أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - كوابح المجتمع المدني















المزيد.....

كوابح المجتمع المدني


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3288 - 2011 / 2 / 25 - 16:58
المحور: المجتمع المدني
    


على الرغم من التطور الكبير الذي شهده العالم في دور المجتمع المدني، لاسيما في السنوات الثلاثين ونيّف الماضية، إلاّ أن هناك الكثير من الكوابح التي ما زالت تحدّ من فاعليته، خصوصاً في دول العالم الثالث ومنها بلداننا العربية.
وفي دراسة لمنظمة الاسكوا لتحديد وتقويم دور المجتمع المدني وبعد اجتماعات عديدة لخبراء ساهم فيها كاتب السطور، جرى التأكيد أن المنطقة ليست متساوية في درجة تطور مجتمعاتها المدنية، ارتباطاً مع القيود المفروضة على الحريات الأساسية، بما فيها حرية التعبير والحق في تكوين الجمعيات، وحق الاعتقاد وحق المشاركة، بما فيها تولي الوظائف العليا دون تمييز بسبب الدين أو اللغة أو العرق أو الجنس أو الاتجاه السياسي أو المنشأ الاجتماعي، فضلاً عن درجة قبول أو عدم قبول المجتمع لحق الاختلاف.
يمكن القول أن بعض دول منطقة الاسكوا أقرب إلى استيفاء الشروط العالمية لكيانية المجتمع المدني، بما فيها قبول التعددية السياسية والفكرية والسماح بحق تأسيس الأحزاب والنقابات والجمعيات وإجراء انتخابات دورية، وتأكيد مبادئ المواطنة والمساواة، في حين أن بعضها يخضع كل شيء للدولة وحزبها السياسي الذي تخضع له النقابات والاتحادات المهنية ويحظر فعلياً الترخيص لمؤسسات المجتمع المدني غير الموالية للسلطات الحاكمة ويلاحق منتسبيها إنْ حاولوا إقامة تنظيمات دون الموافقة المسبقة، ويهيمن على الإعلام ويقنن حرية التعبير.
كما أن هناك دولاً محافظة، لا تسمح بتأسيس الأحزاب ولا تعترف بحق وحرية منظمات المجتمع المدني في العمل الشرعي والقانوني ولا تجري انتخابات وتقنن حرية التعبير وحق الاعتقاد وحق التنظيم وحق المشاركة. وأياً كانت البلدان مغلقة أو مقننة أو متساوقة بحدود مع التطور الدولي، فثمت تعارضاً بينها وبين المعايير الدولية، ازدادت أو تقلّصت تلك الكوابح.
لعل أبرز كوابح المجتمع المدني الناشئ يمكن إجمالها بأن غالبيته الساحقة ما تزال تجمعات نخبوية، وأن دائرة تحركها بعيدة عن فقراء المدن وكادحي الريف من الفئات المعدمة الواسعة، كما أن هناك تداخلاً بين العمل الحكومي السابق لبعض القيادات، وقيادات المجتمع المدني الحالية، أي أن الكثير من القيادات الرسمية أصبحت لاحقاً قيادات للمجتمع المدني، بما فيها قيادات حزبية ورسمية معروفة.
وهناك تداخلاً بين العمل الديني، السياسي، وبين العمل المدني، بحيث أن العمل المدني يتخذ طابعاً دينياً إسلامياً أو مسيحياً أو غيره، ويتم توظيفه لأهداف سياسية، الأمر الذي يضفي عليه مسحة آيديولوجية سواء كانت اشتراكية أو قومية أو دينية، ناهيكم عن عدم قبول الحق في الاختلاف. يضاف إلى ذلك أن المجتمع المدني، لاسيما المدافع والحقوقي، غير متكافئ لا من حيث القوة أو التمكين مع مجتمعات رجال الأعمال والمنظمات الدينية، ودورها المهيمن والبارز على الكثير من القطاعات الشعبية.
أن هذه الأوضاع تحتاج إلى إعادة نظر بدور وآفاق المجتمع المدني، لاسيما الفضاء الاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي والقانوني الذي يعمل فيه، خصوصاً من حيث التنوّع والتعددية، ومن حيث مشاكل الواقع وعقده، وآفاق الحل وسبل المواجهة والتصدّي.
وإلى تاريخه لم يستطع المجتمع المدني في المنطقة العربية فرض إرادته أو رغباته أو تأثيراته على قرارات الدولة، مثلما هو الحال في المجتمعات الأوروبية والغربية عموماً، أو حتى في دول شرق آسيا وفي أمريكا اللاتينية، أي أن قدرة مؤسسات المجتمع المدني في التأثير على الدولة ما تزال ضعيفة ومحدودة جداً، ولذلك فهو بعيد تماماً عن صناعة القرار، ناهيكم عن معرفة آلياته، وإذا استثنينا بعض المؤسسات المستقلة عن الدولة والفاعلة في بعض البلدان العربية مثلما هي مصر والمغرب ولبنان والبحرين والكويت، فإن غالبية المنظمات في الأقطار العربية غير قادرة أن تلعب هذا الدور لضعفها وخضوع غالبيتها أو بعض مؤسساتها للدولة أو لجهات سياسية أو دينية.
