أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - خليل كلفت - إلى أين يقود علم الوراثة؟ - چان ڤايسينباخ















المزيد.....



إلى أين يقود علم الوراثة؟ - چان ڤايسينباخ


خليل كلفت

الحوار المتمدن-العدد: 3591 - 2011 / 12 / 29 - 22:51
المحور: الطب , والعلوم
    


إلى أين يقود علم الوراثة؟
من محاضرات جامعة كل المعارف
ألقيت فى فرنسا فى عام 2000
Université de tous les savoirs
الجزء الأول: ما الحياة؟
ترجمة: خليل كلفت
الطبعة العربية ضمن الجزء الأول
الناشر: المجلس الأعلى للثقافة، المشروع القومى للترجمة، القاهرة، 2006
 
 
 
 
المحتويات
1: تحديد تحديات الچينوم البشرى: كيف ولماذا ...................
2: الاستنساخ ..................................................
3: تقنية نقل الچينات والتطفير الچينى والچينوم الوظيفى ............
4: نقل الچينات وتطبيقاته .......................................
5: الرهانات الأخلاقية لعلم الوراثة ...............................
 
 
 
 
1
تحديد تسلسلات
الچينوم البشرى:
كيف ولماذا[i]
Jean Weissenbach
چان ڤايسينباخ
 
مقدمة
     تحتوى خلايا الكائنات الحية على برنامج تعليمات (الچينوم génome) يسمح لها بأن تحافظ على حياتها أو بأن تتكاثر. وهذه التعليمات (الچينات génes) مشفرة فى صورة كيميائية على طول جُزَيئات molécules عملاقة، جُزَيئات "دنأ" [ADN  بالفرنسية و DNA بالإنجليزية] التى تكوِّن الكروموزومات. ولا غنى عن معرفة هذه التعليمات فى فهم الظواهر البيولوچية على المستوى الخلوى والجُزيئى. على أن هذه المعرفة تمثل، بالإضافة إلى هذا، نقطة بداية تطبيقات متزايدة فى مجالات الطب والصناعات الصيدلانية، والبيوتكنولوچيات، والصناعات الزراعية الغذائية، وفى مجالات أخرى فى تداخل مباشر مع العمليات البيولوچية (الزراعة، البيئة).
     وتتألف شفرة التعليمات (الشفرة الچينية) من ألفباء كيميائية من أربع علامات نيوكليوتيداتnucléotides  [مكونات الخلية الحية] (أو القواعد)، ويُرمَز إليها بحروف G وC و A و T. ويتألف نيوكليوتيد "دنأ" من تسلسل ملايين من هذه العلامات الأولية مثل قلادة من اللآلئ بأربعة ألوان. وهذه الصورة للتسلسل هى التي تسمح بتخزين المعلومات البيولوچية، بنفس الطريقة التى يسمح بها تعاقب الأوكتيات  octetsالمغناطيسية بتخزين المعلومات في جهاز كمبيوتر. وبكلمات أخرى فإن "دنأ" يمثل ذاكرة الكائن الحى. وللتعرف على التعليمات التى يحتوى عليها جَزيئ "دنأ"، ينبغي أن نقرأ تعاقب علامات التسلسل ( ألوان اللآلئ على طول القلادة). وهذه القراءة هى التي نسميها تحديد التسلسل[ii] séquençage وهى التى نستطيع تطبيقها على نطاق صغير (عدة آلاف من القواعد أو الحروف) منذ السبعينات، وعلى نطاق كبير (عدة ملايين من القواعد) منذ منتصف التسعينات.
     ومنذ تعلـَّم الإنسان قراءة تحديد تسلسل "دنأ" خلال السبعينات فإنه يحلم بأن يعرف چينومه الخاص، حتى إن كان ما يزال غير قادر على أن يعرف معنى كل التعليمات المتضمنة فى هذا الچينوم. وهذا الحلم في طريقه إلى أن يصير واقعا: منذ عدة أعوام تم بدء برنامج دولى عملاق مخصص لتحديد تسلسل الچينوم البشرى فى مجموعه، أى ثلاثة مليارات من القواعد. وصارت مجموعة كاملة من النتائج الناشئة عن تفسير واستعمال هذه المعطيات متوقعة خلال العقود القادمة. وسوف نستعرض أهم تلك النتائج على المستوى العلمى، والمستوى الطبي، وعلى مستوى بعض التطبيقات، دون أن ننسى أن النتائج العلمية ستكون هى ذاتها ماثلة فى منشأ الغالبية الساحقة من التطبيقات الجديدة.
النتائج العلمية
     على المستوى الأكثر بساطة يجرى إحصاء التعليمات ثم البحث عن دلالة بيولوچية لكلٍّ من هذه التعليمات التى نشير إليها اليوم باسم مداخل ما بعد چينومية postgénomiques. وبالإضافة إلى هذا فإنه سيكون من المفتعل إلى حد ما أن نفصِل الإحصاء عن التفسير، لأن الإحصاء نفسه يمكن أن يتطلب درجة بعينها من التفسير. كما يجب أن يرتكز الإحصاء والتفسير على الأعمال التى تتناول چينومات أخرى، وبصورة خاصة الچينومات الصغيرة، التي فتحت الطريق والتى تواصل خدمة النظم الرائدة على مستوى تفسير المعطيات وفي الدراسات الأخرى ما بعد الچينومية. ولا شك فى أن التفسير الذى ما يزال يشكل تحديا كبيرا، حتى بالنسبة للچينومات الصغيرة، سوف يشغل غالبية علماء البيولوچيا خلال عقود عديدة.
إحصاء التعليمات
     سوف يتمثل أحد الأهداف الأولى للتفسير إذن فى إجراء إحصاء كامل بقدر الإمكان للچينات. ويعتمد هذا الإحصاء على مقارنة (بصورة خاصة مع چينات معروفة بالفعل لچينومات أخرى) وعلى تنبؤات يتم التوصل إليها بمساعدة برامج معلوماتية أخرى. ونظرا لضخامة حجم المعطيات الذى سيكون متوفرا قريبا، يمثل هذا التحليل المعلوماتى تحديا لم يسبق له مثيل فى البيولوچيا. وسوف يزداد التحليل تعقيدا بسبب واقع أن كتلة المعطيات سوف تزداد على مرّ الأعوام وبسبب واقع أنه لا مناص من أن تعاد مراجعتها بصورة متواصلة لأخذ المعارف الإضافية فى الاعتبار. وبالإضافة إلى هذا فإن نتائج المعالجات التى تجريها البرامج القائمة لا مناص من أن تفحصها عيون خبيرة، والواقع أن هؤلاء الخبراء غائبون بشدة فى أغلب البلدان، فى القطاع الأكاديمى وكذلك فى الشركات الخاصة. وانطلاقا من هذه المعطيات التى جرى تحليلها، يمكن أن نقوم بجرد لمجموع چينات أحد الأفراد.
تفسير التعليمات
     بقدر ما يعطي التحليل المعلوماتى أحيانا معلومات عن الوظيفة، يبدأ التفسير عند هذه المرحلة. وإذا كان يمكن، بالنسبة لقسم من التعليمات، استنتاج الوظيفة من تحليلات معلوماتية فإنه، بالنسبة لأقسام أخرى عديدة من التعليمات، سوف تسمح مناهج تجريبية إضافية وحدها بالتحديد الدقيق لطبيعة التعليمات. وبالإضافة إلى هذا فإنه حتى عندما يكون من الممكن التنبؤ بوظائف الچينات عن طريق برامج معلوماتية فإنه ينبغى إثبات صحة هذه التنبؤات عن طريق تجارب. وأخيرا فإننا نلاحظ أيضا أن التفسير عن طريق المقارنة يمرّ فى كثير من الأحيان بالحصول على معطيات عن معلومات مبرمجة إضافية.
     وبصفة عامة، يبقى عمل خلية، وكائن حَىّ متعدد الخلايا، غير معروف بجانبه الأكبر. وحتى إذا لم يُعطِ فَهم كل تعليمة من تعليمات (چينات) كائن حَىّ صورة كاملة للظاهرة الحيوية، فإنها تمثل خطوة هائلة إلى الأمام بالقياس إلى حالة المعارف الراهنة. وبالتالى فإن دراسة دَور كلّ چين مسجَّل سوف تصير أحد الأهداف الرئيسية للبيولوچيا فى العقود القادمة. وتجرى الآن بالفعل دراسة من هذا النوع للچينات العديدة ذات الوظيفة غير المعروفة للچينومات التى صارت معلوماتها المبرمجة الكاملة متوفرة.
     وتظهر التعليمات البيولوچية التى يتضمنها چين فى صورة جُزَيئ آخر، پروتين يقوم بتخليقه تحوُّلُ شفرة "دنأ" بفعل الآلية الخلوية للتخليق الپروتينى. والپروتين هو الذى يقوم على المستوى الخلوى بتنفيذ التعليمات المتضَّمنة فى الچين. وعلى هذا فإن التعرّف على وظيفة أحد الچينات إنما هو التعرف على وظيفة الپروتين. ومن أجل فهم المعلومات، يجرى سلوك طريقين رئيسيين: يتمثل أحدهما فى دراسة الپروتينات التى جرى تحديد نوعها حديثا بوجه عام في نظم مختبرية in vitro، ويتمثل الآخر فى أن نلاحظ على الكائن العضوى (حيوان، نبات، كائن حى مجهرى) الأحوال الطبيعية لتعبير چين وكذلك تأثير تغيرات هذا الچين. وبسبب سَيل الچينات المحددة النوع حديثا، نشهد نشوء مجموعة جديدة من الاختناقات فى المناهج التجريبية على مستوى الفروع العلمية الكلاسيكية للبيولوچيا: البيولوچيا البنائية، والكيمياء الحيوية، والبيولوچيا الخلوية، والفسيولوچيا، والبيولوچيا، وعلم الوراثة، إلخ.. وكل هذه الفروع العلمية، التى استوعبت على وجه الإجمال grosso modo الدراسات حول الپروتينات الجديدة (وچيناتها) أولا بأول كلما جرى اكتشافها، قد أغرقها الآن تدفق عشرات المليارات من الچينات الجديدة الناتجة عن برامج التحديد المنهجى  لتسلسل الچينومات. وسوف تزداد هذه الحالة حدّة فى غضون الأعوام القادمة.
     وإلى جانب التحدى المعلوماتى المشار إليه أعلاه، يتراءى إذن تَحَدٍّ آخر يُعَرِّض مجموعات من عشرات الآلاف من التجارب للخطر. ونعلم أيضا أن التجريب المنهجى المخصص لمجموعة من الملاحظات لن يكون قادرا على أن ينجرف نحو غير المتوقع. والواقع أن غير المتوقع وغير المتنبأ به يمثلان مصدرين رئيسيين لمعارف جديدة، كما أن الملاحظات المدققة التى تم إجراؤها على نطاق چين واحد أو ناتجه، والتى لا يتضمنها نموذج على النطاق الكبير، لا يمكن توقعها على نطاق چينوم. وفى هذا يكمن بكل وضوح إفقار لتطور البحث وانحراف كمّىّ من المؤسف أنه لا مفر منهما لأسباب تتعلق بالتكلفة.
صورة شاملة
     واليوم نستخدم أيضا طرقا جديدة تسمح في آن واحد بمعرفة مستوى نشاط كل چين فى نسيج مُعطى. وتقوم هذه الأساليب بصورة خاصة على استخدام معطيات تحديد التسلسل وعلى جرد الچينات. ويمكن تطبيق هذه الطرق فى مقارنة أنسجة كائن حى بعضها ببعضها الآخر، أو مقارنة مختلف الأحوال الفسيولوچية لنسيج بذاته، أو ملاحظة تأثير عقار على التعبير الچينى[iii] expression لمجموع چينات النسيج، وهكذا. وفى الوقت الراهن جرى بدء برامج جديدة فى بلدان عديدة في سبيل الحصول على صورة شاملة لتعبير چينات الأنسجة السرطانية، بطاقة هوية الأورام. وتسمح هذه البرامج بتحسين تشخيصات السرطانات، وبالتمييز بينها لأورام تعتبر اليوم متماثلة، وبالتالى بالدمج بصورة أفضل بين العلاجات، وربما بالتعرف على پروتينات جديدة تكون أهدافا لمفعول العوامل العلاجية المضادة للأورام.
النتائج الطبية فى الپاثولوچيات النادرة
     لعدد كبير من الأمراض البشرية عامل چينى (وراثى). وتأثير هذا العامل على المرض متغير. وبالنسبة لأمراض عديدة نادرة فإن تبدُّلا (طفرة mutation) فى چين واحد سوف يتجلى بوجه عام بظهور مجموعة من العلامات المميزة للمرض، فى حين أنه بالنسبة لغالبية الأمراض الشائعة مثل البول السكرى، وارتفاع ضغط الدم، والأمراض العصبية-النفسية، إلخ.، فإن مفعول تغيرات الچينات يُعَدِّله تأثير يمارسه باقى الچينوم والمحيط البيئى. وهذا هو السبب فى أننا نميز بين، من جهة، الأمراض الچينية (الوراثية) الخالصة النادرة، والمسماة أيضا بالأمراض المندلية[iv] mendéliennes، أو بالأمراض ذات الأصل البشرى الواحد[v] monogéniques، والتى يمكن التنبؤ بظهورها حالما نتعرف على الچين المسئول، ومن جهة أخرى الأمراض الشائعة، التى يكون أصلها متعدد العوامل، والتى بالنسبة لها لا يفضى وجود عامل استعداد لدى فرد إلى ظهور المرض بالضرورة.
أرض صيد صارت مألوفة
     بدأ عزل الچينات الأولى المسئولة عن الأمراض الوراثية بالمعنى الدقيق stricto sensu نحو منتصف ثمانينات القرن العشرين، فى حين أن معارفنا عن الچينوم كانت بالغة التجزُّؤ. وإنما فى تلك الفترة، فى أعقاب هذه النجاحات الأولى المشجعة، أدركنا أن معرفة بالمجموع الكلى للچينوم سوف يُيَسِّر بصورة كبيرة تحديد أنوع الچينات الماثلة فى منشأ الأمراض الوراثية. ومن هذه الاعتبارات نبع مشروع الچينوم. وشهدت مرحلة أولى فى بداية التسعينات إعداد خرائط مفيدة من أجل الاستدلال على الچينوم على مواقع الداد خرائط مفيدة من أجل الاستدلال على النا أن معرفة بالمجموع الكلي للضرورة. الأمراض الشائعة مثل البول السكلوچينات المرضية وهى تنتقل داخل عائلات بعينها. واشتهرت الفرق الفرنسية بصورة خاصة أثناء هذه المرحلة الأولى لبرنامج الچينوم. ومن الناحية العملية تسمح الخريطة الوراثية (الچينية) التى جرى إعدادها فى چينيتون Généthon بتحديد موضع چين مرضى داخل مسافة تمثل أقل من 0.1٪ من الچينوم. غير أنه حتى فى هذه المسافات الصغيرة جدا، ما يزال من الممكن أن يستغرق طور تحديد النوع وقتا طويلا وأن يُكلف الفرق المشترِكة فى مطاردة الچينات جهودا هائلة.
من المطاردة إلى الملاحقة المنهجية
     على حين أننا فى الماضى كنا نلجأ إلى ترسانة بأسرها من التقنيات المملة والشائكة من أجل البحث عن الچينات، صارت تكنولوچيات تحديد ترتيب التسلسل قادرة بصورة كافية على أن يشكل هذا النهج الآن الطريقة الأكثر فاعلية والأكثر سلامة لتحديد نوع هذه الچينات. وبصورة خاصة فإن معرفة التسلسل تسمح باختيار منهجى وقياسى للچينات المرشحة التى سيجرى بحث التحولات عليها بعد ذلك. ومن المؤكد بالتالى أن برنامج التحديد الكامل للتسلسل سيكون له تأثير كبير على البحث عن هذه الچينات المسئولة عن الأمراض ذات الأصل البشرى الواحد. ولهذا يجب أن نتوقع تسريعا كبيرا فى هذا الميدان، ولا مناص من أن يتم تحديد نوع غالبية چينات الأمراض المندلية فى غضون الـ 3 إلى 5 أعوام المقبلة.
ضوء جديد على الفسيوپاثولوچيا
     حتى إذا كانت الأمراض الوراثية المندلية نادرة، وحتى إذا كان التأثير على الصحة العامة صغيرا، فإن اكتشاف هذه الچينات يمثل مرحلة أساسية فى فهم وظيفة چينات الچينوم البشرى والتطورات الفسيوپاثولوچية بمجموعها. ولا شك فى أن التطورات لن تكون سريعة جدا (انظر أدناه)، غير أنه لا مناص من أن يصبّ هذا، فى النهاية ، فى فتح دروب  في صيد الجديدة أمام علم العلاج الصيدلانىّ أو دروب أخرى، إلى جانب طريق العلاج الچينى الذى ما يزال يحبو فى بداياته. وتوجد على وجه الخصوص أشكال مندلية لأمراض شائعة بعينها. ونحن نعرف كذلك بعض أنواع أمراض البول السكرى، أو بعض أشكال مرض ألزهايمرAlzheimer الوراثية بكل دقة. ويمكن أن يقودنا اكتشاف الچينات المسئولة فى هذه الصور المندلية إلى توضيح جوانب أساسية لفسيوپاثولوچيا هذه الأمراض، ويسمح بالتالى، كما هو متوقع، بإنجازات فى علاج الأشكال الأكثر شيوعا وليست على وجه الدقة وراثية.
الفائدة التشخيصية
     يمثل تطور أدوات التشخيص الجُزَيئى إحدى النتائج المنطقية الأولى لاكتشاف چين مسئول عن مرض وراثى. ولأن هذه الپاثولوچيات نادرة فإنها ليست مسألة استخدام هذا النوع من التشخيص بطريقة منهجية. ومع هذا فإنه بين بعض السكان (سكان عاشوا فى عزلة لأسباب جغرافية أو ثقافية)، يمكن أن يكون تواتر چين محدد قويا جدا ويمكن أن يصل إلى العديدين في المائة. وبين هؤلاء السكان المحددين، سيكون من الممكن إجراء تشخيص منهجى. ويمكن أن يكون هذا التشخيص قبل الولادة بالنسبة لپاثولوچيات خطيرة وسيكون بوسع الأسرة أن تقوم باختيار وقف الحمل. غير أن تشخيص "دنأ" يسمح أيضا بتعزيز أو إلغاء تشخيص إكلينيكى أو بالتنبؤ بالحدوث المفاجئ لمرض يظهر متأخرا فى مجرى الحياة. وعلى هذا النحو فإن اكتشاف چين المرض الدورى periodique (مرض يظهر بصورة خاصة بآلام شديدة فى البطن) يعطى الطبيب الممارس وسيلة أكيدة لتمييز هذه الپاثولوچيا عن أنواع أخرى من العدوى تظهر فيها علامات مماثلة. كما أن التشخيص المبكر لهذه الپاثولوچيا نفسها يسمح بإجراء علاج طبى (كولشيسين colchicine) يَحُول، إذا بدأ مبكرا بما فيه الكفاية، دون مجموعة بكاملها من المضاعفات الخطيرة التى يمكن أن تؤدى إلى وفاة المريض. وسوف تتضاعف الأمثلة على هذا النوع في الأعوام القادمة.
     وتتواتر طفرة خاصة فى عامل التجلط ڤى (العامل ڤى لايدن V Leiden) لدى السكان الأوروپيين والأمريكيين الشماليين. ويتعرض المصابون لخطر متزايد بتخثر الدم. غير أن هذا الخطر المتزايد هو أيضا مرتفع للغاية لدى النساء اللائى هن فى آن معًا حاملات لهذه الطفرة ويتناولن موانع الحمل الفمية. بل يبدو حتى أنه عند هؤلاء الأشخاص يكون الخطر أكبر مع موانع الحمل من الجيل الثالث. ونرى من هذا المثل (وتوجد أمثلة أخرى) إمكانية الاستهداف الدوائى الموجّه من جانب الصيدلانية الچينية pharmacogénétique والذى سوف يتوسع كلما تقدمت معارفنا فى مجال قابلية التأثر الچينية بالأدوية.
النتائج الطبية فى الپاثولوچيات الشائعة
من الأصل البشرى الواحد إلى المتعدد
     ما قيل هنا بالنسبة للأمراض ذات الأصل البشرى الواحد النادرة لا يمكن أن يجرى تعميمه بصورة شاملة على الأمراض الشائعة ذات الأسباب المعقدة. وعلى وجه الخصوص فإنه بسبب هذا السلوك الچينى العابر إلى هذا الحد أو ذاك، المذكور أعلاه، من الصعب أن يتم التحديد على الچينوم لمواضع چينات الاستعداد للأمراض الشائعة عن طريق مناهج وأدوات مستخدمة بالنسبة للأمراض ذات الأصل البشرى الواحد. ومع هذا فعندما سوف يبدأ تحديد نوع عوامل الاستعداد، سيكون بالإمكان توقع نفس التطبيقات التشخيصية والعلاجية.
أسلحة أخرى لملاحقة أخرى
     على حين أنه تم بالفعل تحديد نوع چينات عديدة لأمراض وراثية، لم يتم اكتشاف سوى بعض العوامل النادرة جدا للاستعداد للأمراض الشائعة. وواقع أن هذا البحث لم يتقدم إلا بصورة ضئيلة رغم الجهود الكبيرة المبذولة الآن يُبرز الصعوبات الملازمة لهذه الأعمال. وسيتم استخدام إستراتيچيات أخرى هنا. وهي لم تفضِ حتى الآن إلى إجابات، لآن الأدوات المطلوبة ليست متوفرة بعد بصورة حقيقية. وتعتمد هذه الأدوات على تطبيق بعض المبادئ البسيطة الموجزة أدناه.
كلّ الآباء مختلفون تماما
     وچينومات الأفراد الذين من نفس النوع متماثلة بصورة عامة. بل حتى يبدو أنه بين النوع البشري توجد تباينات أقل مما عند أغلب الثدييات الأخرى. ولا شك فى أن هذا ينتج عن انتشار حديث جدا للإنسان العاقل العاقل[vi] Homo sapiens sapiens  انطلاقا من مجموعة صغيرة من الأفراد المؤسسين. ورغم هذا التجانس البالغ داخل نوعنا، توجد اختلافات صغيرة بين الأفراد، حتى داخل أسرة. وعندما نقارن بين تسلسلات چينومين غير متصاهرين، نلتقى بتباين فى كل القواعد الألف تقريبا. وهذه الاختلافات الصغيرة هى التي تجعلنا لا نشبه كلنا بعضنا البعض مثل الإخوة التوائم، الذين تكون لهم چينومات متماثلة بالمعنى الدقيق للكلمة. وفى حين أن الغالبية العظمى من هذه الاختلافات ليس لها أىّ تأثير على أداء تراثنا الچينى، يمكن لبعضها القيام بالتهيئة لظهور پاثولوچيات شائعة بين نوعنا. وسيتمثل أحد الأهداف الرئيسية للأعوام القادمة فى البحث، على مستوى الچينومات، عن الاختلافات الچينية التى يمكن أن تكون ماثلة فى منشأ هذه القابليات.
     ويمكن أن تظهر هذه الاختلافات الوراثية التى يشار إليها بمصطلح (single nucleotide polymorphism) SNP  [تأثير على عمل تراثنا اللافات  كلنا بعضنا البعض مثل الإخوة التوائم، الذين تكون لهم لهذه الأعمال. عة ذات الأسباب المعقتعدد أشكال النيوكليوتيد الواحد] فى كل المستويات الچينومية، خارج وداخل الچينات، فى الجزء المشفـَّر codante أو غير المشفـَّر. وإذا تصورنا بسهولة أن تعددات لأشكال النيوكليوتيد الواحد الموجودة فى الأجزاء المشفـَّرة يمكن أن تبدل تعليمة من التعليمات الچينية، فإنه ينبغى أيضا اعتبار أن تلك الأجزاء التى تحدث خارج المناطق المشفرة يمكن أن يكون لها تأثير على التعليمات. إن تباينا في التسلسل داخل چين أو داخل جواره يمكن أن يفجر زيادة أو نقصا فى تعبير هذا الچين. ويمكن لتباينات فى الإنترونات introns (أجزاء غير مشفـَّرة) أن تؤدى إلى تبدلات فى عملية نضج التعليمات (التى يتمثل دورها فى القضاء على الجزء غير المشفـَّر). وعلى هذا النحو نكون مدفوعين إلى أن نأخذ فى اعتبارنا مجموعة بكاملها من إمكانيات تباينات التسلسلات القابلة لأن يكون لها تأثير بيولوچى، ولكن، كما أشرنا أعلاه فإن الغالبية الساحقة من تعددات أشكال النيوكليوتيدات هذه تكون بلا تأثير وظيفى.
الأركيولوچيا الچينية
     يرتكز نهج التعرف على العوامل الچينية للقابلية prédisposition على واقع أن بعض تباينات التسلسل النادرة التى تكون ماثلة في منشأ القابليات (الشكل 1) ظهرت بالمصادفة فى قسم چينومىّ خاص، يتم تعريفه هو ذاته بمجموع من السمات المميزة لتعدد أشكال النيوكليوتيد SNP. ولنتصوَّر المثل الخاص بتباين له قابلية للربو ظهر عند فرد منذ 20000 عام. إن ظاهرة الامتزاج الچينى (الشكل 2)، التى تؤدى إلى أننا لا ننقل دفعة واحدة en bloc چينوم أحد الوالدين بل چينوما مركبا يتألف من أجزاء ناشئة إما من أحد الوالدين أو من الآخر، ستقوم، على مر الأجيال، بتضييق نطاق القسم الأصلى الذى يحتوى على بديل القابلية. وبعد أجيال عديدة، لن نتعرف إلا على تعددات أشكال النيوكليوتيد SNP التى تكون فى جوار مباشر مع بديل القابلية (الشكل 3). وعند تحليل سكان من أفراد مصابين بالربو، سيكون بوسعنا على هذا النحو أن نتعرف على أفراد يتحدرون من ذلك الفرد الذى حدث له هذا التباين الذى له قابلية للربو. وعند تحليل مجموع تعددات أشكال النيوكليوتيد SNP الذى نقله الفرد المؤسِّس، سيكون بوسعنا أن نتعرف حتى على مَن يتطابق مع تباين القابلية. وبالفعل فإن تعددات أشكال النيوكليوتيد SNP المتجاورة، بلا تأثير بيولوچى، سيكون من الممكن التعرف عليها بين السكان عامة، على حين أن التباين ذى القابلية للربو سوف يتم التعرف عليه بطريقة تفضيلية لدى المصابين بالربو. وكما أن تباينات أخرى قادرة على الحدوث فجأة فى چينات أخرى يمكن أن يكون لها التأثير نفسه، فلن يكون كل السكان المصابين بالربو الذين جرت دراستهم متحدرين من هذا السلف المؤسِّس. وسوف يؤدى هذا بالتالى إلى تعقيد البحث.
×××××××××××××××
×××××××××××××××
×××××××××××××××
 
