أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - سياسيون بلا سياسة في العراق!















المزيد.....

سياسيون بلا سياسة في العراق!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3434 - 2011 / 7 / 22 - 17:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


درجنا على تعريف السياسة باعتبارها "فن الممكن" تعبيراً عن الواقعية السياسية والبراغماتية، بمعنى أنها "صراع واتفاق مصالح"، ولكننا حين نتحدث عنها بوصفها علماً، أي إدارة وتدبيراً وتنظيماً، سنقصد بها "علم إدارة الدولة"، ولكنها من جهة أخرى عملية خلق غير محصورة في مجموعة معيّنة من الناس في المجتمع، بل إنها تشمل المجتمع برمته أو جميع الناس. ولعل هذا المفهوم يعود إلى الفيلسوف اليوناني أرسطو طاليس، الذي اعتبر السياسة نشاطاً إنسانياً بهدف تحقيق المصالح والمنافع العامة والمشتركة، ولذلك لا يمكن حصرها في نشاط السلطة السياسية، بل تتجاوزها إلى ما يطلق عليه الفيلسوف الألماني هابرماز الفضاء العام، لكن السياسة في العراق جرى "تأميمها" لنحو ثلاثة عقود من الزمان واعتبرت حكراً على مجموعة صغيرة، تقلّصت بالتدريج، ولا سيما حين ذابت الهوامش المتبقية من حرية التعبير والحق في التنظيم والحق في المشاركة في ظل النظام الشمولي، وتمركزت السلطات جميعها في يد شخص واحد مطلق الصلاحيات، وكاد العراقيون أن ينسوا السياسة والعمل السياسي. وإذا كانت أبواب السياسة قد انفتحت، لكن صاحبتها فوضى غير معهودة، بل منفلتة من عقالها، حيث انخرطت فئات وطوائف وأديان وعشائر وعائلات ومناطق وأحزاب وشخصيات في أتون العمل السياسي والمدني، الأمر الذي دفع بالحيتان الكبيرة، لابتلاع الأسماك الصغيرة، خصوصاً في ظل نظام المحاصصات الطائفية والإثنية الذي وضعه بول بريمر الحاكم المدني الأمريكي في العراق "أيار (مايو) 2003 - حزيران (يونيو) 2004" في مجلس الحكم الانتقالي، والذي لم يشف العراق منه على الرغم من مرور ثماني سنوات وإجراء انتخابات مرتين، لكنها أعادت إنتاج ما هو منتج، ولا سيما في ظل قانون انتخابات رديء. وتحوّلت السياسة من منافسة مشروعة بين القوى والكتل والأحزاب والشخصيات في البرامج والممارسات لتقديم الأفضل والأحسن للمواطن، إلى توزيع للمناصب والمسؤوليات والمكاسب دون أي إحساس بمعاناة الناس المكتوين بالإرهاب والعنف وشحّ الخدمات، ولا سيما الكهرباء والماء الصافي والنقص الفادح في قطاعات الصحة والتعليم وتفشي البطالة، ناهيكم عن استشراء ظاهرة الفساد المالي والإداري، بما فيها تزوير الشهادات، التي اضطر البرلمان إلى اقتراح مشروع قانون للعفو عنها لكثرة عدد المزوّرين. ولعله بسبب غياب السياسة، لم يتوصل السياسيون إلى اتفاق بشأن تشكيل نهائي للوزارة، على الرغم من انقضاء نحو عام وأربعة أشهر على الانتخابات البرلمانية الأخيرة "آذار (مارس) 2010"، تلك الانتخابات التي كانت نتائجها الأكثر إثارة للجدل في تاريخ العالم، وحتى بعد تشكيلها ظلّت الوزارات الأمنية (الدفاع والداخلية والأمن الوطني) شاغرة. وكانت المعركة قد بدأت بما سمّي بالاجتثاث ولم تنته بوقف تطبيق القانون بحق عدد من المجتثين، بل تعيينهم بمناصب رفيعة، ثم انتقلت إلى حسم الأصوات الانتخابية وبعدها اتجهت إلى تحديد القائمة الفائزة أو الكتلة الفائزة، وحتى عندما قضت المحكمة