أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - -ديمقراطية- أم -فسادقراطية-؟!















المزيد.....

-ديمقراطية- أم -فسادقراطية-؟!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3575 - 2011 / 12 / 13 - 16:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



"المطلب (أو الشعار)" الثابت، الدائم، للشعب في الأردن هو مكافحة الفساد، أو محاربته، أو القضاء عليه.

وهذا المطلب "إجماعي"، أيْ يُجْمِع عليه الأردنيون كافَّة؛ حتى "أرباب الفساد"، ولو على سبيل "المجاملة" لضحاياه، أيْ لضحاياهم، يَلْعَنونه ويذمُّونه، ولا يَجِدون غضاضة في الانضمام (بألسنتهم) إلى الدَّاعين إلى مكافحته، وكأنَّهم يَعْلَمون عِلْم اليقين أنَّ القضاء عليه هو أمْرٌ من دونه خَرْط القتاد، وأنَّ الحرب عليه لا تُضْعِفَه، بل تُقوِّيه.

ولمطلب "القضاء على الفساد" عندنا "خصوصيته الثورية"؛ فهذا المطلب يبدو "صغيراً" إذا ما قُورِن ببعض مطالب الحراك الشعبي في بلادٍ عربية أخرى؛ كما يبدو "بسيطاً"، "سَهْل المنال"، وفيه من "الأخلاق" أكثر ممَّا فيه من "السياسة"، ويشبه "خلافاً في الرأي (بين الشعب والحكومة) لا يُفْسِد للودِّ قضية"؛ لكن يكفي أنْ تَعْرِف، وتُعرِّف، "الفساد" الذي تريد "القضاء عليه"، وأنْ تتوفَّر على كَشْف واكتشاف "الوسائل" و"السُّبُل" و"الطرائق"، حتى تتوصَّل إلى استنتاج مؤدَّاه أنَّ "القضاء على الفساد" هو أمْرٌ، أو مطلب، أو شعار، تضيق به كل مشاريع (وخُطَط وجهود ومساعي) الإصلاح، ولا يُمْكِن الوصول إليه إلاَّ من طريق "ثورة تَلِد ثورة"؛ فإنَّ في هذا "المطلب الصغير البسيط" تَكْمُن معانٍ كبيرة عظيمة.

ولو كان لأردنيٍّ ناقِمٍ على "الفساد (وعَبَدَتِهِ سِرَّاً)" نقمة المُؤمِن على إبليس أنْ يُعَرِّف "الفساد" لَسَمعته يقول (في معرض تعريفه له) إنَّ "الفساد" على نوعين اثنين، النوع الأوَّل هو الفساد عندنا، والنوع الثاني هو سائر الفساد (أو سائر أنواعه).

"الفساد"، لغةً، هو التلف والعطب والخلل ومجاوزة الصواب والحكمة.. ويمكننا أنْ نرى، من عَيْن هذا المعنى اللغوي، الفساد في كل شيء.. في الحكومات والحُكَّام، في العقول والمشاعر، في الأفكار والعقائد، في الأكل والشرب.. حتى في "الجوهر" من العلاقة الإنسانية يكمن شيء من الفساد؛ فلقد تحوَّل الفساد إلى أسلوب عيش، وطريقاً إلى كل ما نبتغي من أشياء في حياتنا، وكأننا لا نستطيع العيش إلا فيه وبه.

بيد أنَّ هذا المعنى اللغوي لا يَصْلُح إلاَّ حجاباً، به يُحْجَب عن أبصارنا وبصائرنا "المعنى الواقعي ـ التاريخي المخصوص" للفساد عندنا، والذي لو اجتهدتُ في شرحه وجلائه لقُلْتُ إنَّ "الفساد"، الذي نعاينه، ونعاني ويلاته، هو "الثراء (المادي أو المالي) المتأتي لذوي السلطة من طريق غير مشروعة، بحسب شريعة الثراء (أو الرِّبح) في النظام (الاقتصادي) الرأسمالي"؛ فـ "رَبُّ العمل"، أو "الرأسمالي"، يثرى من طريق "الرِّبْح"، الذي لا أرى من مَصْدَرٍ له غير ذاك الجزء من رأسماله والذي ينفقه على هيئة أجور للعمال؛ فالمال الذي ينمو من هذه الطريق، ومنها فحسب، هو "الثراء الشرعي" ، بحسب شريعة النظام الرأسمالي.

