أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - تناقضات المجتمع المدني ومفارقاته















المزيد.....

تناقضات المجتمع المدني ومفارقاته


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3303 - 2011 / 3 / 12 - 10:42
المحور: المجتمع المدني
    


شهد العقدان ونيّف الماضيان طائفة من التحوّلات والتغييرات على نطاق المجتمع المدني، الذي أخذ دوره يتعاظم بعد الحرب العالمية الثانية، لاسيما بعد إقرار ميثاق الأمم المتحدة في سان فرنسيسكو العام 1945، وفيما بعد صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948، الذي أعقبه إبرام الجمعية العامة للأمم المتحدة للعهدين الدوليين في العام 1966، الأول: العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والثاني: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهما اتفاقيتان شارعتان، أي منشئتان لقواعد قانونية جديدة أو مثبتتان لها. وقد دخل العهدان الدوليان حيّز التنّفيذ في العام 1976. وقد تعاظم هذا الدور بانتهاء عهد الحرب الباردة وتفكك الكتلة الاشتراكية في أواخر الثمانينيات ومطلع التسعينيات.
لكن هذه التطورات الإيجابية، رافقتها بعض المفارقات الخطيرة، والتي صاحبت ظاهرة العولمة التي فرضت نفسها على التطور الدولي، خصوصاً بوجهها السلبي واللاإنساني، الذي يكاد يلغي بعض جوانبها الإيجابية. صحيح أن ثمت سلبيات ومساوئ كثيرة إتسمت بها العولمة، لكن تطوراً إيجابياً حصل في إطار المجتمع المدني لا بدّ من إقراره، لاسيما بتعزيز الحقوق والحريات وإنشاء منظمات حقوقية ودفاعية فضلاً عن منظمات للدفاع عن المرأة وحقوق الفئات المهمشة وقضايا الفقر والبيئة والصحة وغيرها، ناهيكم عن تأكيد الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبلورة بعض الحقوق في الثمانينيات والتي شملت الحق في التنمية والحق في السلام والحق في بيئة نظيفة والحق في الاستفادة من منجزات الثورة العلمية - التقنية، وهي حقوق جماعية وفردية. مثل الحق في التعددية والحق في هوية خاصة والحق في التنوّع والحق في الديمقراطية.
وكان من نتائج هذه التطورات ظهور قوى عالمية وتحالفات دولية لمكافحة الفساد ووضع مبادئ الشفافية والمساءلة موضع التطبيق، تلك التي لم تكن بمعزل عن مساهمة فاعلة للمجتمع المدني ودوره المتميّز على هذا الصعيد. كما أظهرت هذه التطورات تزايد الشعور بالانتماء إلى قيم إنسانية مشتركة بغض النظر عن الجنسية والدين والقومية والجنس واللغة والمنشأ الاجتماعي، هذه القيم التي تقوم على السلام والتضامن والحوار بين أمم وشعوب وحضارات .
من جهة أخرى ترافق التطور الإيجابي مع الطفرة المعلوماتية والإعلامية وثورة الاتصالات التي بفعل الانترنيت والهاتف الجوال والفيسبوك، جعلت العالم كلّه متصلاً مع بعضه بلحظة واحدة، ولعل حدثاً مثل إحراق محمد البو عزيزي نفسه في تونس احتجاجاً على سياسات الاقصاء والتهميش لفئات واسعة من السكان، أشعل البلد كلّها بثورة عظيمة لم تكن وسائل الاتصال بعيدة عنها.
