أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - الجنادرية والتويجري والأسئلة















المزيد.....

الجنادرية والتويجري والأسئلة


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3346 - 2011 / 4 / 25 - 19:18
المحور: الادب والفن
    


الجنادرية والتويجري والأسئلة


عبد الحسين شعبان
يمثل مهرجان الجنادرية ملتقى ثقافيا دوليا وعربيا، وقد اكتسب أهمية لثلاثة أسباب مهمة، لعل السبب الأول هو أنه اتسم بطابع الاستمرارية والديمومة، فهو ملتقى معمِّر ومتواصل ويتطور باستمرار، وقد كان الاحتفال بيوبيله الفضي العام الماضي (مرور ربع قرن على تأسيسه) محطة مهمة للتقييم والمراجعة، حيث شهد حشدا كبيرا من الأدباء والكتاب والفنانين وعلى مختلف جوانب الثقافة. والسبب الثاني هو إقبال نخبة مهمة من المثقفين من جيل الرواد على المشاركة فيه، مع نخبة جديدة من المثقفين، ولا سيما الشباب منهم؛ الأمر الذي خلق حوارا مستمرا بين المثقفين داخل المهرجان وفي أروقته وما بعده. أما السبب الثالث فهو ملتقى مفتوح دون أجندات محددة وإن كان لا يخلو من أجندة معينة، لكنها مرنة ومفتوحة وغير مفروضة؛ وذلك على خلاف بعض المهرجانات المؤدلجة. وإذا كان القائمون عليه أرادوا فتح نافذة ضوء على الثقافة العربية والعالمية، فإن الكثير من المثقفين كان المهرجان بالنسبة لهم نافذة ضوء هي الأخرى على الثقافة السعودية، ولا بدّ لحلقات الضوء تلك أن تتسع، خصوصا في ظل الثورة العلمية التقنية وثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والطفرة الرقمية "الديجيتل".
يمثل مهرجان الجنادرية اجتماعا سنويا للقاء المثقفين من بلدان عربية وإسلامية مختلفة، إضافة إلى أقطار أجنبية كثيرة، فهذا العام حضر المفكر الإيراني عطا مهاجراني وزير الثقافة الإيراني الأسبق، كما حضر ممثلون عن تجمعات يابانية، وألقيت محاضرات ومداخلات بخصوص السياسة الخارجية السعودية، وموضوع رؤية المثقفين والسياسيين والعسكريين، للإسلامفوبيا، والتحديات التي تواجه العالم اليوم، كما شهد المهرجان معارض مختلفة، وكان لافتا مشاركة المرأة وحضورها.
وقد تألق هذا العام الشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد الذي أحيا أمسيتين، واحدة في نادي الرياض الثقافي، والأخرى كانت أمسية خاصة في جلسة حميمية في منزل عبد المحسن التويجري النجل الأكبر للمفكر السعودي البارز ورجل الدين عبد العزيز التويجري. وكانت هذه الجلسة عفوية، وهي دعوة عشاء تحوّلت إلى جزء من المشهد الثقافي، وعلى حد تعبير المفكر حسن العلوي، هذا هو جو الجنادرية الرحب الذي كان يوفّره التويجري. وشارك في هذه الأمسية السيد محمد حسن الأمين بقراءة بعض قصائده أيضا.
كان التويجري الكبير حاضرا معنا على الرغم من غيابه، فإن ما تركه من أثر ظل ملازما لنا كلما انعقد مهرجان الجنادرية الثقافي. وعلى الرغم من وفاة الأميرة صيتة أخت خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود قبل سويعات من افتتاح المهرجان، فإن ذلك لم يؤثر على الافتتاح، حين أناب عنه الأمير متعب لافتتاحه وهو رئيس الحرس الوطني، وألقى المفكر اللبناني طارق متري كلمة الضيوف، كما ألقى كلمة باسم المشاركين الأجانب في المهرجان أحد مسؤولي السفارة اليابانية. وقد استقبل خادم الحرمين الملك عبد الله الضيوف في اليوم الثاني، لشكرهم على المشاركة في المهرجان، وقال الملك مخاطبا ضيوفه "أشكركم إخواني وأرحب بكم في بلدكم الثاني المملكة العربية السعودية؛ لأنكم تستحقون الترحيب وتستحقون الحفاوة والشكر". وبدورهم قاموا هم بتقديم الشكر له على دعوته والتهنئة على سلامته، وألقت الناها ولد مكناس (موريتانيا) كلمة الحاضرين أمام الملك.