الشكل 1 ـ تواتر أنماط أقسام كروموزومية
في لحظة بعينها من نشوء النوع البشرى.
ظهور طفرة قابلية للربو
عند نمط من هذا القسم الكروموزومى.
 
     وحيث إن القسم الأصلى الذى حدث فيه تعديل القابلية سيكون على نطاق ضيق جدا بعد أجيال عديدة، فإنه سيكون من الضرورى غربلة الچينوم بالنسبة لعدد كبير جدا من تعدد أشكال النيوكليوتيد SNP وحتى يكون من الممكن تحقيق مثل هذا التحليل فإنه لا غنىً عن أن يتم، إلى جانب تسلسل مرجع الچينوم البشرى، استخدام مجموعة كبيرة جدا من تعددات أشكال النيوكليوتيد SNP. ممثلة لإثنيات مختلفة تؤلف سكان الكوكب. وأمام ضخامة هذه المهمة، قررت عشرة من المجموعات الصيدلانية العالمية الكبرى توحيد جهودها من أجل إنشاء مجموعة بالغة الضخامة لتعدد أشكال النيوكليوتيد SNP. وسوف تبقى معطيات هذه المجموعة متوفرة للجميع وسيكون من الممكن أن تستخدمها مجموعات عامة أو خاصة من أجل بحث العوامل الوراثية للقابلية.
 
×××××××××××××××
×××××××××××××××
×××××××××××××××
 
الشكل 2 ـ امتزاجات چينية
 
     وبالتالى فإن بحث التباينات الچينومية التى يمكن أن تكون سبب القابليات الوراثية سوف يتكثف خلال الأعوام القادمة. وقد جرى إعداد الإستراتيچيات. وهى تتطلب تحاليل عديدة لتعدد أشكال النيوكليوتيد SNP. على أفراد كثيرين جدا، وعلى سكان لم تجر عليهم تجارب من قبل وكذلك على جماعات المرضى. وهناك تقنيات من أجل تحقيق أعداد كبيرة من التحاليل بصورة متوازية ما تزال بسبيلها إلى التطوير وكذلك تحديد مجموعات "دنأ" ناشئة عن جماعات المرضى والأفراد الذين لم تجر عليهم تجارب من قبل. ولم يجر بعد الوفاء بهذه الشروط (مجموعات تعددات أشكال النيوكليوتيد، "دنأ" تقنيات التحاليل الجماعية، مناهج تحليل إحصائية). غير أن هناك إنجازات مهمة قد تحققت وسوف يفيد تحديد تسلسل كامل للچينوم كقاعدة لخريطة موسَّعة إلى أقصى حدّ لتعدد أشكال النيوكليوتيد الواحد. ويمكن أن نتصور أنه بعد عامين إلى ثلاثة أعوام من الآن سيكون مجموع الأدوات متوفرا.
 
×××××××××××××××
×××××××××××××××
×××××××××××××××
 
الشكل 3 ـ أقسام كروموزومية لديها قابلية للربو.
ويمكن تمييز الأقسام الكروموزومية عن بعضها الآخر
في أوضاع عديدة بتباينات التسلسل (SNP).
وكل كروموزوم سَلـَف كان له اندماج خاص
 لهذه التعددات لأشكال النيوكليوتيد SNP، يميزه عن الكروموزومات الأخرى فى الفترة الفاصلة
التى حدثت فيها طفرة القابلية.
وتوجد فترة فاصلة فى جزء مهم من الأقسام الكروموزومية عند سكانٍ مرضى.
وهو يأتي من السلف الذى ظهرت عليه الطفرة.
عند الأفراد الذين ليست لديهم قابلية؛
تحتوى الفترة فاصلة على اندماجات أخرى
لهذه التباينات فى التسلسلات (SNP).
 
طبّ على المقاس
      وانطلاقا من هنا، سيصير من الممكن إجراء تحاليل وراثية بهدف التعرف على چينات للقابلية. وستكون هذه الأبحاث طويلة وسوف تتدرج النتائج على أعوام عديدة. ومع هذا فإن النتائج الأولى يمكن الحصول عليها خلال سنوات وسوف تفيد فى التشجيع على مواصلة السير فى هذا الطريق. غير أنه ما إن يجرى تحديد هذه الچينات، فإنه ينبغى أيضا تحويل هذه الاكتشافات إلى إنجازات ملموسة، وهناك تطبيقان متوقعان، أحدهما فى ميدان التشخيص والآخر فى ميدان العلاج. ولدينا فى كثير من الأحيان الميل إلى اعتقاد أن اكتشاف چين سوف يقود بالضرورة إلى فهم كامل للآلية الپاثولوچية وبالتالى إلى وسائل السيطرة على ظهور وتطور المرض. على أن الواقع مختلف تماما. ذلك أن چين القابلية المعروف أكثر في الوقت الحالى هو الچين الذى يرمز للأپوليپروتين هـE   Apoliprotéine الذى يميل نوعه هـ 4 E4 بطريقة بالغة الدلالة إلى مرض ألزهايمر Alzheimer، وبعد اكتشاف علاقة هذا الچين بثمانية أعوام، لا نعرف دائما كيف يمكن للنوع هـ4 E4 أن يستقرئ ظهور المرض. غير أنه إذا كانت المنجزات العلاجية قد تغدو الأكثر تباطؤاً فإن التشخيص سيكون، كما هو الحال فى كثير من الأحيان، أول مستفيد من التطورات الجديدة فى مجال تحديد أنواع الچينات.
     ويمكن أيضا أن يمتد النهج المطبق فى بحث العوامل الچينية للقابلية إلى بحث استعدادات التأثر بعلاجات دوائية. وهذه الأخيرة هى بالفعل مركب چينى يغدو رئيسيا فى بعض الأحيان (انظر أدناه). وعلى هذا النحو سيصير من الممكن تقديم الدواء الأفضل ملاءمة لپاثولوچيا محددة لمريض بعينه. وسوف يسمح هذا بالإضافة إلى ذلك باكتشاف أفراد معرَّضين لأخطار بالنسبة لعلاجات دوائية بعينها، متفادين منع استخدامها بالنسبة لمجموع السكان.
     ومن المتوقع خلال العشرة أعوام إلى العشرين عاما الأولى من القرن المقبل [القرن 21] حدوث تغيرات جوهرية فى ممارسة الطب سوف تؤثر على الوقاية من الأمراض الشائعة وتشخيصها وعلاجها على السواء. غير أن هذا له أيضا نتائج منطقية على مستوى مجتمعاتنا. ذلك أن منجزات التشخيص على وجه الخصوص سوف تفضى إلى الغربلة المنهجية للسكان فى سبيل بحث الأفراد الذين يتعرضون لأخطار محتملة على صحتهم. وستكون هذه المعلومات حاسمة بصورة خاصة بالنسبة للأطباء وبالنسبة لسياسة حكيمة للنفقات الصحية. ويبدو أن من الحتمى أن يتم تحليل چينوم كل فرد للوصول إلى مجموع لتعددات أشكال النيوكليوتيد الواحد ذات الأهمية الحاسمة. وحيث إنه يمكن استخدام هذه المعلومات أيضا بصورة ضارة بالأفراد فإنه سيكون من الضرورى ضمان نوع من السرية.
كيف نحدد تسلسل الچينوم البشرى؟
     تقوم إستراتيچية البرنامج العام لتحديد تسلسل الچينوم البشرى على تحديد تسلسل الأحماض الأمينية على أجزاء كبيرة مُرتبة سلفا (أى التى جرت إعادة تكوين تسلسلها الأصلى كما يوجد على الكروموزومات). غير أن قراءة التسلسلات (الشكل 4) تحدث من الناحية الأساسية على أجزاء صغيرة من "دنأ" (من ألف إلى ثلاثة آلاف قاعدة). وبالتالى تتمثل المرحلة الأولى من تحديد تسلسل الأحماض الأمينية فى تجزئة الجزيئات الكبيرة من "دنأ" إلى قطع أصغر سيتم بعد ذلك تحديد تسلسها séquencés. وسوف تدخل التجزئة تكسرات بالمصادفة. ونظرا لأننا نقوم بتجزئة عدد كبير من نسخ الجزيئ الكبير للانطلاق، فإن تسلسلات الأجزاء الصغيرة التى سنكون قد قرأناها قد تكون متراكبة. وسوف يكون بمقدورنا من هذه الأقسام المتراكبة إعادة بناء تسلسل الجزء الكبير. والحقيقة أننا لا نصل إلى إعادة بنائه بكماله انطلاقا من هذا التحديد "العشوائى" للتسلسل وحتى بالقيام بقراءة عدد كبير من الأجزاء الصغيرة، أىْ بالقيام بقراءات عشوائية زائدة ستة، بل حتى عشرة أمثال، فإن من المستحيل إعادة بناء الجزيئات بصورة كاملة: إذ تبقى فجوات صغيرة. ولسدّ هذه الفجوات، فإنه لا غنى عن عمل مهم للاكتمال. ويحدث هذا بطريقة مستهدفة بتكلفة مرتفعة تقريبا مثل التحديد العشوائى للتسلسل الذى يعطى 95٪ من التسلسل.
     وبعد بدايات بسرعة معتدلة نحو منتصف التسعينات، صار البرنامج العام الدولى فى الوقت الحالى فى مرحلة بالغة التسارع للغاية. ولكى يكون بمستطاع المستعملين (العلماء والصناعيين) أن يحوزوا بأسرع ما يمكن هذه المعطيات، قرر البرنامج العام (الشكل 5) تنفيذ منتجات وسيطة، فى صورة تسلسل ناقص لكل جزء من الأجزاء الكبيرة، مما سيشكل أول مشروع متاح فى غضون ربيع عام 2000. وسوف تكون النسخة الثانية للعمل النهائى جاهزة نحو بداية عام 2000 فى حين أن النسخة النهائية تظل متوقعة فى نهاية عام 2003.
 
×××××××××××××××
×××××××××××××××
×××××××××××××××
 
الشكل 4 ـ كيف نحدد التسلسل؟
تسمح التكنولوچيا الحالية بأن نقرأ فى اختبار واحد
تتابُع عدة مئات إلى قرابة ألف من القواعد.
وقبل كل شيء فإن "دنأ" يتجزأ إلى أقسام ذات أحجام صغيرة
من 1000 إلى 3000 من القواعد. وبالشروع فى قراءة عدد كبير
من الأجزاء ذات الحجم الصغير سنحصل على التسلسلات المستخلصة.
وعلى هذا النحو سنكون قادرين على إعادة تكوين التسلسل
على مجموع الجزء الذى انطلقنا منه.
 
     وحيث إن تطبيقات تسلسل الچينوم البشرى عديدة ومصادر للربح كإمكانيات كامنة، فإنها تثير الاهتمام بما يؤدى إلى زيادة المستثمرين الخاصين. وهذا هو السبب فى أنه، بالتوازى مع البرنامج العام، نفذت شركة باسم "سيليرا" Celera، مشروعا خاصا أيضا لتحديد التسلسل. ونظرا لأن التطبيقات تمرّ قبل كل شيء بتفسير لتسلسل الچينوم، فإن هذه المؤسسة تتطلع أيضا إلى أن تبيع، فى صورة الوصول إلى قاعدة بيانات، تفسيرًا لهذا التسلسل. ويرتكز التفسير فى كثير من الأحيان على الاستخدام لمعطيات إضافية للتسلسل. ويمكن بالتالى أن يكون حاسما لشركة "سيليرا"، من أجل جذب الزبائن، أن تقوم لفترة محدودة بتكوين مجموعات من المعطيات التى لا توجد فى المجال العام. وهذا هو السبب فى أنها جهزت نفسها بقدرة على تحديد التسلسل متفوقة كثيرا على تلك الخاصة بأكبر مراكز المجال العام.
 
×××××××××××××××
×××××××××××××××
×××××××××××××××
 
الشكل 5 ـ مشروع الچينوم البشرى.
المخطط الأول للتسلسل العام سيكون من الممكن ربطه
بمعطيات شركة سيليرا.
 
     والإستراتيچية التى تحتفظ بها هذه الشركة مختلفة جوهريا عن تلك الخاصة بالمشروع العام. وقد تمثلت فى الأصل فى المراهنة على أنها تستطيع، ليس فقط أن تقوم بإعادة التكوين واحدًا فواحدًا لتتابعات أجزاء كبيرة من الچينوم البشرى، حوالى مئات الآلاف أو حوالى المليون، بل أن تقوم بإعادة تكوين أجزاء مهمة مثلها عن طريق التحديد العشوائى للتسلسل لمجموع الچينوم. وهذه الإستراتيچية، التى قوبلت بكثير من التشكك، جرى فحصها بنجاح معتدل على ذبابة الخل. وقد أمكن بإعادة تكوين أجزاء، غير أن الچينوم يظل خمسة آلاف قطعة. ويبين هذا بوضوح أن هذه الإستراتيچية يمكن أن تنجح على الچينوم البشرى. غير أنه عن طريق تسريع المشروع العام من أجل إنجاز مخطط أوّلىّ، سيكون بوسع شركة "سيليرا" ببساطة أن تضيف معطياتها الخاصة إلى معطيات المشروع العام وأن تمتلك على هذا النحو لحسابها مجموعا أكثر فائدة.
     على أنه ينبغى أن نضع نصب أعيننا أن أهداف شركة "سيليرا" وأهداف المشروع العام مختلفة جوهريا. وفى الحالة الأولى، يتعلق الأمر بهدف قصير الأجل، يسعى إلى صنع مُنتج ناقص (له منفعة مغرية تجاريا فى فترة زمنية محدودة) و، فى الحالة الثانية، تكوين أداة متاحة للجميع وذات منفعة أعم بكثير.
خلاصة
     إننا اليوم أمام عصر جديد ستكون له على حياة كل فرد نتائج فى أهمية ما حدث منذ 10000 عام، عندما انتشرت الزراعة بالتدريج على مجموع الكوكب. ولا شك فى أننا لسنا قادرين أكثر مما كان فى ذلك الحين على تقدير كل مخاطر هذه التغيرات التى سوف تنتج من سيطرة أكبر على الحياة du vivant، ولكننا على الأقل نملك الحدس بأن ما يتشكل ليس بلا عواقب. وقد قيل الكثير إلى الآن عن الكائنات الحية المعدلة چينيا organismes génétiquement modifiés (OGM)، عن أخطارها المحتملة، وبصورة أقل كثيرا عن تقييم صارم للمخاطر يمكن أن يكون مقبولا من جانب كافة دعاة هذه القضية.
     وفى مجال الصحة، نجد أنفسنا مرة أخرى غارقين فى مفارقة تقدم المعرفة الذى يجعلنا نكسب حيزا جديدا من الحرية وفى الوقت نفسه يبين لنا أن مصيرنا الفردى محدد سلفا تقريبا. ولكن هل توجد إجابة على هذه المعضلة وعلى الاستفسارات التى تثيرها الممارسات الطبية الصادرة عن علم الوراثة، تلك الممارسات التى سوف تترسخ بالتدريج؟ وهل يمكن أن نرفض الحصول على المعرفة، فى مجتمعات صارت فيها الصحة فى آن معا مشكلة الجميع ومشكلة كل فرد؟ والبديهية الوحيدة التى يبدو لى أنها تفرض نفسها هى بديهية المزيد من التعليم. ذلك أن مستوى معارف مواطنينا فى البيولوچيا يجب أن يكون كافيا لكى يكون بوسع الاختيارات التى سوف ينبغى القيام بها أن تكون مبنية على معرفة الوقائع. على أن هذا أقل سهولة مما يبدو، ذلك أن البيولوچيا ليست علم الحقائق اليقينية المطلقة.
 
