أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - تريّيف المدينة العراقية














المزيد.....

تريّيف المدينة العراقية


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 3502 - 2011 / 9 / 30 - 11:45
المحور: الادب والفن
    


عَرضتْ قناة "الشرقيّة" الفضائية تقريراً مُصوَّراً عن هجرة المواطنين العراقيين من الأرياف إلى المدن العراقية وإن كان التركيز مُنصباً على العاصمة بغداد. والغريب في هذا التقرير أنه يتحدث عن الحواجز الكبيرة التي تفصل بين المهاجرين القادمين من القرى والأرياف العراقية وبين سُكّان العاصمة الذين ضاقوا ذرعاً بهذه الموجات البشرية التي أخذت تتدفق إلى بغداد وغالبية المحافظات العراقية بحثاً عن فرص جديدة للعمل وكأنَّ الحكومات العراقية المتعاقبة قد بدأت تؤمِّن هذه الفرص لسكّان العاصمة وبقية المدن العراقية مُتناسيةً في الوقت ذاته أبناء القرى والأرياف والبوادي العراقية التي تعّج بالقبائل الرُحّل التي تبحث عن الماء والواحات والمضارب المخضرّة.
ليس من الغريب أن تفشل حكومة السيد المالكي، لانعدام التخطيط المُسبَق، في إيجاد حل لهذه الظاهرة السلبية التي سوف تُفاقم مشكلات العراق في المستقبل القريب جداً على مختلف الأصعدة وأولها البطالة وآخرها السكن العشوائي الذي يشوّه جمال العاصمة وبقية المحافظات العراقية إن بقيت فيها ملامح جمال قديم. أما المسافة المحصورة بين البطالة والعشوائيات فحدّث ولا حرج لأنها تبدأ بنقل منظومة القيم والأعراف القبلية التي لا تتواءم بالضرورة مع القيم المدينية المتحضرة في أقل تقدير، الأمر الذي يفضي إلى احتكاكات غير مأمونة العواقب. فالإنسان البدوي أو الريفي أو القروي الذي نحترمه جداً له أنماط حياتيه معروفة تتناسب مع المحيط أو البيئة الجغرافية التي قدِمَ منها لعل أبرزها المسافات المفتوحة فغالباً ما يعيش الإنسان الريفي ضمن مجموعة بيوت متناثرة تفصلها مساحات زراعية خضراء وتتخللها أنهر وجداول وسواقٍ، بخلاف القرية التي تتراص فيها مجموعة كبيرة من البيوت الواسعة والمُحاطة بالبساتين والمساحات الخضراء أيضاً، لكن شكل العاصمة وبقية المحافظات العراقية يختلف كلياً عن البادية والريف والقرية حيث تنحسر الأمداء المفتوحة وتتضاءل المساحات الخضراء لتأخذ شكل حدائق ومتنزهات بسيطة تخفِّف من وطأة البنايات والكتل الكونكريتية العمودية التي تشق سماء المدينة مُشكِّلةً مصدّاتٍ قويةً للنظر بحيث لا يرى المواطن أبعد من الجهة المقابلة للمكان الذي يقطن فيه.
لا شك في أن لغة البدوي أو الريفي مُختلفة عن لغة الإنسان المديني اختلاف زيّه وعاداته وتقاليده وقناعاته التي تشكِّل منظومة القيم الاجتماعية والأخلاقية التي يؤمن بها، ويدافع عنها مُحاولاً تكريسها في كل مناسبة، فكيف سينسجم هذا الإنسان القادم من أعماق الصحراء أو من قلب الأرياف والقرى المتناثرة في عموم العراق مع منظومة القيم والعادات الجديدة التي سوف يواجهها في أية مدينة عراقية؟
