|
إيران.. هل أزِفَت ساعة ضربها؟
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 3544 - 2011 / 11 / 12 - 17:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إيران، مع برنامجها النووي، لم تُضْرَب (عسكرياً) بَعْد، مع أنَّ ساعة ضربها قد أزِفَت غير مرَّة مُذْ شَرَع خصومها (من قوى دولية، في مقدَّمها الولايات المتحدة، وإقليمية، في مقدَّمها إسرائيل) يُعبِّرون علناً عن خوفهم من "النِّيات العسكرية" الكامنة في البرنامج النووي الإيراني (المدني السلمي على ما تَزْعُم طهران دائماً).
لماذا نراهم (أيْ خصوم إيران هؤلاء، أو بعضهم) تارةً قاب قوسين أو أدنى من شنِّ هجوم عسكري على المنشآت والمواقع النووية (والإستراتيجية) الإيرانية، وطوراً يَنْبذون هذا الخيار، ويحاورون طهران، ويسعون في خطب ودِّها، أو يُعرِّضونها إلى مزيدٍ من العقوبات الدولية، وغير الدولية؛ لعلَّ هذا الخيار (أيْ العقوبات) يعطي من النتائج ما يكفيهم شرور الخيار العسكري، أو "الكيِّ" بصفة كونه آخر العلاج؟
الإجابة هي "الخوف المزدوج"؛ فإنَّ خوفهم من العواقب المترتبة على نَبْذ "الخيار العسكري"، أيْ خوفهم من أنْ يتمخَّض البرنامج النووي الإيراني، إنْ عاجلاً أو آجلاً، عن قنبلة نووية، هو ما يَحْملهم على التلويح بهذا الخيار، وقرع طبول الحرب، والتكلُّم والتصرُّف بما يُشْعِر العالم أنَّ الحرب واقعة لا محالة، وأنَّ خياريِّ "الحوار" و"العقوبات" غير مجديين، وأنَّ السؤال الذي ينبغي لإجابته أنْ تستأثر باهتمام العالم هو "متى، وكيف، سيُشَنُّ الهجوم العسكري (على المنشآت والمواقع النووية الإيرانية)؟"؛ لكن ما أنْ تأزف الساعة، ويصبحوا مَدْعوِّين إلى أنْ يتكلموا بلسانٍ من لهب، حتى يتكلَّموا ويتصرَّفوا بما يُظْهِر ويُؤكِّد أنَّ "الخوف الثاني، أو الآخر"، ألا وهو الخوف من عواقب شَنِّ هذا الهجوم العسكري، قد استبدَّ بهم.
إنَّهم الآن يزعمون أنَّ البرنامج النووي الإيراني يوشك أنْ يتمخَّض عن القنبلة (أو القنابل) النووية الأولى، وأنَّ هذا السلاح النووي لا ينقصه "الناقِل (أو الحامِل"، وهو "الصواريخ"، وأنَّ إسرائيل، على وجه الخصوص، لا تستطيع أبداً التسليم بهذا الأمر، والتعايش مع إيران بصفة كونها قوَّة نووية عسكرية إقليمية ثانية؛ فشَنُّ هجوم عسكري على منشآتها ومواقعها النووية يصبح، في هذه الحال، أمْراً مشروعاً، لا ينتقص من مشروعيته عِظَم الترسانة النووية الإسرائيلية، ولا يُضْعِف من وجاهة أسبابه وحيثياته ودوافعه حِرْص إيران على أنْ تؤكِّد في استمرار أنَّ حيازتها السلاح النووي هي أمْرٌ غير مشروع من وجهة نظرها الدينية الإسلامية؛ فهل حسمت إسرائيل أمرها، هذه المرَّة، وقرَّرت شَنَّ هجوم عسكري على المنشآت والمواقع النووية الإيرانية؟
إنَّ جزءاً كبيراً ومهمَّاً من إجابة هذا السؤال يكمن في موقف الولايات المتحدة؛ فهذا الحليف الدولي الأكبر لإسرائيل أكَّد لها، وأوضح، أنَّ أي عمل عسكري إسرائيلي ضدَّ إيران يجب أنْ يُحاط به عِلْماً، وأنْ يحظى بموافقته؛ لأنَّه هو الذي يمكن أنْ يكون المتضرِّر الأكبر منه، ولو أنهى تماماً وجوده العسكري في العراق؛ كما أكِّد لها، وأوضح، أنَّ هذا العمل العسكري الإسرائيلي (وكل عمل عسكري ضد المنشآت والمواقع النووية الإيرانية) لن يفضي إلاَّ إلى تأخير البرنامج النووي الإيراني بضع سنوات؛ وهذا إنَّما يعني أنَّ الولايات المتحدة تَفْهَم هذا التلويح الإسرائيلي بخيار ضرب إيران عسكرياً على أنَّه أمْرٌ يمكن ويجب أنْ يكون مفيداً فحسب في فَرْض مزيدٍ من العقوبات الدولية، وغير الدولية، على إيران، وفي جَعْل هذه العقوبات أشد وأقسى من ذي قبل.