وإذا كان التويجري حاضرا، فإنما هو حاضر بأسئلته، ولعل ثقافة الأسئلة على حد تعبير الناقد السعودي الدكتور عبد الله الغدامي لا تزال غائبة في عالمنا العربي وفي فكرنا المعاصر، مع أنها من ضرورات الثقافة المعاصرة، وهو ما دفع شاعر ومثقف بارز مثل أدونيس ليقول: هذا زمن تتقدم فيه الأسئلة وينهزم الجواب.
ولعل التعبير عن أسئلة التويجري كنت قد توقفت عنده من خلال كتاب الشاعر العراقي يحيى السماوي الذي أصدر كتابا، افتتحه بالحديث عن أسئلة التويجري عبر كتابة أدب الرسائل، حيث قال "إن التويجري قد انتبه إلى هذا النقص في ثقافة الأسئلة في وقت مبكر انسجاما مع طبيعته التأملية، فاتّخذ من الأسئلة سمة لمنهجه الفكري"، وإذا أردت أن أضيف سمة إيجابية أخرى إلى كتاب أدب الرسائل لعبد العزيز التويجري وأسلوبه المتفرد، للكاتب يحيى السماوي، فإنه يمكنني القول إن هذا الكتاب الممتع والعميق في الآن ذاته، يشكّل وثيقة جديدة وإضافية من وثائق مهرجان الجنادرية، ولعل معظم الذين تبادل التويجري الرسائل وإياهم كانوا من زوار الجنادرية وضيوفها والمحتفى بهم، وقد ضمت القائمة أسماء لامعة، كما أن مصادر الكتاب هي في حد ذاتها تعكس رواد الجنادرية، فضلا عن تدوين سيرة موزعة للتويجري عبر كتب ومؤلفات عديدة، منها:
- رسائل خفت عليها من الضياع.
- رسائل إلى ولدي.. حتى لا يصيبنا الدوار.
- عند الصبح حمد القوم السرى.
- ركب أدلج في ليل طال صباحه.
- رسائل وما حكته في بيتي.
- ذكرى وطنية (مجموعة مقالات 1 و2).
- رسائل إلى ولدي.. منازل الأحلام.
- لسراة الليل هتف الصباح.
- حاطب ليل ضجر (1 و2)
- خاطرات أرّقني سراها.
- ذكريات وأحاسيس نامت على عضد الزمن.
- أجهدتني التساؤلات معك أيها التاريخ.
- في إثر المتنبي بين اليمامة والدهناء.
- أبا العلاء.. ضجر ركب من عناء الطريق.
إضافة إلى كتب عديدة، منها كتب الدكتور نجم عبد الكريم: هكذا تكلم التويجري.. وكتابي عبد اللطيف أرناؤوط "الشيخ التويجري.. مواقف من الحضارة والتراث" وكتابه أدب الحوار الفكري عند الشيخ التويجري، وحسن العلوي "عبد العزيز التويجري.. الروح الجامعة"، ولعله من أهم الكتب التي تم تأليفها عن التويجري وبقدر ما كان التويجري جامعا فقد كان كتاب حسن العلوي عنه جامعا ورجاء النقاش التويجري الأديب والمؤرخ والإنسان.
ولعل للكثير من الحاضرين في مجلس التويجري شرف الحوار مع التويجري، وفي مقدمتهم الراحلان: الروائي الطيب صالح والإعلامي والكاتب شفيق الحوت، وكان لجلساتهما وأسئلتهما وقع خاص لدى التويجري. كان كلاهما إضافة إلى التويجري لا يقينيات لهما، مثلما له، حيث يملأهما الشك الديكارتي في أطروحاتهما ومراجعاتهما، وكانا يفكران في الجواب، لكن جواب التويجري كان لهما هو أن يمطرهما بالمزيد من الأسئلة.