لعل تنامي قوة مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات والمنظمات غير الحكومية على المستوى العالمي وتزايد دورها المؤثر في السياسة الدولية والتوجهات الاقتصادية العالمية، هو أحد الأوجه الإيجابية للتطورات الدولية ناهيكم عن تزايد اهتمام الإعلام العالمي بالمجتمع المدني ودعم دوره ونشاطه في مواجهة قضايا الحريات وحقوق الإنسان وحماية الشعوب والبلدان المستضعفة، لاسيما من خلال الفضائيات التي أصبح دورها كبيراً جداً. وارتفع رصيد الحركة النسائية والشبابية المستقلة في العالم، وجعلها أكثر قدرة من ذي قبل على الدفاع عن قضايا الحريات والديمقراطية وشفافية ونزاهة الانتخابات وغيرها.
وإذا كانت تلك الإيجابيات العالمية قد واجهت المجتمع الدولي، فقد واجهته سلبيات كثيرة أيضاً منها: انتشار الحروب الأهلية والطائفية والعرقية وتأثيراتها على السلم والأمن الإقليميين والدوليين، يضاف إليهما الحروب والنزاعات الدولية التي شهدتها المنطقة خصوصاً بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) بدءًا من حملة مكافحة الإرهاب الدولي إلى احتلال أفغانستان واحتلال العراق، مروراً بالعدوان الإسرائيلي على لبنان في العام 2006 وحرب إسرائيل المفتوحة ضد غزة في أواخر العام 2008 وأوائل العام 2009 واستمرار الحصار ضدها منذ نحو أربع سنوات.
وشملت التطورات العالمية قرارات العولمة المتجهة نحو الخصخصة واكتساح السوق وإزالة الحواجز، الأمر الذي زاد الفقراء فقراً والأغنياء غنى، حتى أنّ نسبة الفقراء على المستوى العالمي إزدادت على نحو مروّع، وأصبح ما يزيد عن مليار و200 مليون يعيشون دون خط الفقر، وأن دخولهم لا تتجاوز دولاراً واحداً في اليوم وضعفهم هم من يعانون من الفقر والعوز والحاجة ولا تسدّ دخولهم الاحتياجات الأساسية، أي أن أكثر من ثلثي البشرية من المحرومين وجزء قليل مما تبقى هم متخمون.
إلاّ أن هذه المنظمات ظلّت تواجه تحديات كبرى من جانب الدولة بشكل خاص منها هيمنة الأخيرة على الاقتصاد واحتكار السياسة والتحكّم في الثقافة والإعلام والرياضة والسياحة والمجتمع والقانون. وقد لعبت أسعار النفط، في بعض البلدان التي ارتفعت دوراً سلبياً في ترسيخ القيم الاتكالية والتبعية والفساد والسرّية في بعض المجتمعات.
وقد ساهم فشل الأحزاب السياسية في تحقيق التغيير المنشود ومعالجة الأزمات القائمة ببرامج عمل بديلة دوراً سلبياً خطيراً على الحراك الاجتماعي وأضعف المجتمع المدني ثقته بنفسه مثلما أضعف ثقة الرأي العام بالمجتمع المدني وقياداته، خصوصاً بفشل خطط التنمية وغياب بديل تنموي حضاري، الأمر الذي دفع الكثير من المثقفين إلى الإحباط والقنوط.
وكانت سياسات التمييز والاقصاء والتهميش قد أدت إلى زيادة الشعور بالاغتراب، خصوصاً في ظل مواطنة هشّة أو ناقصة أو مبتورة أو غير متساوية، الأمر الذي أضعف الهوية الموحدة، خصوصاً لدى الشباب، مع استمرار التمييز ضد المرأة وانتشار التعصب والعنف بدلاً من السلم والتسامح وروح الحوار وقبول الرأي الآخر.
وكان الإنفاق على التسلح بدلاً من الاعتماد على التنمية وتوفير الخدمات إحدى سلبيات العولمة الخطيرة لاسيما على البلدان النامية، حيث تغلغلت الثقافة السلطوية وإنعدمت الشفافية والمحاسبة والنقد الذاتي، في إطار هرمية مركزية صارمة.