وما تزال منظمات المجتمع المدني تعاني من عدم وجود تنسيق وتعاون بين بعضها، بما فيها عدم وجود ميثاق شرف أخلاقي وقانوني ينطوي على مبادئ أساسية تقدّمها الأطراف الذي تتبنّى مثل هذا المشروع، لاسيما وأن هذه المبادئ والقيم أصبح لها صفة عالمية، تكاد تكون اجماعية، وخصوصاً فيما يتعلق بالشفافية والانفتاح الصريح عن المجتمع وعلى جميع الشركاء والأهداف والمنتفعين ومصادر التمويل، وكذلك آليات الرقابة والمتابعة والمساءلة.
ومن المشاكل التي تواجه مؤسسات المجتمع المدني وخاصة في العالم الثالث بما فيها البلدان العربية، هو الضعف المؤسسي للمجتمع المدني بسبب غياب التشريعات الناظمة والضرورية للعمل العلني الشرعي والقانوني، وعدم وجود إستراتيجيات واضحة، وبرامج عمل محددة، وخطط لتنفيذ أهدافها، يضاف إلى ذلك ضعف التمويل وغياب الدعم الحكومي، وضعف التنسيق بينها، وعدم تخصصية بعضها، الأمر الذي يُحدث نوعاً من الازدواجية والارتباك والتخبّط في مهماتها.
يضاف إلى ذلك أن هناك ضعفاً في صدقية الكثير من قيادات المجتمع المدني وضعف كفاءة بعض العاملين في هذا الإطار، وهو ما ينعكس على كفاءة المنظمات، وغياب الحوار بين مؤسساته والحكومات، ناهيكم عن القيود التي تحدّ من حريته في التعبير، وكذلك تأهيله وخبرته واختلاط بعض مهماته بالمهمات السياسية، وكذلك غياب ثقافة التطوّع والتشبيك وضعف العلاقة مع القطاع الخاص.
ولعل من أبرز التحديات والكوابح التي يواجهها المجتمع المدني من داخله هو غياب الديمقراطية الداخلية وغياب المساءلة والشفافية، وأحياناً تورّط بعضه بالفساد وعدم تداول المسؤولية، وهو الأمر الذي ينتقد عليه الحكومات، في حين أن الحكومات بدأت تعرف كيف تنتقد بعض مؤسسات المجتمع المدني.
إن أهم ما يحتاجه المجتمع المدني هو بناء القدرات بما فيها الإطار المؤسسي والإداري وبناء شراكة فعّالة على أساس الثقة والتعاون والتكامل والتكافؤ لجميع أطراف عملية التنمية، كبر دورها أم صغر؟ مثلما هي بحاجة إلى إرادة تقنع بها الحكومات، وإرادة من جانب الأخيرة لكي تقتنع بدوره ومساهمته، ناهيكم عن أداء سليم يقوم على أساس احترام القيم والمبادئ التي يدعو لها، خصوصاً في ظل نشر ثقافة المجتمع المدني والوعي الحقوقي بأهميته ودوره، بعيداً عن الإنخراط في الصراعات السياسية والآيديولوجية التي تعيشها مجتمعاتنا العربية، والتي تؤدي الى انحيازات مسبقة تضعف من صدقيته ونزاهته وحيدته.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عواصف التغيير الديمقراطي: أي خريطة طريق؟
- أخشى من إجهاض الانتفاضة التونسية
- العولمة: ربّ ضارة نافعة!
- خطاب القوة والتطرف معكوساً
- منولوج جو بايدن!
- خطاب ما بعد الكولونيالية: مراوغات الواقع
- ما بعد الانتخابات العراقية: استحقاقات وتحديات المستقبل !
- الغضب المصري بعد الانتفاضة التونسية
- قراءة تأويلية عن حضارة وادي الرافدين لكتاب متميّز
- ماذا بعد استهداف مسيحيي العراق؟
- صورة تونس النمطية: مقايضة السياسة بالاقتصاد!
- مفارقات انتفاضة الياسمين ودلالاتها!!
- حقوق الانسان في الوطن العربي:المنظمة العربية لحقوق الانسان ف ...
- الأمن الغذائي .. الحق في الطعام!
- بغداد قندهار: أيّ مقايضة؟
- ساحل العاج دولة برئيسين
- حرب باردة في خليج ساخن
- الاستفتاء السوداني: بين الديناميكية والسكونية !
- بعد 50 عاماً مصير -حق- تقرير المصير
- العمل العربي المشترك: أي دور للمجتمع المدني؟


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - كوابح المجتمع المدني