أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الدبلوماسية العالمية: مفارقات وحيرة















المزيد.....

الدبلوماسية العالمية: مفارقات وحيرة


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3482 - 2011 / 9 / 10 - 14:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


على الرغم من ديناميكية الدبلوماسية الدولية السائدة منذ انتهاء عهد الحرب الباردة وتحوّل الصراع الأيديولوجي من شكل إلى آخر في أواخر الثمانينات إلا أنها مع مطلع الألفية الثالثة تعيش مفارقات وحيرة، فما أن تبدأ مفارقة حتى تستمر وتتداخل مع مفارقة جديدة أخرى وهكذا، وذلك بفضل العولمة وبفعل كون العالم أصبح قرية صغيرة في ظل الثورة العلمية - التقنية وتكنولوجيا الإعلام والاتصالات والمواصلات والطفرة الرقمية “الديجيتل” .

المفارقة الأولى بدأت ولا تزال مستمرة منذ مطلع القرن الحادي والعشرين، ونعني بها اتساع نطاق الإرهاب الدولي الذي تجلّى في أحداث سبتمبر/ أيلول الإرهابية الإجرامية عام 2001 يوم قامت تنظيمات القاعدة بضرب برجي التجارة العالمية في نيويورك، حيث راح ضحية ذلك العمل الغادر نحو ثلاثة آلاف إنسان بريء . ولعل ما حصل قبل أسابيع من عمل إرهابي في أوسلو (النرويج) على يد مواطن نرويجي متطرف وعنصري يشير إلى أن ظاهرة الإرهاب الدولي على الرغم من كل ما قيل عن التصدي لها، فهي لم تنحسر كلياً وإنما لا تزال مستمرة، وتظهر بصور مختلفة في العديد من بلدان العالم، الأمر الذي يشير إلى أن الإرهاب الدولي لا وطن ولا دين ولا هوية ولا جنسية ولا عقيدة ولا لغة له .

أما المفارقة الثانية التي فاجأت هي الأخرى الدبلوماسية العالمية المتسيّدة، فهي الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية التي ضربت أكثر الدول الصناعية تقدماً، لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية، خصوصاً بانهيار شركات تأمين كبرى وبنوك عملاقة ومؤسسات عابرة للقارات والحدود وما فوق قومية . ولا تزال تأثيرات هذه الأزمة الكونية مستمرة في النطاق العالمي منذ عام 2008 ولحد الآن، ويبدو أنها ستستمر وإن على نحو أبطأ خلال السنوات الثلاث المقبلة (إلى نهاية عام 2014 أو مطلع عام 2015) .

ولعل المفارقة الثالثة للدبلوماسية العالمية في الألفية الثالثة، هي اندلاع ربيع الثورات العربية في مطلع عام ،2011 وهو ربيع ما زلنا نعيشه حتى هذه اللحظة وإن كانت بعض المناطق تعاني عواصف واحتدامات وحتى حروب ونزاعات أهلية، لكن الأمر كان خارج الحسابات التقليدية للقوى المهيمنة على الدبلوماسية الكونية .

وتطرح هذه المفارقات الثلاث الكبرى أسئلة جديدة أمام الدبلوماسية الكونية التقليدية، خصوصاً وقد أصبح الإعلام عنصراً مؤثراً وأساسياً في صناعة الرأي العام . ولاحظنا كيف أسهم الفيس بوك والتويتر والإنترنيت والفضائيات في نقل أخبار الانتفاضات الشعبية، فالصورة خبر بحد ذاتها تفوق بمئات بل آلاف المرات أحياناً، أية مقالة أو تعليق أو رأي . ولعل ما نشره موقع ويكيليكس قبل أشهر دليل كبير على الزوبعة التي انطلقت ولم تهدأ، لاسيما وقد تحوّلت بحكم الصورة إلى خبر يومي وزاد صباحي للكثير من وسائل الإعلام، وخصوصاً المرئية منها، وذلك لامتداداتها المختلفة والمتنوعة وتداعياتها وأبعادها .