ويبدو أنَّ إيران قد عَرَفَت كيف تجعل برنامجها النووي (بمنشآته ومواقعه المهمة) أكان مدنياً سلمياً صرفاً أم لغايات عسكرية أيضاً بمنأى عن ضربة، أو ضربات، عسكرية يمكن أنْ تقضي عليه قضاءً مبرماً؛ وهذا الأمْر مع عواقب ردِّ الفعل الإيراني هو ما يُفسِّر قَوْل طهران، في استمرار، إنَّ التلويح بالخيار العسكري ضدَّ برنامجها النووي لا يعدو كونه حرباً نفسية تُشَّنُّ عليها، وتستهدف تخويفها بما يفي بالغرض، والذي هو تغيير مواقفها الإقليمية بما يرضي خصومها الدوليين والإقليميين.
حتى تشديد العقوبات الدولية، وغير الدولية، بما يُلْحِق ضرراً إستراتيجياً بإيران، وعلى افتراض أنَّه خيار في متناول أيدي خصومها، ليس بالأمر الذي يمكن أنْ تقبله، أو تتعايش معه، طهران التي في متناول يدها خيار التسبُّب بأزمة نفطية عالمية كبرى في هذا الوقت الاقتصادي العالمي (والغربي على وجه الخصوص) العصيب.
وتكاد طهران أنْ تتوصَّل إلى استنتاج إستراتيجي مؤدَّاه أنَّ خصومها (من قوى دولية وإقليمية) يَميلون الآن إلى التصرُّف والعمل بما يُظْهِر ويؤكِّد أنَّ خشيتهم من عواقب ضَرْب برنامجها النووي عسكرياً تفوق، أو شرعت تفوق، خشيتهم من عواقب تَمخُّض هذا البرنامج عن سلاح نووي إيراني.
وإذا صَحَّ هذا الاستنتاج فإنَّ الضغوط التي قد تتعرَّض لها إيران من الآن وصاعداً لن تستهدف ثَنْيها عن المضي قُدُماً في برنامجها النووي وإنَّما حَمْلها على العدول عن بعض مواقفها الإقليمية التي لا ترضي خصومها وفي مقدَّمها الدَّعم الذي تقدِّمه لنظام حكم بشار الأسد في سورية.
أمَّا إذا ظلَّت إيران مصرَّة على عدم دفع هذا الثمن فإنَّ الضغوط التي تتعرَّض لها يمكن تشديدها، عندئذٍ، بما يَضطَّرها إلى الإقدام على عملٍ يَصْلُح ذريعةً لشنِّ حرب عليها.
إنَّه تسخين عسكري بدأته إسرائيل، توصُّلاً إلى فَرْض مزيدٍ من العقوبات الدولية، وغير الدولية، على إيران، وإلى تشديد هذه العقوبات، لعلَّ ذلك يَضطَّر طهران إلى تغيير مواقفها الإقليمية أو إلى الإقدام على عملٍ يَصْلُح ذريعة لشنِّ حربٍ على إيران "المعتدية"، وليس على منشآتها ومواقعها النووية فحسب. وأحسب أنَّ خصوم إيران يَلْعبون هذه اللعبة وهُمْ على اقتناع بأنَّ البرنامج النووي الإيراني ما زال بعيداً (ولأسباب تقنية في المقام الأوَّل) عن "العسكرة"، أيْ عن إنتاج أسلحة نووية.
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف تفهم الولايات المتحدة -الربيع العربي-؟
-
اكتشفوا أنَّ -الربيع العربي- ليس -ثورة-!
-
أردوغان التونسي!
-
-البحرين- بميزان -الربيع العربي-!
-
-الحركة الطبيعية- و-الثلاثية الهيجلية-!
-
رسالتان متزامنتان!
-
هذا هو جسر الانتقال إلى الديمقراطية!
-
وفي القصاص حياة!
-
في الأردن.. إصلاحٌ يحتاج إلى إصلاح الحراك!
-
-الوسطية- في مناخ -الربيع العربي-
-
أوباما الذي -تَغَيَّر- ولم -يُغَيِّر-!
-
شعوب الغرب.. إلى اليسار دُرْ!
-
د. زغلول النجار يكتشف إشارة قرآنية إلى -النسبية-!
-
-11 أيلول ثانٍ- ضدَّ إيران!
-
حتى يُزْهِر الربيع العربي الدولة المدنية!
-
من اقتحام -السفارة- إلى هدم -الكنيسة-!
-
هذا -الخَلْط- بين -الجاذبية- و-التسارُع-!
-
-ربيع عربي- يَقْرَع الأجراس في -وول ستريت-!
-
الرداءة.. كتابةً وكاتباً!
-
هل يفعلها التلفزيون السوري؟!
المزيد.....
-
مصر.. صورة مبنى -ملهوش لازمة- تشعل سجالا واستشهادا بهدم كنيس
...
-
حصري لـCNN.. نجمة يوتيوب -السيدة راشيل- ترد على انتقادات دعم
...
-
في إيران.. بحرينية تستكشف كهفًا ينبت فيه الشَّعر احتار العلم
...
-
إسرائيل تقرّ خطة للسيطرة على مدينة غزة
-
الولايات المتحدة تزيد مكافأة القبض على مادورو إلى 50 مليون د
...
-
-قمة سلام تاريخية-.. ترامب يستضيف زعيمي أرمينيا وأذربيجان
-
قفزة نوعية في الذكاء الاصطناعي.. أوبن إيه آي تطلق التحديث ا
...
-
-كمين- في ريف بنسلفانيا.. مسلح يقتل جارته ويصيب شرطيين
-
لماذ يقلل الخبراء الروس من أهمية لقاء بوتين-ويتكوف في موسكو؟
...
-
لماذا يكره -نبي الجغرافيا- أميركا وأوروبا إلى هذا الحد؟
المزيد.....
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|