 
 
 
 
 
 
2
الاستنساخ[vii]
چان-پول رونار
Jean-Paul Renard
 
     كانت ولادة النعجة دوللى "الخبر رقم 1" فى وسائل الإعلام فى العالم بأسره. عند هذه النعجة، كانت النواة التى تحتوى على ميراثها الچينى مأخوذة من الغدة الثديية لإحدى بنات جنسها. وبعد ذلك تم نقلها وزرعها فى بويضة مأخوذة من نعجة أخرى، بويضة كان قد جرى قبل ذلك انتزاع المادة الچينية، أىْ الكروموزمات الأمومية، منها. لقد جرى إثبات أنه حتى الثدييات يمكن أن تتوالد عن طريق آخر غير الطريق الجنسى! ومن هنا القلق الكبير: هل سيكون من الممكن أن يُصنع فى الإنسان ما صُنع فى الحيوان؟
ما المُسْتنسَخ؟
     المستنسَخ clone مجموع من الكائنات الحية المتماثلة چينيا. ومن الممكن استنساخ clonage جزيئات أو خلايا، أو كائنات حية، والمقصود كائنات حية دقيقة، من النباتات، أو الحيوانات. والاستنساخ نمط من التكاثر الطبيعى لدى أنواع عديدة. وبالتالى فإن البكتريات تستطيع أن تتكاثر عن طريق التناسل بالانقسام الشطرى scissiparité، والنباتات عن طريق غرس الفسائل bouturage أو الترقيد marcottage وفقاريات عديدة (النحلة، قمل النبات، برغوث الماء) عن طريق التوالد العذرى parthénogenèse. وفى كل الحالات، وعلى العكس من فكرة سائدة، فإن المستنسَخ بمعنى نسخة copie مطابقة لا وجود له فى البيولوچيا: لأنه حتى إذا كانت النسختان متطابقتين چينيا، فإن الكائنين الحيين سرعان ما سوف تظهر عليهما اختلافات ترجع إلى واقع أن البيئة ستقوم بتغيير عمل الچينات.
     كان هذا هو تعريف المستنسَخ قبل إعلان ولادة النعجة دوللى. ومنذ ذلك الحين، طورت الدعاية التى كرستها لها المجلة العلمية Nature [الطبيعة] استعمال هذه الكلمة: وهى تستخدم الآن فى أغلب الأحيان لتسمية حيوان، جرى الحصول عليه، مهما كان فريدا، انطلاقا من نواة خلية غير تناسلية، أىْ من نواة خلية جسدية somatique، مأخوذة من حيوان بالغ. وكانت دوللى فريدة حيث إن الحيوان الذى أخذت منه الخلية المانحة للنواة، الخلية التى جرى زرعها ثم الاحتفاظ بها فى حالة مجمدة، كان قد مات قبل ولادة النعجة الشهيرة بوقت طويل. غير أن دوللى سميت حيوانا "مستنسخا" clone. ومنذ ذلك الحين وُلدت ثدييات أخرى مستنسخة، وبصورة خاصة عجول ومؤخرا جدا فئران، وبعض الماعز، وبعض الخنازير. ومنذ عامين، قمنا بإنتاج بعض الفئران ودزينة من العجول المستنسخة من سلالة هولشتاين Holstein فى مختبر INRA de Jouy-en-Josas. وبعض هذه العجول متحدرة  من أنوية آتية من نفس الحيوان المانح فهى بالتالى متماثلة چينيا بشدة. ومع هذا فإن توزيع البقع السوداء والبيضاء لشعرها يختلف من فرد إلى آخر؛ وعند وضعها وسط عجول أخرى غير مستنسخة، فإننا نجد بعض المصاعب فى التعرف عليها؛ وإذا لاحظناها بانتباه أكثر، نكتشف على سبيل المثال أن سلوكها الغذائى متماثل جدا من بعض النقاط، غير أنها مختلفة جدا من نقاط أخرى. إننا بعيدون عن رؤية تبسيطيةاط، غير أنها مختلفة جدا من نقاط أخرى. مثال أن سلوكها الغذائى ول أخرى غير مستنسخة، فإننا نجد بعض المصاعب فى للاستنساخ على أنه يمثل "نسخة فوتوغرافية".
طرق الاستنساخ
     تسمح ثلاث تقنيات مختلفة بالحصول على حيوانات متماثلة چينيا: الفصل، أو القطع، أو نقل الأنوية.
الفصل La dissociation
     يتمثل فى أخذ خلايا من "جنين" صغير السن جدا. وكلمة جنين embryon [ = جنين مبكر] مستخدمة هنا باعتبارها اسما چينيا يعنى المراحل الأولى للنمو انطلاقا من مرحلة "خلية"، أىْ جنين مبكر من بيضة مخصبة، حتى مرحلة كيس البلاستولة blastocyste التى يتحقق ابتداءً منها الزرع فى رحم الأم. وفيما بعد ذلك يبدأ نمو الجنين fœtus، حتى إذا كنا نحتفظ باستعمال هذه الكلمة للفترة المتأخرة أكثر التى ابتداءً منها يظهر شكل منظم (بجزء أمامى وجزء خلفى) سوف يتخذ بعد ذلك مظهرا مميزا للنوع المعنىّ. وللحصول على مستنسَخ clone عن طريق الفصل، فإنه لا مناص من انقسام البيضة من خلايا متحدرة إما من الخلية الأولى (خليتان)، أو من الخلية الثانية (أربع خلايا) أو، فى أكثر الأحوال، من الخلية الثالثة (ثمانى خلايا). وعن طريق إعادة وضعها إما منفردة، وإما فى مجموعة من اثنتين فى القشرة الصغيرة للجليكوپروتينات glycoprotéines التى تحيط بالبيضة، المنطقة الشفافة la zone pellucide، نحصل على كثير من الأجنة المبكرة التى يمكن بعد ذلك، كل واحد منها أو فى مجموعة من اثنتين، زرعها فى أنثى حامل. وكان قد تم الحصول بهذه الطريقة على القرد "تيترا" Tétra، المولود مؤخرا فى مختبر أوريجون Oregon بالولايات المتحدة. وقد استطاع فريق كندى من جامعة جويلف Guelph، منذ عدة سنوات، أن ينتج أربعة عجول انطلاقا من ثمانى خلايا من جنين مبكر، وهو ما يشكل سابقة فى سجل المآثر العلمية.
الانشطار لجنين مبكر
     يشكل مرحلة متأخرة قليلا، عن مرحلة كيس البلاستولة (أو البلاستولة). وفى هذه المرحلة، تأتى خلايا الجنين المبكر فقط لتبدأ فى التمايز إلى نمطين متباينين تماما، خلايا لن تمنح سوى المشيمة placenta، وخلايا سوف تمنح الجنين Fœtus وجزءًا من المشيمة. وتبدأ المنطقة الشفافة فى الانشقاق مما يسمح بزرع كيس البلاستولة. وإذا قمنا بقطع كيس البلاستولة هذا إلى قسمين، مع العناية بالتوزيع بصورة متساوية تقريبا للنمطين الخلويين اللذين يمكن التمييز بينهما بسهولة، فإنه يمكننا الحصول على توأمين. ومن جهة أخرى فإن هذا هو ما يحدث فى الطبيعة، ولكنْ بصورة عرضية جدا عندما يجد الجنين المبكر أنه مؤقتا فى لحظة الإفلات من المنطقة الشفافة، حيث تعرقله فتحة يتبين أنها ضيقة للغاية بصورة مفاجئة. هذا هو الأصل، لدى الإنسان، للتوائم الحقيقيين، أىْ المتحدرين من نفس البيضة. وهذا لا يصيبهم بأىّ أذى سوى القول ـ إذا تحدثنا من الناحية البيولوچية ـ بأن التوائم الحقيقيين إنما هم مستنسخون بالفعل! ومنذ عدة أعوام، كنا نعتمد على ملاحظات من أجل إنتاج توائم بقرية عن طريق انشقاق كيس البلاستولة؛ هذه التقنية التى اتضح أنها بالغة الكفاءة حيث أن نصف الأبقار الحبلى بعد نقل نصفىْ جنين كانت تلد توائم! غير أن قطع كيس البلاستولة إلى أربعة أقسام سرعان ما أظهر عيب هذه التقنية، نظرا لأن الأقسام الأربعة من الخلايا كانت بالتالى أصغر من أن يمكن لكل قسم منها إصلاح كيس البلاستولة القادر بعد ذلك على مواصلة النمو.
نقل النواة
     يتمثل فى أن توضع على اتصال ببويضة مستأصلة النواة (بدون كروموزومات أمومية) خلية مصدرها نسيج متمايز بالفعل، تحتوى بالتالى على المجموعين السلاليين deux stocks من الكروموزومات الوالدية. وفى الممارسة العملية نستخدم بويضات متحدرة من إناث مختلفة لا نحتفظ منها إلا بالسيتوپلازم؛ وعلى هذا النحو، ففى حالة البقرة، يمكن أن تكون هذه البويضات مثقوبة مباشرة داخل أكياس المبايض المستعادة فى مسالخ، مما يسمح بالتخلص بسرعة بالغة من عدة دزينات من السيتوپلازمات المتلقية للأنوية. ونحن نلجأ إلى طرق مختلفة للتأكد من أن نواة الخلية المانحة تعود إلى الخلية المتلقية. وتتمثل إحدى مراحل هذه العملية الدقيقة فى دمج غشاء الخلية المانحة للنواة بغشاء البويضة. ومن أجل هذا نستخدم نبضة كهربائية قصيرة لا تستغرق سوى بضع ميكروثانيات ولكن تكفى لتؤدى إلى الاختلال بصورة مؤقتة جدا للغشاءين والسماح فى آن معا بدمجهما وتنشيط البيضة، أىْ انطلاق التعديلات الكيميائية التى ستقود إلى تحقيق الانقسام. وبالتالى يمكن أن يبدأ نمو "البيضة المعاد تكوينها". ومزروعا فى أمّ حامل، سيكون العجل الذى نحصل عليه متماثلا چينيا مع البقرة المانحة للنواة، سواء أكان الأمر يتعلق بخلية غدة ثديية، كما كان الحال مع دوللى فى فبراير 1997، أو يتعلق بعضلة مثلما كان الحال مع البقرة مارجريت Marguerite المولودة فى إنرا INRA فى فبراير 1998. ودور سيتوپلازم البويضة يستحق هنا التشديد لأنه هو الذى سوف يعيد تنظيم النواة لجعلها تستعيد حالة جنينية مبكرة. وهذه القدرة المدهشة ماتزال بعيدة عن أن تكون مفهومة: إننا نعرف فقط أن البويضة خلية خاصة تماما تحتوى على عدة ملايين الجزيئات المصنوعة فى مجرى تكوين البويضات ovogenèse، أىْ أثناء هذه الفترة الطويلة التى تبدأ منذ الحياة الجنينية للأنثى بعد أن تكون الغدة التناسلية قد تمايزت. وهذه الجزيئات لا غنى عنها فى السيطرة على الانقسامات الأولى للبيضة لأن النواة فى تلك اللحظة عاجزة فى حد ذاتها عن كل نشاط تخليقى. ولكنها لا تصير نشيطة حقا إلا بالتدريج وبعد أن يكون سيتوپلازم البويضة قد أعاد تنظيمها بصورة أساسية. وهذه التبادلات الأولى بين النواة والسيتوپلازم حاسمان لمواصلة النمو. ونبدأ فى إدراك أنهما يمكن أن يؤثرا على عمل الچينات التى لا تظهر على مستوى الميراث الچينى إلا فيما بعد فى مجرى تخلق الجنين embryogenèse. ونشك حتى فى أن هذه الآثار يمكن الإحساس بها بعد الولادة! وفضلا عن هذا فإن سيتوپلازم البويضة غنى بهذه المكونات المتمايزة organites للخلايا والتى تتمثل فى الميتوكوندريات (السبحيات) mitochondries التى تلعب دورا أساسيا فى السيطرة على الأيض (التحول الغذائى) métabolisme الخلوى. وتملك الميتوكوندريات "دنأ" الخاص بها الذى لن يكون من الممكن استخدامه إلا بعد انقسامات عديدة، قبل مرحلة كيس البلاستولة بقليل. وفى تفاعل interaction مع "دنأ" النواة. وبالتالى ينبغى أن يكون بوسع "حوار" بناء أن يقوم بسرعة بين سيتوپلازم البويضة والنواة المانحة حتى إذا كانت هذه الأخيرة قد خدعت، إن جاز القول، السيتوپلازم المبرمَج لدى الثدييات من أجل تلقى خلية تناسلية ذكرية لحيوانات جنسية spermatozöde. والحقيقة أن فهم الطريقة التى تفقد بها النواة تمايزها على هذا النحو فى نواة جنينية embryonnaire يشكل المسألة الأساسية للبيولوچيا التى يطرحها الاستنساخ.
التقنية، العلم: العلم التقنى والاستنساخ
     مهما كان النوع الذى يجرى بحثه، فإن مردود تقنية نقل النواة هزيل: 1 إلى 3٪ فقط من الأجنة المعاد تكوينها reconstitutes تنمو حتى النهاية فى حين أنه بعد التخصيب فى المختبر، يكون هذا المعدل حوالى 50٪. صحيح أننا لم نستغرق سوى القليل جدا من المدى الزمنى، ثلاثة أعوام بالكاد، إلا أن هذا المردود الهزيل يمثل واقعا أيضا فيما يتعلق بالضفدعة حيث حاول باحثون خلال أعوام عديدة، دون نجاح، الحصول على حيوان بالغ (يتجاوز مرحلة اليرقة) انطلاقا من نواة خلية جسدية هى نفسها مأخوذة من حيوان بالغ آخر. وتشير المعطيات التى يبدأ نشرها إلى أن الفعالية تنقص عندما تكون النواة آتية من نفس النمط الخلوى (على سبيل المثال خلية مغزلية fibroblaste) مأخوذة من حيوان بالغ بالمقارنة من جنين fœtus دون أن يكون بوسعنا أن نعرف على الفور ما إذا كان هذا الاختلاف يرجع إلى واقع أن الجانب الأكبر من الأنوية المانحة حاملة لتشوهات چينية بعد أخذها من الحيوان البالغ أم أن الأمر يتعلق بقدرة أقل ضخامة على معاناة التغييرات التى يفرضها سيتوپلازم البويضة. وإذا استخدمنا أنوية الخلايا الجنينية (المأخوذة قبل النقل والزرع مباشرة) فإن الفعالية تكون أكثر ارتفاعا ويكون بوسعنا الحصول (لدى فرد من تحت فصيلة البقريات le bovin) فى المتوسط على عشرة عجول لكل مائة جنين مبكر معاد التكوين. غير أنه يبدو أن عمر الحيوان البالغ لا يكاد يؤثر فى النتائج. وتتمثل ملاحظة أخرى فى أنه فى كل الحالات، وعلى العكس مما يحدث فى الشروط الطبيعية للتكاثر مثلما يحدث بعد التلقيح الصناعى أو التخصيب فى المختبر يكون معدل  الإجهاضات المتأخرة مرتفعا، إلى حد ما وكأن الفلتر الذى يشكله النقل والزرع يعمل أقل مما يكفى للأجنة المبكرة المستنسخة. ومن الجلى أن الأسباب متعددة وعندما نرى أبعد فإنها ليست چينية فقط.
     وإلى يومنا هذا، وُلد فى العالم حوالى مائة وخمسين عجلا مستنسخا، وقرابة أربعين نعجة، وأقل من عشرين من الماعز، وبضعة خنازير... وهذا قليل بالقياس إلى خمسة مليارات من العجول المولودة عن طريق التلقيح الصناعى منذ 1950، أو مليونين من العجول المولودة بعد نقل الأجنة المبكرة منذ 1975، أو مئات الآلاف المتحدرة من التخصيبات المعملية منذ 1988! ومن الغريب أن أوائل الفئران المستنسخة لم يتم الحصول عليها إلا بعد عامين تقريبا من ولادة النعجة دوللى، وهذا رغم الجهود العديدة التى بذلتها فرق عديدة خلال قرابة عشرين عاما. وكانت هذه الإخفاقات تؤدى إلى النظر إلى الاستنساخ على أنه "مستحيل بيولوچيا" لدى الثدييات! واليوم، ماتزال النجاحات مع هذا النوع قليلة العدد. غير أنه لا مناص من أن يتغير الموقف: من خلال الرهان فى آن واحد على الشروط التقنية لإعادة تكوين الجنين المبكر وعلى تكوين وَسَط الزرع قبل النقل إلى أنثى متلقية، أوضحنا للتو أنه كان بوسعنا الحصول على معدل أكثر ارتفاعا للنقل والزرع، وأن الوفيات الجنينية المتأخرة كانت بصورة خاصة مسئولة عن المردود الهزيل. وبالمقابل فإن الفئران القليلة التى جرى الحصول عليها سوية فسيولوچيا ويمكنها أن تتكاثر بصورة سوية.
     وبالتالى تبدأ الحيوانات المستنسخة فى أن تولد فى المعامل وهى تجبر على التأكيد التالى: المستنسخ حيوان سرعان ما تقوم سلسلة نسبه بتشويش المعالم التى ألفناها. وعن طريق الاستنساخ، يمكن أن تكون لحيوان مانح للنواة حيوانات مستنسخة عديدة ذات اعمار مختلفة يمكن أن تستمدّ منها مستنسخات من المستنسخات فى حالة تكرار إجراء نقل الأنوية انطلاقا من خلايا مأخوذة من حيوان هو نفسه متحدر من الاستنساخ. ويمكن أن تكون لأنثى مستنسخة خمس أمهات: "الأم" المانحة للنواة؛ الأم التى منحت السيتوپلازم المتلقى؛ الأم الحامل؛ الأم المرضعة (ونحن نلجأ كثيرا إلى هذه الأم لأن الأمهات الحاملات التى كنا نستخدمها إنما هى أبقار من سلالة شاروليز Charolaise الأقل جودة كمرضعات من سلالة هولشتاين Holstein؛ و... الأم الچينية، أىْ الأم التى ولدت الأم الحامل للنواة محولة إياها إلى چينات؛ ولهذا الحيوان المانح للنواة فى كل الحالات أب واخ، الأب الچينى، الذى لا غنى عنه لدى الحيوان الثديىّ حيث لا يكون التوالد العذرى parthénogenèse (أىْ النمو حتى النهاية لبويضة منشطة بدون تخصيب) ممكنا. وإذا كان هذا المستنسخ ذكرا، فإنه يكون له أب ثان، هو مانح النواة، وحتى أربع أمهات. وبالنسبة للمستنسخات من مستنسخات، فإن جدتها المانحة للأنوية تكون أيضا أختها الچينية (نفس الأب ونفس الأم) وتكون الأعضاء الأخرى فى المجموعة الأولى المتجانسة من المستنسخات فى آن واحد عماتها أو خالاتها (أو أعمامها أو أخوالها) وأخواتها (أو إخوتها). وقد قمنا لغايات تجريبية بتكوين مثل هذه القبيلة من عشرة أبقار فى إنرا INRA: إن تحديد نسق للتماثل من أجل هذه الحيوانات ليس مهمة ضئيلة!
التكوين والنمو بالتمايز المتعاقب:
الاستنساخ، أداة من أجل البحث الأساسى
     الاستنساخ قبل كل شيء أداة جديدة من أجل أحد الموضوعات الكبرى للبحث الأساسى: موضوع التمايز الخلوى. وكلما تشكلت الأنسجة، تتخصص الخلايا فى وظائف مختلفة؛ وفى أنسجة عديدة جدا، نجد خلايا قادرة ـ وهى تنقسم ـ على أن تمنح فى آن معا خلية متماثلة للخلية نفسها وخلية أخرى متمايزة: هذه الخلايا المتعددة القدرات تسمى أيضا خلايا سلالية (أرومية) souches. وتحول خلية سلالية إلى خلية متمايزة يخضع لآلية محكومة يجدر بنا أن نفهمها. والواقع أن اختلال هذا التقسيم يُحْدث ما يجرى عندما تتكاثر خلايا بطريقة فوضوية وتصير سرطانية. وقد يقودنا أن نفهم بنقل الأنوية كيف يمكن أن تعود خلية إن جاز القول إلى الوراء معدِّلة برنامج النمو الذى جعله ينتقل من حالة البيضة إلى حالة الخلية المتمايزة إلى إحاطة أشمل بالشروط التى تدعو خلية إلى أن تصير ورمية tumorale. وبنقل الأنوية، تستعيد الخلية المندمجة مع سيتوپلازم البويضة حالة كلية القدرة totipotent، أىْ حالة تسمح لها، لها وحدها فقط، بأن تعيد منح كل خلايا الكائن العضوى. وهذه الحالة تعيد منح قوة جديدة للخلايا. هذا ما تبينه التجربة التالية التى جرى القيام بها على البقرة. وهى تتمثل، فى المحل الأول، فى زرع خلايا مأخوذة من حيوان، على سبيل المثال، خلايا مغزلية تنقسم عددا معينا من المرات، حوالى ثلاثين إلى خمسين مرة، قبل أن تعاود الدخول فى حالة من الشيخوخة؛ وفى المحل الثانى، ننتج عن طريق الاستنساخ جنينا انطلاقا من نواة هذه الخلايا ونزرع من جديد هذه الخلايا المغزلية: نلاحظ أن هذه الأخيرة يمكن عندئذ أن تنقسم من جديد عددا من المرات مثل عددها عند الزرع الأول؛ وربما حتى أكثر!
     هذه الفتوة الخلوية الملحوظة فى الزرع أيقظت حلم الخلود الذى يستدعيه الاستنساخ على حين أنه منذ شهور قليلة سابقة، ولكن بمعنى مناقض، كنا نؤكد أن النعجة دوللى تشيخ بسرعة أكبر من عمرها لأن بعض مناطق كروموزوماتها، نهاياتها أو أطرافها الطبيعية القصوى (التى تلعب دورا أساسيا فى إبقاء عدد الكروموزومات طبيعياعند كل انقسام)، كانت شبيهة جدا بمناطق كروموزومات الحيوان المانح للأنوية الذى كان عمره ستة أعوام أكثر منها بحيوان عمره عامان! وفى هاتين الحالتين، كان التعميم الاستقرائى بسرعة من الخلية المزروعة إلى الحيوان الحى، مع نسيان دمج كل تعقيد الضوابط التى تسمح لكائن عضوى معقد بأن يوجد: إننا نجد دون شك أن عمر شرايينه أطول من عمر مناطق كروموزماته، وبالفعل فإن لدى النعجة دوللى والحيوانات المستنسخة الأخرى العمر الفسيولوچى الذى يتوافق مع ولادتها! وإلى يومنا هذا فإن بعض الأنماط الخلوية فقط جرى استخدامها كمصادر للأنوية. ولا أحد بينها توافق مع خلايا قبل أن تكون قد بلغت مرحلة نهائية من التمايز فى الكائن الحى in vivo. ومع هذا فقد تكون دراسة تعديلات نواة هذه الخلايا بعد الاستنساخ بالغة القيمة فى فهم كيف يمكن أن تملى البيئة الخلوية على خلية ما الشروط التى تصب فى ارتباطها بالقيام بوظيفة متخصصة، كما هو الحال على سبيل المثال مع خلايا عصبية neuronales أو أيضا الخلايا الكيراتينية kératinocytes التى تشكل سطح بشرتنا.
     ويسمح الاستنساخ أيضا بالتصدى لمسائل أساسية جديدة. وهذا هو الحال على سبيل المثال مع المسألة التى تتعلق بالدور المهم، ولكن المهمل إلى يومنا هذا: مسألة الجنين المبكر embryon فى النمو الجنينى الأنضج fœutal ونمو الصغير بعد الولادة. والبيئة مأخوذة هنا بمعنى واسع جدا لأن الأمر يمكن أن يتعلق ببيئة النواة مع سيتوپلازم البويضة، او ببيئة الجنين المبكر المستنسخ مع وسط زرعه، أو ما يشكل البيئة الرحمية فى مجرى الحياة الجنينية الأنضج. ويبين الاستنساخ أن هذا التشكل بالتمايز المتعاقب épigenèse، أىْ مجموع الآليات التى تفرض نفسها على الآليات التى يحددها "دنأ" والتى تؤثر فى سمة مميزة، يعمل فى الواقع منذ المراحل الأولى للنمو. وقد تجلى تأثير البيئة فى الأجل الطويل على نشاط النواة بطريقة مذهلة مع اثنتين من أبقارنا المستنسخة وكانت إحداهما البقرة مارجريت، المولودة فى الواقع بصورة طبيعية بعد استنساخ جسدى. وبعد شهرين من ولادتهما، ولنفرضْ فى لحظة الفطام sevrage لم يكن باستطاعة هذين الحيوانين تنشيط جهازهما المناعى وماتا بعد أيام من عدوى ممتدة مع غرغرينا سريعة جدا؛ وأظهر التشريح أن كل الوظائف كانت قد تطورت بصورة سوية باستثناء الوظيفة المناعية، نظرا لأن الغدة الصعترية ( = التيموسية) thymus لم تكن قد صارت ناضجة. ولم يكن من الممكن اكتشاف أىّ تشويه چينى فى الأنسجة، وكان بوسعنا أن نستخلص أن هذا الاختلال الفسيولوچى وجد منشأه فى نقل النواة الذى لم يستطع مع هذا أن يمنع تكوين وظائف أخرى للكائن الحى. ويبدأ الآن توثيق مظاهر متأخرة أخرى للاستنساخ: الكائنات الحية المستنسخة متحدرة من خلايا جسدية متمايزة تكون، عند الولادة، أثقل فى المتوسط من العجول المولودة بعد التلقيح الصناعى (6 كجم فى المتوسط)، و20 إلى 30٪ من بينها يزيد وزنها بمقدار 10 إلى 25 كجم مع مظاهر ذات نمط سكرىّ diabétique وتشوهات قلبية-وعائية. ويبدو أن هذه الاختلالات الوظيفية ناتجة عن واقع أن الأجنة المستنسخة تتميز، بالمقارنة مع الأجنة العادية، بنمو يبدو أنه يتزامن بصعوبة مع تباينات الإمدادت الغذائية فى وسط رَحِمىّ. وأعمال إيقاف التزامن désynchronisations هذه ملحوظة أيضا بعد التكاثر العادى، ولكن بتكرار ضعيف، عندما تكون تغذية الأم سيئة التكيف مع حاجات الجنين المبكر. ويتبين أن المستنسخات البقرية نماذج جيدة من أجل أن نفهم بصورة أفضل الأصل الجنينى المبكر (وليس الچينى فقط) للفسيوپاثولوچيات السائدة فى نوعنا نحن.
     ولأن الاستنساخ ينشأ فى وقت واحد من فصل dissociation بين نواة وسيتوپلازم، ومن تضاعف للكائنات العضوية المتماثلة چينيا، فإنه يجعل أيضا من الممكن دراسة الدور النوعى للچينات النووية فى تكوين وتحقيق السمات المميزة المعقدة مثل مقاومة بعض الأمراض، أو السلوك، أو الشيخوخة، وبالتالى فإن استخدام العديد من الحيوانات المتماثلة چينيا يسمح بالتمييز بصورة أفضل فى السمات المميزة لحيوان بين ما يرجع إلى چيناته وما يرجع إلى البيئة؛ وبكلمات أخرى، ما هو الجانب الفطرى وما هو الجانب المكتسب. كما ينبغى أن يسمح الاستنساخ بتحديد أهمية الميراث الميتوكوندريالى (السّبْحىّ) mitochondrial الأمومى وبالتعرف على الوظائف التى يمارسها سيتوپلازم البويضة فى مجرى النمو. وتبين تجارب عديدة أن الاندماج بين خلية جسدية من نوع وسيتوپلازم بويضة مستأصلة النواة من نوع آخر يسمح بتكوين جنين مبكر قادر على التمايز فى كيس البلاستولة. والواقع أن سلالات الخلايا الجنينية المبكرة يمكن تكوينها حتى بعد زرع أجنة مبكرة خيالية نعجة/بقرة، أو قرد/بقرة! ومعرفة ما إذا كانت مثل هذه الأجنة المبكرة يمكن أن تزرع أم لا، تعنى الفهم بصورة أفضل لما يشكل خصوصية نوع، واكتشاف أن تراكيب نيوكليوسيتوپلازمية nucléocytoplasmiques بعينها ربما ستكون قابلة للحياة تماما.
متشابهة، مختلفة: فيم
تفيد الحيوانات المستنسخة؟
     لن تتعلق التطبيقات الأولى للاستنساخ بالحصول على أعداد كبيرة من الحيوانات المستأنسة المتماثلة چينيا، مع تهديد إفقار فى الأعداد الحيوانية كما أشار بعضهم بمجرد الإعلان عن ميلاد النعجة دوللى، بقدر ما سوف تتعلق باستخدام ومساعدة المحافظة على التنوع الچينى. ولا تعدو المفارقة أن تكون ظاهرية وهى تبين على كل حال أن المخاوف الأولى ليست مبررة للغاية.
     والأفق الأول للاستنساخ هو أن يصير أداة لتحويل الحيوانات عن طريق تقنية نقل الچينات الحيوانى la transgenèse animale. ولهذا سببان. يتعلق الأول بفعالية تقنية نقل الچينات. وتبين نجاحات أولى متحققة لدى النعجة، أو الماعز، أو البقرة، ميزة نقل الأنوية بالقياس إلى الحقن المجهرى micro-injection لـ"دنأ" بصورة مباشرة إلى داخل البويضة (فى طور خلية). وهذه التقنية مستخدمة منذ أعوام عديدة من أجل الحصول على اندماج تسلسل "دنأ" غريب (أجنبى) étranger داخل نواة مضيفة. وتسمح تقنية نقل الچينات بإنتاج جزيئات معقدة باستخدام هذا المحوِّل البيولوچى biotransformateur العالى الكفاءة وهو الضرع وستكون إمكانيات عديدة لهذا النهج مطورة فى محاضرة ل.-م. أودبين L.-M.Houdebine وبالتالى فإنه لا مناص من أن يسهم الاستنساخ فى خفض تكلفة إنتاج جزيئات معقدة ذات فائدة صيدلانية من أجل الحصول على جزيئات ذات قيمة مضافة مرتفعة (على سبيل المثال مثل العامل IX الذى يتدخل فى عملية تجلط الدم)، أو الأجسام المضادة anticorps التى يمكن استخدامها بالتالى بصورة أوسع كثيرا لغايات تتعلق بالتشخيص. وهذا ما يوضحه العجل "لوسيفر" Lucifer، المولود فى يوليو 1998 فى إنرا INRA. وفى هذه التجربة، قمنا بمقارنة فعالية الحقن المجهرى لچين غريب (أجنبى) transgène مع فعالية نقل أنوية خلايا جسدية محولة چينيا. وكان علينا أن نحقن أكثر من ألفين ومائة من الأجنة المبكرة فى طور "خلية" للحصول على جنين ناضج محوّل چينيا على حين أن نقل عشرين من أكياس البلاستولة، تم الحصول عليها انطلاقا فقط من مائة وخمسة وسبعين جنينا معادة التكوين كل منها بنواة محولة چينيا، كان كافيا للحصول على "لوسيفر" مع تكلفة أقل ثلاثة إلى خمسة أمثال من تكلفة الحقن المجهرى. وهذا العجل حامل لچين مماثل لذلك الذى عند الحُباحِب le ver luisant، الذى تم إنتاجه من الضوء: لوسيفيراز la luciférase وقد تم صنعه بحيث يظهر الچين على مستوى الميراث الچينى فى كل الخلايا، ولكن فقط بعد إجهاد شديد. وعلى هذا النحو يكون لدينا حيوان نموذجى يمكن أن نقيس عليه بكل دقة حالة الإجهاد الشديد وهذا بطريقة غير هجومية لأنه يكفى أخذ عدة خلايا من الغشاء المخاطى الفمى على سبيل المثال لإجراء الاختبار.
     والسبب الثانى يتعلق بواقع أننأ يمكن أن نتوقع، فى مستقبل لا شك فى أنه قريب، أن نستخدم الاستنساخ من أجل ضمان الأداء الجيد للچين الغريب، وإلى يومنا هذا فإن اندماجه بعد الحقن المجهرى أو بعد إدخال مادة چينية ڤيروسية فى خلايا transfection الچينات المانحة للأنوية قد حدث بالمصادفة، وأكثر الأحيان فى شكل نسَخ copies متعددة. وتؤثر هذه الاندماجات غير المحكومة بصورة متكررة على نموذج تعبير[viii]expression  "دنأ" الغريب وتعرض للخطر الجهود الطويلة اللازمة لإنتاج الحيوانات. وهى تسهم فى زيادة تواتر ظهور اضطرابات فسيولوچية، وهذا وضع لا يمكن أن يتسامح معه الاحترام الواجب لحيوانات التربية على أن واقع أنه يمكن استخدام عدد كبير من الخلايا المزروعة يسمح باللجوء إلى إستراتيچيات جزيئية لتوجيه اندماج الچين الغريب فى وجهة مختارة للچينوم سلفا، على سبيل المثال منطقة تشجع فيها البيئة الكروماتينية (الصبغية) مستوى مرتفعا من نشاطه. وبالتالى يصير الاستنساخ رهانا للحصول بصورة مباشرة على هذه الحيوانات المحوّلة چينيا باستخدام خلايا مانحة للأنوية حيث تكون سلاسل الچين الغريب سلاسل داخلية مختارة سلفا. ومع الأخذ فى الاعتبار لعدد كبير من الانقسامات الضرورية من أجل انتخاب هذه التطورات النادرة للامتزاج الچينى[ix] recombinaison فإن الحصول على سلالات من الخلايا الكلية القدرة التى يمكن الإبقاء عليها أثناء فترات طويلة جدا فى الانقسام النشيط المختبرى سيكون ضروريا دون شك. وهذه الخلايا لا توجد إلى يومنا هذا إلا عند الفئران.
     وسوف تتمثل ضرورة إضافية، على الأقل بالنسبة للأنواع المستأنسة، فى إزالة كل سلسلة "دنأ" المستخدمة لتصنيف trier الخلايا حيث يحدث الامتزاج الچينى المتماثل بين السلاسل الداخلية المشار إليها والچين الغريب. وقد تسمح تكنولوچيات جديدة بالقيام على هذا النحو بتخليص الأنوية المانحة لهذه المساعِدات auxiliaires للتصنيع التى تتمثل فى چينات مقاومة المضادات الحيوية، أو الچينات الموجهة للأداء الفعال للچين الغريب. إنه إذن، مع الحيوان، أكثر من مسألة أن يكون إنتاج كائنات عضوية معدلة چينيا عن طريق الترقيع bricolage كما كان الحال مع النباتات. ويتمثل هدف البحث فى تقنية نقل الچينات الملائمة التى لن تقوم إلا بإحلال أليل[x] allèle محل آخر. وبالتالى فإن تطبيقات الاستنساخ لدى الحيوان سوف تفضى فى الممارسة العملية إلى تطوير تكنولوچيات تقنية نقل الچينات، من أجل التشكيل بصورة مباشرة لحيوانات التربية وليس فقط للانتخاب بصورة أفضل للحيوانات الأفضل ابتداءً من أعداد كبيرة من الحيوانات من نفس النمط الچينى[xi] génotype. ولفترة أولى، من المحتمل استخدام امتزاج الچينات المتماثل بين "دنأ" الخارجى وسلاسل داخلية من أجل تطبيقات طبية، مثل التوصل على سبيل المثال إلى حيوانات متوافقة مناعيا immunocompatibles مع الإنسان (الخنزير) ومن أجل محاولة جعل ممارسة نقل خلايا/أنسجة/أعضاء حية من مصدر حيوانى غير بشرى إلى الإنسان xénotransplantation  فعالة. وفى الأجل الأطول، فإن هندسة حقيقية للحيوانات المستأنسة هى التى قد تظهر وتجعل الطرق الكلاسيكية للانتخاب الحيوانى أسرع. كما أنه لا مناص من أن ينتهى الاستنساخ إلى إيجاد نماذج حيوانية جديدة من أجل تعميق معارفنا عن تنظيمات الوظائف الجديدة للكائن الحى وكذلك من أجل دراسة الأمراض التى اتضح أن اللجوء من أجلها إلى الفئران كنموذج أمر خادع.
     غير أن الاستنساخ بدأ يُستخدم أيضا للمحافظة على الأنماط الچينية الحيوانية الاستثنائية. فالنيوزيلانديون على سبيل المثال حصلوا منذ فترة قصيرة على عجول مستنسخة عديدة ابتداءً من خلية مأخوذة من بقرة عمرها سبعة عشر عاما، وكانت واحدة من أبقار باقية نادرة من قطيع تأقلم على مناخ بالغ القسوة لجزيرة بجنوب البلاد. وقد نسخ الياپانيون أيضا ثورا فى الخامسة والثلاثين من عمره، وهو عمر مقبول لدى هذا النوع. وفى الحالتين، استطاع الحيوانان المستنسخان التناسل بصورة سوية تماما مما سمح بالتالى بإدخال هذين النمطين الچينيين المفيدين فى المخططات العامة الكلاسيكية فى الانتخاب الحيوانى. ومع زميل اختصاصى فى علم الوراثة من إنرا INRA، أوضحنا أنه يكفى استخدام حوالى خمسة، أو على الأكثر عشرة حيوانات مستنسخة من حيوان مفيد للوصول، ابتداءً من تدابير معدة للحيوانات المستنسخة ذاتها أو للحيوانات المتحدرة منها، إلى معرفة هى فى آن معا أدق وأسرع بالقيمة الچينية للحيوان.
الحيوان، الإنسان:
الاستنساخ التكاثرى والاستنساخ العلاجى
     مع الأمثلة المقدمة أعلاه، يكون الهدف هو الحصول على ولادة كائنات حية مستنسخة بعد أن تنقل، إلى أنثى حامل، أجنة مبكرة معادة التكوين تكون أنويتها الجسدية مأخوذة من كائن حى بالغ: هذا ما نسميه الاستنساخ التكاثرى reproductive. غير أننا يمكن أيضا أن نتوقع عدم القيام بنقل الأجنة المبكرة المعادة التكوين وزرعها للحصول على سلالات لخلايا متعددة القدرات جنينية مبكرة أو متمايزة ستكون لها نفس السمات الچينية المميزة مثل سمات المانح: هذا ما نسميه الاستنساخ العلاجى thérapautique أو أيضا الاستنساخ غير التكاثرى، وهذا التمييز، الذى وضعته اللجنة الاستشارية الوطنية للأخلاقيات منذ 1997، أساسى لفهم كيف يمكن تطبيق الاستنساخ على الإنسان.
     وإلى يومنا هذا، توجد فى العالم بأسره حركة واسعة جدا لحظر الاستنساخ التكاثرى البشرى. ومنذ عامين، قامت تسعة عشر بلدا أوروپيا بتوقيع پروتوكول يتضمن هذا التمييز. وبطبيعة الحال فإننا نستطيع دائما أن نبرر اللجوء فيما يتعلق بالإنسان إلى الاستنساخ التكاثرى: إنه سيسمح لنا على سبيل المثال بزيادة فرص الحَبَل grossesse عندما أمكن الحصول على جنين مبكر واحد فى المختبر، أو ببقاء السلالة البيولوچية فى حالة الإنجاب المستحيل. غير أن مثل هذه الممارسات، الممكنة تقنيا، قد تفتح الطريق أمام الإنجاب باستنساخ طفل يُشرف على الموت، وأمام إنجاب كائن مرتفع الثمن أو شخصية "استثنائية"، دون أن نتحدث عن حلم ولادة أطفال عديدين متماثلين چينيا. وعندئذ يبدو الاستنساخ الإنجابى على أنه ينظر إلى الشخصية البشرية على أنها وسيلة، ويمثل بالتالى طعنا مهينا لكرامته. وهو يوقظ اليوم وعيا شبه إجماعى بضرورة اتفاق دولى يهدف إلى فرض حظر عليه. ومن شأن إعلان مثل هذا الإتفاق أن يكون علامة على جبهة جديدة للنهج الإخلاقى فى مواكبة ومراقبة جبهة المعارف العلمية.
     وعلى النقيض، يهدف الاستنساخ العلاجى إلى استخدام مختلف تماما لنقل الأنوية: استخدام يفتح الباب أمام أشكال جديدة من التطعيمات الذاتية autogreffes. والواقع أن الإعلان فى الولايات المتحدة عن النجاحات الأولى فى عزل سلالات الخلايا الكلية القدرات المحددة انطلاقا من زراعة أكياس بلاستولة بشرية فائضة منحها للبحث أزواج وزوجات من المرضى (المتطوعين فى برنامج للإنجاب المساعد طبيا) قد عزز إلى حد كبير الاهتمام بهذا النهج. وتتعلق الفكرة بالإنتاج، بنقل الأنوية، لكيس بلاستولة انطلاقا على سبيل المثال من خلايا مانحة مأخوذة عن طريق الفحص الحيوى biopsie من مريض مصاب باللوكيميا، ثم زرع خلايا هذا الجنين المبكر dériver واستمداد مختلف الأنماط الخلوية التى تكون خلاياها أسلافا لسلالة مكوِّنة للدم hématopoïéique؛ وعندئذ يغدو بمستطاع هذه الخلايا أن يُعاد، بدون خطر الرفض، إدخالها فى نخاع العظم للمريض بعد أن يكون قد تم سلفا تعديلها چينيا لجعلها سليمة.
     كذلك فإن الاستخدام الفعال للاستنساخ العلاجى سوف يجعل من الضرورى أيضا إجراء كثير من الأبحاث قبل أن يكون بالمستطاع أن يصير واقعا غير أنه واعد بتطبيقات طبية عديدة جدا، وبصورة خاصة من أجل أمراض انحلال الأعصاب neurodégénératives. وهذا الشكل للاستنساخ يمكن بدوره ألا يكون سوى مرحلة انتقالية للبحث. وبالفعل فقد تبين لنا مؤخرا أن الخلايا السلالية المعزولة انطلاقا من أنسجة متخصصة، أنسجة عصبية، أو دموية، أو عضلية، يمكن أن تشهد إعادة توجيه مصيرها، عندما نقوم بصورة مباشرة بتعديل بيئتها فى المختبر دون أن نلجأ لهذا السبب إلى نقل الأنوية: على سبيل المثال بوضع خلايا عصبية فى الدورة الدموية للفأر، تكتسب هذه الخلايا نمطا ظاهريا[xii] phénotype لخلايا دموية. وآليات هذا التغير فى اتجاه التمايز الخلوى transdétermination التى تبدو أنماط عديدة من الخلايا الجسدية قادرة عليه ماتزال غير مفهومة إلى حد كبير. غير أن هذه النتائج الأخيرة تضعنا فى الواقع أمام جدال أخلاقى حقيقى يمكن أن يُصاغ فى شكل سؤالين.
     من أجل تحديد سلالات لخلايا جنينية بشرية متعددة القدرات انطلاقا من أنوية خلايا جسدية، ينبغى أولا تحديد شروط الزرع التى سوف تسمح باشتقاق سلالات لخلايا انطلاقا من كيس البلاستولة. وفى فرنسا فإن هذا مستحيل لأن كل بحث، حتى حول الأجنة المبكرة الفائضة surnuméraires لبرامج الإنجاب بالمساعدة الطبية، يحظره قانون الأخلاق البيولوچية bioéthique لعام 1994. غير أن من المتوقع أن يعاد النظر قريبا فى هذا القانون. ومن هنا السؤال الأول المطروح على السلطة التشريعية: هل ينبغى، آخذين فى الاعتبار المعطيات الجديدة فى البحث، أن نواصل حظر أم على العكس إباحة زرع هذه الأجنة المبكرة الفائضة، بالطبع مع رقابة ملائمة؟ ومن أجل تنفيذ الاستنساخ العلاجى، يجب إعادة تكوين الأجنة المبكرة وبالتالى تخليق، أجنة مبكرة بشرية، انطلاقا من بويضات بشرية، من أجل حاجات البحث. وفى فرنسا، كما فى بلدان عديدة، فإن هذا التخليق "لكائنات بشرية محتملة" إذا استعدنا التعبير الذى تقترحه اللجنة الاستشارية الوطنية للأخلاق من أجل تعريف الوضع القانونى للجنين البشرى، محظور. ومن هنا السؤال الثانى، الأصعب دون شك: هل يمكن أن نقوم بالإباحة، حتى بصورة انتقالية، لتخليق الأجنة البشرية من أجل البحث؟ الحظر، الإباحة، يستدعى الاستنساخ العلاجى حاجة إضافية: الحاجة إلى أن نتعلم أن نقيس بقيمتها الصحيحة المنجزات البالغة السرعة لعالم العلوم التقنية هذا الذى ينتمى إليه الاستنساخ. وبين رفض كلى ودفاع أعمى، يغدو اتباع خط ذروة دون شك أكثر شجاعة: إنه الخط الذى بمحاذاته ينبغى، فى الوقت المرغوب، أن نقرر التقدم أو التقهقر. وضد الخوف، يصير مثل هذا النهج عملا حكيما.
خلاصة
     فى أقل من ثلاثة أعوام، صار الاستنساخ الحيوانى أداة مستقلة تماما للبحث الأساسى. فهو يساعد فى التوصل إلى فهم أفضل لآليات التمايز الخلوى والطابع الجزيئى واللدونة ( = قابلية التشكل) plasticité الوظيفية الكبيرة لچينوم خلايانا. كما أنه يوضح أيضا أننا لسنا سوى نتائج چيناتنا وأنه يجب السماح بفهم أفضل للطريقة التى تقوم بها بيئة الجنين المبكر، عند الثدييات، بتعديل مصيره. وفى ارتباط مع تقنية نقل الچينات transgenèse، سوف يسمح الاستنساخ بتشكيل الحيوان وباستخدام هندسة حقيقية لچينومها. وعندها، سيتقدم العلم والتطبيقات بالفعل بصورة متلازمة، محوِّميْن فوق السوق التى تعَدّ الحياة le vivant بالنسبة لها قبل كل شيء نشاطا منجميا. وعندها، تلتقى العقول الفريدة التى تريد أن تفهم تعقيد تطور الفرد[xiii]ontogenèse  بالمجازفات التى يُعَدّ أيضا العلم والتقنيات بالنسبة لها وسائل تأثير للإنسان على الحياة le vivant. وعندها تظهر استخدامات جديدة للحيوان الذى قد يعيد تعريف الحدود الخارجية لتصورنا عن الإنسان.
     ومع الاستنساخ، يبدو أن النشاط العلمى يدخل فى مواجهة مع أساطيرنا المؤسسة الأكثر قوة: أسطور الخلود مع وعودها التى تمنح شبابا أبديا؛ أسطورة القوة التى توفق بين آلهة تشكل الكائنات الحية فى جوارنا؛ وأخيرا أسطورة القرين وبالتالى اللاتميز الذى يقود إلى الجريمة. وتبدو الأحلام الحديثة مستعدة للخروج من المختبرات، كما أن الخوف ولكن أيضا السحر اللذين يمارسهما الاستنساخ الحيوانى يبدوان على طول وسائل الإعلام. ولكن البقاء مُقسَّمين بين الإغراء والرعب، ليس نهائيا ما يرافق نظرتنا عندما نتناول هذا العالم الفريد من أجل أن نحس بجماله بصورة أفضل!
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
3
تقنية نقل الچينات والتطفير الچينى
والچينوم الوظيفى[xiv]
دانييل ميتسچيه
Daniel Metzger
 