الاتحادية بأن الكتلة الفائزة في البرلمان هي غير القائمة التي حصلت على أعلى المقاعد، احتجّ الآخرون ونددوا بتسييس القضاء، مثلما احتجّ خصومهم عندما تم تأجيل البت في قضايا المجتثين إلى ما بعد الانتخابات، وهلل الذين صدر القرار لمصلتحهم بنزاهة القضاء العراقي، ولكن عندما أعادت المحكمة قرارها بتأكيد شمول البعض بالاجتثاث، عاد التنديد والاتهام إلى القضاء غير المستقل والموجّه من طرف متسيّد في الحكومة. لعل عنصراً جديداً للأزمة العراقية، دخل بعد اتفاق أربيل، ونعني به مجلس السياسات الاستراتيجية، الذي قيل إنه صيغ أو فُصّل لترضية الدكتور أياد علاوي رئيس القائمة العراقية، الذي خسر منصب رئيس الوزراء، وطلب في وقت متأخر منصب رئاسة الجمهورية، الذي سارع أمام جلال الطالباني لإملائه قبل فوات الأوان، فتم إيجاد منصب مواز للمنصب الأول، وهو منصب لا يريده بروتوكولياً مثل الثاني، على الرغم من أن ذلك يتعارض مع الدستور. وإذا كان السياسيون العراقيون يبذلون كثيرا من الوقت والجهد للحصول على المواقع لجهة قوائمهم أو أحزابهم، أو باسم طوائفهم أو مذاهبهم أحياناً، فإن القليل منهم يصرف ما كان يمكن ادّخاره من قوى الصراع العبثي على السلطة، من أجل حل مشاكل البلد المستعصية، ولا سيما الاحتياجات الحياتية والخدمية والأمنية للمواطنين، الذين باتوا بلا طموحات كبرى أو أحلام وردية تلك التي وعدوا بها. ولعلّ الحكومة التي تم تشكيلها بعد جهد جهيد في كانون الأول (ديسمبر) 2010 لا تزال تتحدث عن مشاريع وخطط ومساءلات دون أن تقدّم شيئاً ملموساً وضرورياً على هذا الصعيد، ولا سيما بعد الاحتجاجات والتظاهرات في ساحة التحرير في بغداد وغيرها من المدن العراقية، وقد انتهت مدة الـ 100 يوم التي حددها رئيس الوزراء دون إحراز شيء يُذكر، وظلّ المشهد السياسي محتدماً، حول المناصب الوزارية، كما أن فراغ الوزارات الأمنية لا يزال معضلة وكأنها مستعصية الحل، وينتظر البرلمان مناقشة تشريعات ومشاريع قوانين مكدّسة، في حين فشل في الدورة الماضية في تعديل الدستور، حين تم تحديد فترة أربعة أشهر بعد انعقاد أول جلسة له، وانتهت نيّف وأربع سنوات وأعقبها أكثر من عام وأربعة أشهر ولا يزال الوضع على حاله دون حل، وتنتظر نحو 50 مادة لسنّ قانون بموجبها كي تصبح نافذة، لكن الوقت يمضي، والدستور على رغم الكثير من الألغام التي احتواها، لا يزال معلقاً بحكم تعويمه وعدم إنجاز مشاريع القوانين وإقرارها سوى تلك التي جاءت عليه مواده. وكان لاندلاع التظاهرات والمواجهات التي شهدتها ساحة التحرير أن ازدادت حدّة الصراع بين القوى المتنافسة، حيث كان كل فريق يريد إلقاء اللوم على خصمه، وأسهمت في استقالة محافظين وتوترات جديدة بين الحكومة الاتحادية ومجالس المحافظات، وكذلك احتكاكات جديدة بسبب دعوة رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي من واشنطن، إقامة إقليم للسنة أو انفصاله، معبّراً عن هموم ومشاعر السنّة بالإقصاء والتهميش، وكذلك ردّ رئيس الوزراء العراقي الغاضب، الأمر الذي أثار استياء حكومة إقليم كردستان وكذلك رئيس الإقليم مسعود البارزاني، الذي اعتبر مطالبة النجيفي حقاً مكفولاً دستورياً، مع عدم نسيان التنديد بمخالفة أحكام الدستور، في إشارة إلى تصريحات رئيس الوزراء العراقي. ولم يكن الأمر بعيداً عن حالة الترقب