أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الربيع العربي وحرية التعبير















المزيد.....

الربيع العربي وحرية التعبير


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3411 - 2011 / 6 / 29 - 17:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في كل أزمة يمرّ بها العالم العربي تبرز إشكالية الدولة الوطنية على نحو غير مألوف في العديد من جوانبها وأركانها، خصوصاً في ما يتعلق بشرعية وقانونية الحصول على المعلومات، حيث تتعرض الكثير من وسائل الاعلام والاعلاميين الى الانتقاد والى العسف من جانب أطراف كثيرة وفي مقدمتها الأطــراف الحــكومية، ويــتم اتهامهم بشتى التهم ابتداءً من الانحياز وعدم الحيادية ووصولاً الى العمل لصالح جهات خارجية، ناهيكم عن اتخاذ إجراءات بحقهم، لعل أولها مصادرة حقهم المشروع والقانوني في الحصول على المعلومات، خصوصاً في مناطق النزاع أو عند احتدام المشاكل واستفحالها.
حينما اشتعلت انتفاضة الكرامة والياسمين في تونس استهدفت السلطات الحاكمة الكثير من وسائل الاعلام والاتصال لاسيما المرئية منها، وذهب الأمر بعيداً عند اندلاع انتفاضة الغضب والنيل في مصر، فقد كان استهداف وسائل الاعلام والفضائيات بشكل خاص، إضافة الى «الانترنيت» و«الفيس بوك» و«التويتر» وكذلك الهاتف النقال، بشكل ملحوظ، وكأن معركة العدّ العكسي وارتفاع موجة العنف بدأت عند التصدي لوسائل الاعلام والاتصال، ولاسيما للاعلاميين، الذين كانوا ضحايا مواجهات وانتهاكات وبشكل خاص من السلطات الحاكمة التي اعتبرتهم «عدوّاً « لا يختلف عن أعدائها التقليديين بل أكثر منهم أحياناً، ناهيكم عن المندسين والمدسوسين وأصابع للخارج في التحريض والتعبئة وإثارة الفتن.
لم يختلف الأمر في أي من البلدان العربية التي شهدت تحركات شبابية واحتجاجات شعبية وثورات، فقد كان الاعلاميون وهم يقومون بواجبهم المهني أول الضحايا المستهدفين ولا يزال بعضهم يختفي مثلما هو الصحافي حسن زيتوني مراسل قناة الـ ام بي سي في ليبيا، في حين أطلق سراح الصحافية دوروثي بارفاز مراسلة قناة الجزيرة بعد اختفاء آثارها لحظة وصولها الى دمشق، واتضح أنه تم تسليمها الى إيران، بسبب من أصولها وجنسيتها، كما قتل عدد من الاعلاميين، وكانت المنطقة العربية، هي الأكثر خطراً على حياتهم، لا سيما في العراق، الذي شهد منذ الاحتلال الى اليوم مقتل ما يزيد عن 200 اعلامي.
كنت أراجع هذا السجل لمناسبة يوم حرية الصحافة العالمي، المصادف 3 أيار (مايو) منذ أن قررت اليونسكو تخصيص هذا اليوم للاحتفال في جلستها السادسة والعشرين المنعقدة في العام 1991، الأمر الذي بحاجة الى تقويم أوضاع الاعلام عالمياً، لاسيما ما يتعلق بحرية الصحافة، خصوصاً ضد الانتهاكات ومحاولات الهيمنة عليها وتقويض استقلالها، حيث صدر «إعلان الحق في الوصول على المعلومات» في العام 2010 في اختتام مؤتمر نظمته اليونسكو وكلية الصحافة في جامعة كوينز لاند (استراليا - بريسبان)، ولأن الصحافي (الاعلامي) هو مؤرخ اللحظة حسب البير كامو، فإن هذه اللحظة تثير قلقاً أحياناً إزاء وصول المعلومة الى الجمهور، لاسيما كيفية توظيفها أو استغلالها، ناهيكم عن مهنيتها، وهو ما ينبغي التدقيق بشأنه، خصوصاً هواجس الحكومات وروادعها.
