أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ليبيا: احتلال بالتعاقد أم الأمن الناعم؟















المزيد.....

ليبيا: احتلال بالتعاقد أم الأمن الناعم؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3477 - 2011 / 9 / 5 - 22:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



قد لا يكون تدخّل حلف الناتو «عسكرياً» في الأزمة الليبية هو الأخير من نوعه في المنطقة العربية، فقد تتكرر عمليات التدخل إذا ما توفّرت بعض الظروف الملائمة والبيئة المواتية، وهو الأمر الذي لا بدّ من أخذه بنظر الاعتبار، في ما يتعلق بتطورات الوضع في المنطقة، ولا سيما الاحتراب الداخلي أو الصراع المسلح في بعض البلدان العربية من جهة، ومن جهة أخرى تطور سياسة حلف الناتو وما يسمى بنظرية «الأمن الناعم» أو «القوة الناعمة»، في مواجهة المتغيرات.
وإذا كان حلف الناتو قد تأسس في ظروف الحرب الباردة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، لا سيما بعد أن أطلق ونستون تشرشل صيحته الشهيرة العام 1947 بإعلان الحرب ضد الشيوعية من جانب دول «العالم الحر»، فإن الحلف تطور كثيراً في التسعينيات من القرن الماضي وبعد انهيار الكتلة الاشتراكية وانتهاء نظام القطبية الثنائية، حيث امتدّ نشاطه ليشمل دول أوروبا الشرقية التي كانت جزءًا من منظومة حلف وارسو، وقد سعى الى ضم العديد من دولها إلى عضويته، وبناء قواعد صاروخية في بعضها كما حصل في التشيكيا وبولونيا الذي احتجت عليها روسيا وهددت بتدميرها.
كما تطورت استراتيجية الحلف من «الردع» في حالة التهديد الى المبادرة والهجوم «للدفاع عن المصالح الجماعية»، خصوصاً بعد تأسيس تشكيلات للتدخل السريع، حال اندلاع أزمة من شأنها المساس بمصالح أعضاء الحلف أو تهديدها، بما فيها منطقة حوض البحر المتوسط.
مبادرتان أساسيتان قادهما الحلف إزاء المنطقة العربية، الأولى بفتح الحوار مع سبع دول متوسطية العام 1994 وهي: المغرب وتونس ومصر وموريتانيا والجزائر والأردن و«إسرائيل»، وذلك تحت شعار «محاربة تهديدات محتملة لأعضاء الحلف»، وهذه التهديدات تتلخص بالإرهاب الدولي والهجرة غير الشرعية (اللاجئين) وانتقال المخدرات.
وقد انعقدت قمة لدول الحلف في براغ في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) العام 2002، وذلك بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) الارهابية الإجرامية التي حصلت في الولايات المتحدة، وتم الاتفاق على خطة عمل مشتركة ضد الارهاب الدولي وأنشئت لاحقاً قوة تدخل سريع في عام 2006.
أما المبادرة الثانية الخاصة بدول الشرق الأوسط، فقد انطلقت في حزيران (يونيو) العام 2004 من اسطنبول وسمّيت «مبادرة التعاون الاستراتيجي»، وقد انضمت إليها أربع دول خليجية هي الكويت والإمارات العربية والبحرين وقطر. أما المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان فقد بقيتا خارجها. وتضمنت هذه المبادرة مكافحة الإرهاب الدولي وحماية أمن الحدود والتصدي لانتشار الأسلحة النووية ومجابهة حالات الطوارئ وإدارة الأزمات، وتعزيز التعاون العسكري.