لقد ساد اعتقاد لدى الكثير من المحللين السياسيين والمفكرين وأصحاب الرأي أن نظاماً دولياً جديداً بدأ يتشكل خلال ربع القرن الماضي، لاسيما بعد انهيار الكتلة الاشتراكية وسيادة النمط الليبرالي على النطاق العالمي، خصوصاً بقيادة قطبية آحادية هي الولايات المتحدة التي تتربع فوق قمة النظام الرأسمالي العالمي، لكن مثل هذا الاعتقاد صاحبته بعض الشكوك، فضلاً عن ممانعات واعتراضات، أخذ رصيدها يرتفع بعد تطبيقاته المشوّهة وممارساته السلبية باستخدام المعايير المزدوجة والسياسات الانتقائية، الأمر الذي بلور رأياً عاماً جديداً، ولاسيما في البلدان النامية يدعو إلى إقرار التعددية والتنوّع واحترام قواعد شرعية دولية جديدة يمكن أن تسهم فيها المنظمات الدولية القائمة على نحو أكثر فاعلية، خصوصاً الأمم المتحدة، بغض النظر عن الملاحظات التي لدى جميع الأطراف عليها وكل لأغراضه الخاصة، لكن رغبة الكثير من الأوساط الشعبية كانت تنمو هنا وهناك، وخصوصاً في دول العالم الثالث لتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني العالمي، فضلاً عن تطوير مسؤولية الأمم المتحدة في نظام العلاقات الدولية بعيداً عن انفراد دولة أو مجموعة دول، لاسيما إزاء قضايا حفظ السلم والأمن الدوليين .

وقد سعت إدارة جورج بوش الأب وبيل كلينتون وجورج بوش الابن والرئيس أوباما خلال العقدين الماضيين تقريباً ومن خلال دبلوماسية ديناميكية وقدرات سياسية واقتصادية وعسكرية مؤثرة للانفراد بالقرار الدولي سواءً من جانب واشنطن وحدها أو مع مجموعة من الدول، وذلك بتجاوز أي قيد على “حرية” الولايات المتحدة يمنعها من التحكم بنظام العلاقات الدولية وتوجيهه الوجهة التي تخدم مصالحها .

وتصرفت واشنطن في الكثير من المرّات خارج نطاق المنتظم الدولي لتأمين مصالحها أو لفرض سياساتها وإملاء إراداتها، بما فيها مخالفة ما يسمى بالشرعية الدولية وقرارات دولية صادرة عن الأمم المتحدة تدين “إسرائيل” . وقد تذرّعت أنها في مواجهتها للإرهاب الدولي تحتاج إلى بناء دبلوماسية وقائية أو استباقية ضد الإرهابيين لمنعهم من تنفيذ مخططاتهم العدوانية والعمل على تجفيف منابعهم، بل إنها مرّرت ذلك بقرارات دولية أسهمت هي في وضع أسسها وأصدرتها بالضغط على الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وأعني بها القرارات رقم 1368 الصادر في 12 سبتمبر/ أيلول 2001 والثاني 1373 الصادر في 28 سبتمبر/ أيلول من ذاته والثالث القرار 1390 الصادر في 16 يناير/ كانون الثاني 2002 .

وطبقاً لتلك الذرائع قامت باحتلال أفغانستان وأطاحت بنظام حكومة طالبان بزعم محاربة تنظيمات القاعدة في عام ،2001 وقامت باحتلال العراق كذلك في عام 2003 بحجة امتلاكه أسلحة دمار شامل وعلاقته بالإرهاب الدولي، واتضح أن الفريتين لا أساس لهما من الصحة . أما الديمقراطية المحمولة على الطائرات فقد تم طي صفحتها ليتحوّل موضوع الاستقرار وحماية الأمن الذي ظلّ منفلتاً منذ ثماني سنوات هو الشغل الشاغل، لاسيما في الموقف من بقاء قوات أمريكية في العراق بعد انتهاء مفعول الاتفاقية العراقية - الأمريكية لعام 2008 في نهاية العام الجاري 2011 .

وإذا كان توازن القوى على المستوى الدولي لا يميل إلى العودة إلى نظام القطبية الثنائية، على الرغم من أن هناك من يرغب في أن تلعب الصين مثل هذا الدور، كما يذهب إلى ذلك مستشار الأمن القومي زبغينيو بريجنسكي، وكذلك هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، لكن الصين ظلّت تصرّ على أنها دولة نامية، وهي لا تريد أن تلعب دوراً بديلاً عن الاتحاد السوفييتي السابق .

