أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - خليل كلفت - الاحتجاجات المسماة بالفئوية جزء لا يتجزأ من الثورة















المزيد.....


الاحتجاجات المسماة بالفئوية جزء لا يتجزأ من الثورة


خليل كلفت

الحوار المتمدن-العدد: 3522 - 2011 / 10 / 21 - 14:35
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


1: يعرف الجميع أن حكامنا الحاليِّين وحلفاءهم الجدد (أىْ منذ الثورة) قد اخترعوا للتظاهر والاعتصام والإضراب التى هى حقوق دستورية للمواطنين تسمية جديدة هى "الاحتجاجات الفئوية" وذلك عندما تجرى ممارسة هذه الوسائل النضالية فى مواقع العمل (فى مصنع أو شركة مثلا)، أو فى فرع من فروع الإنتاج أو الخدمات، أو فى مهنة من المهن لكل المهنة أو جزء منها أو موقع من مواقعها (المعلمون، المهندسون، الأطباء، المحامون، إلخ.)، أو فى موقع أو مواقع إعلامية، أو فى كلية أو جامعة، إلخ... وكان اختراع التسمية مصحوبًا بتجريمها بقانون من قوانين المجلس الأعلى ينص على عقوبات مشددة لم يسبق لها مثيل. وترافق مع التسمية والتجريم سيل متواصل من الدعاية المحمومة ضد ممارسة هذه الحقوق التى اعتبروها جرائم. وفى جوقة واحدة قام بالترويج للقانون وعقوباته، وبالهجوم الضارى على كل من تسوِّل له نفسه ممارسة هذه الحقوق الدستورية، ليس المجلس العسكرى فقط، وليس حكومته "العسكرية" فقط، بل كل أركان النظام الذى ثار الشعب ضده. وما هى أركان النظام؟ هى بالطبع الطبقة الرأسمالية الكبيرة بكل رجال أعمالها وشركاتها وبكل ممثليها السياسيِّين أىْ المجلس العسكرى وأحزاب الإسلام السياسى الكبيرة والأحزاب الليبرالية الكبيرة وبالطبع "أحزاب" الحزب الوطنى ولكنْ أيضا رجال الحزب الوطنى الذين يسيطرون على مفاتيح الإدارة والاقتصاد وبالتالى السياسة فى البلاد. ولهذا ظلوا يتسابقون جميعا على إدانة الاحتجاجات والتظاهرات والاعتصامات والإضرابات المسماة جميعا بالاحتجاجات الفئوية. ولم يكن الإسلام السياسى الإخوانى أو السلفى أقل ترويجا لهذه الدعاية السوداء، لهذه الاحتجاجات السلمية ضد رأس المال وضد الإدارة وضد القيادات النقابية وضد قيادات المؤسسات الإعلامية والتعليمية والجامعية.
2: ومن المنطقى بطبيعة الحال أن يقابل رجال وأحزاب وأركان الطبقة المالكة هذه الاحتجاجات المسماة بالفئوية بكل هذا العداء والكراهية وحملات التشويه والافتراء لأسباب عديدة أولها التركيز المطلوب لتصفية الثورة بإسكات مطالب الشعب بالوعود للتفرُّغ للمؤامرة الكبرى التى خطط لها وينفذها المجلس وأحزاب الطبقة المالكة تلك التى فى الحكم وتلك التى فى المعارضة. وبالطبع فإن تحقيق المطالب المتعلقة بالأجور وتحسين شروط العمل والرعاية الصحية وإصلاح التعليم وتطهير مختلف المؤسسات من الفساد والمفسدين ومن الاستبداد والمستبدين إنما سيكون خصمًا على أرباح وسرقات هذه الشركات وحدًّا من فسادها فلا عجب أن تقوم قيامة رجالها وأحزابها ضد كل تظاهر أو اعتصام أو إضراب أو أىّ احتجاج من أىّ نوع فى مواقع الإنتاج وغيرها. وبالطبع فإن هذه الوسائل النضالية تعطِّل الإنتاج وبالتالى تهدِّد بانخفاض أرباح ودخول شركات القطاعين الخاص والعام فمن المنطقى أن تُحاربها هذه الأحزاب لأنها جميعا أحزاب تمثل الطبقة المالكة بمختلف قطاعاتها فشركات الطبقة المالكة إنما يملكها رجال أعمال من الحزب الوطنى والإخوان المسلمين والسلفيِّين والليبراليِّين اليمينيّين بأحزابهم القديمة والجديدة كما يملكها أيضا عسكريون.