مقدمة
     يتمثل أحد أهداف البيولوچيا الحديثة فى فهم الطريقة التى يمكن بها لكائن حى معقد مثل الإنسان أن يتطور انطلاقا من خلية، ويعيش فى بيئته، ويتناسل. ومن الجلى أن برنامجا چينيا ينظم هذه التطورات، وأن الـ "دنأ" (حمض ديوكسى ريبو النووى) هو دعامة المعلومات. وبالتالى فإن لفهم أهمية الآليات التى تنظم التكاثر والتمايز الخلويين فى الحالة السوية والمرضية أهمية رئيسية. وتكتسب الخلايا فى مجرى التطور وظائف متباينة. ويمثل نقل الچينات[xv]transgenèse  والتطفير الچينى[xvi]mutagenèse  أداتين جبارتين لدراسة هذه التطورات المعقدة. وهما يسمحان أيضا بإنجاز نماذج حيوانية لپاثولوچيات بشرية، وباقتراح تشخيصات، وبالتحديد الدقيق لعلاجات. وأخيرا فإن تقنية نقل الچينات ربما تكون مستخدمة كوسيلة لإنتاج جزيئات بيولوچية مهمة.
     و"دنأ" جزئ دقيق يتألف من أربعة عناصر قاعدية، النيوكليوتيدات A,T,C,G. وهو موجود داخل نواة الخلايا فى صورة ثنائية السلسلة bicaténaire ويشكل الكروموزمات. وتتكون الچينات من سلاسل "دنأ" التى تشفر للپروتينات ومن سلاسل "دنأ" منظمة régulatrices (معززة enhancer/promoteur)، التى تسمح بتنظيم تعبير[xvii] expression المنطقة المشفـِّرة codante. وتسمح آلية خلوية بتدوين المعلومات التى يحتوى عليها الچين فى جزئ أحادى السلسلة monocaténaire، نسميه "رنأ ـ الساعى" RNAm (حمض ريبو النووى) . ويتحكم "رنأ ـ الساعى" فى تسلسل الأحماض الأمينية فى ترتيب محدد، ويسمح على هذا النحو بتخليق پروتينات خاصة لها وظائف هيكلية، أو وضع الإشارات signalisation، أو نشاط إنزيمى.
     ويملك كل فرد ميراثا چينيا مختلفا. ويصمم الچينوتيپ[xviii] (النمط الچينى) génotype  المعلومات المميزة التى يحتوى عليها الچينوم الخاص بها. ويتألف الفينوتيپ[xix] (النمط الظاهرى) phénotype من خصائص جسمانية مميزة ملحوظة لهذا الفرد، يقررها التكوين الچينى.
دراسة الچينات ووظائف الپروتينات
     وتسمح فروع علمية مختلفة بدراسة وظيفة الچين والپروتينات:
ـ الكيمياء الحيوية تسمح بدراسة بنية ووظيفة الپروتينات فى المختبر in vitro.
ـ الصيدلانية تسمح بتحليل وظيفة الپروتينات معدلا خصائصها عن طريق جزيئات صغيرة مثبتة فى پروتين بروابط خاصة غير تساهمية التكافؤ[xx] des ligands.
ـ علم الوراثة، عن طريق التطفير الچينى والتحويل الچينى، يعدل الچينوتيپ من أجل تحليل الفينوتيپ الناتج عن هذا التعديل. ويمكن تحقيق هذا الأخير عن طريق سلالات خلوية أو حيوانات مثل ذبابة الخل، أو الخيطيات، أو الدجاج، أو الفأر.
     ومن الآن ولعدة أعوام، ستكون التسلسلات الكاملة لچينوم الإنسان والفأر قد تحددت. وسوف يسمح هذا بتوضيح عشرات الآلاف من الچينات المجهولة، التى سوف ينبغى اكتشاف وظيفتها على المستوى الجزيئى، والنسيجى وكذلك للكائن الحى بكامله. وإلى التقنيات الكلاسيكية للبيولوچيا الجزيئية والچينية تضاف معلوماتية بيولوچية تمثل أداة جبارة لمقارنة وتحليل تسلسلات "دنأ" وسوف تقوم تقنية نقل الچينات (التحويل الچينى) بإكمال هذه التشكيلة بالإمكانية الكامنة المذهلة التى يقدمها للقدرة على التعديل حسب الطلب لأىّ چين مهما كان، والقدرة بالتالى على دراسة وظيفته الفسيولوچية على مستوى الكائن الحى بأكمله.
الفأر كنموذج حيوانى
     لفهم وظيفة الچينات، من الأساسى إجراء دراسات چينية. والفأر نموذج حيوانى ملائم للغاية، لأنه قريب نسبيا من الإنسان. فالواقع أنه حيوان ثديىّ، كما أن مستوى چينومه وعدد چيناته مماثلان لنظيريهما عند الإنسان. وتربية الفأر سهلة نسبيا بسبب حجمه الصغير، ونضجه الجنسى السريع (6 إلى 8 أسابيع)، وفترة حمله القصيرة نسبيا (3 أسابيع)، وتكلفته المعتدلة. وعلاوة على هذا فإن التقنيات التى تسمح بتعديل الچينوم عن طريق التحويل الچينى "الكلاسيكى" بهدف الإفراط فى تسجيل چين ثم تجسيده فى پروتين surexprimer أو تسجيل چين مطفر ثم تجسيده فى پروتين، وعن طريق الإلغاء النوعى لچينات إنما هى تقنيات متوفرة فى هذا الكائن الحى. وهذه الأدوات الچينية، التى نتجه إلى وصفها، تسمح ليس فقط على المستوى الجوهرى المتعلق بفهم أفضل لوظيفة الچينات، بل أيضا بإنتاج حيوانات تحمل طفرات مماثلة لتلك الموجودة فى الأمراض الوراثية البشرية وبالتالى فإن تطابق الچينات المسئولة عن نواقص لدى الفأر يسمح ليس فقط بتسهيل التشخيصات وفهم الأمراض البشرية، بل أيضا بخلق نماذج حيوانية تسمح بإجراء المحاولات العلاجية من أجل تسهيل تحديد العلاجات.
التحويل الچينى الكلاسيكى
يسمح التحويل الچينى "الكلاسيكى" بإدخال جزء من "دنأ" فى الچينوم والتعبير الچينى الذى يحمله. ولتكوين كائن حى محوَّل چينيا لچين معلوم عن طريق التحويل الچينى "الكلاسيكى"، فإنه يتم قبل كل شيء استنساخه cloné وتعديله فى المختبر للسماح بتعبيره الچينى. ويتم حقن الچين الدقيق mini-gène (أو الچين الغريب/الأجنبى transgène) فى النواة الأولية المذكرة للبويضة المخصِّبة للفأرة، التى يُعاد زرعها بعد ذلك فى أمٍّ حاملة (الشكل 1). ويتم تحليل الفئران الوليدة التى تخرج من هذه البويضات للتحقق من وجود الچين الغريب وتعبيره. وبصورة عامة يكون الچين الغريب مندمجا عشوائيا فى الچينوم. ويتم اختيار الفئران التى تحمل الچين الدقيق فى السلالة الرُّشيْمية germinale لتكوين سلالات محوّلة چينيا. ويجرى استخدام الچينات الدقيقة بوجه عام للتعبير عن پروتين نافع. ولكى يوجه تعبيره الچينى، يجب أن يكون التسلسل المشفـِّر للـ"دنأ" مسبوقا بتسلسل حافز للـ"دنا". كما يسمح التحويل الچينى بدراسة التسلسلات الحافزة promotrices وبوضع الحافز فى وضع أعلى من تسلسل مشفـِّر لپروتين قابل للعرض بسهولة (إنزيم، پروتين فلوريسنتى، إلخ.)، يكون من السهل تحديد الأنماط الخلوية التى يجرى تعبير الچين فيها، وتسلسلات "دنأ" التى تحدد نوعية هذا التعبير. وبعض الحوافز فعالة فى كل الخلايا، فى حين أن الحوافز الأخرى ليست فعالة إلا فى أنماط خلوية بعينها. وبالإضافة إلى هذا فإنها يمكن أن تكون فعالة فقط خلال بعض مراحل التطور أو الحياة البالغة، أو أن تكون قابلة للبحث.
×××××××××××××××
×××××××××××××××
×××××××××××××××
 
