أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - -نبوءة- مبارك!















المزيد.....

-نبوءة- مبارك!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3565 - 2011 / 12 / 3 - 15:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وصَدَقَت "نبوءة" الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك إذ قال، ذات يوم، وكأنَّه يُحَذِّر الولايات المتحدة، في عهد إدارة الرئيس الجمهوري جورج بوش، من مغبَّة إفراطها في السعي إلى "الإصلاح السياسي والديمقراطي" في العالم العربي، وفي مصر على وجه الخصوص، إنَّ العاقبة التي ستترتب حتماً على شَحْن الانتخابات (البرلمانية) في مصر بالديمقراطية التي تريدها إدارة الرئيس بوش هي مَلْء صندوق الاقتراع بـ "الصوت الإسلامي"؛ فجماعة "الإخوان المسلمين" هي التي ستفوز، وتسيطر على "مجلس الشعب".

عهد الدكتاتور مبارك إنَّما كان عهد "الصديق اللدود" للإسلاميين كافة، ولجماعة "الإخوان المسلمين" على وجه الخصوص؛ فهو حاربهم بما يَحُول بينهم وبين هيمنتهم على "مجلس الشعب" الذي أراد له دائماً أنْ يكون خاضعاً للسيطرة شبه المُطْلَقَة لحزبه بطرائق ووسائل شتَّى، في مقدَّمها التزوير الانتخابي؛ وسعى، في الوقت نفسه، إلى تمكينهم من إظهار شيء من قوَّتهم الشعبية والسياسية والانتخابية؛ لكن بما يفي بغرضه هو، ألا وهو إلقاء الخوف والذُّعر في قلوب المناوئين للإسلاميين في الغرب، وفي الولايات المتحدة على وجه الخصوص، وفي داخل مصر، وبين أبناء الأقلية المسيحية (10 في المئة من المصريين) على وجه الخصوص، والذين يتطيَّرون من رؤية الإسلاميين يسيطرون على الحكم. إنَّه، أي عهد مبارك، بشيء من الديمقراطية في الانتخابات البرلمانية مكَّن جماعة "الإخوان المسلمين" من أنْ تكون الأقلية الكبرى برلمانياً، وبكثيرٍ من التزوير مكَّن حزبه من إحكام سيطرته على "مجلس الشعب".

ولقد عَرَف عهد مبارك كيف يدير الحياة السياسية الحزبية المصرية، ويتحكَّم فيها، بما يجعلها أقرب إلى الموات السياسي منها إلى الحياة السياسية؛ فلمَّا انقضى وانتهى، بثورة 25 يناير، ظَهَرَت الحياة السياسية المصرية بموازينها وقواها الحقيقية (الإسلاميون وفي مقدَّمهم جماعة "الإخوان المسلمين"، والمؤسَّسة العسكرية المصرية، وشباب الثورة الذين كانوا لها "الصَّاعِق"، لا يملكون من أهلية القيادة السياسية الحزبية إلاَّ نزراً).

وأذْكُر رايس إذ جاءت إلى مصر (في عهد مبارك) محاضِرَةً في أصول الديمقراطية، فخاطبت الحكومات العربية المذعورة قائلةً، أو موبِّخةً، إنَّ الولايات المتحدة لن تستمع إلى حُججكم، أو تقبلها، بعد اليوم. كُفُّوا عن تخويفنا مِنْ عواقب الإصلاح الديمقراطي الجذري. كُفُّوا عن محاولة إقناعنا بأنَّ هذا الإصلاح سيُسقط الحُكم في أيدي قوى إسلامية وقومية متشدِّدة. ستون سنة ونحن نعفيكم مِنَ الديمقراطية في سبيل الحفاظ على الاستقرار، فكانت النتيجة أنْ غابت الديمقراطية ولم يحضر الاستقرار. الخوف مِنْ عواقب الحرِّية ما عاد مبرِّراً لرفض الحريِّة. تزعمون أنَّ الديمقراطية تقود إلى الفوضى والصراع والإرهاب. هذا زعم كاذب، ففي الديمقراطية والحرِّية نملك قوَّة التغلُّب على الكراهية والانقسام والعنف. تتهموننا بالسعي إلى فرض الديمقراطية. اتِّهامكم باطل، فالطغيان وليس الديمقراطية هو الذي يمكن فرضه فرضاً مِنَ الخارج. لن نفرض عليكم الديمقراطية، ولن نعاقبكم إذا لم تسيروا في طريق الديمقراطية، فنحن جئنا لنقول لشعوبكم سيروا في طريق الديمقراطية ونحن مِنْ ورائكم، ندعمكم ونؤيِّدكم!

هذه هي "سورة الديمقراطية" كما تلتها رايس على مسامعنا ومسامعهم؛ لكنَّ رايس لم تُجِبْنا عن السؤال الذي أثارته هي وهو: "مَنْ ذا الذي فَرَضَ علينا هذا الطغيان؟"!

"بَعْد" ثورة 25 يناير، التي فجَّرها شبابٌ مناوئون لنظام حكم مبارك الدكتاتوري، ومنحازون إلى الدولة المدنية الديمقراطية، ولا يَنْتَمون، في غالبيتهم، فكراً وشعوراً، إلى "الإسلام السياسي"؛ ومن رَحْم هذا "الموات (أو التصحُّر) السياسي والحزبي والديمقراطي" الموروث من عهد مبارك، جاءت الانتخابات البرلمانية المصرية التي لا ريب في ديمقراطيتها ونزاهتها وشفافيتها، وفي "شعبيتها"؛ فإنَّ 62 في المئة من الناخبين أدلوا بأصواتهم.