ولهذا فإن قيام نظام دولي جديد سيكون مؤجلاً حتى إشعار آخر، ويحتاج إلى استقطابات وقوى جديدة صاعدة، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وبشرياً، فإضافة إلى الصين، هناك احتمال العودة الجديدة لروسيا، وكذلك تعزيز دور اليابان، لاسيما الاقتصادي والمالي، فضلاً عن الدور الكبير للاتحاد الأوروبي الذي لا يتعارض حتى الآن مع دور واشنطن التي لا تزال تمثل قطب الرحى في النظام الدولي القائم وما بعد نظام القطبية الثنائية وانتهاء عهد الحرب الباردة . فهل هناك ملامح للدبلوماسية الجديدة غير الرسمية أو التي لم تعد تقتصر على الأوساط الحكومية والدبلوماسية؟

إن القوى الجديدة التي دخلت ساحة الدبلوماسية الدولية، سواءً نقابات العمال أو الاتحادات المهنية أو منظمات المجتمع المدني، لاسيما التنموية، بما فيها جمعيات حقوق الإنسان، وكذلك روابط وجمعيات رجال الأعمال وحتى بعض الشخصيات الثقافية والعلمية والدينية الكبرى والعامة، فضلاً عن بعض المنظمات الدولية غير الحكومية، يمكن أن تسهم في إطار ما نطلق عليه الدبلوماسية الشعبية التي ارتفع رصيدها في ربع القرن الماضي، خصوصاً بانتهاء عهد الحرب الباردة، وهو ما شاهدناه خلال المستجدات والتغييرات والثورات التي شهدها الوطن العربي، في حين ظلّت الدبلوماسية الرسمية في الكثير من الأحيان حائرة أو مترددة أو محكومة بمعادلات أقرب إلى المفارقات التي واجهتها .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليبيا: احتلال بالتعاقد أم الأمن الناعم؟
- مصر التي في خاطري
- البوعزيزي وسيدي بوزيد وبحر الزيتون
- التزوير «القانوني» وكاتم الصوت العراقي
- ما بعد كركوك.. هل جنوب السودان نموذج؟!
- صالح جبر وسعد صالح : التاريخ وصداقة الأضداد
- دولة فلسطين واعتراف الأمم المتحدة
- الربيع العربي واستنساخ التجارب!
- القوى المخلوعة والمحافظة تهدد الثورة .. وحذار من التصدع!
- في نظرية التفكيك العراقية!
- سياسيون بلا سياسة في العراق!
- الربيع العربي والهواجس المراوغة
- الشباب وفن الانتفاضة: خريف الآيديولوجيا وربيع السياسة!
- شروط أوباما الفلسطينية
- إقليم السنّة العراقي: التباس التاريخ
- ديناميكية مغربية
- حين تصبح العدالة ميداناً للصراع الدولي!
- منهج ماركس لا يزال صحيحاً لكنه لا يصلح لنا الآن
- الربيع العربي وحرية التعبير
- التسامح والرمز


المزيد.....




- ما هي الامتيازات التي حصلت عليها السلطة الفلسطينية بعد قرار ...
- بقيمة 400 مليون دولار.. واشنطن تعتزم الإعلان عن حزمة مساعدات ...
- البنتاغون يوعز إلى جميع الأفراد العسكريين الأمريكيين بمغادرة ...
- مصر.. نجيب ساويرس يرد على تدوينة أكاديمي إماراتي حول مطار دب ...
- الإمارات.. تأجيل جلسة الحكم في قضية -تنظيم العدالة والكرامة ...
- وسائل إعلام: فرنسا زودت أوكرانيا بصواريخ -SCALP- هي في نهاية ...
- مدفيديف يصف كاميرون بالبريطاني -الموحل ذي الوجهين-
- ناشطتان بيئيتان تهاجمان تحاولان إتلاف نسخة من -ماغنا كارتا- ...
- -لعنة الهجرة-.. مهاجرون عائدون إلى كوت ديفوار بين الخيبة وال ...
- معجم الانتخابات الأوروبية ومصطلحاتها الأكثر شيوعا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الدبلوماسية العالمية: مفارقات وحيرة