الشكل 1 تكوين الفئران المحولة چينيا ـ مخطط عام
 
     وتستلزم الاختبارات manipulations الچينية لدى الفئران معدات متخصصة وعاملين ذوى تأهيل عال. ولتحديد سلالة محوَّلة چينيا من الفئران، يستغرق الأمر قرابة عام. ورغم هذه الصعوبات فإن هذا النهج مستخدَم إلى حد كبير. ولنلاحظ مع هذا أن هذه التكنولوچيا لا تسمح بتعبير الچين الداخلى المنشأ. وفى نهاية ثمانينات القرن العشرين، حلت محلها تكنولوچيا أخرى تسمح بوقف نشاط چين بعينه أو بإحلاله محل چين مطفر.
الإلغاء المستهدف للچينات
     تسمح تقنيات الامتزاج الچينى المتماثل[xxi]recombinaison  بتعديل چين بصورة نوعية، أىْ بإحلال چين يحمل طفرة محددة (على عكس التحويل الچينى الكلاسيكى، حيث يحدث اندماج الچين الغريب بصورة عشوائية) محل چين بعينه. وللقيام بهذا يجب أن يكون الچين مستنسخا cloné وأن يكون التطفير حادثا فى المختبر. كما يجرى دمج چين مقاوم لمضاد حيوى فى الجزء المطفر من "دنأ". وبعد هذا يجرى إدخال الچين المطفر فى الخلايا عن طريق الإدخال الكهربائى electroporation. ولأن حوادث الإحلال عن طريق الإمتزاج الچينى المتماثل نادرة جدا فى خلايا الثدييات، فإن الخلايا قبل الدمج فى الـ"دنأ" تكون قبل كل شيء مختارة بمساعدة المضاد الحيوى الملائم لچين المقاومة الذى يتم دمجه فى الچين الغريب، ثم يجرى تحديد الخلايا التى حلت محل الچين المستهدف بالامتزاج الچينى المتماثل عن طريق تحليل "دنأ" الخاص بها. ولتكوين فئران تحمل الطفرات المستهدفة، يجرى استخدام خلايا ES (cellules embryonnaires souches = خلايا جنينية سلالية). وهذه الخلايا، المعزولة من جنين مبكر النضج (كيس البلاستولة blastocyste)، تملك خاصية القدرة على أن تزرَع وتختبَر معمليا، مع المراعاة التامة لقدرتها على التمايز. وخلايا ES المعدلة عن طريق الامتزاج الچينى المتماثل يُعاد إدخالها فى أكياس البلاستولة ، التى تجرى إعادة زراعتها فى فئران حوامل (الشكل 2). ونظرا لأن خلايا ES متحدرة من جنين من سلالة فئران بُنية الشعر (سمة چينية سائدة) وأن أكياس البلاستولة المحقونة تنشأ عن فئران سوداء الشعر، فإن الفئران الوليدة، التى يكون جزء منها متحدرا من خلايا ES المعدَّلة، يمكن تمييزها بالبقع ذات اللون البنى على شعر أسود. وهذه الحيوانات خيالية chimérique ليس فقط على مستوى شعرها، بل أيضا من حيث الأعضاء الأخرى؛ فهى تتكون من خلايا ذات نمط وحشى وخلايا تحمل التعديل الچينى الذى جرى إدخاله فى خلايا ES. والحيوانات الخيالية التى تحمل الطفرة فى حالة الزيجوت المتغاير hétérozygote فى السلالة الرشيمية germinale يجرى التعرف عليها بعد التزاوُج مع فئران ذات شعر أسود، من خلال تحليل النمط الچينى للذرية ذات اللون البنى. والفئران التى تحمل نسختين من الچين المطفر muté (ولا تحمل بالتالى أية نسخة من الچين الوحشى) يتم الحصول عليها فى الجيل التالى، من خلال تزاوُج الفئران البنية التى تحمل الطفرة فى حالة الزيجوت المتغاير بينها.
×××××××××××××××
×××××××××××××××
×××××××××××××××
 
الشكل 2 تعطيل نشاط چينات عند الفأر
 
×××××××××××××××
×××××××××××××××
×××××××××××××××
 
الشكل 2 التطفير الچينى الجسدى المستهدف
 
     وبالتالى فإن تكنولوچيا إلغاء الچين عن طريق الامتزاج الچينى المتماثل (knock-out أو التطفير الچينى المستهدف) (الشكل 3) تسمح بإنتاج فئران تحمل طفرة محددة لچين بعينه فى كل خلايا الحيوان، من البيضة المخصبة حتى العمر البالغ. ولنلاحظ أن هذه التقنية ماتزال أكثر تعقيدا من التطور الچينى الكلاسيكى، وأنه يلزم حوالى عامين لتكوين سلالات فئران مطفرة عن طريق الامتزاج الچينى المتماثل. وبعد تدقيقها فى حوالى نهاية الثمانينات من القرن العشرين، صارت هذه التقنية قوية جدا ومستخدمة على نطاق واسع فى العالم. وهناك أكثر من ألف من الچينات المطفرة عن طريق الامتزاج الچينى المتماثل فى الوقت الحاضر. ومع ذلك فإنها تنطوى على عدد من النواقص. والواقع أنه يحدث أن يكون الچين الملغى invalidé أساسيا للتطور الجنينى، مانعا لذلك إنتاج فئران بالغة حاملة للطفرة؛ وبالتالى فإن وظيفة هذا الچين لا يمكن أن تجرى دراستها عند البالغ. وعلى العكس، ففى بعض الحالات، لا يقوم إلغاء الچينات بِحَثّ الفينوتيپ. وقد ينتج هذا عن تعويضات وظيفية خلال التطور، وبصورة خاصة عندما ينتمى الچين إلى فصيلة من الچينات قبل وظائف مماثلة. وبالإضافة إلى هذا فعندما تجرى ملاحظة الفينوتيپ ، يكون من الصعب تحديد ما إذا كانت التشوهات على مستوى عضو أو نمط خلوى بعينه ناشئة عن غياب الچين فى هذا العضو أو بالأحرى عن غيابه فى بنيته الجنينية التى تمنع تكوين هذا العضو، على سبيل المثال، أو أيضا عن غياب عامل من عوامل النمو مركب synthetisé فى عضو آخر، لا غنى له عن وظيفة العضو المتأثر لدى البالغ. أما بالنسبة للچينات التى لها وظائف متنوعة، على مستوى الأعضاء العديدة، فإن الإلغاء يمكن أن تكون له تأثيرات عديدة، مما يعقد بالتالى تحليل وظيفة الچين على مستوى نمط خلوى بعينه. وأخيرا فإن هذه التكنولوچيا لا تسمح بتكوين نماذج حيوانية جيدة لأمراض بشرية تسببها طفرات جسمانية (أىْ طفرات تظهر فى خلية فى مجرى الحياة) أو تراكم من الطفرات الجسمانية المتعددة الچينات، مثل السرطانات على سبيل المثال. وكان من المهم بالتالى تحديد منهج يسمح بالتطفير بصورة نوعية لچين بعينه، فى لحظة محددة وفى نمط خلوى بعينه لدى الفئران.
التطفير الچينى الجسدى المشروط
     يقوم أحد الأنساق الواعدة للغاية فى مجال تحقيق الطفرات الچينية المشروطة على خواصّ پروتين ڤيروس آكل للبكتريا bactériophage، وهو "ريكومبيناز كرى"la recombinase Cre. والواقع أن "ريكومبيناز كرى" يميز بصورة نوعية تسلسلات "دنأ" لأربعة وثلاثين زوجا من القواعد المسماة مواقع "لوكس پى" sites LoxP وهو يستأصل جزءًا من "دنأ" محصورا بين موقعين من مواقع "لوكس پى" ويترك فىمكانه موقع "لوكس پى". و"ريكومبيناز كرى" فعال ليس فقط لدى البكتريات، بل كذلك لدى الخميرة، والنباتات والحيوانات. وتسمح تقنيات التحويل الچينى "الكلاسيكى" لدى الفئران بتوجيه تعبير "ريكومبيناز كرى" فى نمط خلوى بعينه، أو تنشيط تعبيره بمساعدة مُحِثات inducteurs، باستخدام مثيرات ملائمة. ويمكن إدخال مواقع "لوكس پى" فى چين بعينه لدى الفئران عن طريق الامتزاج الچينى المتماثل للچينات داخل خلايا ES. ويمكن تحقيق طفرة الچين الحامل لمواقع "لوكس پى" إما فى نمط خلوى بعينه (ولكن دون السيطرة على اللحظة)، وإما فى لحظة مختارة (ولكن داخل كل خلايا الكائن الحى)، حسب السمات المميزة للمثير المستخدم للتعبير عن "ريكومبيناز كرى" (الشكل 4). وهذا التطفير الچينى نوعى، لأن الچينات التى لا تحمل مواقع "لوكس پى" لا تتأثر، غير أنها لا تسمح بامتلاك سيطرة مكانية-زمانية على طفرة الچين المستهدف.
     وللحصول على سيطرة مكانية-زمانية (الشكل 5) لكبح مقطع من "دنأ" واقع بين مواقع "لوكس پى"، حددنا فى المعمل پروتينا خياليا chimérique يحتوى على "ريكومبيناز كرى" وحقل پروتين نشاطه قابل للحث عن طريق (منطقة اتصال بمتلقى الأوستروچينات[xxii] œstrogènes). وفى غياب المـُحِث (أوستراديول[xxiii] œstradiol). يكون هذا الپروتين الخيالى (كرى-إر Cri-ER) خامدا. وعلى النقيض، عندما تجرى معالجة الخلايا بالأوستراديول، فإن نشاط "الريكومبيناز" يتم حثه، مما يؤدى إلى الكبح النوعى لمقطع "دنأ" بما فى ذلك ما بين مواقع "لوكس پى". وقد جرى تعديل الپروتين الخيالى فى مرة ثانية لإنتاج "ريكومبيناز" يسمى "كرى-إرت" Cri-ERT، وهو قابل للتنشيط بواسطة رابط صناعى غير تساهمى التكافؤ un ligand synthétique، مثل تاموكسيفين (تام) (Tam) Tamoxifène، ولكن أكثر عن طريق روابط داخلية غير تساهمية التكافؤ ligands endogènes (مثلا الأوستراديول)، الأمر الذى لا مناص من أن يؤدى إلى تنشيط غير مسيطر عليه للـ"ريكومبيناز" الخيالى.
 
×××××××××××××××
×××××××××××××××
×××××××××××××××
 
الشكل 4 التطفير الچينى الجسدى المشروط لدى الفأر
 
     ولاختبار فعالية هذا الـ"ريكومبيناز" الخيالى لدى الفئران، جرى تحديد فئران محولة چينيا تعبر عن "كرى-إرت" تحت سيطرة مثير ڤيروسى، نشيط فى أنماط خلوية عديدة. ولإظهار نشاط الپروتين، جرى تزويج هذه الفئران بفئران تحمل چينا غريبا "لاك ز" LacZ مشفـِّر لإنزيم، جالاكتوزيداز- ß-galactosidase  ß ينتج تلوينا أزرق فى وجود أساس substrat. ويقوم تسلسل "stop" محاط بموقعين "لوكس پى"، يجرى إدخاله بين المثير والچين "لاك ز"  بعرقلة تعبيره. وعندما يكون "كرى-إرت" نشيطا، فإن التسلسل "stop" يجرى استئصاله، ويجرى التعبير عن الچين "لاك ز". وفى البشرة، لا يكون المثير المستخدم للتعبير عن "كرى-إرت" وظيفيا إلا فى خلايا الشرائح العليا. وفى غياب "كرى-إرت"، فإنه لا يستبين أىّ تلوين أزرق على مقاطع بشرة الحيوانات المحولة چينيا. وعلى النقيض، فبعد يومين أو ثلاثة أيام من العلاج بالتاموكسيفين، تقدم كل خلايا الشريحة العليا للبشرة تلوينا أزرق، يبين أن الچين "لاك ز" معبر عنه، وبالتالى فإن كبح مقطع "دنأ" الموضوع بين مواقع "لوكس پى" جرى حثه فى نمط خلوى معين وفى لحظة مختارة لدى هذه الحيوانات. ومن أجل تحقيق تطفير چينى جسدى مشروط لدى الفأر، يكفى إذن إحاطة الچين المستهدف، أو مناطق أساسية من هذا الچين، بمواقع "لوكس پى" عن طريق الامتزاج الچينى المتماثل فى خلايا ES (الشكل 6) ومن أجل إزالة مسجِّل المقاومة الضرورية لانتخاب خلايا
ES الممتزجة چينيا، ولكن القادرة على التدخل فى تعبير الچين، فإن هذا الأخير ذاته محاط بمواقع "لوكس پى". وعلى هذا النحو فإنه عن طريق التعبير الچينى عن "ريكومبيناز كرى" بطريقة عابرة فى خلايا ES المعدلة عن طريق الامتزاج الچينى المتماثل، يمكن أن يتم تمييز خلايا قامت بصورة اختيارية باستئصال مسجل الانتخاب. وبالتالى فإن التعديل الچينى الوحيد الموجود فى خلايا ES هذه يتمثل فى إدخال موقعين من مواقع "لوكس پى" فى الچين المستهدف، حيث إن من الجلى أن هذين الموقعين موضوعان بطريقة لا تخلّ بأى حال بتعبير الچين. ويتم بعد ذلك تحديد فئران تحمل هذا التعديل انطلاقا من هذه الخلايا؛ وهى تقدم نمطا ظاهريا (فينوتيپ) للنمط الوحشى، لأن الچين نشيط دائما. ويتم بعد ذلك تزويجها بفئران محولة چينيا معبرة عن الـ"ريكومبيناز كرى-إرت" داخل الخلايا المستهدفة، بفضل مثير نشيط بصورة انتخابية داخل هذه الخلايا. وكبح التسلسلات الموجودة بين مواقع "لوكس پى" يمكن إذن حثه عن طريق مجرد علاج الحيوانات بالتاموكسيفين. ولا تتعرض الچينات الأخرى داخل هذه الخلايا لأىّ تعديل. وداخل الخلايا حيث يكون "كرى-إرت" غير المعبر عنه، من الجلى أننا لن نجد أىّ تعديل چينى.
 