بشأن مستقبل القوات الأمريكية في العراق لجميع القوى، باستثناء حكومة إقليم كردستان التي عبّرت على نحو صريح وواضح تأييدها بقاء القوات الأمريكية في العراق ورغبتها في توقيع اتفاقية جديدة بعد انتهاء مفعول الاتفاقية العراقية - الأمريكية الموقعة في عام 2008 في نهاية عام 2011. وإذا كان موقف جماعة مقتدى الصدر واضحاً برفض بقاء القوات الأمريكية في العراق، فإن بقية القوى بما فيها القائمة العراقية والتحالف الوطني العراقي وضمنه دولة القانون ظلّت مواقفها عائمة، وإن كان الاعتقاد السائد أن القوى جميعها، ترغب في بقاء القوات الأمريكية في العراق، لأن ذلك يتعلق بمصيرها ومستقبلها، الأمر الذي حاول روبرت جيتس وزير الدفاع الأمريكي السابق، وخلفه ليون بانيتا الذي زار العراق أخيرا التلويح برغبة واشنطن في بقاء قواتها في العراق، وأن على العراقيين الاستعجال في طلب ذلك. لا أدري كيف يستطيع السياسيون وهم في خضم الصراع الماراثوني غير العقلاني وغياب وحدة الإرادة والعمل في حكومة سمّيت بالشراكة الوطنية، يتباعد أطرافها لدرجة التشتت ويتربص أحدهم بالآخر حد الإتهام، أن يعالجوا مشكلات البلد، خصوصاً وهم مستغرقون بتوزيع المناصب؟ ثم كيف ستنفذ الوعود الاقتصادية المعسولة التي سمع عنها المواطن طيلة ثمان سنوات بعد انتظار لمدة زادت على ربع قرن من الحروب والحصار والدكتاتورية، ثم الاحتلال والفساد والطائفية وملحقاتها من المحاصصة والإرهاب والعنف وغياب وضعف مرجعية الدولة؟ وإذا كان حراكاً سياسياً واجتماعياً بدأ في العراق منذ الاحتلال، على الرغم من محاولات التضييق على حرية التعبير وتدهور الوضع الأمني والاغتيالات الجديدة للعلماء والأكاديميين، لكن السياسيين لا زالوا بعيدين عن فعل التأثير الإيجابي، وفي الغالب فهم يعملون دون عدّة، أي دون سياسة، الأمر سيعاظم احتمالات تفاقم الوضع، لا سيما عشية التوقيع على اتفاقية عراقية ــــ أمريكية جديدة، أو الالتفاف على التسمية، بتوقيع بروتوكولات بين بعض الوزارات العراقية ومثيلاتها الأمريكية، دون إمرار ذلك على البرلمان، وهو أحد الاحتمالات المطروحة حالياً. أيكون مجانبة للحقيقة حين يتم القول إن السياسيين في العراق بلا سياسة!!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الربيع العربي والهواجس المراوغة
- الشباب وفن الانتفاضة: خريف الآيديولوجيا وربيع السياسة!
- شروط أوباما الفلسطينية
- إقليم السنّة العراقي: التباس التاريخ
- ديناميكية مغربية
- حين تصبح العدالة ميداناً للصراع الدولي!
- منهج ماركس لا يزال صحيحاً لكنه لا يصلح لنا الآن
- الربيع العربي وحرية التعبير
- التسامح والرمز
- هل تتقطّع خيوط واشنطن في بغداد؟ التعويضات ومعسكر أشرف
- ثلاثة ألغام أمريكية جديدة في العراق
- عبد الكريم الأزري: المشكلة والاستعصاء في التاريخ العراقي
- السلام يُصنع في العقول
- كوبا الحلم الغامض- كتاب جديد
- فقه التجديد والاجتهاد في النص الديني
- الشاعر أحمد الصافي.. التمرّد والاغتراب والوفاء للشعر
- قانون التغيير وتغيير القانون
- في العقول يبنى السلام وفي العقول يتم القضاء على العنف
- فصل جديد من الدبلوماسية الأمريكية
- سعد صالح.. سياسي كان يسيل من قلمه حبر الأدب


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - سياسيون بلا سياسة في العراق!