3: ورغم اختصاص هذه النضالات بلقب الفئوية فإن الحجة المستخدمة ضدها هى نفس الحجة المستخدمة ضد تظاهرات واعتصامات وإضرابات وكل احتجاجات الميادين والساحات والشوارع والهواء الطلق وهى حجة تعطيل الحياة الطبيعية والإنتاج فى وقت يعانى فيه اقتصاد البلاد من العواقب الوخيمة المزعومة للثورة مع أنها أوضاع اقتصادية مزمنة من الناحية الأساسية. وهذا القلب الفظيع الوقح للحقائق يُخْفِى واقع أن حكامنا أمس فى عهد مبارك واليوم فى عهد المجلس العسكرى هم الذين يعطلون الإنتاج والحياة الطبيعية وكل شيء وذلك لسبب بسيط للغاية: انفجر الشعب فى ثورة لأن الحياة غير الطبيعية السابقة لم تكن قابلة للاستمرار وبالتالى كانت للشعب مطالب لا مناص من تحقيقها فى سبيل حياة كريمة وكان لا مناص بالتالى من مواجهة تاريخية للفساد والاستبداد. فهل يعقل إنسان أن الثورة كانت ستظل تعطل الحياة الطبيعية والإنتاج لو تحققت مطالب الثورة الأكثر أساسية والأكثر إلحاحا؟ بالعكس كانت قوى الثورة ستتجه إلى إعادة بناء البلاد والاقتصاد والإنتاج كما لم يحدث من قبل بدلا من الاضطرار إلى تعطيلها.
4: والحقيقة أن النظام السابق هو الذى عطل الحياة الطبيعية والإنتاج وكل تقدم للبلاد عندما قام ليس فقط بحراسة تصفية الحياة السياسية بل قام كذلك بتجريف الاقتصاد، بالجشع المدمر واللصوصية الفاحشة بحيث امتصَّتْ الثروات الضخمة التى تراكمت بوسائل اللصوصية والفساد كل مقدرات البلاد تاركة الطبقات الشعبية فى المدينة والريف محرومة من وسائل العيش تعانى الحرمان على كل المستويات فتعيش فى المقابر والعشوائيات والعشش والخيام وتحت مستوى الفقر فاقدة كل أساس للحياة الكريمة، تفتك بها آفات الفقر والجهل والمرض؛ تفتك بها الأوبئة الواسعة الانتشار (مثلا، وباء ڤيروسات الكبد) فى سياق لامبالاة مفزعة من جانب الدولة؛ ويفتك بعقلها نظام تعليمى فاسد من الألف إلى الياء، ويفتك بها الجوع إلى الطعام، والجوع إلى السكن وحتى إلى أبسط مأوى، والجوع إلى الأرض وحتى إلى قراريط لتأمين لقمة العيش، والجوع إلى الأمن فى بلد تضخمت فيه قوى الأمن عددا وعدة لتصل إلى أرقام مطلقة مفزعة وإلى نسبة مفزعة من إجمالى عدد السكان بحساب أفرادها مع أُسَرهم، والجوع بالتالى إلى الكرامة الإنسانية حتى فى أبسط صورها. وقد انفجر الشعب فى ثورة سياسية شاملة لتغيير هذه الحياة هنا والآن، فخرج حاملا الرأس على الكف، وحاملا الكفن رمزا أو فعلا كما حدث فى بعض الحالات (لا ينبغى أن ننسى السويس). وعندما واجه النظام الحاكم الثورة بانقلاب عسكرى قاده المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، وهو انقلاب قصر، أىْ من داخل النظام لحمايته وليس لحماية الثورة أو الشعب رغم الدعاوى العريضة، وجدت طبقات الشعب وفئاته جميعا أن حياتهم لم تتغير ولم تتحسَّن بل بقيت كما كانت وربما أسوأ مما كانت لم يكن أمامها سوى النضال بكل الوسائل المشروعة التى يقرِّها الدستور الذى قام المجلس بتعطيله ليكون هو نفسه مناط مرجعية التشريع والتنفيذ والقضاء من خلال المحاكم العسكرية. فمن الذى يعطل الحياة الطبيعية والإنتاج: مبارك الذى أوصل الشعب إلى الانفجار الثورى بعد تجريف كل أساس اقتصادى لحياته، والمجلس العسكرى الذى لا يعرف حلا لأىّ مشكلة سوى الحل الأمنى فى شكله العسكرى المباشر دون أن يصغى لمطالب الطبقات الشعبية الفقيرة، أم الشعب الموبوء بحكامه أمس واليوم، حكامه القدامى والجدد الذين هم رجال القدامى، هذا الشعب الذى لم يَعُدْ يستطيع صبرا على بؤسه المقيم؟ أجيبونا بالله عليكم: مَنْ الذى يعطل الإنتاج والحياة الطبيعية بدلا من تحريك عجلتهما عن طريق تحقيق مطالب لا سبيل إلى تأجيلها؟!
