أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - أحمد أوحني - عندما لا يُذكر الأموات بخير .














المزيد.....

عندما لا يُذكر الأموات بخير .


أحمد أوحني

الحوار المتمدن-العدد: 3473 - 2011 / 8 / 31 - 19:10
المحور: سيرة ذاتية
    


عندما لا يُذكر الأموات بخيـر .

عندما توفي والدي منذ سنين ، وصلني نبأ وفاته عن طريق رسالة نصّية عبر الهاتف من طرف أحد سكان القرية ، كان الوقت ليلاً ، في البداية ، وسوس لي ذلك الشيطان الإنسي الذي يُلازمني وتردَّدت في السفرلحضور مراسيم دفنه . وبعد جدال داخلي طويل ، قمت من سريري ، فحلقت ذقني وجمعت بعض أغراضي استعداداً للسفر في الصباح الموالي باكراً .

ولكن ، عندما اقتربت الحافلة من القرية ، عاد إليَّ شيطاني من جديد ، فقررنا سوياً عدم الحضور إلى المقبرة ، بل حتى عدم معرفة مكان قبره ، وهو ما أجهله إلى اليوم . لذلك تواريت عن الأنظار إلى أن انتهى الدفن والتحقت بمنزل العائلة لاستقبال سكان القرية الذين حضروا لتقديم الخدمة والعزاء . أتذكر صراخ وعويل أخواتي وهن يرددن ما يشبه أشعاراً كلها حسرات على الفقيد وندم على غيابه الأبدي لكونه كما يقولون ركيزة العائلة ، كأن الزمن سيتوقف على إثر الحدث .
لا أنكر أنني بكيت ، لكن قليلاً ، لم أبك لوفاته ولكن لما ألحقه بي من ظلم وجور وشقاء وتعاسة في حياتي ، مع العلم أنني كنت أعطف عليه أكثر من إخوتي ذكوراً وإناثاً ، ولم أجرؤ يوماً أن أسأت إليه ، بل أحسنت إليه طوال حياتي حسبما يمليه كل من الدين والضمير والأخلاق . ترك وراءه أراضي ومزارع ومواشي كثيرة . لكنه فضل قيد حياته أن يهب ويقسم أغلبها على إخوتي دون حتى علمي ، إلى أن اكتشفت ذلك فيما بعد .

لا أزال أتذكر دعواته لي بالرضا والخير وحسن مستقبلي وصلاح أبنائي في كل زيارة أقوم بها لعيادته خصوصاً في آخر حياته . لكَم كان يعبّر عن فرحته وأنا أقدّم له بعض الهديا من قبيل ما يُلبس أو يُؤكل ، وحدث أن حاول تقبيل رجلي مرَّات عديدة عندما أخذ الزمان منه وهرم وفارقته قواه كلها ، حيث كنت أساعده في الوقوف والجلوس وأنظف حاله العفنة أحياناً وأنصت لأحاديثه التي لا تنتهي ، والمتميزة في آخر أيامه بالهديان .

أما إخوتي ، فأفضل مناداتهم بالشياطين الآدميين ، وكبيرهم يحمل اسماً جميلاً : " محمـد " ، هذا الأخير يكبُرني كثيراً ، نشأنا في بيت واحد ووسط أسرة واحدة . كنت دائماً أكره أن أناديه بهذا الاسم لأن تصرفاته وأفعاله تميل في غالبيتها إلى الغش والمكر والخديعة ولعب الأدوار الشريرة . غير ما مرة نصحته ولا ينتصح أبداً . عندما علمت بتزويره أغلب ما يتعلق بالتركة وتدوينه باسمه بصفة رسمية ، لم أستسغ الأمر وتسبب لي ذلك في مرض وكآبة لا منتهيين ، إلا أنني تجاوزت الأمر مع مرور الوقت . ذلك كان صنيع أبي ، لن أذكره بخير ولن أدعـو له بالرحمة أبداً .

وبمناسبة ذكر الأموات ، وعلى سبيل الحكي ، يُروى أن رجلاً نزل ببلدة فطاف به أحد أصدقائه ومرّا بالقرب من مقبرة ، فقرأ الرجل على أحد القبور : هذا قبر فلان ، ولد عام 1910 وتوفي سنة 1965 وعاش عشر سنوات . فاستغرب واستفسر صديقه عن سرّ هذه الكتابة ، فأجابه أن عادة أهل البلد يحسبون فقط عدد السنوات والأيام التي عاشها الميّت سعيداً في حياته ويسقطون بقية السنين . عندها قال الرجل لصديقه : " أرجوك ، لو قدّر لي أن أموت في بلدتكم اكتبوا على قبري : هذا قبر فلان ، من بطن أمّـه إلى قبره " . وإذا عملنا بعادة أهل هذه البلدة ، أكون قد عشت سنةً على الأقل وعاماً على الأكثر .
ذ.أحمـد أوحنـي - أفـورار - المغرب



#أحمد_أوحني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يتضاءل الكبار
- قصة قصيرة : مشاريع فاشلة في أزمان آفلة
- بقايا رجل
- قصة قصيرة : عند أمّ حازم
- رجلٌ للبيع
- أغبى رجل في العالم
- قصة قصيرة جداً : البحث عن موجود
- امرأةٌ ونصف رجل
- لمَ عُدتَ أيّها الشيء الجميل ؟


المزيد.....




- -صفقة مع الشيطان-.. نائب أمريكية تهاجم قانون ترامب -الضخم وا ...
- أثاث ينمو من الأرض على مدى 10 سنوات.. والنتيجة تحف فنية نادر ...
- الجيش السعودي يثير تفاعلا بتدشين أول سرية منظومة -ثاد- الأمر ...
- نشاط جديد في موقع -فوردو- الإيراني.. والصور تظهر ردم حفر خلف ...
- إجراء إسرائيلي يهدد مستقبل عشرات الطلبة الفلسطينيين بالضفة
- أسلوب استقبال محمد بن سلمان للرئيس الاندونيسي ولقطة مع وزير ...
- الإبلاغ عن أكثر من 1850 حالة إخفاء قسري في بنغلاديش
- عدة مصابين في إطلاق نار بمركز تجاري في ولاية جورجيا الأميركي ...
- 17 شهيدا بغزة في غارات إسرائيلية منذ فجر اليوم
- وزراء من حزب ليكود يطالبون نتانياهو بالإسراع في ضم الضفة الغ ...


المزيد.....

- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - أحمد أوحني - عندما لا يُذكر الأموات بخير .