ولعل هناك إلتباساً، بل وفهماً مغلوطاً، إزاء مسألة الحق في الحصول على المعلومات، وقد برز ذلك على نحو شديد في البلدان العربية إبان الانتفاضات الشعبية، فقد اعتبرت جميع الحكومات ودون استثناء أن وسائل الاعلام في غالبيتها ساهمت في التحريض وإثارة الفتن والتدخل بالشؤون الداخلية، وأن لها أجندات خاصة، وربما معادية، في حين أنها تقر مبدأ حرية الحصول على المعلومات، لكنه تريدها على مقاسها وعلى ضوء ما تحدده هي من أهداف، وبما يخدم أغراضها السياسية. وإذا كان خيطاً رفيعاً هو الذي يفصل بين «حرية التعبير» و«حرية التشهير»، فإن تجاوزه سيكون خطاً أحمر يحاسب عليه القانون. أما الحجر على المعلومات بحجة التشهير أو القذف، فليس سوى محاولة لمنع وصول المعلومات الى الجمهور، وهو انتهاك لا يمكن الاّ مساءلة من يقوم به أو يلتجئ اليه. ولا يمكن تبرير أي عمل أو فعل من هذا القبيل، لأنه سيعني في نهاية المطاف منع الاعلام من إداء دوره التنويري في إيصال المعلومات الى الناس.
إن ضمان الحق في الحصول على المعلومات هو أمر حاسم للمشاركة الديموقراطية، خصوصاً من خلال رصد الانتهاكات وكشف التجاوزات، على نحو شفاف ومسؤول، فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الانسان أو بقضايا الفساد المالي والاداري أو مكافحة التمييز بسبب الدين أو العرق أو الجنس أو اللون أو الأصل الاجتماعي أو الاتجاه السياسي، كما أن نشر وإذاعة المعلومات سيساهم في تعزيز دور المجتمع المدني ويحسّن من ادائه، لا سيما حين يلعب الاعلام مثل هذا الدور الايجابي.
وقد أشار « اعلان الحق في الوصول الى المعلومات» الى القلق إزاء ضعف إنفاذ هذا الحق في جانبيه التشريعي والعملي بوضع عقبات وعوائق أمامه. ودعا الى اتخاذ الإجراءات والقوانين والتشريعات الضرورية لضمان هذا الحق باعتباره «حقا لكل فرد في الحصول على المعلومات التي تحتفظ بها الهيئات العامة عدا جميع المستويات، المحلية والوطنية والدولية» ولا شك أن وجود بعض الاستثناءات، لكنها ينبغي أن تكون محدودة.
لا زال إنفاذ مثل هذا الحق محدوداً وضعيفاً، لاسيما في البلدان العربية، بل أحياناً تعتبر بعض المعلومات، وهي عامة ولا خصوصية أمنية أو عسكرية لها، من قبيل الأسرار، وتذهب بعض السلطات الى إنزال العقوبات الغليظة بمن يريد الوصول اليها، علماً بأنها في البلدان المتقدمة، هي معلومات عامة وأحصاءات وأرقام تخص حقولاً اقتصادية أو اجتماعية أو طبية أو بيئية أو تربوية أو ثقافية أو قانونية أو غيرها، ويمكن للباحث والمسؤول ولمن له رغبة الحصول عليها الوصول اليها بكل يُسرٍ وسهولة من أي مرفق عام وحيوي، بل إن هذه الجهات تقوم بمساعدته في الحصول على المعلومات.
وإضافة الى المحاذير الأمنية التي تبديها بعض الحكومات، وهي محاذير لا علاقة لها بالأمن، فهناك انخفاض في مستوى الوعي العام حول الحق في الحصول على المعلومات وتطوير قدرات كل فرد في ممارسة هذا الحق، بمن فيهم الفئات المهمشة، والمحرومة من مبادئ المساواة مثل النساء، وكذلك ما يطلق عليه التنوّع الثقافي وشعوب البلدان الأصلية (طبقاً لإعلان حقوق الأقليات لعام 1992 وإعلان حقوق شعوب البلدان الأصلية لعام 2007) إضافة الى المعوّقين أو ذوي الاحتياجات الخاصة، ناهيكم من الحصول على المعلومات المتعلقة بانتهاكات حقوق الانسان أو التكنولوجيا الحديثة، انطلاقا من مبادئ المساواة والتعددية.
إن رفع مستوى الوعي بخصوص حرية التعبير والحق في الحصول على المعلومات وتعزيز الجوانب الاستقصائية في الاعلام واتباع ستراتيجيات جديدة بالفئات المهمشة وتعزيز التعددية والتنوّع، يساهم في تعزيز التحوّلات نحو مواطنة فاعلة وقائمة على المساواة وتكافؤ الفرص وتعزيز المشاركة، وذلك ما تضمّنه إعلان اليونسكو المشار اليه، ولعل هذه التحدّيات ستواجه الثورات والانتفاضات، لاسيما التي نجحت في تحقيق أهدافها الأولية، أو تلك التي لا تزال تراوح، مثلما سيكون على الحكومات أن تتصرف على نحو مختلف عمّا سبق تلك الاحتجاجات الواسعة، بوضع هذه المبــادئ بنــظر الاعتبار، لاسيما إذا استمرت الأسباب لاندلاعها كامنة، فيـمكن أن تنفجر في أي لحظة، ولا بد من حلول ومعالجات سياسية وليست أمنية أو اقتصادية، وإن كانت هذه مكمّلة، لكن الحل السياسي هو الأساس وهو ما له علاقة بموضوع بحثنا الخاص بحرية الوصول الى المعلومات.