5: ولكن جعبتهم مليئة بالسِّهام والحجج والذرائع! سيقولون بل يقولون بالفعل إن مطالب الشعب بكل فئاته قد تكون مشروعة وعادلة؛ ولكنْ من أين نأتى بتمويل كل هذه المطالب فى وقت يشهد خسائر اقتصادية بسبب الثورة وخسائرها (ولاحظوا أن مطالب الشعب سابقة على الثورة بزمن طويل ولم يستجيبوا لها قبل كارثة الخسائر المزعومة للثورة!)؟ وهى حجة قوية بالفعل إذا سلَّمنا بإصرارهم على استمرار مبدأ أقصى الربح لشركاتهم على حساب العاملين فيها، وإذا تغافلنا عن الهوة الرهيبة بين دخول الحد الأقصى ودخول الحد الأدنى حتى فى الحكومة، وإذا نسينا أنهم تركوا لصوص النظام من مبارك فنازلا يهرِّبون أموالهم ويرتبون أوضاعهم ويفرمون وثائق تكشفهم وتُدينهم فأخرجوا من البلاد أموالا كانت يمكن أن تفى بكل المطالب، وإذا نسينا أنهم وقفوا موقف اللامبالاة إزاء استرداد أموال هؤلاء اللصوص فى الخارج (فى سويسرا وغير سويسرا) وكانت هناك وسائل لاستخلاص تلك الأموال بإجبار هؤلاء اللصوص على سحب أموالهم النقدية والعقارية وغيرها من الخارج والداخل "بأنفسهم" لحساب خزانة الدولة. ويمكن أن يقولوا: إذنْ حدث ما حدث و"احنا ولاد النهارده" ولم تَعُدْ لدينا قدرة على تمويل كل هذه المطالب، فلنقلْ لهم: إذنْ اذهبوا إلى الجحيم، ارحلوا، وسنرى ماذا يمكن أن نفعل بأنفسنا بدونكم! ولنلاحظْ أنهم لا يمتنعون عن الاستجابة للمطالبة التى تحتاج إلى أموال فقط بل عن كل مطالب الشعب التى لا تكلفهم أىّ مال مثل توسيع نطاق المحاسبة والمحاكمة ليشمل كل الفاسدين والمفسدين واللصوص وقتلة الشعب، أو عزل كوادر الحزب الوطنى على نطاق أوسع من النطاق الهزلى الذى يجرى الحديث عنه الآن، أو الإفراج عن آلاف المعتقلين من الثوار، كما يمتنعون عن اتخاذ قرارات والقيام بإجراءات تجلب للدولة أموالا طائلة عن طريق استرداد الدولة لممتلكاتها التى جرى نهبها "بتراب الفلوس". فالأساس هو اتخاذ موقف صارم ضد الثورة وضد جرّ الشعب إلى مصيدة الانتخابات الپرلمانية والرئاسية، بل محاصرة الثورة بالهجوم المتواصل عليها وعلى مبادراتها وأنشطتها ونضالاتها وتظاهراتها واعتصاماتها وإضراباتها واحتجاجاتها المسماة بالفئوية، وتسليط أسلحة الأمن والجيش والبلطجية والفتنة الطائفية والإعلام والدعاية العدوانية المنسَّقة وغير ذلك عليها.
