أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - قانون التغيير وتغيير القانون















المزيد.....

قانون التغيير وتغيير القانون


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3391 - 2011 / 6 / 9 - 18:59
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


ما علاقة التغيير بالقانون؟ وهل ثمة قانون للتغيير؟ ثم كيف يتم تغيير القانون لتفعيله والتمسك بحكمه؟ هذه وغيرها كانت أسئلة ساخنة واجهت العديد من البلدان التي انتصرت فيها عملية التغيير . ولعل القراءة التاريخية للثورات والانتفاضات التي حدثت في العديد من البلدان العربية، الناجحة منها والتي لا تزال تراوح بالتقدم أو التراجع تكشف أن ما حدث هو عبارة عن تراكمات كمية أدت إلى تغييرات نوعية، في لحظة معينة من مراحل التطور التاريخي، لاسيما عندما فاض الكيل أو بلغ السيل الزبى كما يقال .

حينما أقدم البوعزيزي الشاب التونسي والخريج الجامعي الكادح للحصول على قوته اليومي في عربة لبيع الخضار في قرية سيدي أبو زيد على إحراق نفسه، لم يكن يعلم أن اللحظة الثورية قد بدأت شرارتها الأولى عندما عبّر عن يأسه من أوضاع بلاده التي حكمها زين العابدين بن علي بالحديد والنار نحو 22 عاماً، وتدريجياً تحوّلت حركة الاحتجاجات الفردية إلى احتجاجات جماعية، وانتقلت الانتفاضة مثل النار في الهشيم، في المدن والأحياء والحارات .

لقد كان اقتناص اللحظة الثورية أمراً في غاية الأهمية . وكان ذلك بداية لربيع عربي كما أطلق عليه، وهو جزء من قانون كوني للتغيير سبقتنا إليه أوروبا الغربية، لاسيما باستكمال انتقال بقايا دولها الدكتاتورية إلى الديمقراطية في السبعينات، وخصوصاً في البرتغال برحيل الجنرال سالار وإسبانيا بالتخلص من آثار حكم فرانكو الدكتاتوري الذي حكم البلاد نحو أربعة عقود من الزمان، أو حكم الجنرالات والعسكر في اليونان . وقد انتقلت هذه البلدان تدريجياً إلى المسار الديمقراطي، من خلال دساتير ديمقراطية وانتخابات دورية وتداول للسلطة، وأولاً وقبل كل شيء بتأكيد حكم القانون وفصل السلطات واستقلال القضاء، لاسيما سنّ قوانين ديمقراطية .

وخلال الثمانينات، ولاسيما في أواخرها انتقلت أوروبا الشرقية نحو الديمقراطية وأطيح بالأنظمة الشمولية، وخصوصاً بعد انهيار جدار برلين عام 1989 ومن ثم تفكك الاتحاد السوفييتي عام ،1991 وقد انتقلت العديد من دول أمريكا اللاتينية في تلك الفترة وما بعدها إلى المسار الديمقراطي، وجرت تغييرات دستورية وقانونية وأجريت انتخابات دورية، وتدريجياً أخذ حكم القانون يسود في العديد من بلدانها، وهو التغيير الذي أطلق عليه “من الكفاح المسلح إلى صندوق الاقتراع” وأسهمت الكنيسة وما سمّي بلاهوت التحرير بعملية التغيير تلك .

كانت مواقف الغرب بشكل عام وبالطبع مصالحه، في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات لا تشجع التغيير في المنطقة، الأمر الذي أسهم في انكسار رياح التغيير عند شواطئ البحر المتوسط، ولعل وجود “إسرائيل” والنفط في المنطقة، قد دفعا الغرب للتريث أو للتحفظ أو لمعارضة عمليات التغيير في تلك الفترة، الأمر الذي ألحق ضرراً كبيراً بمصلحة الشعوب العربية التوّاقة للتغيير والديمقرطية، وإذا كانت البيئة الدولية اليوم مشجعة على التغيير، ولاسيما بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول الإرهابية، فقد يكون من مصلحة الغرب فضلاً على عدم قدرته على وقف أو تسويف عمليات التغيير كجزء من قانون طبيعي للتراكم التاريخي وللتطور الدولي، وإنْ كان يريد ضمان مصالحه الاستراتيجية الحيوية، خصوصاً قد تتعرض في ظرف معين إلى “المجهول” .

وإذا كان التغيير قد حدث في تونس ومصر سلمياً وحضارياً ومدنياً ويتجه البلدان كلاهما لتنظيم انتخابات عامة وقد تشهد بلداناً عربية أخرى نتائج مماثلة، الأمر الذي يحتاج إلى تحقيق استقرار حقيقي وقطع أشواط كبيرة وأساسية لإعادة البناء والتمكّن من إنجاز عملية تغيير عميقة وجذرية تطال المجالات جميعها .