توصّل تقرير قناة "الشرقيّة" إلى خلاصاتٍ صحيحةً على الرغم من السرعة الخاطفة لهذا التحقيق التلفازي. ومن بين هذه الخلاصات هي ضيق أهالي العاصمة وتذمِّرهم من هذه الموجات البشرية الهائلة التي قدِمت من تلك المضارب البعيدة التي سوف تزاحمهم بالتأكيد في سوق العمل، وتقلل في الوقت ذاته من فرص تقديم الخدمات المطلوبة التي تقلّ وتنحسر كلما ازداد عدد السكان آخذين بنظر الاعتبار أن الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين هي ضعيفة أو شبه معدومة في ظل الفساد والفشل الإداري وغياب الخطط المركزية التي تعالج المحن المتفاقمة التي يتعرض لها المواطن العراقي في كل مكان تقريباً، وليس في المدن الكبيرة والمتوسطة والصغيرة.
أشار التقرير إلى جانب من المشكلات الاجتماعية أبرزها أن العوائل المدينية لا تُزوّج أبناءها أو بناتها إلى هؤلاء القادمين الجدد وكأنهم حلّوا من كوكب آخر، بينما هم ينتمون في حقيقة الأمر إلى العشائر العراقية ذاتها التي تتوزع بين الريف والمدينة، غير أن سَكَنة المدينة، على ما يبدو، يترفّعون على أهلهم وذويهم الذين نأت بهم الحياة البدوية أو الريفية بعيداً عن التجمعات المدينية التي أخذت طابعاً حداثياً يتلاءم مع روح العصر بما ينطوي عليه من ثورات علمية وتنكولوجية متقدمة عمّقت الهوّة بين سكان الريف والمدينة.
ختاماً لابد من حلول ناجعة لردم هذه الهوّة أو تضييقها في الأقل.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدكتور حميد الهاشمي يتحدث عن -عجلة المدنية وعصا العشائرية-
- المبالغة والغرور
- تحيّة لدار الشؤون الثقافية العامة
- الروائي زهير الجزائري في أمسية ثقافية بلندن (3)
- إلى السيد نوري المالكي، رئيس مجلس الوزراء المحترم
- شركة الناصر للطيران
- الأحزاب الدينية والسينما العراقية
- الشخصية المنشطرة وتعزيز الأمكنة الافتراضية
- الحقوق المائية
- رواتب البرلمانيين العراقيين
- القرصنة والابتزاز
- مُحفِّزات أعمال الشغب والعنف في بريطانيا
- الجادرجي في أمسية ثقافية بلندن يتحدث عن تأثير ثورة 14 تموز ع ...
- صلاح نيازي يرصد التغييرات التي طرأت على الأدب والفن بعد ثورة ...
- عبد المنعم الأعسم يتحدث عن ثقافة التسامح
- تحديات الإعلام العراقي في الداخل والخارج
- الصدمات و الكراهية في السياق العراقي
- قاسم حول: -المغني- فيلم متميز في مضمونه وشكله وقيمه الجمالية
- خالد القشطيني يقرأ بعض حكاياته ويوقّع كتابه الجديد -أيام عرا ...
- الواقعية الجديدة في -زهرة- بارني بلاتس


المزيد.....




- -البحث عن جلادي الأسد-.. فيلم استقصائي يتحول إلى دليل إدانة ...
- تقرير رويترز 2025: الجمهور يفضل الفيديو والصحافة البشرية وهك ...
- هكذا تصوّرت السينما نهاية العالم.. 7 أفلام تناولت الحرب النو ...
- بعد أسابيع من طرح الفيلم ونجاحه.. وفاة نجم -ليلو وستيتش- عن ...
- ابتكار ثوري.. طلاء -يعرق- ليُبرّد المباني!
- كيف يساهم تعليم العربية بكوريا الجنوبية في جسر الفجوة الثقاف ...
- بالتزامن مع تصوير فيلم -مازيراتي: الإخوة-.. البابا لاوُن الر ...
- -الدوما- الروسي بصدد تبني قانون يحظر الأفلام المتعارضة مع ال ...
- المرحلة الانتقالية بسوريا.. مجلس شعب جديد وسط جدل التمثيل وا ...
- تركي آل الشيخ يكشف عن رسالة لن ينساها من -الزعيم-


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - تريّيف المدينة العراقية