وكانت النتيجة، التي أتوقَّع ألاَّ تختلف كثيراً عن "النتيجة الانتخابية النهائية"، حصول حزب "الحرية والعدالة" المنبثق من جماعة "الإخوان المسلمين" على نحو 40 في المئة من الأصوات، وحصول حزب "النور (السلفي)" على 20 في المئة من الأصوات، أيْ أنَّ ممثِّلي "الإسلام السياسي" سيحصلون على ما لا يقل عن 60 في المئة من مقاعد "مجلس الشعب" الجديد.

والتاريخ دَوَّن حتى الآن ثلاث حقائق هي: شباب "الفيسبوك"، وفي مقدَّمهم شباب "حركة 6 إبريل"، فجَّروا الثورة؛ "المجلس العسكري الأعلى" حسم الأمر إذ خَلَع مبارك؛ "الإسلام السياسي"، أيْ جماعة "الإخوان المسلمين" وحزب "النور" السلفي، فاز بغالبية المقاعد البرلمانية من طريق انتخابات حُرَّة ديمقراطية نزيهة شفَّافة.

وإنِّي لأفْهَم هذا الفوز الانتخابي والبرلماني الكبير لجماعة "الإخوان المسلمين" على أنَّه "قِصَّة زواجٍ عن حُبٍّ" بينها وبين الشعب المصري، لا شبيه لها، إذا ما كان لها شبيه، إلاَّ قِصَّة زواج آدم من حواء؛ فهل كان من وجود لامرأةٍ غيرها حتى يُفاضِل بينهما، ويتزوَّجها عن حُبٍّ؟!

لقد ذهب الناخب المصري إلى صندوق الاقتراع وليس لديه من "الخيار (الانتخابي ـ السياسي)" إلاَّ أسهله وأيسره وأوضحه؛ وكأنَّ عهد مبارك، الذي فيه، وبه، تصحَّرت الحياة السياسية الحزبية، كان هو "الناخِب الأكبر"، أو "سيِّد الناخبين"!

وأحسب أنَّ الانتخابات البرلمانية المصرية تَصْلُح دليلاً على أمْرين متناقضين هما: ديمقراطية هذه الانتخابات، فهي كانت حقَّاً انتخابات حُرَّة ديمقراطية نزيهة شفَّافة؛ و"انتفاء الديمقراطية" في الوقت نفسه؛ فَقُلْ لي كم عدد الديمقراطيين في مصر حتى أُبيِّن لكَ درجة أو منسوب الديمقراطية في حياتها السياسية.

بقي أنْ أحيطكم عِلْماً بالقول الأهم في أمْر هذه الانتخابات، ألا وهو قول الولايات المتحدة؛ فلقد قال المتحدِّث باسم وزارة خارجيتها مارك تورنر: "من المبكر الحديث عن هوية من سيحكم مصر؛ المهم ليس من يفوز في الانتخابات، بل من سيحكم البلاد"؛ فهل فَهِمْتُم أم استغلق عليكم الفهم؟!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقيقة الموقف الإسرائيلي من -الربيع العربي-
- وفي الشتاء.. عادت الثورة المصرية إلى ربيعها!
- قراءة في -فنجان بشار-!
- في -الإصلاح- في الأردن.. هكذا يُفَكِّر الملك!
- وللجيوش العربية نصيبها من -الربيع العربي-!
- عرب 1916 وعرب 2011
- بديل بشَّار.. نصفه فولتير ونصفه بيسمارك!
- إيران.. هل أزِفَت ساعة ضربها؟
- كيف تفهم الولايات المتحدة -الربيع العربي-؟
- اكتشفوا أنَّ -الربيع العربي- ليس -ثورة-!
- أردوغان التونسي!
- -البحرين- بميزان -الربيع العربي-!
- -الحركة الطبيعية- و-الثلاثية الهيجلية-!
- رسالتان متزامنتان!
- هذا هو جسر الانتقال إلى الديمقراطية!
- وفي القصاص حياة!
- في الأردن.. إصلاحٌ يحتاج إلى إصلاح الحراك!
- -الوسطية- في مناخ -الربيع العربي-
- أوباما الذي -تَغَيَّر- ولم -يُغَيِّر-!
- شعوب الغرب.. إلى اليسار دُرْ!


المزيد.....




- التوقيت بعد ساعات على تهديد ترامب.. خامنئي يشعل ضجة بتدوينة: ...
- مصر.. عمرو موسى يشعل ضجة بدعوة عاجلة تفعيل المادة 205 بسبب ص ...
- التقارب بين بيونغ يانغ وموسكو يزعج سيئول
- مكون بسيط في أغذية شائعة قد يقلل خطر النوبات القلبية
- آبل تخطط لإطلاق ساعات ذكية مزودة بمقياس لسكّر الدم
- أطعمة تزداد فائدتها عند تبريدها
- مقتل شخصين وانتشال 5 ناجين حتى الآن إثر انهيار مبنى في منطقة ...
- حلم الشباب الدائم يقترب!.. مركبات بكتيرية في دمائنا تمنحنا ا ...
- اكتشاف بركان مريخي ظل مخفيا عن أعين العلماء 15 عاما!
- إسرائيل بدأت الحرب، فمن سيربح؟


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - -نبوءة- مبارك!