لقد انتشر الفقر والبطالة على نحو لم يسبق له مثيل، لاسيما في أوساط النساء والشباب واتّسعت دائرة الأمية، وخصوصاً في بلدان كثيرة، بسبب الحاجة إلى العمل، حتى دون الشروط القانونية، أو التسرّب من الدراسة بسبب الحاجة وعدم إمكانية مواصلة توفير تكاليف الدراسة، وتأثرت البيئة التي عانت من التصحّر، لاسيما موضوع شحّ المياه، كما انتشرت المخدّرات وارتفعت معدّلات الجريمة، وتعاظم العنف والإرهاب على نحو لم يسبق له مثيل، ولم تجد تلك الحقول استثمارات كافية لمعالجتها، وهو ما شخصته الأمم المتحدة في مؤتمراتها الدولية، خصوصاً لمشكلات الفقر .
وكان المشهد قد تأثّر أيضاً من خلال سيادة القيم المادية والاستهلاكية التي فرضتها العولمة، ولم تتوقف عند شريحة أو فئة، بل شملت جميع المواطنين، على نحو عاظم الأنانية الفردية وعدم الشعور بالمسؤولية والعزوف عن العمل العام والتطوعي بشكل خاص. وقد ازدادت الهجرة من الريف إلى المدينة ومن المنطقة الى المنافي، طلباً للعمل والحرية، وارتفعت موجة التطييف (من الطائفية) والتديين (من الدين) والتعشير (من العشيرة) والأثننة (من الاثنية) على حساب المشترك الإنساني والهوية الجامعة، التي تفترض احترام الهويات الفرعية. لعل في ذلك جوانب تناقض عميقة في التطورات الدولية، لاسيما على المجتمع المدني، ناهيكم عن المفارقات التي صاحبته.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة من منصور الكيخيا إلى المثقفين العرب
- -اشكالية الهوية والمواطنة في العراق-
- مستقبل الحوار العربي- الصيني!
- لغز اختفاء موسى الصدر ومنصور الكيخيا!
- تونس- مصر: أسئلة ما بعد الانتفاضة!
- ثقافة السلام
- كوابح المجتمع المدني
- عواصف التغيير الديمقراطي: أي خريطة طريق؟
- أخشى من إجهاض الانتفاضة التونسية
- العولمة: ربّ ضارة نافعة!
- خطاب القوة والتطرف معكوساً
- منولوج جو بايدن!
- خطاب ما بعد الكولونيالية: مراوغات الواقع
- ما بعد الانتخابات العراقية: استحقاقات وتحديات المستقبل !
- الغضب المصري بعد الانتفاضة التونسية
- قراءة تأويلية عن حضارة وادي الرافدين لكتاب متميّز
- ماذا بعد استهداف مسيحيي العراق؟
- صورة تونس النمطية: مقايضة السياسة بالاقتصاد!
- مفارقات انتفاضة الياسمين ودلالاتها!!
- حقوق الانسان في الوطن العربي:المنظمة العربية لحقوق الانسان ف ...


المزيد.....




- كنعاني: الراي العام العالمي عازم على وقف جرائم الحرب في غزة ...
- كيف تستعد إسرائيل لاحتمال إصدار مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو؟ ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بش ...
- الأمم المتحدة: الطريق البري لإيصال المساعدات لغزة ضرورة
- الداخلية التركية تعلن اعتقال 23 مشتبها بانتمائهم لـ-داعش- بع ...
- تقرير كولونا... هل تستعيد الأونروا ثقة الجهات المانحة؟
- قطر تؤكد اهتمامها بمبادرة استخدام حق الفيتو لأهميتها في تجسي ...
- الكويت ترحب بنتائج تقرير أداء الأونروا في دعم جهود الإغاثة ل ...
- كيان الاحتلال يستعد لسيناريو صدور مذكرات اعتقال بحق قادته
- سويسرا تؤجّل اتّخاذ قرار حول تمويل الأونروا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - تناقضات المجتمع المدني ومفارقاته