يتساءل يحيى السماوي وهو القريب من التويجري: ما الذي جعل المفكر المعروف لطفي الخولي يخاطب التويجري بالمعلم الكبير، ولم يصادف أن قدّم التويجري نفسه بأية صفة، وهو المعروف بالتواضع؟.. ولعل الطريقة التي اختارها في العلاقة مع المثقفين هي إثارة الأسئلة بأسلوبه الممتع والشائق، وهو ما دعا محمد حسنين هيكل إلى القول إنه جمع بين منهج البحث وبين فن الأدب فتقدم رؤيته لإنسان ومحارب ورجل دولة.
كل ذلك يمكنني أن أضيف على ما قالوه إن نقده بقدر ما كان عميقا، إلاّ أنه ممزوج بالحب أيضا، وهو ما لمسته وعرفته عنه خلال لقاءاتي وما قرأته من رسائله المنشورة وغير المنشورة، ولا سيما التي استمعت إليها في جلسة حميمية خاصة، وكم تمنيت أن ترى النور لتسد فراغا في أدب قلّ الاهتمام به بسبب العولمة، وأعني به أدب الرسائل، فقد تلمست من خلالها أسلوب رجل دولة، حصيفا وندّا صلبا في علاقته مع الآخر، ودبلوماسيا يمثل مصلحة بلاده والأمة بقدر مرونته وشفافيته، لا يخاف في الحق لومة لائم؛ ولذلك تراه صريحا ومصدر ثقة واعتزاز من الجميع.
وإذا كنت في فضاء التويجري فإن بعض مقترحات تلوح بصيغة أسئلة للمستقبل، فكيف يمكن تطوير الجنادرية وتحسين دائرة الاشتراك فيها بتأكيد التعددية والتنوّع وتواصل الأجيال والتنوّع الاجتماعي، ولا سيما حضور ومشاركة المرأة، إضافة إلى زيادة دور الشباب، باشتراك المبدعين والمثقفين الشباب الذين يمكن من خلال تلاقحهم وتواصلهم مع الآخرين من الأجيال الأخرى إنضاج ذواتهم وتجاربهم على صعيد الفعل الثقافي، ولا سيما من خلال التفاعل.
وإذا مثلت الجنادرية فضاء رحبا للمشاركة من شتى الألوان والقوميات والأجناس واللغات، فسيكون رفدا لها زيادة مشاركة أبناء القوميات الأخرى الذين يعيشون في البلدان العربية مثلما هو مشاركة أبناء الديانات الأخرى، ولا سيما مشاركة المثقفين المسيحيين، وهو الأمر الذي قد ينسحب على مسألة الاهتمام بثقافة المجتمع المدني، خصوصا وأن الثقافة بما تمثله من عقلانية ومدنية وسلمية وانفتاح وحرية، يمكن أن تسهم في تعزيز وتعميق مجتمعاتنا، وهي دليل تواصل وشفافية، مثلما هي تعبير عن الجمال والفن والعمران.
ولعل هذه الأسئلة تأتي من وحي مهرجانات الجنادرية ومن طيف التويجري الكبير وأسئلته الشفيفة.

صحيفة الاقتصادية السعودية العدد رقم 6402، الجمعة 22/4/2011



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جاذبية التغيير
- الاستمرارية ميزت الجنادرية وهذه القضايا باتت ملحة
- مفارقات غولدستون: لماذا تراجع وأين الحقيقة؟
- روفائيل بطي.. إرهاص حداثي مبكّر!
- دستور مصر ووصفة السنهوري
- السياسة بوصفها علماً
- الشباب والتنمية!
- العراق من الاحتلال العسكري الى الاحتلال التعاهدي
- النيل وحرب المياه
- العرب وإسرائيل: أي جدل قانوني؟
- حرية التعبير و-حرية- التشهير
- جدلية الضعف والقوة
- - النموذج- العراقي وعدوى التغيير!
- سبع رسائل لاستهداف المسيحيين
- الموجة الثالثة للتغيير
- الانتفاضة العراقية: استعصاءٌ أم استثناء؟
- تناقضات المجتمع المدني ومفارقاته
- رسالة من منصور الكيخيا إلى المثقفين العرب
- -اشكالية الهوية والمواطنة في العراق-
- مستقبل الحوار العربي- الصيني!


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - الجنادرية والتويجري والأسئلة