أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد أوحني - لما البكاء يداوي














المزيد.....

لما البكاء يداوي


أحمد أوحني

الحوار المتمدن-العدد: 3600 - 2012 / 1 / 7 - 18:35
المحور: الادب والفن
    


لما البكاء يداوي

خرج متأخراُ من الفندق وتوجه إلى حديقة المدينة القديمة . أحس بدوار فجلس على كرسي خشبي مهترئ . كان يتأمل المارة وهو غارق كالعادة وسط أمواج من الأفكار والذكريات المريرة ، تقذفه واحدة لتعترضه أخرى مثل لعبة بين أيدي الأطفال . أراد أن يصرخ بأعلى صوته طلباً للنجدة ، إلا أنه فضل السكون حتى لا يُنعث بالحمق .

رن الهاتف طويلاً في جيبه ، أخيراً أخرجه وأطال في إجابة مناديه وعيناه مثبتتان في الأرض . كان يبتسم من حين لآخر محركاً رأسه موافقاً على أمر ما في الطرف الآخر من الخط . أعاد الهاتف إلى جيبه ، شد رأسه بين يديه وأجهش بالبكاء . كان يمرر منديلاً ورقياً بين أصابعه ويمسح به عينيه وأنفه .
ترى !!! ما أبكاه بعد أن كان يبتسم من قبل ؟ دنا منه شاب في العشرين وسأله :
" ما يبكيك عمي ؟ هل توفي أحد أقاربك ؟ أنا في خدمتك وسأساعدك إن لزم الأمر ، أنا يتيم الأب واعتبرني مثل ابنك " .
أجابه : " يا ولدي ، أقاربي لا يزالون أحياءً ، ولكنهم في عداد الموتى منذ زمن طويل ، هم سبب تعاستي وما أنا فيه من حالة بئيسة لا منتهية . عندما يشتد علي المضيق وينفذ صبري ، لا أجد بداً من استعمال دواء وجدته يخفف علي آلامي ، وأنسى بعد ذلك ، بل أتناسى كل شيء لبعض الوقت . ألجأ إلى البكاء كما ترى لأنه بلسم يداويني . ثم إنني لا أجد من ألجأ إليه لمساعدتي والوقوف إلى جانبي في محني التي تؤنسني في كل وقت .
حاولت مرات عديدة أن أطردها ، ولكنها ألفتني وتمسكت بي ولا تبرحني . شرعت فيما مضى في وضع حد لأيامي ، إلا أنني قررت في النهاية الاستمرار في العيش على بعض الأمل البعيد ، أعتبره ملجأي الوحيد الذي سينتشلني وينجدني يوماً من مخالب هذا الضياع الأبدي ".

قاطعه الشاب وهو يضه يده على كتفه :
" يبدو أن الحياة وهؤلاء أقاربك قسوا عليك وتحملت منهم الكثير . فما هو هذا الشيء الذي تعيش من أجله ، ولو أنه تدخل في حياتك الشخصية ؟ " .
تابع الرجل حكيه كأنه كان سجين الكلام وقال له :
" لقدد مررت منذ طفولتي بصعاب كثيرة منحتني تجارب أستدل بها ، وتعلمت أن كل شيء لا يستحيل بلوغه ما دامت للمرء رغبة في الحياة وإرادة ملحة ، وشجاعة كالتي يتزود بها المحارب حين يضع الانتصار نصب عينيه . كما أن لا شيء فاته الأوان في كل وقت ولو حتى آخر أيام العمر . لا أخفي عنك ، إنني لا أزال أعيش من أجل فتاة من مدينة وجدة المغربية . اسمها نادية ، اسم جميل ، وهي أجمل . ساقها إلي ، وساقني إليها شيء اسمه القدر . ما أقوى ذلك الحبل التواصلي المتماسك الذي يربطنا ، كله ألفة وحب واحترام متبادل وإحساس بأن الواحد جزء من الآخر . ما يمكنني قوله عنها هو إنها الحياة ، بل القدر نفسه .
لم أرها منذ مدة طويلة ، ولكنني أتذكر ملامحها ، أحدثها ، أسمع صوتها ، أتحسس يديها ، أشدهما وأقبلهما ... ما أفرح وما أسعد اللحظات التي أكون فيها ممدداً على سريري وأرسم معها خطاً لما تبقى من حياتنا " .

أحمـد أوحنـي – مراسل وكاتب صحافي - المغرب



#أحمد_أوحني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحظ الآخر وأنا
- أدواء ... ودواء من الشرق
- دياجير الزمن
- لمَّا العيدُ فات
- أخيراً وجدتُ الكنز
- عيد مباركٌ لاَ سعيدٌ
- عندما عاد الصباح وأشياء أخرى
- الطاغية والوديع
- المخزن كاين ... المخزن ما كاين
- ?L’exemplarité : un choix ou une prescription
- نجباء و لكن خنازير
- الذي أبكى الملايين يبكي
- عندما لا يُذكر الأموات بخير .
- عندما يتضاءل الكبار
- قصة قصيرة : مشاريع فاشلة في أزمان آفلة
- بقايا رجل
- قصة قصيرة : عند أمّ حازم
- رجلٌ للبيع
- أغبى رجل في العالم
- قصة قصيرة جداً : البحث عن موجود


المزيد.....




- رئيسة مجلس أمناء متاحف قطر تحتفي بإرث ثقافي يخاطب العالم
- رئيسة مجلس أمناء متاحف قطر تحتفي بإرث ثقافي يخاطب العالم
- مشاهدة الأعمال الفنية في المعارض يساعد على تخفيف التوتر
- تل أبيب تنشر فيلم وثائقي عن أنقاض مبنى عسكري دمره صاروخ إيرا ...
- قراءة في نقد ساري حنفي لمفارقات الحرية المعاصرة
- ليبيريا.. -ساحل الفُلفل- وموسيقى الهيبكو
- بطل آسيا في فنون القتال المختلطة يوجه تحية عسکرية للقادة الش ...
- العلاج بالخوف: هل مشاهدة أفلام الرعب تخفف الإحساس بالقلق وال ...
- دراسة تكشف فوائد صحية لمشاهدة الأعمال الفنية الأصلية
- طهران وموسكو عازمتان على تعزيز العلاقات الثقافية والتجارية و ...


المزيد.....

- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد أوحني - لما البكاء يداوي