وجاءت مبادرة اسطنبول بعد الحملة الدولية للحرب على الارهاب تلك التي تجسّدت في غزو أفغانستان العام 2001 واحتلال العراق العام 2003، وقد تركا ردود أفعال حادة إقليمياً ودولياً، فلجأ الحلف الى إطلاق هذه المبادرة بخصوص نظرية الأمن الناعم، وذلك عبر التدريب والتأهيل للقوات العسكرية حيث الوجود العسكري الأميركي، وهو ما حاولت الاتفاقية الأمنية العراقية – الأميركية أن تعكسه في العام 2008 بنقل صيغة الاحتلال العسكري الى صيغة احتلال تعاقدي، وهو ما تسعى الى تأكيده وتوظيفه في اتفاقية جديدة بانتهاء العام 2011 أو توقيع عدّة بروتوكولات بين وزارات عراقية ونظيراتها وزارات أميركية، دون الحاجة للذهاب الى البرلمان لإعطاء رأيه بشأنها، خصوصاً إذا ما اتجهنا الى صيغ تنفيذية بين المؤسسات العراقية والأميركية، وذلك دفعاً لأية إشكالات تقود الى مضاعفات قد لا تحمد عقباها، ولعل مثل هذا المخرج لا يزال قيد الدرس بديلاً من اتفاقية جديدة بين بغداد وواشنطن، لا سيما بعد أن خوّلت الكتل السياسية رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي التفاوض باسمها.
لقد شارك بعض دول حلف الناتو في حرب الخليج الثانية ضمن تحالف دولي ضمّ 33 دولة في العام 1991 في إطار عملية تحرير الكويت التي امتدت الى تدمير العراق، كما شارك بعض دوله بفاعلية بفرض الحصار الدولي ونظام العقوبات على العراق (1991-2003)، كجزء من عملية استراتيجية جديدة لنظرية الأمن الناعم.
أما تدخل حلف الناتو في الأزمة الليبية العام 2011 فهو شأن آخر، له علاقة بأوضاع الحاضر والمستقبل، خصوصاً بتوسع مفهوم التدخل في استراتيجيات الحلف، وعلى الرغم من القصف الجوي الذي استمر ما يزيد عن أربعة أشهر، إلا ان الحلف لم يرسل قوات برية حتى الآن، لكن الحديث أخذ يتردد عن احتمال إرسال قوات لحفظ الأمن وضبط النظام.
وإذا عرفنا أن تدخّل الناتو ظل محدوداً ومحدداً بما نصّ عليه ميثاقه الذي اعتبر أي هجوم مسلح ضد أي عضو من أعضائه يعدّ هجوماً على دول الحلف كافة، إلا أن انقضاء عهد الحرب الباردة وتحوّل الصراع الايديولوجي من شكل الى شكل آخر وسّع من المنطقة الجغرافية للحلف، خصوصاً وقد اتخذ الحلف قرارات بخصوص إدارة الأزمات بدلاً من مراقبتها سواءً في منطقة جنوب المتوسط عامة وفي الشرق الأوسط خاصة، وهو ما تقرر في اجتماع روما الذي مهّد له المفهوم الاستراتيجي للحلف العام 1999 والتدخل في كوسوفو وكذلك المفهوم الاستراتيجي الجديد في العام 2010، الأول الخاص بإدارة الأزمات، أما الثاني فقد قام على توسيع البيئة الأمنية خارج دول الناتو التي قد تهدد مصالحه.
وقد استند الحلف في تدخله العسكري الى «مرجعية» إقليمية ودولية للتدخل في الأزمة الليبية، انطلاقاً من قراري مجلس الأمن رقم 1970 و1973، لا سيما باتخاذ عقوبات ضد ليبيا وإحالة الزعيم معمر القذافي الى المحكمة الجنائية الدولية، وإقامة حظر جوي للطيران No Fly Zone، وتساوقاً مع قرار جامعة الدول العربية رقم 7298 بتاريخ 2 آذار (مارس) 2011، الذي طلبت فيه من مجلس الأمن تحمّل مسؤولياته إزاء تدهور الأوضاع في ليبيا. وهو ما قام حلف الناتو باتخاذ إجراءاته للتدخل العسكري، ليس لها علاقة بمبدأ التدخل الإنساني، أو «لأغراض إنسانية». وإذا كان الأخير يستهدف حماية السكان المدنيين خارج دائرة الصراع، فإن التدخل العسكري ضاعف من معاناة السكان المدنيين، الأمر الذي أثار إشكالات قانونية وأخرى عملية.
وقد أدت هذه الاحتدامات السياسية والصراع المسلح لاحقاً الى زيادة الهجرة غير الشرعية للدول الأوروبية وتنامي نشاط تنظيم القاعدة في دول المغرب العربي، وهو ما أشار إليه جيمس ستافريديس قائد قوات حلف الناتو لدى تقديم شهادته أمام مجلس الشيوخ الأميركي. وانعكس ذلك على تهديد أمن الطاقة وانقطاع إمدادات الموارد الحيوية وارتفاع أسعار النفط.
