أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - أحمد أوحني - لمَ عُدتَ أيّها الشيء الجميل ؟














المزيد.....

لمَ عُدتَ أيّها الشيء الجميل ؟


أحمد أوحني

الحوار المتمدن-العدد: 3466 - 2011 / 8 / 24 - 14:40
المحور: سيرة ذاتية
    


لمَ عُدتَ أيّها الشيء الجميل ؟
سألوني منذ ثلاثين سنة مضت عن مصير ذلك الشيء الجميل ، فأجبتهم إنني طمرته تحت أكوام من التراب في قعر الماضي ، وأكَّدت لهم أن عملية طمره فيها فائدة نحن الإثنان ، سنُريح ونستريح ، عجبوا أن انتهت الحكاية على هذا النحو ، إلاَّ أن الأمر صار عكس ما توخيته تماماً ، لا أخفي أنني تألمت وعانيت ولحقني أذىً كبير جرَّاء فقدانه . بعد ذلك ، لجأت إلى سبُل شتى آملاً أن أجد فيها بديلاً له ، فجرَّبت السّكر والعربدة والتَّوه والشرود إلى أقصى حدّ يمكن بذلك أن ينمحي من ذاكرتي . مسألة الذاكرة هذه إذا كانت قوية ، يقولون إن صاحبها يشقى كثيراً خصوصاً إذا كانت لديه ذكريات مريرة . مع مرور الوقت ، جعلت نفسي أتناساه ، لكن طيفه يطفو من حين لآخر على سطح حياتي ويقلّب أجواء حالي إلى ما هو أسوأ . وهكذا جعلتُ حياتي تأخذ قسراً منحىً آخر ، فتوالت عليَّ السّنون ليحلَّ الكبَر والشيب محل كل الأشياء الجميلة .
وفي أحد الأيام ، خرجت ليلاً أتجوَّل على جنبات الشارع الكبير متفرجاً على أنواع السلع الخارجية المعروضة على الطوار للبيع . وإذا بصوت يقول لي في استخفاء واستحياء : " اسمح لي سيدي ، أنت من مدينة *** ؟
قلت : " نعم "
قال : " واسمك السيد *** وينادونك السي *** ؟ "
قلت : " هو كذلك ، ولكنني أجهل من تكون ، وإن كنت أعرفك ، فإنني لم أعد أتذكرك ، فمن أنت ؟ "
قال : " أنا هو الشيء الجميل ، أتذكرني ؟ " . دوَّى جوابه كالرَّعد في أذناي وأحسست بالأدرينالين تموج في أنحاء جسمي .
قلت ويداي على رأسي : " ألم أحسن طمرك يوم دفنتك ؟ أنت بعودتك ستؤلّب عليَّ المآسي من جديد بعد أن هدأت حياتي ، ماذا تريد منّي ؟ يا لهذا الزمان الذي غيَّر شكلك ، ولكنَّ جمالك أقوى من الزمان نفسه فاحتفظتَ بملامحه " .
أردت أن أحكيَ له كلاماً كثيراً دفعة واحدة ، فشُلَّ لساني تحت نظراته وتحت أشياء اسمها الحيرة والندم والضعف . حاولت مواصلة الحديث فقاطعني ليلتمس مني الصفح عن بعض الأذى الذي سبَّبه لي في وقت سابق فنزلت عند رغبته ، أردت استفساره عن أمور كثيرة كموئله ومآل عيشه ، لكنه اختفى وسط جموع الناس الذين غصَّ بهم الشارع . لم أتمكَّن من متابعته لنقصان بصري وقلة الضوء . وبدافع شيء ما بداخلي ، قرَّرت البحث عنه ، فصرت أركض جيئة وذهاباً في كلّ الاتجاهات لمدَّة فاقت ساعة زمن حتى أنهكني العياء ، فجلست إلى طاولة في مقهىً يمين الشارع .
طلب مني النادل كعادته : " ماذا تفضل اليوم سيدي ؟ "
قلت : " أحضر لي أيَّ شيء من فضلك "
غاب لمدة عشر دقائق ليعود بكأس من الماء وضعها أمامي ، وحيث كنت أبكي وأمسح دموعي ، انحنى إليَّ وقال : " ما بك سيدي ؟ هل يؤلمك شيء ما ؟ هل أستدعي لك سيارة إسعاف ؟ "
قلت : " نعم ، يؤلمني الشيء الجميل "
أقسمَ أنه لم يفهم شيئاً ، واستأذن ليخدم زبوناً آخر وصل على التوّ . استجمعت أنفاسي وتذكَّرت الحظ اللَّعين الذي لا يحبّني ، فمؤخراً سألني شخص يعرفني عن قرب : " لماذا يعاكسني الحظ دائماً ؟ " لقد صدق ، الحظ وأنا لا نلتقي أبداً ، أحبه ومع ذلك فهو يكرهني ، بل يرفض حتى مجرَّد النظر إلي . هذا أمر غيبي لا أمتلك جوابه اليقين ، فقد أكون ورثته عن أحد أصولي ، أو قد يكون الله أمره أن يجنُبني إلى حدود الساعة ، وقد أكون كما يُقال من الرجال النّحوس .
ذ.أحمـد أوحنـي



#أحمد_أوحني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- الجيش الباكستاني يجري تجربة صاروخية ناجحة وسط تفاقم التوترات ...
- مصر تبلغ الولايات المتحدة رفضها التدخلات الإسرائيلية في سوري ...
- من هم أبرز الصحفيين الذين قُتلوا في حرب غزة؟
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد قواته لحماية الدروز في سوريا، ...
- فرنسا ـ محاولة سرقة ساعة فاخرة بقيمة 600 ألف يورو من أمير قط ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن -انتشاره بجنوب سوريا- وبيدرسون يدين ال ...
- البرلمان العربي يندد بانتهاكات إسرائيل
- الجيش الإسرائيلي ينشر مشاهد لغاراته العنيفة الأخيرة على مواق ...
- مراسل RT: الطائرات الأمريكية تشن 6 غارات على مديرية مدغل في ...
- -القسام- تنشر فيديو لأسير إسرائيلي نجا من القصف على غزة يوجه ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - أحمد أوحني - لمَ عُدتَ أيّها الشيء الجميل ؟