إن المرحلة الانتقالية للتغيير قد تطول وقد تقصر وقد تتعثر أو تصادف عقبات جدية بفعل انهيار الأنظمة السابقة وما تفرزه من تداعيات، فالثورة أو الانتفاضة تعني إلغاء وتهديم النظام القديم الذي بدأ يحتضر، لكن الجديد لم يولد بعد حسب المفكر الإيطالي انطونيو غرامشي، وقد تكون الولادة عسيرة وصعبة . ولعل ذلك يحتاج إلى دساتير جديدة وسن قوانين تنسجم مع المرحلة الجديدة والتوجّهات الديمقراطية، ابتداءً من إجراء انتخابات وتحديد حكم القانون بمواجهة التحديات التي تواجهها، بما فيها قوانين السوق والإنتاج وعلاقاته، فالديمقراطية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بدرجة تقدم المجتمع وقواه الاجتماعية والاقتصادية ونخبه الفكرية والسياسية والثقافية .

وإذا كان العالم العربي وحكوماته قد أخذ على حين غرّة بالربيع العربي، فإن ردود الفعل الغربية كانت هي الأخرى أكثر مفاجأة، واتجهت في بداية الأمر إلى التردد والحيرة وتدريجياً حسمت أمرها باتجاه التأييد والدعم، وإن كان هذا يتخذ مسارات مختلفة، لكن الترحيب أصبح هو التقويم السائد، وهذا الموقف ذاته كان بالنسبة إلى المجتمع الدولي . وقد اتخذ الاتحاد الأوروبي مواقف أكثر وضوحاً منذ وقت مبكر نسبياً، لاسيما البرلمان الأوروبي .

لعل مناسبة الحديث هذا هو انعقاد مؤتمر مهم في لاهاي (هولندا) ويمكنني أن أقول حسب معرفتي هو الأول من نوعه الذي تم تنظيمه من قبل معهد “لاهاي لتدويل القانون”HILL والمركز العربي لتطوير حكم القانون والنزاهة ACRLI لمناقشة “الأحداث الأخيرة في الدول العربية: الآفاق والتحديات والعوائق أمام حكم القانون وتطوير نظم العدالة” بمساهمة مميزة من عدد من الخبراء الدوليين، وبمشاركة واسعة من مصر وتونس واليمن والأردن ولبنان .

وانعقد المؤتمر في قصر السلام في لاهاي وعلى مقربة من مبنى المحكمة الجنائية الدولية . وقد تصدّر الممر المؤدي إلى قاعة المؤتمر تمثالان رمزيان ينتصبان بشموخ وكبرياء، الأول لزعيم الهند المهاتما غاندي والثاني لزعيم جنوب إفريقيا نيلسون مانديلا، ويقابلهما تمثال رمزي للسلام، هو عبارة عن امرأة منحوتة من مادة بيضاء، دليل للسلام والتعايش ولعل جمع الرمزين وهما غير غربيين له دلالة إيجابية مهمة لفكرة السلام والتسامح والتعايش الحضاري والتفاعل الثقافي بين الأمم والشعوب .

وقد شارك ممثل عن وزارة الخارجية الهولندية في المؤتمر والتقى ممثلون عن المجموعة العربية بعدد من ممثلي البرلمان الهولندي، يمثلون حزب الخضر والحزب الاشتراكي والحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الليبرالي في حوار خاص في البرلمان الهولندي ناقشوا فيه التطورات الأخيرة وحكم القانون والمستقبل .

جدير بالذكر أن معهد لاهاي لتدويل القانون هو متخصص في البحوث الدولية لدراسة التحديات التي تطرحها العولمة على النظم القانونية ويضم نحو 140 خبيرًا . أما شريكه فهو المركز العربي لتطوير حكم القانون والنزاهة وهو مؤسسة إقليمية عربية غير حكومية تضم نخبة من القانونيين والاختصاصيين العرب، ويختص بتعزيز حكم القانون والنزاهة واستقلال القضاء ويستهدف نشر الوعي القانوني وتعميم المعرفة الحقوقية .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في العقول يبنى السلام وفي العقول يتم القضاء على العنف
- فصل جديد من الدبلوماسية الأمريكية
- سعد صالح.. سياسي كان يسيل من قلمه حبر الأدب
- إمبابة وأخواتها
- التنمية وحقوق الطفل: المشاركة تعني الحماية
- لغز الانسحاب الأميركي من العراق!
- التعذيب والحوار العربي - الأوروبي
- تحية لمظفر النواب: شاعر التجديد والتمرد والإبداع
- مَنْ يعوّض مَنْ؟
- الساسة العراقيون يتصرفون وكأنهم لا يزالون في المعارضة
- أيهدم بيت الشعر في العراق!
- بعد 50 عاماً على اعلان تصفية الكولونيالية
- دور المجتمع المدني بعد انتفاضات الشباب
- السمات العشر للانتفاضات العربية
- المواطنة بضدها
- الجنادرية والتويجري والأسئلة
- جاذبية التغيير
- الاستمرارية ميزت الجنادرية وهذه القضايا باتت ملحة
- مفارقات غولدستون: لماذا تراجع وأين الحقيقة؟
- روفائيل بطي.. إرهاص حداثي مبكّر!


المزيد.....




- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...
- العراق.. إعدام 11 مدانا بالإرهاب في -سجن الحوت-
- السعودية ترحب بالتقرير الأممي حول الاتهامات الإسرائيلية بحق ...
- -العفو الدولية-: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريك ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - قانون التغيير وتغيير القانون