قراءة بعيون مفتوحة

توفيق الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 1058 - 2004 / 12 / 25 - 05:18
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

اقتنعت ومنذ فترة طويلة ان ولادة منظمة التحرير الفلسطينية التي بدت حلما يجسد حرية القرار والهوية كانت في الحقيقة بداية التخلي العربي الرسمي عن القضية الفلسطينية، وان اعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني كان اكتمالا لهذا التخلي وتجليا له ،وللأسف لم نكن نعلم نحن الذين ناضلنا من أجل هذا الشرف أننا نسهل على قادة العرب هروبهم المرتب من وجه كرامتهم المغتصبة ووجودهم المذل .

* * *

قد يكون كلامي صادما لبعض العقول المغيبة في برازخ الرومانسية الثورية ولكن نظرة موضوعية هادئة لتاريخ التغريبة الفلسطينية يؤكد ان التاريخ أعاد نفسه وفي اقل من نصف قرن فكما تركنا العرب المختلفون و المنهزمون نواجه قدرنا بعد عام 1948 تركونا في واقع الأمر بعد هزيمة 67 عداالاغنيات والأمنيات التي أهدتها اذاعاتهم إلينا والى مدننا المسلوبة .
وقد تجلت في فترة ما بعد هزيمة 67 المرارة والتمزق داخل الجسد الفلسطيني بفعل الصراعات المفتعلة والمرتبة من بغض الأنظمة العربية لجر روح المقاومة الوليدة من بداية الكرامة الى غرور السلاح وكان أن ساعد على ذلك تلك المراهقة السياسية وقلة التجربة التي بدت واضحة في التعامل مع أحداث أيلول وما بعدها.

* * *

لقد كانت المنظمة التي يهيمن عليها منذ البدء صوت واحد ولون واحد مع تعدد تنظيماتها خاضعة لهوى و املاءات التناقض العربي وبؤرة لصراعاته رغم انفرادها الظاهري بالحل والعقد في الشأن الفلسطيني وقد انعكس ذلك بوضوح في مذابح تل الزعتر حيث كان التناقض مع الموقف السوري ومن قبل في الوحدات بسبب التناقض مع الموقف الرسمي الأردني
كان من الممكن ان يكون عطاء واخلاص العرب لقضيتهم التي فروا عمدا من وجهها رسميا أكثر نجاعة وفاعلية لو تبنوا حقيقة هذا الحلم الفلسطيني-اقصد المنظمة – ووفروا له سبل وإمكانات المقاومة كما فعلت روسيا والصين مع الفيت كونج ولكن إخلاص الأنظمة العربية لولاءاتها المعروفة كانت له الغلبة ومن هنا كانت المأساة .
وكان بالإمكان لو تجلت الحكمة ووضوح الهدف أكثر في عقلية قيادة المقاومة الفلسطينية ان يتجاوز شعبنا الكثير مما رتب له من مذابح وويلات على أيدي عربية خالصة.

* * *

عدا ذلك فان التخلي العربي عن المنظمة وتفردها بالقرار أدى إلي غياب شفافية المتابعة في تصريف أموال الدعم وبالتالي ظهور وتعاظم الفساد في المنفى قبل أن تنتقل العدوى الى ارض الوطن
لقد قتل التخلي العربي المبطن بالاعتراف منذ البدء.. دور منظمة التحرير الفلسطينية الفاعل وجعلها أشبه بمركب مثقوب وساعد على ذلك شهوة الزعامة الفاقعة التى سيطرت دائما على قادتها .

* * *

والأمر في النهاية ليس محاكمة لحقبة محددة من التاريخ فلسطيني او لقادة بعينهم ولكنه قراءة بعيون مفتوحة لأحداث مفصلية لا تنسى وتشكل جزء كبيرا من وعي الذاكرة الفلسطينية .

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل