أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - -الموت- و-الحياة-!














المزيد.....

-الموت- و-الحياة-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3576 - 2011 / 12 / 14 - 14:41
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


خوف الإنسان من الموت، الذي هو العاقبة الطبيعية الحتمية لحياته، ظلَّ مصدرا مهما لتطوره الثقافي والحضاري؛ وطالما رأينا الخوف من الموت، مع لُغْز الموت، مصدر قوة وتغذية لبعض من الثقافة الإنسانية، فالحاجة إلى الحرب دفعت إلى إنتاج وتطوير (ونشر) ثقافة للتغلب على الخوف من الموت في نفوس المحاربين، ولإظهار الموت في أثناء القتال على أنه انتقال حتمي إلى حياة لا تعدلها أبدا "الحياة الواقعية"، جمالا وجاذبية وإيجابية.

وإنني أرى في خفض منسوب الخوف من الموت في نفوس البشر مقياسا من أهم المقاييس التي بها يمكن قياس تطورنا الحضاري والثقافي، على أن يُتَّخَذ تطورنا الحضاري والثقافي (والعلمي) ذاته وسيلة لتحقيق ذلك، فمنسوب الحياة، بأوجهها ومعانيها كافة، في الإنسان يعلو مع كل هبوط في منسوب الخوف من الموت في نفسه.

ونرى ضررا مشابها يصيب حياة الإنسان الذي يعاني عقدة "الخوف من الفشل"، فهذا الإنسان يحجم عن القيام بكثير من الأعمال، التي يحتاج إلى القيام بها، مخافة أن يفشل؛ لقد أقعده الخوف من الفشل فأقعد، أي أصيب بالقعاد، وهو داء يمنع من المشي.

ولا شك في أن استبداد الخوف من الموت بنفوسنا هو مصيبة أدهى وأمر؛ لأنه يحوِّلنا إلى أموات ونحن على قيد الحياة، ويَحُول بيننا وبين أن نكون أبناء للحياة بكل أوجهها ومعانيها.

مارتن لوثر كينغ قال في الموت: "مَنْ ينسى أنَّ الموت هو نهايته الحتمية، لا يَصْلُح أبداً للحياة"؛ وآرثر شوبنهاور قال: "بعد موتكَ لن تكون إلاَّ ما كنتَ عليه قبل ولادتك"؛ وصموئيل جونسون قال: "ليس من الأهمية بمكان كيف نموت، وإنَّما كيف نعيش؛ فِعْل الموت ليس بذي أهمية؛ فهو إنَّما يستغرق زمناً وجيزاً"؛ وليوناردو دا فينشي قال: "مَنْ يتعلَّم كيف يعيش، يتعلَّم كيف يموت"؛ وجوزيف أديسون قال: "خوف المرء من الموت يَحْمِلَه على السعي إلى ما يقيه من الموت، فتكون العاقبة أنْ يدمِّر نفسه بنفسه"؛ وجون روسكين قال: "مَنْ لا يَعْرِف متى يموت، لا يَعْرِف كيف يعيش"؛ وفريدريك نيتشه قال: "إذا لم تستطع العيش بفخر فعليك أنْ تموت بفخر"؛ والمتنبي قال: "إذا غامرت في شرف مروم فلا تقنع بما دون النجوم، فطعم الموت في أمر حقير كطعم الموت في أمر عظيم"؛ ويوهان فولفغانغ فون غوته قال: "حياة عديمة الفائدة إنَّما هي موت مبكر"؛ وبنيامين فرانكلين قال: "كثيرٌ من الناس يموتون في الخامسة والعشرين؛ لكنهم يُدْفَنون في الخامسة والسبعين"؛ ولوسيوس سينيكا قال: "ما لحظة الموت إلاَّ اكتمال عملية بدأت مع ولادتك".

