أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال القواسمي - تائه - قصة قصيرة جداً














المزيد.....

تائه - قصة قصيرة جداً


جمال القواسمي

الحوار المتمدن-العدد: 3555 - 2011 / 11 / 23 - 15:07
المحور: الادب والفن
    


لطالما كان أبي لغزاً. كنت استغرب من أبي في العيد كيف يأكل قليلاً في بيوت وكثيراً في بيوت أخرى، وكنت كثيراً ما أحلل الأسباب وراء تصرفه الغريب وأفشل؛ كان يقلل أكله في بيوت شركائه ومنافسيه في العائلة وأقرباءه الأغنياء، الذين له نفوذ عليهم وله مكانة مميزة بينهم، ولكنه يكثر من تناول الحلويات النابلسية وحتى المكسرات غالية الثمن في بيوت الفقراء مثل بيت عمتي عيشة وزوجها الاستاذ، اللذين لا يستطيعان شراءها إلا في الاعياد بالتواصي من باعة محددين. ولو كنت محل أبي، ما كنت لأفعل مثله؛ كنتُ سأمتنع عن كنس ضيافة الفقراء من طعام لأنهم ليس لديهم خيارات كثيرة أخرى، وربما لن أمسك نفسي من الضحك عليهم وهم يعرضون ما لديهم في صحون مضحكة أحياناً لا يتوقعها أبي أو أحد أعمامي؛ وساتناول ما اشتهيه لدى الأغنياء، لأن بوسعهم دائماً شراء غيره ومن المؤكد انهم لا يستطيعون أكله كله فينتهي بعضه في حاوية القمامة. وفي كل عيد كنت أذهب فيه مع أبي وأعمامي في جولات مطولة لكل بيوت أرحامنا، كنتُ ألمح تصرف أبي يختلف عن تصرفات بقية أعمامي؛ فأبي يضحك ويلتهم الأطايب في بيوت فقراء العائلة وأعمامي يفعلون مثله في بيوت الأغنياء فقط، رغم انهم يجاملون أحياناً ويأكلون في بيوت فقراء العائلة؛ لم أفهم يوماً لماذا يتصرف أبي هكذا، ولم يفهم أعمامي اللبقون والمتعالون تصرف أبي؛ وكانت عمتي الهبلة كما يسميها أبي طيبة جداً وتخصني بنظرة عميقة لم انجح وأنا صغير بفهمها، لكني دوماً شعرت بحبها يجتاحني في عناقها لي ومداعبتها لشعري، وهي تقول: يا الله، عيناه لأبي، غمازتاه لأبي، وشعره لأبي، رحمه الله!! يا الله نظرته، يا الله حتى ضحكته، فتعانقني وتشمشم شعري. وذات يوم تجرأت وسألت أبي، رحمه الله، وهو مريض عن السبب في تصرفه؛ ابتسم ونظر لي نظرة وجلة، ونصحني بإكمال الدراسة والعودة إلى الوطن. فعدتُ وسألته ثانية؛ فضحك وقال، "هدولا أكلهم ولقمتهم وقروشهم حلال في حلال.."
وضحك كثيراً، ضحك كثيراً، انفرط عقد اللغز، ولم استطع بعد ذلك أن أعرف طريقي لأي شيء.
6-11-2011



#جمال_القواسمي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جماع - قصة قصيرة جداً
- ثلاثية الشكل- قصص ق جداً
- أوبرا دولة فلسطينية - قصة قصيرة
- بيت الراحة WC- قصة قصيرة
- الكاتب ونصوص أخرى
- ثلاث نيسانيات- قصص ق جداً
- هزائم صغيرة - قصة قصيرة
- الجندي المعلوم- قصة قصيرة
- ثلاثية القُبَل- قصص ق جداً
- الكعكة - قصة قصيرة
- أربع قصص قصيرة جداً
- صدفة - قصة قصيرة
- مدينتي - قصة قصيرة
- ثلاثية خداش- ثلاث قصص قصيرة جداً
- لعبة قذرة - قصة قصيرة
- عالم الدهشة - قصة قصيرة
- أحلام سعيدة- قصة قصيرة
- سبع قصص قصيرة جداً


المزيد.....




- -ليس بعيدا عن رأس الرجل- لسمير درويش.. رواية ما بعد حداثية ف ...
- -فالذكر للإنسان عمر ثانٍ-.. فلسفة الموت لدى الشعراء في الجاه ...
- رحيل التشكيلي المغترب غالب المنصوري
- جواد الأسدي يحاضر عن (الإنتاج المسرحي بين الإبداع والحاجة) ف ...
- معرض علي شمس الدين في بيروت.. الأمل يشتبك مع العنف في حوار ن ...
- من مصر إلى كوت ديفوار.. رحلة شعب أبوري وأساطيرهم المذهلة
- المؤرخ ناصر الرباط: المقريزي مؤرخ عمراني تفوق على أستاذه ابن ...
- فنانون وشخصيات عامة يطالبون فرنسا وبلجيكا بتوفير حماية دبلوم ...
- من عروض ايام بجاية السينمائية.. -بين أو بين-... حين يلتقي ال ...
- إبراهيم قالن.. أكاديمي وفنان يقود الاستخبارات التركية


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال القواسمي - تائه - قصة قصيرة جداً