6: على أن رفض "الاحتجاجات الفئوية"، المؤثَّمة قانونًا بوصفها تخريبا، لم يقتصر على رجال الطبقة الحاكمة ونظامها وأحزابها، بل امتد إلى بعض قوى الثورة المخلصة وتيارات وحركات شباب الثورة، باعتقاد أن هذه المبادرات النضالية الفئوية تأتى خَصْمًا على التجمُّع الأوسع فى ميادين التحرير للتظاهر والاعتصام والإضراب والاحتجاج، بمعنى أن الناس سيذهبون إلى احتجاجات المواقع من مصانع أو غيرها بدلا من الذهاب إلى الميدان. والحقيقة أن هذه الأشكال النضالية لا تستبعد بعضها البعض، وأولئك الذين يقومون بهذه الاحتجاجات المدموغة بالفئوية اليوم هم الذين كانوا جاهزين للانطلاق إلى كل ميادين التحرير فى مصر بالأمس، وهم جاهزون كلما دعت الضرورة لنفس الشيء، وهل كانت مظاهرات واعتصامات 8 يوليو البالغة الأهمية خالية من أولئك الذين يشاركون فى "الاحتجاجات الفئوية"؟ وهل كانت مظاهرات 9/9 البالغة الأهمية أيضا من حيث الاستقلال الوطنى خالية منهم؟ وهل يجوز أن ننسى دور "الاحتجاجات الفئوية" فى التمهيد لثورة 25 يناير ككل خلال الأعوام السابقة؟
7: وهناك نقطة مهمة لا مناص من الوقوف عندها لصلتها الشديدة بهذه الاحتجاجات الملقبة بالفئوية. ففى محاولة مفهومة تماما لاستبعاد فكرة أن تكون الثورة المصرية السياسية الشعبية الكبرى ثورة جوعى ولتأكيد أنها ثورة حضارية لشعب متحضر تكنس مكان مظاهراتها واعتصاماتها، كان هناك تصوُّر للثورة يجعل منها ثورة "رومانسية" خالصة تدور حول محاور الحرية والديمقراطية والشفافية ورفض الاستبداد وكل ما أشبه ذلك. وصحيح أن الثورة كانت من جانب الشعب حضارية بامتياز، وكانت الثورة المضادة من جانب النظام بربرية بصورة مطلقة تلجأ إلى القتل بالجملة وترويع السكان وإطلاق يد البلطجية وتنظيم موقعة الجمل والتغاضى عن الاعتداء على المسيحيِّين ودور عبادتهم ومؤخرا تنظيم المجلس العسكرى بصورة مباشرة لمذبحة ماسپيرو التى استشهد وجُرح فيها عدد هائل من المسيحيِّين. غير أن السكوت على المظالم المادية والمطالب المعيشية وعدم الثورة من أجلها والاستكانة لضغوطها الساحقة بلا احتجاج ليست من الحضارة فى شيء بل هى أحوال من البؤس المستكين. وكان شعبنا فى ثورته بريئا من هذا البؤس المستكين بل كانت ثورته صرخة مدوية ضد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية. ومن السذاجة أن ندمج دوافع مختلف القوى الشعبية المشاركة فى مجموعة من الدوافع المعادية للاستبداد والمطالبة بالحرية. وربما كانت هذه الأشياء فى المحل الأول دوافع الشباب والمثقفين وأقسام من النخب السياسية الذين مثلت حركتهم شرارة الثورة وليس الثورة ذاتها، وبالطبع مع دوافع ومطالب وشعارات تتعلق بالأوضاع الاقتصادية المتردية للشعب من بطالة واسعة وغلاء فاحش وأجور بالغة التدنى وغير ذلك. غير أن احتجاجات25 يناير التى فجرت الثورة لم تتحوَّل إلى ثورة شعبية كبرى إلا بنزول عشرات الملايين من أبناء الشعب المصرى أىْ كل السكان تقريبا باعتبار "التناوب" فى المظاهرات وباعتبار أن مَنْ كانوا فى المنازل كانوا بمعظمهم من أسر أولئك الذين كانوا فى الميدان.