×××××××××××××××
×××××××××××××××
×××××××××××××××
 
الشكل 5 التطفير الچينى الجسدى
 
     وعلى هذا النحو، توجد الأدوات التى تسمح بصورة نوعية بإلغاء چين معين فى لحظة مختارة. كما أن للفئران المحولة چينيا "كرى-إرت" Cre-ERT فائدة كبرى فيما يتعلق بتحقيق سيطرة مكانية-زمانية على تعبير چين غريب. وبالفعل فإنه باستخدام إستراتيچية مماثلة لتلك المستخدمة أعلاه بالنسبة للچين "لاك ز"، من الممكن الحث بصورة نوعية لتعبير چين غريب من أجل دراسة وظيفته. ومن الممكن كذلك حث التعبير الخاص بچين سُمِّىّ فى سلالة خلوية محددة، وبالتالى الكبح بصورة نوعية للأنماط الخلوية لدى الفأر، من أجل دراسة الدور الفسيولوچى لهذه الخلايا داخل كائن عضوى معقد. ومن جهة أخرى فإنه باستقراء تعبير مسجل فى لحظة معينة، من الممكن تتبُّع السلالات المتحدرة من خلية فى مجرى النمو، أىْ صُنع نسب خلوى. وأخيرا فبإحاطة چين غريب بمواقع "لوكس پى"، يغدو من الممكن أن نقوم، بمحض إرادتنا، بإلغاء تعبير هذا الچين.
×××××××××××××××
×××××××××××××××
×××××××××××××××
 
الشكل 6 التطفير الچينى الجسدى المشروط المسيطر عليه بطريقة مكانية-زمانية
خلاصة
     فى الوقت الحاضر، يملك العلماء إذن تحت تصرفهم عددا من الأدوات من أجل تعديل چينوم الفأر، عن طريق التطوير الچينى "الكلاسيكى"، عن طريق الإلغاء المستهدف للچين، ومؤخرا جدا عن طريق التطفير الچينى الجسدى المشروط. وهذه التقنيات بالغة التعقيد وباهظة التكلفة، غير أن لها تطبيقات بالغة الأهمية. ولنلاحظ مع هذا القيود الرئيسية المرتبطة باستخدام الفأر من أجل تحقيق نماذج حيوانية للأمراض البشرية. والواقع أن النمط الظاهرى الذى نحصل عليه بعد إلغاء چين ليس بالضرورة مطابقا للمرض الچينى البشرى المناظر. وقد يكون هذا مرتبطا بطرق كيميائية حيوية مختلفة بين النوعين، أو بحشو وظيفى أكثر أهمية لدى الفأر منها لدى الإنسان. وبالإضافة إلى هذا فإن بعض طرق وضع الإشارات signalisation قد تكون غائبة أو مختلفة من نوع إلى آخر. ونظرا لأن تنظيم المخ ليس متطابقا لدى الفأر والإنسان، فإن النتائج الناشئة عن دراسات أجريت لدى الفأر لن تكون قابلة للنقل مباشرة إلى الإنسان. وأخيرا فنظرا إلى أن مدة حياة الفأر أقصر كثيرا من مدة حياة الإنسان، فإن الفأر ليس، بوجه عام، النموذج الأفضل لدراسة الأمراض الانحلالية dégénératives. كذلك فإن تقنيات التحويل الچينى تخضع لقيود جوهرية. وبالفعل فإن التسلسلات المشفرة للچين تكون مستخدمة بوجه عام، ومستنسخة إلى أسفل منطقة مثيرة ومن هنا فإن بعض عناصر التعبير الچينى تكون غائبة، مما يفضى إلى مستويات أو جوانب للتعبير مختلفة عن تلك الخاصة بالچين الداخلى. كما أن موقع اندماج التحويل الچينى يمكن أن يحث تعديلات لتعبير الچين الغريب.
     وفى أكثر من دراسة لوظيفة الچينات، ولتنظيم تعبيرها، ولتكوين نماذج حيوانية لأمراض بشرية، تكون للتحويل الچينى تطبيقات أخرى، خاصة إنتاج جزيئات ذات أهمية بيولوچية. وفى هذه الحالة، تستخدم عادة كائنات حية أكبر من الفأر، على سبيل المثال النعجة، أو الأرنب، أو البقرة. ومع هذا فإن التطفير الچينى المستهدف للچينات ليس قابلا للتحقيق فى الوقت الحالى لدى هذه الحيوانات، حيث إن تقنيات الامتزاج الچينى المتماثل فى الخلايا السلالية غير متوفرة. كما ستكون لتقنيات التطفير الچينى المستخدمة لدى الفأر تطبيقات مثيرة فى العلاج الچينى. وبالفعل فإن من المتوقع إحلال الچينات المطفرة، أو توجيه تعبير التحويل الچينى، فى الخلايا الجسمانية الناقصة المأخوذة من أمراض، وإعادة حقنها، بعد التعديل الچينى، فى هؤلاء المرضى. وبالتالى فإن التحويل الوراثى، والتعديل الوراثى، والچينوم الوظيفى يجب أن تكون لها ثمار إيجابية عديدة للصحة البشرية. وحيث إن هذه التقنيات أكثر من واعدة جدا فإنها يجب أن تقدم الآن أدلتها بشأن الفعالية فى الأجل الطويل وعدم إلحاق الأضرار مطلقا بالبشر.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
4
نقل الچينات وتطبيقاته[xxiv]
لوى-مارى أودبين
Louis-Marie Houdebine
 
     جعلتنا اكتشافات الخمسين عاما السابقة نعتاد فكرة أن الحياة ليست سوى مجموع من التفاعلات الفيزيائية-الكيميائية التى تجرى داخل نطاقات مُحْكمة الحدود، وهى الخلايا. وهذه التأثيرات تحْدِثها بجانب كبير منها پروتينات (إنزيمات، عوامل دموية، هرمونات، أجسام مضادة، إلخ.). وتتألف پروتينات كل الكائنات الحية من نفس الأحماض الأمينية العشرين المتجمعة بعضها وراء بعض لتشكل سلاسل ذات أطوال مختلفة جدا. ويمكن أن تحتوى الپروتينات على بعض الوحدات وحتى بضعة آلاف من الوحدات الأمينية. وعدد التوافيق النظرية للأحماض الأمينية العشرين كبير جدا ولا يمثل مجموع الپروتينات الموجودة سوى جانب ضئيل من هذه الإمكانيات. ويرتبط النشاط البيولوچى للپروتينات ارتباطا مباشرا بتسلسل الأحماض الأمينية ولكنْ بطريقة بالغة التعقيد. والسلاسل التى تشكل الپروتينات تلتوى بطرق عديدة يحددها تسلسل الأحماض الأمينية. وهذه الالتواءات تشكل المواقع النشيطة للپروتينات.
     وقد ترافق اكتشاف الپروتينات باتضاح وجود جزيئ موجود فى كل مكان فى الكائنات الحية: حمض ديوكسى ريبو نيوكلييك l acide désoxyribonucléique أو "دنأ" DNA الذى يحتوى على المعلومات الوراثية. ويتألف هذا الجزئ من رابطة من الفوسفات والديوكسى ريبوز désoxyribose تكون معلقة عليها أربع أبنية تسمى قواعد bases ويُرمز إليها بحروف ATGC.
     وقد أوضحت ملاحظات كثيرة أن الچين تقوم بتكوينه منطقة من سلسلة "دنأ" وأن الچين يتطابق بصورة أساسية مع پروتين. وسمحت دراسات تصنيفية بإثبات أن تعاقب القواعد داخل چين يحدد بصورة مباشرة تسلسل الأحماض الأمينية للپروتين المناظر وفقا لشفرة شاملة: الشفرة الچينية. وعلى هذا النحو تحدد ثلاث قواعد متعاقبة أىّ حمض أمينى يجب أن يشارك فى تكوين الپروتين.
     وبالتالى يمكن النظر إلى "دنأ" على أنه بنك معلومات تستخدمه الخلية حسب حاجاتها من الپروتينات. وتتكون نسخة من چين فى شكل حمض ريبونيوكلييك الساعى acide ribonucléicque messager "رنأ الساعي" RNAm بناء على طلب الخلية ويجرى فك شفرتها من أجل تركيب الپروتين المناظر. وهذه الحقائق الثابتة منذ حوالى أربعين عاما حددت بالفعل كل مبدأ الهندسة الوراثية. وبالفعل، إذا كانت الرسائل الچينية التى يحتوى عليها "دنأ" غير محددة إلا بتعاقب القواعد الأربعة فإنه يجب أن يكون ممكنا تعديل هذه الرسائل بل حتى إعادة خلقها بمجرد أن نملك ناصية كيمياء "دنأ" والواقع أن التقنيات الأساسية التى تسمح بتطويع "دنأ" على هذا النحو جرى تحديدها منذ ما يزيد الآن قليلا على عشرين عاما وولدت معها الهندسة الوراثية التى صارت من الآن فصاعدا أداة واسعة الاستخدام للغاية فى معامل عديدة.
     ومن المسلم به أنه توجد استمرارية صارمة بين المادة غير المنظمة التى سبقت الانفجار الكبير big bang منذ خمسة عشر مليار عام والمادة البالغة التنظيم التى تؤلف الكائنات الحية التى ظهرت على الأرض منذ أربعة مليارات عام. وتمثل المعادن حالة من التعقيد المتوسط.
     والكائنات الحية هى بدورها ذات تعقيد بالغ التغير يزداد من البكتريات إلى الثدييات وإلى الإنسان مرورا بالخمائر والنباتات. وبصورة منطقية للغاية، نكتشف أن الكائنات الحية الأكثر تعقيدا هى تلك التى لها العدد الأكبر من الچينات. وهكذا فإن للبكتريات من 350 إلى 4000 چين، والخمائر حوالى 6000، وأحد أصغر الحيوانات المعروفة بفصيلة النيما تودا (الخيطيات) 19099، والنباتات حوالى 20000، والإنسان حوالى 100000 (وسوف يُعرف الرقم القريب من الحقيقة فى غضون عام 2000). وهذه المعطيات كاشفة بصورة خاصة للطريقة التى جرى بها التطور من أجل نشوء الأنواع المختلفة. والواقع أن الثدييات أكثر تعقيدا بكثير من البكتريات غير أنها لا تزيد عليها مع هذا إلا بخمسين ضعفا من الچينات. ويعرف علماء البيولوچيا بالفعل أن الچينات، والپروتينات، والجزيئات، التى تنشأ منها قادرة على التفاعل بطريقة متزايدة التعقيد كلما صار الكائن الحى ذاته أكثر تطورا. وبالتالى فإن تعقيد الكائن الحى ينشأ على الأقل من توافيق متزايدة التعقيد للجزيئات يؤلفها بقدر ما ينشأ من تراكم معلومات چينية أولية.
 