"السلطة" عندنا، وعلى أهميتها المعنوية، ليست بذات أهمية إنْ لم تَعُدْ على صاحبها بالثراء (المادي أو المالي).

وإنَّ "أراضي الدولة"، ولجهة صلتها بـ "رجال الدولة"، وأصحاب السلطة، وذوي النفوذ السياسي، هي كالدجاجة التي تبيض ذهباً؛ فـ "المال العام"، ومنه "أراضي الدولة" على وجه الخصوص، يغدو، بفضل تركُّز السلطة في أيدي قِلَّة قليلة من أبناء المجتمع، "مالاً خاصَّاً"، أيْ يخصُّ ذوي السلطة والنفوذ السياسي.

وهذه الظاهرة هي النتاج الحتمي لتحوُّل "رجال الدولة" من "موظَّفين" إلى "مُلاَّك فعليين للدولة نفسها"، بأراضيها ومواردها المالية والاقتصادية كافَّة.

إنَّ "أراضي الدولة" هي، من الوجهة القانونية، مُلْكٌ للشعب أو الأُمَّة، وتتملَّكها "الدولة" باسم المجتمع، وتتصرَّف فيها بما يعود بالنفع والفائدة على المجتمع، فإذا حيل بين الشعب وبين أنْ يكون مَصْدَراً للسلطة، وللشرعية في ممارسة السلطة، أصبح "الموظَّف"، أو "الممثِّل (السياسي للشعب)"، مالِكاً فعلياً لكل ما يعود إلى المجتمع حق ملكيته.

"أراضي الدولة"، والتي هي كل أرضٍ لا يملكها (ملكية قانونية) شخص، أو جماعة، إنَّما هي مُلْكٌ للشعب، لا ينازعه في ملكيته لها فرد، أو عشيرة، أو قبيلة، أو أي جماعة من المواطنين، ولا تَنْتَقِل، بملكيتها القانونية، إلى غيره (أيْ إلى غير الشعب) إلاَّ من طريق "البيع والشراء"، على أنْ تستوفي "صفقة البيع" شروطها وشرعيتها، شأنها شأن صفقات البيع جميعاً.

ذوو السلطة والنفوذ السياسي يتصرَّفون في "أراضي الدولة" وكأنَّهم يَفْهَمون "المال العام" على أنَّه المال الذي لا مالك له، ويحقُّ لهم، من ثمَّ، أنْ يتصرَّفوا فيه وكأنَّ ملكيته حقٌّ لهم.

أمَّا "الشعار" الذي يتلفَّعون به، وهُمْ يتصرَّفون في "أراضي الدولة"، فهو "تشجيع الاستثمار (المحلِّي والأجنبي)"؛ فإنَّ بعضاً من القابضين على زمام السلطة يبيعون (أو يؤجِّرون) لمستثمرٍ (محلِّي أو أجنبي) أرضاً من "أراضي الدولة" بثمن بخس؛ ومن طريق جَمْع هذه الأسعار أو الأثمان الزهيدة يَحْصَلون على الثروات الطائلة.

هذا "الثمن البخس" يُشجِّع الاستثمار؛ لكنَّ هذا الاستثمار (المحلِّي أو الأجنبي) لن يظلَّ بمنأى عن الفساد؛ فـ "المالك الجديد" قد يبيع الأرض التي اشتراها (من الدولة بثمن بخس) بما يعود عليه بربح جزيل؛ وقد يستثمرها، أو يستثمر فيها أمواله، أو بعض أمواله، فيعطي جزءاً من أرباحه لأشخاص يستطيعون، بما يملكون من سلطة ونفوذ، إعفاءه من الضرائب.