8 ومن السذاجة أن نعتبر أن التطلع إلى الحرية والديمقراطية وما إلى ذلك كان الدافع الأقوى لدى شعب غير مُسيَّس. ولا يمكن أن ينكر أحد أن الشعب المصرى يعانى الفقر المدقع الذى يتجسَّد فى الجوع المركَّب إلى الطعام والكساء والمأوى والرعاية الصحية والحياة الكريمة ولهذا فلا مجال للتظاهر بنفى أن هذه الدوافع جميعا كانت حاضرة فى الثورة بكل مراحلها. وكانت تتخذ شكل التظاهر فى الميادين أحيانا وفى التظاهر والاعتصام والإضراب فى المواقع "الفئوية" أحيانا أخرى. ولأن الثورة هى مجموع أشكالها ومبادراتها فإن كل جزء منها من صميم الثورة. وإذا اتفقنا على أن الدوافع والأهداف والتطلعات المتعلقة بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية كانت حاضرة فى الثورة وكانت من صميم الثورة كما أنها لم تتحقق فلا مناص من أن نستنتج أن الأشكال الإضرابية لهذه الاحتجاجات الموصوفة بالفئوية هى الثورة إلى جانب كل شكل آخر، وأن مستويات معيشة لائقة بالبشر لن تتحقق لطبقاتنا الشعبية إلا بالثورة فى هذا الشكل الموصوم زورا وبهتانا بالفئوية. أيها السادة: الثورة هى مجموع المبادرات الكبيرة والصغيرة، فى مواقع العمل ومجال المهنة كما فى الميادين، فى تجمُّعات كل الفئات والطبقات الشعبية بمختلف القطاعات الاقتصادية فى الميادين العامة فى احتجاجات تتناول كل ما هو مشترك بين كل "فئات الشعب" من مطالب وأهداف عامة تتناول الدولة والنظام والحريات والمساواة والعدالة ومستويات المعيشة، وكذلك فى مختلف المواقع التى تتوزع عليها طبقات الشعب فى سبيل تحقيق المطالب الرئيسية لهذه الفئة أو تلك أو فى هذا المصنع أو ذاك. وباختصار فإن الإضراب فى مصنع أو فرع من فروع الصناعة، فى كلية أو جامعة، ثورة تماما مثل ثورات الميادين. ومن المهم جدا أن ننتبه إلى أن الثورة "الفئوية" هذه لن تهدأ بل من المتوقع أن يتسع نطاقها لأنها فى كل الأحوال سلاح تطوير مستويات المعيشة جنبا إلى جنب مع تطور الديمقراطية من أسفل التى ستناضل من أجل حمايتها وتطويرها بصورة متواصلة، هذه الديمقراطية من أسفل التى ستتخذ أشكال النقابات العمالية والمهنية والأحزاب السياسية والصحافة الحرة والقضاء المستقل واتحادات المستهلكين وغير ذلك. ولأن كل أركان النظام تعمل على تصفية الثورة فقد وقفت قوى الثورة المضادة صفًّا واحدا لكسر الإضراب عند كل مبادرة كما فعل الإخوان والسلفيون وغيرهم ضمن هذه القوى وليس المجلس العسكرى وحده، لأنها جميعا تمثل مصالح اقتصادية وسياسية للطبقة المالكة والتى لا يمكن أن توصف بالطبقة الحاكمة إلا فى سياق حكم الشخص وأسرته والحلقة الضيقة من رجاله المقربين.
9: وينقلنا هذا إلى نقطة أخرى مهمة للغاية. ففى مقال كتبته مؤخرا دعوت إلى مقاطعة الانتخابات الپرلمانية والرئاسية لأنها فيما أعتقد مؤامرة للثورة المضادة لإدخال الثورة فى متاهةِ سلسلةٍ من الانتخابات الپرلمانية والرئاسية المتكررة على حساب مبادراتها ونضالاتها الثورية تنتهى بإعادة إنتاج النظام البائد وتوطيد شرعيته وتصفية الثورة بنجاح أكبر مع التراجع النسبى للتناقضات بين قوى الثورة المضادة التى تتكالب اليوم على اقتسام غنائم الثورة فى صورة أنصبة فى الشراكة السياسية القادمة أو المأمولة على حين ستكون بعد الانتخابات قد استقرَّت على أساس محدَّد للعلاقات بينها. وفى سياق تعليقات وردتنى عن المقال المشار إليه ظهرت أسئلة ذات صلة بموضوع "الاحتجاجات الفئوية". ويتمثل فحوى سؤال مهم فى أن قوى الثورة المضادة التى من المرجَّح