وعلى الرغم من تبدد بعض المخاوف من استمرار ليبيا كدولة موحدة، لا سيما أن بذرة التشظي التي حاول أن يزرعها النظام السابق ظلّت كامنة وقد يحركها التمترس الميداني وحزازات قديمة ومنافسات غير مشروعة، قد تؤدي الى تصدّع الوحدة الليبية أو تفتتتها، ولعل هذا الأمر قد يتماشى مع المخيلة الغربية، خصوصاً بعد تدخل الناتو ومحاولة فرض وصايته بإعادة ولاية برقة (التي كانت تحت الهيمنة البريطانية) وولاية فزّان (التي كانت تحت النفوذ الفرنسي) وولاية طرابلس (التي أقامت بها الولايات المتحدة قاعدة عسكرية) الى نفوذ الناتو على الرغم من وعي المعارضة الليبية ويقظتها، التي كان موقفها موحداً إزاء رفض التدخل الأجنبي الذي يتحمل القذافي ونظامه مسؤوليته بما وصلت اليه الأوضاع، لا سيما إصراره على قمع حركة الاحتجاج ودعوته لمقاتلة الثوار «زنقة زنقة»، وهو الأمر الذي استغله الناتو الذي يستخدم جميع الأوراق تحت خط ماكر هو الأمن الناعم لإدانة وجوده وفرض رؤيته وتأمين مصالحه، ولا يستبعد أن يطالب حلف الناتو الوضع الجديد بالتعويض وبالحصول على امتيازات ومكاسب سياسية وعسكرية واقتصادية، الأمر الذي يحتاج الى تفكر وتدبر ونظرة بعيدة المدى وإرادة سياسية لحماية المصالح الوطنية الليبية، ناهيكم عن ضمان أمن دول المنطقة.
لعل التجربة الليبية للأمن الناعم إذا ما «نجحت» قد تشجع حلف الناتو على الاستمرار فيها أو نقلها الى بلدان أخرى كلما كان ذلك ممكناً!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر التي في خاطري
- البوعزيزي وسيدي بوزيد وبحر الزيتون
- التزوير «القانوني» وكاتم الصوت العراقي
- ما بعد كركوك.. هل جنوب السودان نموذج؟!
- صالح جبر وسعد صالح : التاريخ وصداقة الأضداد
- دولة فلسطين واعتراف الأمم المتحدة
- الربيع العربي واستنساخ التجارب!
- القوى المخلوعة والمحافظة تهدد الثورة .. وحذار من التصدع!
- في نظرية التفكيك العراقية!
- سياسيون بلا سياسة في العراق!
- الربيع العربي والهواجس المراوغة
- الشباب وفن الانتفاضة: خريف الآيديولوجيا وربيع السياسة!
- شروط أوباما الفلسطينية
- إقليم السنّة العراقي: التباس التاريخ
- ديناميكية مغربية
- حين تصبح العدالة ميداناً للصراع الدولي!
- منهج ماركس لا يزال صحيحاً لكنه لا يصلح لنا الآن
- الربيع العربي وحرية التعبير
- التسامح والرمز
- هل تتقطّع خيوط واشنطن في بغداد؟ التعويضات ومعسكر أشرف


المزيد.....




- مطاردة بسرعات عالية ورضيع بالسيارة.. شاهد مصير المشتبه به وك ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة اختارت الحرب ووضع ...
- الشرطة الأسترالية تعتقل 7 مراهقين متطرفين على صلة بطعن أسقف ...
- انتقادات لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريحات -مع ...
- انهيار سقف مدرسة جزائرية يخلف 6 ضحايا وتساؤلات حول الأسباب
- محملا بـ 60 كغ من الشاورما.. الرئيس الألماني يزور تركيا
- هل أججت نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا مظاهرات الجامعات في أ ...
- مصدر في حماس: السنوار ليس معزولًا في الأنفاق ويمارس عمله كقا ...
- الكشف عن تطوير سلاح جديد.. تعاون ألماني بريطاني في مجالي الأ ...
- ماذا وراء الاحتجاجات الطلابية ضد حرب غزة في جامعات أمريكية؟ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ليبيا: احتلال بالتعاقد أم الأمن الناعم؟