وقد ذهبت وثيقة كامدن (لندن) الصادرة في مؤتمر دولي انعقد في 23-24 شباط (فبراير) 2009 حول حرية التعبير والمساوة الى اعتبار حق التعبير والحق في المساواة هي حقوق جوهرية وأساسية وهي تكمّل بعضها البعض وتلعب دوراً حيوياً ولا غنى عنه، في حماية الكرامة الانسانية واحترام حقوق الانسان، ولا شك أنه دون حرية التعبير لا يمكن حتى الدفاع عن حق الحياة وهو أسمى الحقوق جميعاً، فضلاً عن الحقوق الأساسية الأخرى مثل حق العيش بسلام ودون خوف وحق التعبير وحق التنظيم الحزبي والنقابي والمهني وحق الاعتقاد والحق في المشاركة، إضافة الى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ولعل الهدف من مدوّنة كامدن المستندة الى المادة 19 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر في 10 كانون الاول (ديسمبر) العام 1948 الخاصة بحرية التعبير يعود الى الرغبة في تشجيع المزيد من توافق الآراء على الصعيد الدولي حول العلاقة العضوية بين الحق في التعبير والحق في المساواة، وهي الأساس لوضع نظام عالمي يحمي حقوق الانسان.
ولعل من واجب حكوماتنا ونخبنا السياسية والفكرية والحقوقية إمعان النظر بالتلازم الوثيق بين حرية التعبير والحق في المساواة، فمهمة الاعلام نقل الخبر، لا التحريض على تبنّيه، وللأسف لم تفرّق بعض أجهزة الاعلام العربية أو بعض الاعلاميين بين الوظيفة المهنية وبين الوظيفة السياسية، وقد اندفع بعضها بالاتجاه الثاني، الأمر الذي أعطى مبرراً (وهو غير مبرر على الإطلاق) للحكومات لكي تنال من بعض وسائل الاعلام وتستغل بعض المواقف المسبقة الرأي، لكي تتجاوز على الاعلام بشكل عام وتتخذ إجراءات رادعة وزجرية ضد بعض وسائل الاعلام والاعلاميين.
إن حرية الحصول على المعلومات تتطلب حق الحصول عليها وحرية الوصول اليها والبحث عنها ثم حرية نقلها وإذاعتها دون قيود.
أعتقد أن التقدم العلمي والتكــنولوجي، ولاسيـما في حقل الاتصالات والمعلومات والمواصلات، سيسهم في إثارة مشكلات جديدة بوجه حرية الحصول على المعلومات وإذاعتها، وقد يتطلب وضع إتفاقيات دولية جديدة بخصوصها، وهو ما أثاره نشر وثائق ويكيليكس التي فتحت جدلاً واسعاً وسجالاً فقهياً حول حق المواطن، الانسان في الاطلاع على المعلومات في إطار حرية التعبير وحق المساواة.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التسامح والرمز
- هل تتقطّع خيوط واشنطن في بغداد؟ التعويضات ومعسكر أشرف
- ثلاثة ألغام أمريكية جديدة في العراق
- عبد الكريم الأزري: المشكلة والاستعصاء في التاريخ العراقي
- السلام يُصنع في العقول
- كوبا الحلم الغامض- كتاب جديد
- فقه التجديد والاجتهاد في النص الديني
- الشاعر أحمد الصافي.. التمرّد والاغتراب والوفاء للشعر
- قانون التغيير وتغيير القانون
- في العقول يبنى السلام وفي العقول يتم القضاء على العنف
- فصل جديد من الدبلوماسية الأمريكية
- سعد صالح.. سياسي كان يسيل من قلمه حبر الأدب
- إمبابة وأخواتها
- التنمية وحقوق الطفل: المشاركة تعني الحماية
- لغز الانسحاب الأميركي من العراق!
- التعذيب والحوار العربي - الأوروبي
- تحية لمظفر النواب: شاعر التجديد والتمرد والإبداع
- مَنْ يعوّض مَنْ؟
- الساسة العراقيون يتصرفون وكأنهم لا يزالون في المعارضة
- أيهدم بيت الشعر في العراق!


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الربيع العربي وحرية التعبير