أن تنجح فى استكمال بناء مؤسساتها الجديدة من خلال الانتخابات سوف تدَّعى الشرعية فى حالة نجاح مخططها فلن نستطيع على كل حال أن نمنعها من ادِّعاء الشرعية. وبالطبع فإن هذا الترجيح وجيه للغاية إنْ لم يكن صحيحًا تماما. غير أن المسألة لا تكمن فى نجاحنا فى الحيلولة دون أن تدَّعى الثورة المضادة شرعية تدَّعيها من الآن على كل حال استنادا إلى دور مزعوم للمجلس فى الثورة وإلى دور كبير للإسلام السياسى وللإخوان المسلمين بالذات رغم انتقالهم بعد أيام إلى صفوف الثورة المضادة بحزم. المهم هو ألَّا نعترف لها نحن بالشرعية من وجهة نظرنا والفرق كبير للغاية: لو كنا اعترفنا مثلا بشرعية نظام مبارك لما كان هناك نضال حاد من جانبنا ضد تمديده وضد مشروعه للتوريث وضد فساده واستبداده. وما نريده نحن من المقاطعة إنما هو حرمان النظام العتيد من شرعيته من وجهة نظرنا بالامتناع عن المشاركة فى عمليات إعادة إنتاجه، وذلك بالإضافة إلى أن هذه المقاطعة ستضعنا فى أفضل موقف من حيث تركيز قوانا وجهودنا على النضالات الثورية بدلا من متاهات سلسلة الانتخابات الپرلمانية والرئاسية المبرمجة. وبالطبع فإن المقاطعة إيجابية ولا تعنى انسحاب أنصار المقاطعة إلى منازلهم، ولا تعنى الابتعاد عن العملية الانتخابية تماما. بل تشمل المقاطعة بالطبع جهودنا مع القوى السياسية المعادية لنظام مبارك وخلفائه والتى تشارك مع ذلك فى الانتخابات، ومع أبناء الشعب فى فترة الانتخابات القادمة، لجذبها إلى موقف التركيز على استمرار الثورة ونضالات الثورة المستمرة. ولكنْ ما هى تلك النضالات الثورية المتواصلة؟ هى بالطبع النضالات من أجل الديمقراطية والعدالة فى الميادين كما فى المواقع المسمَّاة بالفئوية. وكما كانت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للطبقات الشعبية العامل الحاسم فى اندلاع الثورة التى لم تتحقق أهدافها بعد فإنها ستكون العامل الحاسم فى استمرار الثورة تماما كما سيتواصل النضال فى سبيل الديمقراطية. ذلك أننا إزاء ثورات محرومين وليس من المتوقع أن يعاودوا الاستكانة والخضوع للحرمان الذى ثاروا ضده.
10: وكان هناك سؤال عما إذا كان النضال الثورى سيظل سلميا، وهناك مَنْ ذهب إلى أن ضرورة الدعوة إلى العصيان المدنى والإضراب العام، وبالطبع فإنه لا مانع من هذين السلاحيْن النضاليَّيْن بشرط أن تكون شروطهما العامة حاضرة، وليس هناك ما هو أخطر من الجملة الثورية التى تكتفى بعبارات قوية وشعارات ملتهبة لا تبررها مستويات النضال فى مراحل بعينها. أما التمسُّك الحازم بالنضال السلمى فإنه من أوجب الواجبات، وإذا كانت قوات الأمن قد فرضت اشتباكات شاملة انتهت بهزيمة قوى الأمن على يد قوى الثورة كما حدث فى الأيام الأولى للثورة وإذا كانت قوات الأمن أو الشرطة العسكرية قد فرضت اشتباكات أضيق بعد ذلك وتصدى المحتجون بقوة لهذه الاعتداءات فقد كانت كل هذه الاشتباكات العدوانية من جانب الشرطة أو الجيش دفاعية من جانب المحتجين. ولا شك فى أن نضالنا الذى يملك "ميزة نسبية" على الثورة المضادة هو النضال فى الميدان وكذلك فى المصنع، أىْ ما يسمَّى فى الدعاية العدوانية للثورة المضادة بالاحتجاجات الفئوية. فالنضال غير السلمى هو النضال الحربى وهو الكفاح المسلَّح الذى لا يستمد شرعيته فى السياق المحدَّد الذى يخصنا هنا إلا فى مواجهة قيام الثورة المضادة بشن حرب متواصلة على الشعب كما حدث فى ليبيا وكما يحدث فى سوريا واليمن رغم الطابع السلمىّ إلى الآن للثورة فى البلدين.
