أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - علي فرزات يهز عرش الاستبداد















المزيد.....

علي فرزات يهز عرش الاستبداد


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3476 - 2011 / 9 / 3 - 23:30
المحور: الادب والفن
    



فن الكاريكاتيربعد ثورة الاتصالات

دور كبير ورسالة كبرى


إبراهيم اليوسف


بعيداً عن التوغل في تتبع تعريفات فن الكاريكاتير، الكثيرة، فإنه يمكن الاستخلاص إلى أحدها، طبقاً للترجمة الإيطالية لكلمة"cariare التي تعني المبالغة، ويقابلها في الإنكليزية اللفظ المشتق منها"caricature” *. وإذا كان المصطلح قد أطلق في العام1646 من قبل موسيني، فإنه يشار-وفق ذاكرة محرك البحث غوغل-إلى أن هذا المصطلح قد احتاج إلى حوالي عقدين من الزمان، كي يتعرف عليه المجتمع الفرنسي، ويتم انتشاره ضمن دائرته، بشكل واضح، ولتنداح الدئرة بأكثر، فيغدو لغة عالمية، ما من أحد على وجه البسيطة من لايعرف أبجديتها،أو يعيا عن فك رموزها، وشفراتها الواضحة، بل لتتطورهذه اللغة، وتزداد حروف أبجديتها، على شكل خطوط، لا أمياً أمامها البتة..!

وإذا كان الحديث-هنا- عن تبلور مصطلح الكاريكاتير، تبعاً لدورة الزمان، فإن الفن الكاريكاتيري، قد سبق تبلور مصطلحه بقرون، حيث كان معروفاً في الحضارات البشرية الأولى، سواء أكان ذلك عند اليونانيين أو عند الآشوريين أوالمصريين، إذ يشارإلى وجود رسوم كاريكاتيرية منذ العام 1250 ق م، في عصور الرعامسة-وفق الذاكرة الغوغلية نفسها- وثمة من عزا أسباب اعتماد هذه الرسوم لدى المصريين، إلى وجود "خلل ما في العلاقة بين الحاكم والمحكوم".

ومادام أن الكاريكاتير قد انصرف في بداياته، الأولى، ومنذ أن كان يحبو، للتركيز على وجود "هوَّة بين عالمي السلطة السياسية العليا، والعامة من الناس"***، فإنه لم يتوان البتة عن أداء مهمات أخرى له، ومنها تناول قضايا اجتماعية عامة، إذ روى المؤرخ بلنيوس أن المثَّالين اليونانيين" بوبالوس وأنتيس" صنعا تمثالاً للشاعر الدميم ايبوناكس، وكان هذا التمثال يثير ضحك كل من ينظر إليه، ما استفز الشاعر ايبوناكس، ودفعه لهجائهما في قصيدة كانت سبباً في انتحارهما..!.



وتشير الدراسات إلى أن الرسوم الكاريكاتيرية الأولى كانت قد حفرت على الحجارة، أو الفخار، وكان في لجوء الفنان المصري لرسمها على مثل هاتين الأداتين، سبباً في الحفاظ عليها، جيلاً بعد جيل، من دون أن تتلف، أو تضيع، لاسيما وإنها حفظت في المعابد، والمقابر، وأسبغت عليها الصفة الميثولوجية.

كما وتشير الدراسات الفنية، نفسها**، إلى مدارس عديدة، للكاريكاتير، منها" المدرسة الأوربية الشرقية"، وهي أنها تصب على الاهتمام ب" تفصيلات الرسم" من دون اللجوء إلى التعليقات"، بعكس المدرسة الأوربية الغربية التي يقترن فيها" الرسم التخطيطي" ب" النكتة"، مركزة على عملية الإيصال، ربما بأكثر من غيرها، بيد أن المدرسة الأمريكية-كما ترى هذه المراجع-تركز على "الجمع بين تين المدرستين السابقتين"،من دون إغفال عنصر الحوار،وهوما كان قد استحوذ اهتمام الفنان العلي.

