أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال القواسمي - بيت الراحة WC- قصة قصيرة














المزيد.....

بيت الراحة WC- قصة قصيرة


جمال القواسمي

الحوار المتمدن-العدد: 3547 - 2011 / 11 / 15 - 11:41
المحور: الادب والفن
    


كان علي أن أجد طريق العودة إلى بيتي وحدي. وكانت تطاردني أشباح تنوي قتلي. كنتُ متعباً، وكذلك مَـنْ كانوا خلفي يتشمَّمون خطواتي لكي يزرعوا الصمت الأبدي في قلبي. كنتُ اتخذ أيَّ طريق أجده أمامي لكي اهرب، وأنا أدرك تماماً انه لا يفضي إلى بيتي. ثم أخذتُ أضع علامات كشفية في بداية كل طريق اسلكه حتى اتجنَّب الدخول إليه ثانية. ادركتُ لاحقاً أن علاماتي الكشفية أصبحت معالم تاريخية يزورها السياح والبعثات الدبلوماسية.
 
انتهت الحروب، اُعلنَ استقلال الدول، عمَّ السلام، رقص الازدهار الاقتصادي رقصة الانفتاح، بل أن الحكومات استطاعت أن تفتح "بيوت الراحة" للناس في الشوارع، بينما ما زلتُ اهرول وما زالت الأطياف تلاحقني تريد أن تعزف بروحي لحن البقاء المميت. يا إلهي، إنَّ المدينة تكبر أكثر فأكثر، وتمتدُّ على نحو رهيب افقياً وعمودياً، والشوارع تخرط في وجهي مسالك جديدة لم أرها من قبل، بينما ما زلتُ اخبُّ بلا توقف ولا راحة.
 
لم يبقَ لديَّ أيُّ شيءٍ يمكنني أن استخدمه كعلامة كشفية، لا أقلام، لا حجارة، لا أغصان، لا إشارات المرور، لا لافتات W.C. التي كنت اسرقها من أبواب "بيوت الراحة"، ولا حتى ملابسي التي كنت اخلعها قطعة قطعة، مثل أية "ستربتيز" رخيصة، واعلِّقها في الطرق حتى غدوتُ عارياً، بل أخذت ارشُّ الطرق التي لم تطأها قدماي من قبل بمنييِّ. شطفتُ كلَّ طريق امرُّ به بملايين الملايين من منيّ. أصبحت خبيراً بتمييز الشوارع من رائحة صلبي وترائبي.
 
لم تمرَّ اشهر حتى صارت حيواناتي المنوية اعمدة كهرباء شاهقة تساقطت منها ظلال ضخمة رهيبة تلاحقني لتسرق مني نور عينيَّ، وصارت أرصفة مكدَّسة بالدكاكين والبيوت والمقابر والبنايات الخرسانية، وصارت محطَّات للمسافرين كانت تلاحقني لكي امضي بقية حياتي وأنا انتظر فيها وانسي الذهاب إلى بيتي، وصارت اشجاراً على جانبي الطرق تطرح الرجال والنساء الذين ينوحون ويندبون. وسرعان ما طاردتني أعمدة الكهرباء والأرصفة والمحطات والأشجار والرجال والنساء والأطفال الذين أرادوا أن يقاضوني لأنني كنت سبب سقوطهم جميعاً حتى القوا القبض عليَّ بالتواطؤ مع الأشباح التي كانت تطاردني منذ تركتُ بيتي، وحكموا عليَّ جميعهم بأن أكون شاهداً لا اسم عليه ولا صورة.



#جمال_القواسمي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكاتب ونصوص أخرى
- ثلاث نيسانيات- قصص ق جداً
- هزائم صغيرة - قصة قصيرة
- الجندي المعلوم- قصة قصيرة
- ثلاثية القُبَل- قصص ق جداً
- الكعكة - قصة قصيرة
- أربع قصص قصيرة جداً
- صدفة - قصة قصيرة
- مدينتي - قصة قصيرة
- ثلاثية خداش- ثلاث قصص قصيرة جداً
- لعبة قذرة - قصة قصيرة
- عالم الدهشة - قصة قصيرة
- أحلام سعيدة- قصة قصيرة
- سبع قصص قصيرة جداً


المزيد.....




- المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإي ...
- فيلم -باليرينا-.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة -جون وي ...
- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟
- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...
- بمناسبة أربعينيّته.. “صوت الشعب” تستذكر سيرة الفنان الراحل أ ...
- خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية بالاسم فقط “هنــــ ...
- في ذكرى رحيل فلاح إبراهيم فنان وهب حياته للتمثيل
- الفنان صبيح كلش .. حوار الرسم والتاريخ


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال القواسمي - بيت الراحة WC- قصة قصيرة