المستثمرون، بفضل هذا الفساد المسمَّى "تشجيع الاستثمار"، والأجانب منهم على وجه الخصوص، يُحوِّلون، في استمرار، جزءاً متنامياً من أرباحهم (وبالقطع النادر) إلى خارج الأردن؛ أمَّا "فضيلة" تشغيل أيدٍ عاملة محلية فليس فيها من معاني "الفضيلة" ما يُعْتَدُّ به، إنْ نحن نَظَرْنا إلى هذا الأمر في موضوعية.

حتى الذين أثْروا (ثراءً فاحشاً) من طريق هذا الفساد لا يستثمرون "أموالهم الحرام" في ما يعود بالنفع والفائدة على "الضحية" وهي الشعب؛ فهذه الأموال (المُحوَّلة إلى عملات صعبة) توظَّف هي أيضاً وتُسْتَثْمَر في خارج الأردن.

إنَّ "أراضي الدولة" لن تكون مُلْكاً (فعلياً) للشعب إلاَّ إذا أصبحت "الدولة" نفسها مُلْكاً (فعلياً) له؛ وهذا لن يتحقَّق إلاَّ بـ "الديمقراطية" التي لم نَعْرِف منها حتى الآن إلاَّ ما يجعلها تَعْدِل "الفسادقراطية"، أيْ "سلطة الفساد".



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -اللحظة الضائعة- في ثورة مصر!
- العقل المُثْخَن بجراح -التعصُّب-!
- -الدكتاتور المثالي- في -مرافعته الإعلامية-!
- الجريدة اليومية في عصر جديد!
- حضارة الجوع!
- -رودوس- التي تتحدَّى -الإسلام السياسي-!
- -الإسلاميون- و-الدولة المدنية-
- -نبوءة- مبارك!
- حقيقة الموقف الإسرائيلي من -الربيع العربي-
- وفي الشتاء.. عادت الثورة المصرية إلى ربيعها!
- قراءة في -فنجان بشار-!
- في -الإصلاح- في الأردن.. هكذا يُفَكِّر الملك!
- وللجيوش العربية نصيبها من -الربيع العربي-!
- عرب 1916 وعرب 2011
- بديل بشَّار.. نصفه فولتير ونصفه بيسمارك!
- إيران.. هل أزِفَت ساعة ضربها؟
- كيف تفهم الولايات المتحدة -الربيع العربي-؟
- اكتشفوا أنَّ -الربيع العربي- ليس -ثورة-!
- أردوغان التونسي!
- -البحرين- بميزان -الربيع العربي-!


المزيد.....




- فساتين النجمات في حفلات صيف 2025: بين الأناقة والتمرّد على ا ...
- مراسلة CNN تضغط على ترامب بشأن الاجتماع المحتمل مع بوتين
- البرغوثي يعلق على خطة غزة التي أعلنها نتنياهو
- ماذا كشف نتنياهو بخطة غزة الجمعة؟.. إليك ما نعلمه ولا نعلمه ...
- مفاوض سابق عن خطة احتلال غزة: من الصعب نجاحها وستكون باهظة ا ...
- لماذا تقود السعودية حملة دولية للاعتراف بدولة فلسطينية؟
- رفيقك الوفي.. كلبك قد يعيد لك توازنك ويخفف من الضغوط والتوتر ...
- وزير الهجرة اليوناني يشيد بتراجع أعداد الوافدين بعد شهر من ت ...
- فيدان: ناقشت مع الشرع تعميق التعاون والقضايا الأمنية
- حكم قضائي رابع يوقف أمر ترامب بمنع منح الجنسية الأميركية بال ...


المزيد.....

- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - -ديمقراطية- أم -فسادقراطية-؟!