وعلى هذا النحو، فقد نشأ فن الكاريكاتير، جنباً إلى جنب مع فن الرسم، ليشق طريقه الخاص، لاسيما بعد أن أسس لنفسه لغته الخاصة، حيث باتت أبجديته تتوسع،كي تصبح لغة عالمية، شأن لغة الرسم ، بل إنه يكاد يتفوق عليه، على اعتباره الأقرب إلى المتلقي، لاسيما وأن استعانة، واحتضان الصحافة الورقية، للكاريكاتير، منذ وقت مبكر من عمرها، قد فتحت أمامه الآفاق، ووسعت من دائرة الاهتمام به، فانتشرت لغته، وباتت بعض الرسوم الشهيرة، راسخة في ذاكرة الناس، وبخاصة تلك التي تتناول قضايا مهمة، تتعلق بتفاصيل حيواتهم اليومية، بعد أن اتسع البون، بين الشرائح الاجتماعية والنخب الحاكمة،في الكثير من بلدان العالم، وهو ما جعل هذا الفن مستقطباً لمليارات الناس، على وجه البسيطة، وليس أدلَّ على هذا من قول الشاعر الكبير محمود درويش-الذي تصادف ذكرى رحيله الثالثة هذه الأيام- عن صديقه الفنان الكاريكاتيري الفلسطيني ناجي العلي" الذي تحل الذكرى الرابعة والعشرين، لاستشهاده-أيضاً- في هذه الأيام" أنه تعود على فتح جريدة الصباح، من الصفحة الأخيرة، الصفحة التي كانت تحتضن رسوم العلي، وإن كانت رسومه،هذه، ستتسبب في نشوء خلاف بين هذين المبدعين، لم يمنع درويش من رثاء صديقه على نحو جد مؤثر، بعيد استشهاده، صديقه الذي هو" مثل الرادار يرصد الخطأ"، على حد تعبيره، حيث كان قال أيضاً: "أغبطه كل صباح، أو قل إنه هو الذي صار يحدد مناخ صباحي، كأنه فنجان القهوة الأول يلتقط جوهر الساعة الرابعة والعشرين، وعصارتها فيدلني علي اتجاه بوصلة المأساة وحركة الألم الجديد الذي سيعيد طعن قلبي، خط، خطان، ثلاثة ويعطينا مفكرة الوجع البشري، مخيف ورائع هذا الصعلوك الذي يصطاد الحقيقة بمهارة نادرة، كأنه يعيد انتصار الضحية في أوج ذبحها وصمتها، إنه الحدس العظيم والتجربة المأساوية، فلسطيني واسع القلب، ضيق المكان سريع الصراخ، وطافح بالطعنات وفي صحته تحولات المخيم. وكان أن رسم العلي لوحة كاريكاتيرية عن درويش، بعنوان" لايحق للشاعر ما لايحق لغيره، منتقداً فيه أحد مواقفه السياسية، آنذاك.

ويعود الفضل في رسم الكاريكاتير، وكتابة التعليقات الكاريكاتيريةإلى يعقوب صنوع****،حيث أصدر جريدة ساخرة هي" أبو نضارة"، لتنشأ في ما بعد نواة فن كاريكاتيري عربي، باتت ملامحه وهويته تظهران على نحو جلي، قد برزعدد من الفنانين الكبار ومنهم: أسامة حجاج-فلسطين ومؤيد نعمة –العراق و مصطفى حسين وبهجت عثمان –مصر ورشيد حسين –السعوديةوعبدالسلام الهليل-السعودية وعلي فرزات وعبدالهادي الشماع وياسر عبد الله ونور الكردي -سوريا وعبد العزيز العدوان-السعوديةوعدنان عباس-العراق وغيرهم كثيرون جداً.


وطبيعي، إن الفن الكاريكاتيري، قد أصبح الآن أكثر انتشاراً،ليغدو أشبه بالرغيف والهواء، بالنسبة لمتابعيه،لاسيما بعد ثورة الاتصالات الهائلة التي يشهدها العالم، فقد باتت هناك مواقع إلكترونية، خاصة، تقدم لوحات الكاريكاتير، وفي إمكانها استقطاب أعداد هائلة من الزوار، وقد نشرت وكالات الأنباءخبراً مفاده: إن الموقع الإلكتروني الخاص للفنان السوري العالمي علي فرزات، قد توقف أمس الأول، وذلك بعيد الاعتداء عليه، بسبب مواقفه من حمام الدم في بلده، ما أدى إلى خطفه، وضربه، وكسرأصابعه ويده، بطريقة مشينة، كما تم حلق لحيته وشاربيه، إمعاناً في إهانته، ثم تم رميه في مكان بعيد، لتكون لهؤلاء المعتدين عليه، رسالة لكل مثقف صاحب رأي، لاسيما وأن ذلك تم عشية استذكار الفنان الشهيد ناجي العلي في ذكراه الرابعة والعشرين.