من الچينات إلى الهندسة الوراثية
     لهذه الوقائع تأثير مباشر وعميق على الخبرات التى تنطوى عليها الهندسة الوراثية. وتسمح التقنيات الراهنة عمليا virtuellement بفصل أىّ چين مهما كان، ودراسة بنيته، وتعديله، وإعادة إدخاله فى خلية أو كائن حى. وهذه العملية الأخيرة من العمليات الأكثر أساسية. وبالفعل فإن الچين يمكن تشبيهه بشريط ممغنط. فكلاهما يحتويان على رسائل خطية مشفرة وسهلة التغيير. وهذه الرسائل هى فى حد ذاتها خامدة. وليست لها أهمية إلا بالنواتج الناشئة عنها: صورة أو صوت فى حالة، پروتين فى حالة أخرى. وعلى كل حال يوجد اختلاف جوهرى بين هذين النظامين؛ قارئ الشريط الممغنط لا مبالٍ بالرسالة التى يفك شفرتها وليس هذا هو الحال فى أغلب الأحيان بالنسبة للچينات إلى حدّ أن الپروتينات يمكن أن تؤثر على الخلية أو على الكائن الحى بكامله اللذين يقوم بتركيبهما.
     ويمكن تشبيه الچين إلى حد ما بكمپيوتر صغير يحتوى على رسالة محددة. وبالتالى فإن إدخال چين معزول فى خلية ومن باب أولى a fortriori فى كائن حى بأكمله يعيد ربط الكمبيوتر الصغير بشبكة من الكمبيوترات الصغيرة المترابطة والمتفاعلة بالفعل. ومثل هذا الدخول يمكنه أن يقوم بتخصيب الشبكة بطريقة متسقة أو على العكس أن يقوم بإيقاع الفوضى بعمق فى أدائها.
     وتقنية نقل الچينات[xxv] transgenèse عملية تتمثل فى إضافة چين غريب (أجنبى) étranger إلى كائن حى محدد بكامله (نباتات أو حيوانات) أو فى إحلال چين آخر محل أحد چيناته. ومن الواضح تماما أنه فى هذه الحالة أو الأخرى، لا يمكن أن تكون نتائج نقل الچينات متوقعة سلفا بصورة كاملة مثلما تكون معروفة خصائص الچين الغريب (الأجنبى) والپروتين المناظر. وبالتالى فإن نقل الچينات هو فى جوهره عودة إلى المعقد au complexe، حيث إن فصل چين ودراسته فى المختبر in vitro يمثلان على العكس دراسة اختزالية بصورة مقصودة. وبالتالى فإن النتائج المنطقية لنقل الچينات بصورة قبلية a priori تكون بصورة لا يمكن تفاديها غير معروفة جزئيا. والحقيقة أن إدارة المعقد الذى تمثله الزراعة وتربية الماشية تمثل نشاطا مألوفا جدا بالنسبة للمجتمعات البشرية. ويتمثل الانتخاب الچينى كلاسيكا فى كشف النتائج البيولوچية المهمة (التكاثر، مقاومة الأمراض، إلخ..) التى تظهر بصورة عفوية لدى بعض الأفراد عشوائيا من إعادة توزيع الچينات عند التكاثر الجنسى والطفرات الناتجة عن أخطاء فى نسْخ "دنأ". والحقيقة أن التناسل الممتاز للأفراد المحبوِّين بصفات بيولوچية جذابة يقود بالتدريج إلى تأسيس السلالات أو الأعراق. وهذه الطريقة فى الانتخاب أثبتت أهميتها إلى حدّ كبير ونحن نستفيد منها بشدة. ويمثل الانتخاب الكلاسيكى على كل حال عملية تتحقق فى أكثر الأحيان بصورة عشوائية. وبالفعل فإن القائم بالانتخاب لا يعرف فى أكثر الأحيان شيئا عن الچينات التى انتخبها ولا عن نتائجها الفردية. إن النتيجة العامة وحدها تؤخذ عادة فى الاعتبار. ويتمثل تبديل الكرموزومات فى الخلايا الرُّشيمية germinales فى إعادة توزيع چينات القرابة بطريقة عشوائية. وهذا ما يفسر كون أطفال نفس الزوجين مختلفين. ويتعلق تبديل كرموزومات القرابة فصوصا طويلة من "دنأ" تحمل چينات عديدة متلاصقة. وبالتالى فإن انتخاب چين له فائدة بيولوچية متوقعة يترافق بصورة لا يمكن تفاديها مع الانتخاب المشترك لچينات متجاورة غير معروفة لا تكون نتائجها حسنة دائما. وعلى هذا النحو فإن ثيرانا، وذكور خنازير، إلخ..، محتفظ بها كفحول [للتعشير] نظرا لاحتمالاتها الوراثية المفيدة يتضح أحيانا فى الاستعمال أنها تحمل كذلك چينا ضارًّا تماما بالنسبة للتربية. وبالتالى يجب القضاء على هذه الفحول وأحيانا ليس بدون أن يجلب هذا خسائر مالية كبيرة. ويصح الشيء نفسه على الانتخاب النباتى.
     ويتفادى نقل الچينات، بصورة جوهرية، جزءًا مهما من هذه النتائج غير المتوقعة. ذلك أن نقل الچينات الذى يمثله له نتائج متوقعة بجانبها الأكبر، بقدر ما تكون صفات الچين الغريب نفسها معروفة. ومن جهة أخرى فإن نقل الچينات لا يتطابق إلا مع تعديل چينى وحيد للكائن الحى. وبالتالى فإن نقل الچينات منظورا إليه على هذا النحو يكون من حيث المبدأ أقل عشوائية من الانتخاب الكلاسيكى. ومع أخذ كل شيء فى الاعتبار، فإن الطفرات التى يتم الحصول عليها عن طريق نقل الچينات ليست بصورة عامة أكثر تعقيدا من تلك التى تحدثها الآليات الطبيعية فى كل دورة للتكاثر. وإدارة الكائنات الحية المحولة چينيا يمكن بالتالى أن تستلهم إدارة الكائنات الحية التى يحدثها الانتخاب الكلاسيكى.
تقنيات نقل الچينات
     ليس نقل چين معزول إلى كائن حى ظاهرة عفوية إلا بصورة استثنائية. وإذا لم يكن هذا هو الحال، ما كان من الممكن أن تكون وحدة الأنواع واقعا حيث إن الكائنات الحية تكون فى أغلب الأحيان فى اتصال مباشر مع "دنأ" الأنواع الأخرى. والڤيروسات التى لا تتألف إلا من بضعة چينات مرتبطة بپروتينات لها قدرة استثنائية على النفاذ إلى داخل الخلايا. وهذه العملية التى نسميها عدوى تعَدّ أساسية بالنسبة للڤيروس الذى يجب حتما أن يستخدم الآلية الخلوية التى حُرمَ منها لكى ينسخ نفسه. وبالتالى يحتاج إدخال الچين الغريب المخصص للحصول كائنات حية محولة چينيا إلى طرق تجريبية متباينة. ويتمثل الأكثر استخداما لدى الحيوانات فى إجراء حَقن صغير microinjection مباشر للچين المعزول فى محلول داخل نواة أو ستيوپلازم جنين فى طور خلية. وفى نسبة صغيرة من الحالات (فى حدود 1٪) سوف يندمج الچين الغريب فى "دنأ" الجنين وينتقل على هذا النحو إلى الخلايا المتحدرة منه ثم إلى ذريته.
     وهذه الطريقة لا يمكن تطبيقها على النباتات. وهناك تقنيتان يجرى استخدامهما فى أكثر الأحيان فى هذه الحالة. وتتمثل إحداهما فى إدخال الچين الغريب فى ناقل للعدوى مأخوذ من بكتريا. وتنفذ هذه البكتريا بسهولة إلى داخل الخلية النباتية وتندمج فى "دنأ" الخاص بها. ويجرى استخدام الطريقة الأخرى للنباتات التى لا تستطيع الاستفادة بناقل العدوى. وهى تتمثل فى الإدخال بالقوة لميكروبيلات microbilles معدنية مغلفة بـ "دنأ" يحتوى على الچين الغريب فى الخلايا النباتية عن طريق القذف بسرعة عالية. وفى كل من الحالتين، يجب أن يعقب نقل الچين تجديد كامل لنبات انطلاقا من خلية تكون قد تعرضت للتعديل الچينى.
     وإضافة چين هى العملية الأكثر بساطة كما أنها الأكثر تطبيقا بكثير. وينعقد الأمل كذلك بشدة على الإحلال الخاص لچين. فهو يسمح فى التطبيق بإحلال چين فى كائن حى محل چين خامد (وهذا الأخير يعود إذن إلى إلغاء چين من الكائن الحى بالانتخاب) أو محل چين نشيط آخر. وهذه العملية ليست ممكنة فى الواقع إلا عند الحيوانات (والكائنات الحية الدقيقة). وهى تعنى فى الواقع أن الـ"دنأ" الغريب الذى يحتوى على چين الإحلال يتعرف بصورة نوعية جدا على الچين المستهدَف حتى يستطيع أن يحلّ محله عن طريق عملية امتزاج چينى[xxvi] recombinaison متماثل. وهذه العملية لا تتوَّج فى نهاية المطاف بالنجاح إلا إذا استطاعت الخلية التى حدث فيها الإحلال أن تنتج كائنا حيا بكامله. وهذا التجدد المعتاد بصورة شائعة للغاية لدى عدد كبير من النباتات صعب بصورة خاصة لدى الحيوانات. وفى التطبيق فإن الخلية الحيوانية المعدلة يجب أن تكون خلية جنين مبكر النضج قادرة، حالما يتم إدخالها فى جنين مضيف مبكر النضج، على المشاركة فى تطور الكائن الحى إلى أن يتم نقل الطفرة إلى السلالة. وهذه الطريقة الشاقة مستخدمة منذ أكثر من عشرة أعوام ولكنْ، لأسباب تقنية، لدى الفأر فقط. وبالتالى فإن إحلال الچين عن طريق إعادة ترتيب مماثلة جرى تخصيصه خلال عقد من الأعوام لهذا النوع وحده.
     وهناك نهج آخر بالغ الإغراء يمكن من حيث المبدأ أن يستند إلى تقنية استنساخ الحيوانات. وتتمثل هذه التقنية التى تم ضبطها منذ حوالى خمسة عشر عاما فى إعادة تشكيل المعادل لجنين بإدخال مجموع الحيوانات المتحدرة من نفس السلالة (الأرومة) stock المزدوجة لكرموزومات خلية فى بويضة أنثوية غير ناضجة ovocyte مستأصلة النواة قبل كل شيء. وخلال وقت طويل لم يكن هذا ممكنا إلا انطلاقا من خلايا جنينية غير متمايزة (كاملة القدرة[xxvii] totipotentes) وغير مزروعة. وقد سمحت تحسينات تقنية ضئيلة بالحصول على مستنسخات clones النعاج انطلاقا من خلايا جنينية مزروعة كاملة القدرة (قبل ولادة النعجة دوللى Dolly بعام) ثم انطلاقا من خلايا جنينية fœtales متمايزة وأخيرا من خلايا بالغة. وقد أجريت هذه التجارب بصورة أساسية لمحاولة تبسيط تقنية نقل الچينات. وبالفعل فإن من الممكن من حيث المبدأ نقل چينات غريبة إلى داخل خلايا مزروعة تستخدم بعد ذلك من أجل إيجاد حيوانات تصير محولة چينيا. وعلى هذا النحو فإن إضافة چينات توِّجت بالنجاح (ولادة پوللى Polly) بعد ولادة دوللى بعام واحد. وفى عام 1999، أمكن الحصول على إحلال چينات لدى النعاج عن طريق الامتزاج الچينى المتماثل بنفس الطريقة.
     وقد جرى تبسيط إضافة چينات على هذا النحو وصار إحلال چينات ممكنا لدى الحيوانات المجترة الأليفة ومن المرجح جدا لدى أنواع أخرى فى المستقبل.
     وأجزاء "دنأ" التى جرى استخدامها من أجل نقل الچينات مصنوعة بصورة عامة فى المختبر من أجل توجيه التعبير[xxviii] expression للچين الغريب (الأجنبى) بصورة خاصة إلى داخل نسيج بعينه. والمعرفة المحدودة التى نملكها فى الحقيقة بنمط أداء الچينات ماتزال لا تسمح إلا بنهج تجريبى empirique عقلانى فى تكوين الچينات الغريبة (الأجنبية) المقبلة. وهناك منجزات سريعة أخيرة فى هذا المجال تدعنا نتوقع فى مستقبل قريب جدا سيطرة مُرْضية على أداء الچينات الغريبة فى معظم الحالات.
تطبيقات تقنية نقل الچينات
     منذ بداياته لدى الحيوانات فى 1981 ثم فى 1983 لدى النباتات، كان يجرى تعريف تقنية نقل الچينات transgenèse قبل كل شيء على أنها أداة بحث. والواقع أن إضافة أو سحب معلومة چينية فى كائن حى بكامله أداة لا مناص منها لتحديد الآليات الجزيئية التى تسيطر على أداء الچينات ودور الچينات ذاتها فى التعبير الچينى عن الوظائف البيولوچية. والواقع أن التحديد المنهجى والمكثف لچينات بعض الكائنات الحية عن طريق التحديد الكامل لترتيب تسلسلات "دنأ" الخاص بها سوف يعقبه منطقيا استخدام أكثف لنقل الچينات لدى بعض الكائنات الحية النموذجية مثل الفأر والتبغ.
     والحقيقة أن السيطرة على الحياة du vivant التى يمثلها نقل الچينات جعلت تطبيقات جديدة ممكنة فى مجال الطب وعلم الزراعة. كما أن دراسة الأمراض البشرية لا يمكن أن تستغنى عن نماذج حيوانية. والنماذج الملائمة الناتجة عن الطفرات العفوية نادرة. وفى أفضل الأحوال، يمكن الحصول على نماذج ثمينة بصورة خاصة عن طريق إضافة أو إحلال چينات. والفأر على وجه الخصوص هو المطلوب بسبب التكلفة الضئيلة لاستخدامه. وهناك أنواع أخرى تكون ضرورية أحيانا لأسباب شتى، وهذه على وجه الخصوص حالة الجُرَذ، والأرنب، والخنزير، والرئيسات[xxix] primates غير البشرية. وفى الآونة الأخيرة صار هذا النهج التجريبى أبسط وأكثر فائدة كإمكانية كامنة فى أعقاب تحسين تقنيات نقل الچينات.
     وقد ظلت الحيوانات والنباتات منذ أزمنة سحيقة مصدر المواد التى حبتها الطبيعة بخصائص صيدلانية. وهذه المواد لم تكن، فى السابق، پروتينات إلا بصورة نادرة. وإلى عهد قريب فى الواقع، كان عدد صغير نسبيا من الپروتينات معروفا وكان قلة منها فقط هى التى يمكن استخلاصها ليتناولها الإنسان. كانت هذه حالة إنسولين الخنزير لعلاج مرضى السُّكر. وتقدم الهندسة الوراثية الإمكانية للاستحضار بالفعل لأىّ پروتين مهما كان بوفرة عن طريق نقل الپروتين المناظر إلى داخل بكتريات، أو خمائر، أو نباتات، أو حيوانات. ويأتى إنسولين وهرمون النمو البشرى من الآن فصاعدا بصورة أساسية من بكتريات ممتزجة چينيا. كما جرى الحصول على عشرات عديدة من الپروتينات ذات الأهمية الصيدلانية انطلاقا من لبن الحيوانات أو من النباتات المحولة چينيا. ومن المتوقع أن يوضع أول پروتين مستخلص على هذا النحو من اللبن فى الأسواق فى عام 2000. وسوف تعقب مواد أخرى كثيرة ويمكن أن نعتبر أن فرعا جديدا من الصناعة الصيدلانية قد نشأ.
     ويمكن أن يلعب نقل الچينات دورا حاسما فى مجال تطعيمات الأعضاء. ويموت عدة آلاف شخص كل عام فى فرنسا بسبب نقص الطعم البشرى. والواقع أن استحالة العلاج القائمة والتى سوف تستمر وقتا طويلا دون شك فى هذا الموقف أبرزت فكرة قديمة بالفعل. إن بعض أعضاء أو خلايا الحيوانات وبصورة خاصة أعضاء أو خلايا الخنزير من المحتمل أن يكون من الممكن استخدامها بدلا من المواد البشرية. والواقع أن الرفض العنيف للغاية للأعضاء الحيوانية منع التطعيمات غير البشرية[xxx] xénogreffes إلى الآن من أن تصير واقعا. وقد جرى تحقيق نجاحات جزئية ولكن فعلية حقا فى العقد الأخير من القرن العشرين. فقلوب وكلى الخنازير المعالجة چينيا التى تؤوى چينات قادرة على كبح جهاز المتمم [xxxi] complément البشرى المسئول عن الرفض البالغ الحدّة للعناصر الغريبة (الأجنبية) استطاعت أن تظل باقية، ومندمجة، خلال عدة أسابيع بعد أن جرى تطعيمها من قرود.
     وتبقى عقبات كثيرة، تشمل مجال معرفة آليات الرفض، ينبغى اجتيازها بحيث يصير الطعمْ غير البشرى واقعا طبيا. وعلى كل حال فإن الطعمْ غير البشرى يمكن فى المستقبل أن يخص الخلايا الأكثر خضوعا للرفض أكثر من الأعضاء. والإثبات الحديث لواقع أن الخلايا الجنينية البشرية يمكن أن تتمايز فى المختبر إلى خلايا سلالية للأعضاء يدعنا نعتقد أن الخلايا البشرية المعدّة بهذه الطريقة قد تستخدم فى المستقبل بدلا من مثيلاتها ذات الأصل الخنزيرى. ويدفع الموقف الراهن إلى أن نتصوَّر أن الطعم غير البشرى أو الطعم انطلاقا من الخلايا البشرية المتمايزة قد يجرى الاحتفاظ بها كوسيلة علاجية حالة بحالة حسب المشكلات التى ينبغى حلها. إن نقل چينات إلى داخل خلايا أو عن طريق تقنية نقل الچينات قد يسمح للخلايا الخنزيرية ليس فقط بتقبلها بصورة أفضل بل أيضا بجلب پروتينات ذات مفعول علاجى. وبالتالى فقد يتحقق علاج چينى فى نفس الوقت مع علاج خلوى.
     وتبدأ التطبيقات الزراعية لنقل الچينات فى أن تكون بالغة الأهمية، فيما يتعلق بالنباتات. وهى، لأسباب تقنية، ناشئة منذ وقت قصير جدا لدى الحيوانات. ويسمح نقل الچينات فى حالات بعينها بمنح النباتات والحيوانات مقاومة ضد الأمراض. ويتجسد هذا أو سوف يتجسد فى أدنى استخدام للمبيدات الحشرية والمضادات الحيوية وكذلك فى تبسيط لمهمة المزارعين ومربى الماشية. ومقاومة الحيوانات للأمراض التى صارت على هذا النحو قابلة للنقل چينيا أمامها من جهة أخرى كل فرص الحدّ من معاناة الحيوانات، والسماح باستهلاك لحوم أكثر صحية، وإنقاص تواتر أمراض الزونوز[xxxii] zoonoses.
     وبعض مشروعات نقل الچينات ليس لها هدف آخر سوى خفض التلوث. وعلى هذا النحو فإن الخنازير التجريبية المحولة چينيا ترفض أقل مثلين من الفوسفات فى البيئة. وهناك نباتات محولة چينيا جرى تصميمها بصورة خاصة بحيث تحبس بعض الإيونات المعدنية السامة الموجودة بصورة عفوية فى التربة أو المتولدة فى أعقاب نشاط صناعى.
     كما جرى الحصول عن طريق نقل الچينات على نباتات قادرة على أن تنمو فى تربات مالحة وقلوية غير صالحة للزراعة. ويسمح هذا بالتطلع إلى غزو أراض جديدة.
     والتعديل الطوعى لتركيب النباتات والحيوانات عن طريق تقنية نقل الچينات يمكن أن يسمح بأن يُقدَّم للمستهلكين أغذية أغنى بالعناصر الأساسية بل حتى أطيب مذاقا. وهناك مثال بليغ هو الأرز الذهبى اللون القادر على أن يجلب المزيد من ڤيتامين أ لأربعمائه مليون من الكائنات البشرية الذين يفتقرون إليه ويكونون مهددين بأن يصيروا عميانا وكذلك من الحديد لأربعة مليارات من الأشخاص الذين يعانون نقص التغذية. ولابد من القيام بنقل چينات عديدة لتحقيق هذه الغاية.
     كما أن من المتوقع إجراء تحسينات شتى للمنتجات الحيوانية. وهى تتعلق بتركيب اللبن، والدهون، والهيكل العظمى، والصوف، إلخ..
     ومن المفيد أن نذكر أيضا أن النباتات التى هى الآن المصدر للجزيئات غير المخصصة للتغذية البشرية أو الحيوانية سوف يجرى بصورة متزايدة ترويضها لتفيد كقاعدة لتصنيع اللدائن المتحللة بيولوچيا biodegradables، والوقود، إلخ.. كما أن نقل الچينات يمكن أن يقدم فى بعض الحالات حلولا فريدة أو أصلية ومُرْضية للغاية.
المشكلات التى يطرحها نقل الچينات
     والواقع أن نقل الچينات يُنظر إليه بصورة خاصة من حيث تطبيقاته الهامشية جدا ولكن المذهلة فى مجال التغذية البشرية. والكائنات الحية المعدلة چينيا organismes génétiquement modifiés لها سمعة سيئة جدا. وهذا الواقع لا ينفك يدهش غالبية علماء البيولوچيا الذين يعتبرون أن تقنية نقل الچينات المطبقة على الغذاء هى بصورة قبلية a priori واحدة من التقنيات الجبارة الأقل خطورة التى اخترعتها البشرية. حقا إن كائنا حيا محولا چينيا هو بحكم التعريف غير معروف جزئيا، غير أن هذا هو الحال أيضا مع كائن حى يتم الحصول عليه عن طريق الانتخاب الكلاسيكى أو مع غذاء مجلوب. ولابد لاختبارات كلاسيكية للسُّمِّية toxicité، والسرطنة oncogénicité، والأليرچية (الاستهدافية، الحساسية) allergénicité، مقترنة بقدرة تتبُّع traçabilité معقولة من أن تكون قادرة على خفض المخاطر إلى مستوى أدنى بكثير من المستوى الخاص بتقنيات كثيرة أخرى مقبولة تماما بصورة عامة. ولا جدال فى أن بعض النباتات، محولة وراثيا أم لا، تطرح مشكلات بيئية لا يمكن تقييم أهميتها بسهولة. والواقع أنه لا يمكن للنماذج المعملية إلا بصعوبة أن تأخذ فى اعتبارها بطريقة مُرْضية عوامل ثابتة paramètres مثل المكان والزمان. ويواجه خبراء البيوتكنولوچيا بعض الصعوبات فى تصور كيف يمكن لأعمالهم فى مجال الأجرونوميا أن تقلل الضحايا بمقدار عشرة أمثال أو مائة أمثال ضحايا السيارات. والتحفظات الراهنة لدى المستهلكين ليست على كل حال غير مفهومة. ذلك أن كل مستحدث يخيف. والإدانات الراهنة للكائنات الحية المعدلة وراثيا تشبه تلك التى أثارتها اللقاحات منذ قرن. صحيح أن التضليل الإعلامى الذى وصل إلى مستوى غير مألوف لم يقم إلا بتغذية التشويش. والواقع أن النقاد إزاء الكائنات الحية المعدلة وراثيا مدفوعون فى كثير من الأحيان ضد المجتمع الليبرالى السئ التنظيم أكثر مما ضد التقنية نفسها. كما أن الكائنات الحية المعدلة وراثيا تغطى فى الوقت الراهن تكاليفها. صحيح أن استخدامها لا ينبغى أن يسقط تحت سلطة الشركات التى تحتفظ باحتكارات فعلية. ويبين الحصول على الأرز الذهبى اللون الذى يموله الاتحاد الأوروپى ومؤسسة روكيفيلر أن الموقف أكثر انفتاحا وتنوعا بكثير مما يدعى البعض. كما أن تحفظات البلدان الغنية إزاء الكائنات الحية المعدلة وراثيا لا تشاطر فيها تلك البلدان التى تعانى نقصا غذائيا. ويستهلك الصينيون أو يستخدمون فى الواقع سبعة نباتات محولة وراثيا. ولا يبدو أن هذه الزراعات تحدث بلا ضوابط. والواقع أن المزارعين الصينين يستندون إلى نتائج التجارب التى أجريت فى البلدان المتقدمة وخاصة فى الولايات المتحدة. ولا يمكن لمستقبل الزراعة أن يرتكز على عودة إلى التقنيات القديمة، تماما كما أن الطب التقليدى لا يمكن أن يكون علاجا لبعض انحرافات التطبيقات الطبية الحديثة. ويبدو تطبيق معقول للتقنيات الأجرونومية الحديثة، بما فى ذلك تقنية نقل الچينات، أكثر ملاءمة. وإزاء الطلب المتزايد من المستهلكين البشر، يدعو مبدأ الاحتياط إلى أن نضع تحت تصرفنا كل تقنيات نقل الچينات للوصول إلى الحد الأمثل بالمنتجات النباتية والحيوانية، مع احتمال عدم استخدامها إذا تبين أنه توجد بدائل حالة بحالة فعالة بنفس القدر.
     ونقل الچينات مطبقا على النوع البشرى ممكن من حيث المبدأ. فكل العالم أو كله تقريبا يتفق على اعتبار أن مثل هذه العملية لا ينبغى أن يقتضى أىّ مخاطرة تقنية ولا يتعلق إلا بأنشطة علاجية. والشرط الأول غير مستوفى فى واقع الأمر غير أننا يمكن أن نتصور أن هذا سيكون هو الحال ذات يوم. والعلاجات الچينية الرشيمية germinale لا يمكن أن تتعلق بصورة معقولة إلا بإحلال الچينات المسئولة عن الأمراض البشرية بمثيلاتها غير المطفورة mutés. وهذا النوع من العملية صعب، ومن المحتمل أن يبقى صعبا، وينبغى أن تقترن بضوابط صارمة لضمان أن التعديل الوراثى المحث هو بالضبط نفس التعديل الذى توقعناه. وهذا النهج العلاجى قد يدخل فى تنافس مباشر مع تصنيف الأجنة التى تحمل الچينات المعيبة. وهناك مجال واسع لاعتقاد أن الحل الثانى سوف يبدو فى أغلب الأحيان أنه المُرْضى أكثر.
     والحقيقة أن تعديل الميراث الچينى لكائن بشرى غير مخصص بصورة صارمة لإحلال چين سليم محل چين معيب يبدو من الصعب توقعه بلا مخاطرة. وتبدو إضافة چين، لمنح مقاومة إزاء مرض مُعْدٍ، مغرية للوهلة الأولى. فلا أحد يمكن أن يتوقع سلفا كل تأثيرات نقل الچينات كما أن ما هو مقبول من أجل الحيوانات والنباتات لا يعود كذلك من أجل النوع البشرى. ومن المعقول إجراء نقل الچينات القابلة للرجوع. ولا يبدو هذا كافيا لتبرير استخدام هذه التقنية من أجل النوع البشرى.
     وربما ستجد الأجيال التى سوف تأتى بعدنا من المشروع والمأمول تعديل الميراث الچينى البشرى لشتى أنواع الأسباب المعقولة. وفى الواقع يمكن على سبيل المثال أن نأمل فى أن تكون الكائنات البشرية أهدأ وأقل شراسة تجاه نظائرهم أو بصورة أكثر تواضعا فى أن يتمتعوا بشيخوخة مريحة بيولوچيا. وليس من المؤكد فى شيء أن نقل الچينات يستطيع، فى أفضل الأحوال، أن يأتى بحل لمشكلات معقدة إلى هذا الحد. ومهما يكن من شيء فلا شك فى أنه سيكون من الغرور أن نقوم بالإدانة سلفا لقرارات ذريتنا. ويكفينا، فى الواقع، أن نكون متوافقين تماما مع اقتناعاتنا الراهنة. فهى تبين لنا دون إبهام أن نقل الچينات لا يجب تطبيقه على النوع البشرى.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
5
الرهانات الأخلاقية
لعلم الوراثة[xxxiii]
أكسيل كاهان
Axel Kahn
 