11: أما "الميزة النسبية" التى تملكها القوى المخلصة للثورة بثبات وصلابة والتى تشمل طيفا واسعا من أبناء وبنات الطبقات الشعبية المسيَّسين وغير المسيَّسين المتبلورين سياسيًّا وفكريًّا وغير المتبلورين فإنها تتمثل فى علاقتها بالشعب وبالثورة. فقد جعلها تفانيها فى النضال من أجل الشعب مخلصة للثورة ولكل نضالاتها وإضراباتها وكل مبادراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية فوقفت وتقف دائما مع الشعب واحتجاجاته وحقوقه وحرياته ولهذا فإنها كسبت وتكسب بصورة متزايدة قلب الشعب، على العكس تماما من أركان النظام والثورة المضادة وفى المحل الأول المجلس العسكرى وحكومته برئاسة عصام شرف وأحزاب الإسلام السياسى والأحزاب الكبيرة للِّيبرالية اليمينية وهى الوفد والمصريون الأحرار والديمقراطى الاجتماعى و"أحزاب" الحزب الوطنى، فهذه الجهات جميعا من مجلس وحكومة وأحزاب خسرت وتخسر قلب الشعب لأنها تقف دوما ضد نضالاته وتقمع أو تكسر إضراباته. وهكذا فإن القوة العددية الأقل كثيرا للقوى التى أشعلت الثورة وقادتها واستمرت بها الى الآن تمتعت وتتمتع بميزة أن الشعب معها لأنها دوما معه ومع نضالاته واحتجاجاته فى الميادين والمصانع، وبفضل هذه الميزة استطاعت أن تحقق نجاحات بارزة وتستطيع أن تحقق الكثير الآن وفى المستقبل، ولولا صمودها إلى الآن لكانت الثورة قد صارت نسييًا منسيًّا منذ وقت طويل.
12: وتتفاعل الثورات العربية فيما بينها بطبيعة الحال ولاشك فى أن النهاية النهائية ل القذافى بشير ونذير ل بشار الأسد و على عبد الله صالح ولكنْ أيضا ل مبارك والمجلس العسكرى ولكثيرن من حكام العرب، وهو نذير لهؤلاء وبشير لقوى الثورة الحقيقية. وتستلهم ثورتنا النضالات الصلبة والتضحيات الغالية التى قدمها الشعب الليبى ويقدمها الشعبان السورى واليمنى. ومن ناحية أخرى تستلهم ثورات الغرب أو الشمال ضد الرأسمالية فى قلاعها الكبرى الثورة المصرية والثورات العربية، وهى بدورها تردّ الجميل لثورات الربيع العربى بخلق وتطوير حالة من الثورة العامة فى العالم ضد الرأسمالية الإمپريالية هناك والرأسمالية التابعة هنا مما يضفى على ثوراتنا أمام الذات وأمام الآخر شرعية مضافة. ورغم أن "حركة وول ستريت" وغيرها من الحركات والنضالات عبر العالم تمثل هجوما على الرأسمالية انطلاقا من مركزها فإنها نتيجة منطقية من نتائج الأزمة الاقتصادية العالمية التى تمسك بخناق الولايات المتحدة وأوروپا والياپان وتؤثر فى العالم كله ولايمكن النظر إليها على أنها بداية مباشرة لثورات اشتراكية فى الغرب أو الشمال وينبغى بالتالى فهمها رغم كل إيجابياتها ورغم كل مغزاها المستقبلى فى حجمها الطبيعى بعيدا عن إيمان العجائز لدى جيلنا والذى يجعله مهيَّأً للحياة فى حلم ثورى جميل فيما يتصور أنه أعوامه الأخيرة.