إنَّ "ثقافة الموت" عندنا يجب أن تتغير بما يجعلها مصدر قوة وتغذية لـ "ثقافة الحياة"؛ وهذا التغيير لا يمكن أن يظهر ويتأكد إلا بخوض صراع ضد كل تلك الجوانب من "ثقافة الموت" التي ترفع في النفوس منسوب الخوف من الموت، والتي نراها واضحة جلية في كثير من طقوس، وعادات، وتقاليد، الموت السائدة في مجتمعنا.

وعند دراسة "فكرة الموت"، في تطورها التاريخي، نقف على كثير من أوجه العلاقة القوية والوطيدة بين "ثقافة الموت" و"ثقافة الحرب"، فالحرب، في أنماطها القديمة، شددت الحاجة لدى كثير من الأمم إلى إنشاء وتطوير ثقافة للموت تحمل المحارب على استرخاص روحه، والسيطرة على قواه النفسية بما يشحن دافعه القتالي بمزيد من الشجاعة والجرأة والإقدام والبسالة.

وأحسب أن الخوف من الموت هو الخوف الوحيد الذي لا مبرر له، والذي ينبغي للإنسان، من ثمَّ، أن يجتثه من نفسه؛ لأنَّ الموت ذاته هو الحدث الذي عنده ينتهي الخوف من الموت؛ فإنَّ هذا الخوف لا يعرفه إلا الأحياء.

إنَّ الموت الذي ينبغي للإنسان أن يخشاه حقا هو أن يصبح ابنا للموت وهو على قيد الحياة، وأن يموت، بعد موته، ذكرا، واسما، وعملا؛ فلا يخشى الموت إلاَّ مَنْ أساء فهم الحياة!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -ديمقراطية- أم -فسادقراطية-؟!
- -اللحظة الضائعة- في ثورة مصر!
- العقل المُثْخَن بجراح -التعصُّب-!
- -الدكتاتور المثالي- في -مرافعته الإعلامية-!
- الجريدة اليومية في عصر جديد!
- حضارة الجوع!
- -رودوس- التي تتحدَّى -الإسلام السياسي-!
- -الإسلاميون- و-الدولة المدنية-
- -نبوءة- مبارك!
- حقيقة الموقف الإسرائيلي من -الربيع العربي-
- وفي الشتاء.. عادت الثورة المصرية إلى ربيعها!
- قراءة في -فنجان بشار-!
- في -الإصلاح- في الأردن.. هكذا يُفَكِّر الملك!
- وللجيوش العربية نصيبها من -الربيع العربي-!
- عرب 1916 وعرب 2011
- بديل بشَّار.. نصفه فولتير ونصفه بيسمارك!
- إيران.. هل أزِفَت ساعة ضربها؟
- كيف تفهم الولايات المتحدة -الربيع العربي-؟
- اكتشفوا أنَّ -الربيع العربي- ليس -ثورة-!
- أردوغان التونسي!


المزيد.....




- الضربات الأمريكية على إيران تثير مخاوف في دول الخليج من الان ...
- الولايات المتحدة غيّرت مسار المواجهة - كيف سترد إيران؟
- خاص يورونيوز: إسرائيل ترفض تقرير الاتحاد الأوروبي حول غزة وت ...
- خبير إسرائيلي: تل أبيب لا تريد التصعيد والكرة في الملعب الإي ...
- هل فشلت -أم القنابل- في تدمير -درة تاج- برنامج إيران النووي؟ ...
- أحداث تاريخية هزت العالم بالأسبوع الرابع من يونيو
- الرأسمالية نظام -غير ديمقراطي- يستنزف جنوب العالم ليرفّه عن ...
- هل يطلب المرشد الإيراني وقف إطلاق النار مع إسرائيل؟
- كيف نُفذت الضربة الأميركية على إيران؟ وما الأسلحة المستخدمة؟ ...
- كيف يرد الحوثيون بعد هجمات واشنطن على إيران؟


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - -الموت- و-الحياة-!