الوضع في العراق ! 1
- ألأستاذ حامد الحمداني ألمحترم .. سؤال .
- مقتل القذافي ومحاكمة وإعدام صدام .. أيهما أكثر تحضراً ؟
- ألإلحاد و ربيع ثورات شعوب البلدان ألعربية ( ألتأثير ألمتبادل ...
- من صنع بن لادن ؟
- وقفة خشوع
- ألأديان وألروحانيات و ألإلحاد ، رد على تعليق .
- ألأديان وألروحانيات و ألإلحاد
- هل الله يحكم ؟.. أم أوباما رئيس ألولايات ألمتحدة ؟
- ألتحولات ألديموقراطية في ألدول ألعربية هل تصب في مصلحة إسرائ ...
- دعوة للصلاة ألتضامنية
- منتدى ألملحدين ألعرب .. وألصمت ألمريب !
- رد على تعليق أيار ألعراقي على مقالتي ألسابقة ! ( 3)
- رد على تعليق أيار ألعراقي على مقالتي ألسابقة ! ( 2)
- رد على تعليق أيار ألعراقي على مقالتي ألسابقة ! ( 1)
- ألسيد صباح كنجي وألحزب ألشيوعي ألعراقي
- ألسيد نوري ألمالكي إضافة لوظيفته ..
- نقد ألسلطة ونقد ألمعارضة !!
- رسالة قديمة ألعرب وألأكراد دخلاء على ألعراق (1)
- رسالة قديمة ألعرب وألأكراد دخلاء على ألعراق (2)


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد جمال الدين - حول الوضع في العراق ! 2