13: وبطبيعة الحال فإن الحركة الحالية ضد الرأسمالية فى الغرب لا تدور فى إطار تاريخىّ من التحول الاجتماعى من الرأسمالية إلى الاشتراكية بل فى إطار الصراعات الطبقية ضمن النظام الرأسمالى كما أنها ليست حركات اشتراكية أصلا فهى بالتالى وإنْ كانت صراعا ضد السلطة فى سياساتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ليست صراعا ينقل السلطة من طبقة إلى طبقة مهما تغيرت الأوزان النسبية لقطاعات نفس الطبقة الرأسمالية. ويصح نفس الشيء على ثوراتنا التى لا تنقل السلطة إلى طبقة جديدة ولا تحل قواها محل الطبقة الحاكمة فى الاقتصاد أو السلطة لأنها ليست ثورات فى إطار تحول تاريخى من نظام اجتماعى إلى نظام اجتماعى آخر بل هى ثورات فى سياق نظام للرأسمالية التابعة توطد وترسَّخ فى سياقه التاريخى التابع. على أن الثورة لا تفقد بهذا معناها بل تطمح فقط إلى إعادة تنظيم الاقتصاد والسلطة بتغيير معادلاتهما ضمن نفس الإطار التاريخى. ويعادى كثير من مناضلى الثورة ليس فقط مبارك أو النظام أو مؤسسات وأجهزة بعينها فى الدولة بل يعادون الرأسمالية ذاتها، غير أن هذا العداء ليس لحساب الاشتراكية أو الثورة الاشتراكية لأن النظام الاشتراكى القومى كما تحقق عندنا أو النظام الاشتراكى بقيادة أحزاب شيوعية كما حدث فى الاتحاد السوڤييتى السابق والصين وغيرهما لم يَعُدْ يُلهم أحدا، ولهذا فإن هؤلاء المناضلين لا يحلمون ببديل تاريخى للرأسمالية أىْ بالاشتراكية ويبقون داخل حدودها التاريخية فلا تتجاوز أحلامهم أو أوهامهم بالأحرى نوعا من دولة لرأسمالية وطنية غير تابعة أو بدولة إسلامية تطبق أحكام الشريعة مع أن دولة الرأسمالية التابعة ستظل رأسمالية وتابعة مهما كانت الأيديولوچية التى تتصور أنها أقامت أو ستقيم دولتها العادلة. وبعيدا عن هذه الأوهام يبقى النضال فى الميدان والمصنع، فى التجمعات الشعبية العامة الكبرى وكذلك فى سياق الاحتجاجات المسماة بالفئوية، طريقنا الشاق إلى ديمقراطية من أسفل تفرض معادلة جديدة لإدارة الدولة والاقتصاد ولحرية المجتمع.



#خليل_كلفت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقاطعة الانتخابات الپرلمانية والرئاسية من ضرورات استمرار الث ...
- مذبحة ماسپيرو تضع الثورة أمام التحديات والأخطار الكئيبة
- مقدمة خليل كلفت لترجمته لكتاب: -كيف نفهم سياسات العالم الثال ...
- ثورة 25 يناير 2011 طبيعتها وآفاقها تقديم للمؤلف خليل كلفت
- كتاب: النظام القديم والثورة الفرنسية
- الثورة المصرية الراهنة وأسئلة طبيعتها وآفاقها
- الديمقراطية .. ذلك المجهول!
- خواطر متفرقة من بعيد عن الثورة العربية
- الحزب الحاكم القادم فى مصر
- الحرب الأهلية فى ليبيا ... تحفر قبر نظام القذافى
- لا للتعديلات الدستورية الجديدة (بيان) بيان بقلم: خليل كلفت
- يا شعب مصر ... إلى الأمام ولا تراجع ... التراجع كارثة
- لا للتعديلات الدستورية فى مصر
- مفهوم النحو (مقدمة عن العلم وموضوعه ( مقدمة بقلم: خليل كلفت ...
- المادة الثانية من الدستور المصرى الدائم (دستور 1971) والعلاق ...
- بين الثورة السياسية والثورة الاجتماعية مقدمة خليل كلفت لترجم ...
- ماذا يعنى حل مجلسى الشعب والشورى؟ [فى مصر]
- الشعب المصرى يريد إسقاط النظام
- ثورة تونس نحو الاستقلال الحقيقي والتنمية الحقيقية


المزيد.....




- سعيد يأمر باتخاذ إجراءات فورية إثر واقعة حجب العلم التونسي
- بايدن يخطئ مجددا و-يعين- كيم جونغ أون رئيساً لكوريا الجنوبية ...
- شاهد.. تايوان تطلق صواريخ أمريكية خلال التدريب على المقاتلات ...
- عشرات الجرحى جراء اصطدام قطارين في بوينس آيرس
- في أقل من 24 ساعة..-حزب الله- ينفذ 7 عمليات ضد إسرائيل مستخد ...
- مرجعيات دينية تتحرك قضائيا ضد كوميدية لبنانية بعد نشر مقطع ف ...
- شاهد.. سرايا القدس تستهدف الآليات الإسرائيلية المتوغلة شرق ر ...
- شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي لبلدة بشرق خان يونس
- واشنطن: -من المعقول- أن إسرائيل استخدمت أسلحة أميركية بطرق - ...
- الإمارات تستنكر تصريحات نتانياهو بشأن -مشاركتها- في إدارة مد ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - خليل كلفت - الاحتجاجات المسماة بالفئوية جزء لا يتجزأ من الثورة