     كان لعلوم الحياة دائما صدى فردى واجتماعى وأحيانا سياسى بالغ الخصوصية. ذلك أن العالم الحى، الذى ينتمى إليه الإنسان، يُنظر إليه تقليديا على أنه يرتبط بالمجال الإلهى. وفضلا عن هذا فإن المذهب الحيوى، وهو نسق فكرى يستبعد جوهر حياة العمليات النفسية-الكيميائية وينطبق على عالم الجماد، استمر حتى بداية قرننا، باقيا بالتالى خلال قرون عديدة من أعوام نشأة الروح العلمية فى أوروبا إلى القرن السابع عشر.
     وفى القرن التاسع عشر، أطلقت نظرية التطور، التى تنطبق على الإنسان وتجرده بالتالى من امتياز خلقه على صورة الرب، موجة من الصدمة ماتزال نتائجها ملموسة اليوم. والواقع أن الأيديولوچيات الكبرى التى ميزت القرن العشرين، وبصورة خاصة الإيوچينية[xxxiv] eugénisme والعنصرية، استعارت بكثافة من علم التطور ما بدا لها أنه ذو طابع يعزز أفكارها المسبقة.
     وعلم الوراثة، أىْ دراسة القوانين التى تحكم انتقال الصفات الوراثية، مايزال علما أحدث حيث إنه، بعد أن نشأ من أعمال جريجور مندل Gregor Mendel فى 1865، لم تجر إعادة اكتشافه، بصورة مستقلة عن تلك الأعمال، إلا فى بداية القرن العشرين. والحقيقة أن علم الوراثة قام بتعديل مفهوم الأيديولوچيات ذات الجذور الراسخة فى تصوُّر منحرف عن التطور أكثر مما قام بخلقها. ومع ذلك فإن هذا العلم، مطبَّقا على الإنسان، قد تشبث كهدف له بأن يحدد أصل الصفات البشرية، والتشابهات والاختلافات، وانتقالها عبر النسل. ومن المحتمل أن تكون كل هذه المسائل هى المسائل التى تطرحها المجتمعات البشرية منذ البداية، بحيث أن علم الوراثة، بعد مفهوم التطور، كان لامناص خلال تاريخ القرن العشرين من أن تكون له تأثيرات أكثر من كل علم آخر. والواقع أن الچين سرعان ما صار العنصر الأساسى المجسَّد للتصورات الحتمية الجبرية القديمة وللبرامج الإيوچينية والعنصرية. ومنذ عهود التاريخ السحيقة، يعتبر البشر أن المصير مكتوب. ومع علم الوراثة، ألا نقِرّ بأنه كان مكتوبا بلغة الچينات؟ ولهذا جرى فهم الإيوچينية، أىْ تطبيق سياسات طوعية لتحسين المجتمعات البشرية، على أنها مجموع الأنشطة الهادفة إلى الحد من انتشار الچينات السيئة بين السكان. أما الأعراق races، منظورا إليها مسبقا على أنها أدنى لأنها على مستوى أقل من التطور البشرى، فقد جرى تعريفها بنوعيتها الچينية الضعيفة. ويتذكر الجميع الأهوال المرتكبة باسم الإيوچينية والعرقية، باسم الچينات! وبعد الحرب كان لا مناص إلى حد كبير من أن يؤدى رعب المجتمعات الديمقراطية عند اكتشاف مدى الخسائر التى أحدثتها هذه الأيديولوچيات إلى تحرير العلوم البيولوچية، وبصورة خاصة علم الوراثة، من غلافها الأيديولوچى.
     وتسمح نظرية التطور بتوقع أن تكون للآليات التى تحكم كل الكائنات العضوية الحية نفس الطابع، حيث إن كل الكائنات الحية تنشأ من شكل بذاته للحياة الأصلية. وهذا هو ما يعزز عالمية الشفرة الچينية، أىْ القواعد التى تسمح بتفسير الخصائص البيولوچية للخلايا الحية انطلاقا من تسلسل الحروف التى تشكل مادتها الچينية. ومنذ 1973، انتهى توافر أدوات الهندسة الوراثية إلى إثبات إضافى للاستنتاجات المستخلصة من نظرية التطور. ذلك أن كل چين، منتمٍ إلى كائن حى أيا كان، يمكن أن يقوم بوظيفته حينما يجرى نقله إلى كائن عضوى حى آخر. ويعنى هذا أن من الممكن إخضاع أىّ كائن مهما كان چينيًّا لشكل البرنامج الچينى لكائن حى آخر، ببساطة عن طريق نقل چينات. وبالتالى فإن انفجار منجزات البيولوچيا خلال الخمسة والعشرين عاما الأخيرة من قرننا هو الذى يجد تصويرا بليغا فى البرامج الچينومية.
     وقبل عامين إلى ثلاثة أعوام، سوف نعرف تسلسل حوالى ثلاثة مليارات وأربعمائة ألف حرف تشكل چينومنا، أىْ جزيئات "دنأ" لكروموزوماتنا التى تكوّن الدعامة الجزيئية لچيناتنا التى تبلغ حوالى ثمانين ألف إلى مائة ألف. وتنتج الرهانات الأخلاقية لهذه المنجزات العلمية فى آن واحد معا من الطابع الملموس لعلم الوراثة، الضحية المثالية لكل أيديولوچيات الوصم، وضخامة المعارف والأدوات الجديدة المتولدة. وفى زمن الهندسة الوراثية والبرامج الچينومية، توجد على المستوى البيولوچى وحدة عميقة للعالم الحى لا يفلت منها عالم الإنسان، الذى يمكن الوصول إليه بنفس مناهج الدراسة والتعديل الچينى مثل أىّ كائن حىّ آخر، حيوانى أو نباتى أو ميكروبى. وبالتالى فإن البحث عن الجوهر البشرى بين تعرّجات الچينوم محكوم عليه بالإخفاق، منتهيا إلى إنكار نوعية ما هو بشرى. والحقيقة أن العالم البيولوچى، مركزا عينه على قيام الخلايا بوظائفها، يخاطر بإهمال ما هو أكثر تمييزا لعملية الأنسنة[xxxv] hominisation، أىْ البناء من الخارج للثديىّ البشرى، لچيناته، ولعالمه الرمزى، والثقافى، ومعارفه، والذى يغنيه الإنسان جيلا بعد جيل. وإنما بعد الإشباع بهذا العالم الفكرى الذى خلقه بصورة تصاعدية يأخذ الحيوان الرئيس primate فى التأنسن متحولا إلى الإنسان العاقل homo sapiens. ومع هذا فإن الخصائص البيولوچية للدماغ البشرى، المسجلة فى چينات الإنسان، هى التى تحكم بطبيعة الحال حساسيته إزاء السمات الرمزية، والثقافية، والتعليمية. وبالمقابل فإن القدرات العقلية للإنسان، المتشكلة على هذا النحو بفعل التثاقف acculturation، هى التى تسمح له بالإسهام فى إثراء العالم الثقافى والمعارف.
     والخطر كبير فى أن كل أولئك المقتنعين بالفعل بأن القدَر البشرى محدَّد ببُعْده البيولوچى سوف يجدون أنه يعززهم فى أحكامهم المسبقة تقديم معين لبرنامج الچينوم البشرى وكذلك التفسير السريع لعدد من الدراسات الچينية، وبصورة خاصة تلك التى تستند إلى السلوكيات. القدر مكتوب، هكذا فكر الإغريق. إنه مدوّن فى كائنات بيولوچية خاضعة لآليات التطور، هكذا تقترح القراءة الاجتماعية للبيولوچيا الدارونية. ويمكن أن نقرأه فى هذا الكتاب الكبير للإنسان الذى يمثله الچينوم البشرى، كما يدع أنفسهم باحثون وراثيون متهورون أو مشبوهون أيديولوچيا يذهبون أحيانا إلى حد تأكيد ذلك.
     وواقع مثل هذا الخطر يجرى توضيحه عمليا كل أسبوع فى المطبوعات العلمية والتقرير الذى تستخلصه منها وسائل الإعلام غير المتخصصة. ونعلم بالفعل أنها كانت منحصرة، محددة النوع، بل حتى مختبرة، باعتبارها چينات الحب الأمومى، العنف، حب الاستطلاع الفكرى، الإخلاص الذكورى، الجنسية المثلية... بل حتى الذكاء. والواقع أن الإنجازات الحديثة لعلم الوراثة والبيولوچيا العصبية neurobiology الجزيئية لا تقول شيئا من هذا القبيل. إن ما يحكم الچينات البشرية إنما هى اللدونة[xxxvi] plasticité المخية، أىْ حساسية مخّ الإنسان للانطباعات التى يتركها الوسط الاجتماعى الثقافى. فهى بالتالى وسيلة إرخاء شدّ ملزمة السلوكيات الفطرية التى تخضع لها بصرامة الثدييات غير البشرية. وعلى هذا فإن الچينات البشرية هى وسيلة الحرية أكثر منها نهايتها.
     وهذا لا يمنع أن يكون من غير المعقول رفض كل شكل للجبرية الچينية: الچينات، وهذا هو تعريفها، هى حقا محددات déterminants لخصائص بيولوچية. وواقع أن هذه الأخيرة تتوقف فى كثير من الأحيان على تدخل چينات عديدة وتتنوع وفقا لسياق البيئة لا ينتزع شيئا من هذا الواقع الذى يؤسس علم الوراثة. وفى الطب، يتجلى ذلك بحكم واقع أن من الممكن أن يصنف كل الأمراض البشرية بمقياس واحد. وإلى يسار هذا الأخير توجد الأمراض التى يحددها بصورة كاملة تقريبا إفساد الچين. إذ إن كل شخص يكون قد ورث چينا مفسَدا أو چينيْن مفسَديْن من والديه، بمقتضى نمط التوريث الچينى، سيطور المرض. وهذه هى حالة الهيموفيليا[xxxvii] hémophilie والليفة الكيسية mucoviscidose، والتهاب العضلات myopathie de Duchenne، ومرض هنتنجتون chorée Huntington، إلخ.. وإلى اليمين قليلا من هذا الموضع تأخذ مكانها أمراض تكون معتمدة للغاية على إفساد چين، غير أن "انتشارها" أىْ هنا الخطر المرتبط  بها ليس كليا. وبالتالى فإن أشخاصا ورثوا نسخة من چين مطفور muté لقابلية الإصابة بسرطان الصدر أو سرطان القولون ستكون لديهم فرص بين 50٪ و75٪ للإصابة بهذين الورميْن، غير أن بعض الأشخاص سوف ينجون من الإصابة بهما. وإلى اليمين أكثر أيضا يوجد عدد من الأمراض الشائعة التى تتحدد جزئيا بالتكوين الچينى، وفى كثير من الأحيان بچينات عديدة، ولكنْ أيضا بجانب كبير جدا منها بعادات الحياة والبيئة. ويمكن الاستشهاد هنا بالحساسية لأنواع العدوى، ولسرطانات عديدة جدا، وللأمراض القلبية-الوعائية، وتصلب الشرايين، وارتفاع ضغط الدم الشريانى، والأشكال الشائعة من مرض السكر والسمنة و، من المحتمل، لعدد من الأمراض النفسية. وأخيرا، وإلى اليمين تماما من مقياسنا نصنف الأمراض التى بدون أساس وراثى، قبل كل شيء ذات أصل سُمِّىّ أو عرضىّ. والتواتر الكبير للأمراض التى لها محددات وراثية، مطلقة أو نسبية، ماثل فى بدء ازدياد ما سُمِّىَ "الطب التقديرى"، أو بالأحرى، إذا استخدمنا تسمية أفضل ملاءمة، الطب التوقعى، وعندما تسمح إمكانية توقع حدوث مرض بتفاديه، أو بالأحرى بتخفيف خطورته، فإن مثل هذا التوقع الچينى يشكل نجاحا كبيرا للطب. ومع هذا فما أكثر المواقف التى مايزال لا يسمح فيها التوقع بالوقاية. وثقيلة هى التهديدات على التوازن السيكولوچى للأشخاص، ومثل هذه التوقعات تصب فى العجز العلاجى وقلما تكون لها أهمية طبية. غير أن إمكانية توقع المصير البيولوچى للأفراد له أهمية كبيرة بالنسبة لعدد من قطاعات النشاط: التأمين الخاص، الذى قد يكسب من تحديد مجموعات متجانسة من المخاطر التى يمكن إخضاع أفرادها لتعرفات تفاضلية؛ اختيار المرشحين لوظيفة بأجر، إذا سمحت الفحوص الچينية بالوصول إلى الحد الأمثل بالتلاؤم بين المستخدمين ومنصب العمل؛ القرض البنكى، إلخ.. إن تعميم مثل هذه الممارسات، التى لا يمكن إنكار منطقها الاقتصادى، قد ينتهى لا أكثر ولا أقل إلى اضطراب فى مجتمعاتنا. والواقع أن الوهم الذى وفقا له يولد كل البشر ويبقون متساوين فى الكرامة والحقوق يمكن أن يجرى التخلى عنه لأن الحقوق الفعلية للأشخاص لا يمكن أن تكون أكثر من تلك التى تتركها لهم چيناتهم.
     وبطبيعة الحال فإن تطور الأبحاث فى علم الوراثة البشرية يقدم أدوات لفعالية لاشك فيها فى سبيل المواصلة بوسائل أخرى للمشاريع الإيوچينية eugéniques القديمة. وفيما وراء تشخيص ما قبل الولادة للأمراض الوراثية البالغة الخطورة، يتبين إغراء الإخضاع بصورة عامة للأجنة البشرية تحت تصنيف على أساس سمات مميزة أقل پاثولوچية، بل حتى فسيولوچية كليًّا مثل الجنس. والمطروح للنقاش هنا هو اللااختزالية الجوهرية للسمات المميزة لكل فرد بالإرادة المعيارية لطرف ثالث، وليكن الوالدين. والتحديد المسبق من جانب هذا الطرف الثالث لجنس وهيئة طفل من المتوقع أن يولد يمكن حمله بطبيعة الحال إلى حده الأقصى باستخدام الاستنساخ البشرى ذى الهدف الإنجابى.
     وكما سبق أن رأينا فإن الإيوچينية فى زمن علم الوراثة، يعود إلى تحسين القدرة الوراثية لسلالة بشرية. وإلى ذلك الحين تمثلت الوسيلة لذلك فى الانتخاب. أما أسطورة وجود إيوچينية إيجابية حددت لنفسها كهدف ليس القضاء على رعايا ذوى ميراث غير مُرْض، بل زيادة القدرة الوراثية عن طريق جلب چينات "مُحَسِّنة" فهى قديمة ويبدو حتى أنها اكتسبت اليوم تماسكا، إن لم تكن علمية فعلى الأقل أيديولوچية. وعلى المستوى العلمى فإن من الجلى أن الصفات البشرية على وجه الدقة، الاستعداد لخلق المعنى، الجمال، الطيبة، غير قابلة للاختزال إلى التطويع الفظ لبعض الچينات. ومع هذا فقد كان بوسعنا أن نقرأ فى نهاية عام 1999 أقلام بعض أبرز المؤلفين والفلاسفة فى هذه اللحظة الإعلان عن سيناريوهات تتوقع مثل هذا التعديل البيوتكنولوچى للإنسان. وعند هذه الدرجة من انتشار الأسطورة فإنها تغدو واقعا اجتماعيا وتهديدا أيديولوچيا.
خلاصة
     فى حد ذاته لا يقول علم الوراثة شيئا جديدا حول الطبيعة البشرية التى ماتزال مضمرة فى نظرية التطور. وبالمقابل، يولد علم الوراثة سلسلة من المعطيات والأدوات، المحايدة أخلاقيا فى حد ذاتها، ولكن التى يغدو احتكارها من جانب الأيديولوچيات القديمة للحتمية، والوصم، والإقصاء، سهلا وخطرا بصورة خاصة. وبهذا المعنى فإن على عالم الچينات généticien، الواعى للقابلية الخاصة لمجاله العلمى للاستعادات الأيديولوچية، مسئولية عميقة: ليس فقط أن يحقق بأفضل ما يمكنه لعلم يشرّف العبقرية البشرية، بل أيضا أن يشارك فى تقديم هذا العلم إلى الجمهور، وأن يشرح ماذا يعنى وما هو مشروع أن يجعله يقوله. وبوصفه مواطنا، سوف يتعين بعد هذا على عالم الچينات أن يوسع عمل الأبحاث والشروح هذا عن طريق النضال كمواطن ضد كل محاولات استعباد الإنسان. وإذا كان من غير المشروع تماما أن نجعل علم الوراثة يقول أننا جميعا سجناء چيناتنا، فإن العلم لم يعد يكفى لتبرير ضرورة الحرية. وعند هذه المرحلة، يكون للالتزام طابع آخر، طابع أخلاقى.


[i]  نص المحاضرة رقم 27 من محاضرات جامعة كل المعارف والتى ألقيت بتاريخ 20 يناير 2000.
[ii]   séquençage: تحديد (أو تقنية تحديد) تَسَلسُل الأحماض الأمينية لپروتين أو قواعد پورية أو هرمية لحمض نووى ـ المترجم.
 [iii] Expression (التعبير الچينى): مجموع العمليات التى يُسجل عن طريقها چين فى "رنأ ـ الساعى" ويتجسد هذا الأخير فى پروتين ـ المترجم.
[iv]   نسبة إلى مندل Mendel (أبو علم الوراثة) وقوانينه – المترجم.
[v]   نسبة إلى نظرية وحدة أصل الكائن البشرى monogénisme التى نشأت وفقا لها كل الأجناس البشرية من نموذج بدائى مشترك – المترجم.
[vi]   Homo sapiens sapiens أىْ الإنسان العاقل العاقل أو الإنسان العارف العارف وهو الإنسان الكرومانيونى أو الإنسان الحديث الذى نشأ منذ قرابة مائة ألف عام من Homo sapiens أىْ الإنسان العاقل أو العارف وهو الإنسان النياندرتالى ـ المترجم.
 
[vii]   نص المحاضرة رقم 28 من محاضرات جامعة كل المعارف وقد ألقيت بتاريخ 28 يناير 2000.
 
[viii]   Expression (التعبير الچينى): مجموع العمليات التى يُسجل عن طريقها چين فى "دنأ ـ الساعى" ويتجسد الأخير فى پروتين ـ المترجم.
[ix]   Recombinaison (الامتزاج الجينى): امتزاج الچينات بما يؤدى إلى أن تظهر فى السلالة سمات لم تكن موجودة مجتمعة لدى الوالدين ـ المترجم.
 
[x]   allèle اختصار (allèlomorphe): أىّ چين من چينين متقابلين فى تعبير النمط الچينى الظاهرى وكذلك فى الوظيفة ولكنهما يجتمعان فى التزاوج والإخصاب ـ المترجم.
[xi]   Génotype (الچينوتيپ، النمط الچينى): الميراث الچينى لفرد ويتوقف على چيناته الموروثة من والديه ـ المترجم.
[xii]   Phénotype (الفينوتيپ، النمط الظاهرى): مجموع السمات الفردية الملائمة لتحقيق الچينوتيپ وتحدده عوامل البيئة فى مجرد نمو الكائن الحى ـ المترجم.
[xiii]   ontogenèse أو ontogénie: تطور الفرد منذ تخصيب البيضة حتى حالة البلوغ/النضج ـ المترجم.
[xiv] نص المحاضرة رقم 29 من محاضرات جامعة كل المعارف والتى ألقيت بتاريخ 29 يناير 2000.
[xv]   transgenèse (نقل الچينات): تقنية للبيولوچيا الجزيئية هدفها تحويل چينوم كائن حى متلق بإدخال چين عليه ـ المترجم.
[xvi]   mutagenèse: تكوين الطفرات الچينية أو التطفير الچينى بإدخال عامل (فيزيائى) أو مادة (كيميائية) لإحداث/تسريع الطفرة ـ المترجم.
[xvii]   expression (التعبير الچينى) مجموع العمليات التى يُسجَّل عن طريقها چين فى "رنأ ـ الساعى" RNAm ويتجسد الأخير فى پروتين ـ المترجم.
[xviii]   génotype (چينوتيپ، النمط الچينى): الميراث الچينى لفرد ويتوقف على چيناته الموروثة من والديه ـ المترجم.
[xix]   phénotype (فينوتيپ، النمط الظاهرى): مجموع السمات الفردية المطابقة لتحقيق الچينوتيب وتحدده عوامل الوسط فى نمو الكائن الحى ـ المترجم.
 
[xx]   ligand (رابط غير تساهمى التكافؤ): جزئ صغير يلتصق بپروتين بارتباطات نوعية غير تساهمية التكافؤ ـ المترجم.
 
[xxi] recombinaison (الامتزاج الچينى): امتزاج الچينات مؤديا إلى أن تظهر فى السلالة سمات لم تكن موجودة لدى الوالدين ـ المترجم.
[xxii]  œstrogène (أوستروچين): الهرمون المثير للدورة النزوية لدى إناث الثدييات ـ المترجم.
[xxiii]   œstradiol (أوسترادول): الأوستروچين الطبيعى الأقوى وتفرزه أكياس المبايض ـ المترجم.
[xxiv]   نص المحاضرة رقم 30 من محاضرات جامعة كل المعارف والتى ألقيت بتاريخ 30 يناير 2000.
 
[xxv]  transgenèse (نقل أو تقنية نقل الچينات): تقنية للبيولوچيا الجزيئية هدفها تحويل چينوم كائن حى متلق بإضافة چين إليه أو إحلاله فيه ـ المترجم.
 
[xxvi]   recombinaison (الامتزاج الچينى): امتزاج الچينات مؤديا إلى أن تظهر فى السلالة سمات لم تكن موجودة مجتمعة لدى الوالدين ـ المترجم.
[xxvii]   totipotent (كامل القدرة): وصف لخلايا جنينية غير متمايزة بعد قادرة على أن تتطور إلى كائن حى بكامله، مثلا: المشيج (خلية تناسلية جنسية) ـ المترجم.
[xxviii]   expression (التعبير الچينى): مجموع عمليات نقل چين إلى داخل "رنأ" ويتجسد هذا الأخير فى پروتين ـ المترجم.
 
[xxix]   primates (الرئيسات): رتبة من الثدييات البشرية وغير البشرية ـ المترجم.
[xxx]  xénogreffes: التطعيمات من مصدر حيوانى غير بشرى مزروعة فى الإنسان ـ المترجم.
[xxxi]   complément (المتمم): مادة معقدة مكونة من پروتينات عديدة موجودة فى المصل ويستقر فى الأجسام المضادة ـ المترجم.
[xxxii]   zoonose (زونوز): مرض حيوانى ينتقل بالعدوى إلى الإنسان ـ المترجم.
[xxxiii]   نص المحاضرة رقم 31 من محاضرات جامعة كل المعارف والتى ألقيت بتاريخ 31 يناير 2000.
[xxxiv]   (نسبة إلى) إيوچينية eugénisme أو إيوچينيك eugénique: علم وتقنية وسائل تحسين نسل النوع البشرى سعيا وراء استحداث صفات إيجابية (الإيوچينيك الإيجابى) أو إزالة الأمراض الوراثية (الإيوچينيك السلبى)، وكلمة eugenics وهى الاسم الإنجليزى لهذا العلم من نحت مؤسسه العالم الإنجليزى فرانسيس جالتون Francis Galton 1822-1911 ـ المترجم.
 
[xxxv]    hominisation (الأنسنة): تحوُّل حيوان ثديىّ رئيس إلى إنسان (homo sapiens = الإنسان العاقل) ـ المترجم.
[xxxvi]   plasticité (اللدونة): قابلية التشكل ـ المترجم.
[xxxvii]    hémophilie (هيموفيليا): مرض وراثى تورِّثه النساء، ويظهر عند الأفراد الذكور، ويرجع إلى تغير فى چين يحمله كروموزوم جنسى، ويتجسد فى عجز الدم عن التجلط ـ المترجم.
 



#خليل_كلفت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة 25 يناير 2011 طبيعتها وآفاقها - الجزء الثانى
- ثورة 25 يناير 2011 طبيعتها وآفاقها - الجزء الأول
- القرن الحادي والعشرون: حلم أم كابوس؟
- الذكرى الأولى للثورة تقترب والمجلس العسكرى يسير بنا على الطر ...
- الحوار بين الثورة والواقع
- مطالب وأهداف الموجة الثورية الراهنة
- موجة 19 نوڤمبر 2011 الثورية الجديدة
- مرة أخرى حول مقاطعة الانتخابات الپرلمانية والرئاسية فى مصر
- الاحتجاجات المسماة بالفئوية جزء لا يتجزأ من الثورة
- مقاطعة الانتخابات الپرلمانية والرئاسية من ضرورات استمرار الث ...
- مذبحة ماسپيرو تضع الثورة أمام التحديات والأخطار الكئيبة
- مقدمة خليل كلفت لترجمته لكتاب: -كيف نفهم سياسات العالم الثال ...
- ثورة 25 يناير 2011 طبيعتها وآفاقها تقديم للمؤلف خليل كلفت
- كتاب: النظام القديم والثورة الفرنسية
- الثورة المصرية الراهنة وأسئلة طبيعتها وآفاقها
- الديمقراطية .. ذلك المجهول!
- خواطر متفرقة من بعيد عن الثورة العربية
- الحزب الحاكم القادم فى مصر
- الحرب الأهلية فى ليبيا ... تحفر قبر نظام القذافى
- لا للتعديلات الدستورية الجديدة (بيان) بيان بقلم: خليل كلفت


المزيد.....




- إكزيما الرقبة.. علامات الإصابة وهل الوراثة أحد الأسباب؟
- 8 أسباب لترهل عين واحدة دون أخرى.. اعرفها
- تقنية ثورية.. زرع جهاز في العين قد يعالج مرض السكري
- تأتى بدون سبب.. كل ما تريد معرفته عن متلازمة التعب المزمن
- مسؤول أممي: نفقات حروب 2024 تكفي لتحقيق الأمن الغذائي بالعال ...
- كيف تؤثر المحليات الصناعية على الشهية؟
- الأمير ويليام يعود لمهامه العامة بعد تشخيص إصابة زوجته بالسر ...
- استشارى يقدم روشتة لمساعدة الآباء فى علاج إدمان أبنائهم الهو ...
- RT ترصد الأوضاع بمجمع ناصر الطبي
- الأمير ويليام يعود إلى مهماته بعد كشف كيت عن إصابتها بالسرطا ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - خليل كلفت - إلى أين يقود علم الوراثة؟ - چان ڤايسينباخ