ولعل الفنان علي فرزات"1951"، أحد هؤلاء الفنانين الكبار، ممن شغلت لوحاتهم الناس، وتحولت إلى خبز ونسغ حقيقيين لهم، فقد آل على نفسه أن يكون لسان حال المضطهدين، والمقهورين، من دون أن ينصرف عن تناول القضايا الكبرى، وقد استطاع -عبرعلاقاته الشخصية- الحصول على أول ترخيص لأولى صحيفة ورقيةفي سوريا، في العام2000، بعد أن تم تأميم الصحافة السورية، ومنع إصدار أية صحيفة خاصة منذ انقلاب العام1963، ما عدا الصحف السورية الثلاث" تشرين-الثورة-البعث"، ولم تخف صحيفته" الدومري" وهو موقد الفوانيس ليلاً، باللهجة الدمشقية، وهو مأخوذ من كلمة" الضوء"، وقد حاول ترجمة اسم الصحيفة، متجاوزاً ما كان موجوداً من " خطوط حمراء" ،إذراح ينقد بعض" أصحاب الرؤوس الكبيرة"-بحسب لغة الأديب السوري الراحل د. عبدالسلام العجيلي،إلاأنه تم منع جريدته من التوزيع في العام2003، وسحبت الرخصة المعطاة له-استثنائياً- نتيجة قربه" آنذاك" من الرئيس السوري الشاب د. بشار الأسد، ولقد رفع الفنان فرزات من وتيرة موقفه سواء أكان عبر رسومه الصريحة، واقفاً مع الثورة السورية، أو عبر اللقاءات التلفزيونية، رافضاً الحل الأمني، مواصلاً فضح آلة الفساد.

كان فرزات قد تعرض لحملة تشهيرفي العام2004، في صحيفة تشرين التي كان يعمل بها،إذ تم نشر مادة عنه في صفحتين كاملتين بعنوان" باع الدم ودموع الأطفال"، مع أن الصحيفة اعتمدت في إساءته إلى رسوم له، نشرت في 1991، وكررت نشرها الصحف التي نشرتها، لأول مرة، وهذا من حقها، أثناء حرب الخليج الثالثة،وكان قد تم التضييق عليه قبل ذلك إثر نشره رسوماًعن صدام حسين، وهويقف أمام" قدر" كبير، يغرف بملعقة كبيرة الرتب والنياشين، ومع بدء الثورة السورية، كرس فرزات ريشته لخدمة الثورة، إلا أنه تعرض لعملية الخطف تلك، وهو ما يذكر بالاعتداء على مواطنه الفنان" إبراهيم قاشوش"" ابن حماه" الذي تم استئصال حنجرته، وذبحه ورميه في مياه نهر العاصي. هاتان الحادثتان هما تكرار للاعتداء على المغني فيكتورجارا، الذي تم بترأصابعه، وأطرافه، وحنجرته، بإشراف الضابط ماريوباتريكيس، إثر انقلاب بينوشيت،وهو يغني للثورة المؤودة، ولتشيلي، عقاباً له، على أنه كان مغني الثورة، وقتل بعد أن تم تعذيبه بوحشية، في أحد الملاعب الرياضية، مع آخرين،، لترمى جثته في أحد شوارع سانتياغو.

تأسيساً على ماسبق، فإن للوحة الكاريكاتيرية دوراً كبيراً في الحياة اليومية، وحياة الشعوب، وهي أداة للدفاع عن المظلومين والمضطهدين، كما أنها تقضُّ مضاجع الدكتاتوريات، أينما كانوا، لذلك، فهم يعمدون على مواجهة الفنانين أصحاب الموقف، بكل ضراوة، مادامت اللوحة الكاريكاتيرية، تهز عرش الاستبداد، أينما كان، إذا توافرذلك الفنان، الأصيل، الشهم، الوفي لتراب الوطن، ووجوه أهله، وصاحب الموقف والرؤية الواضحة.






*حياة الفنان ناجي العلي
مقالات عديدة حول الفنان علي فرزات



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هنا دمشق-2-
- كيف يُكتب الشعر؟
- بين جمعتين: جامعة وجامع ودماء-6-
- هنا دمشق-1-
- متعدِّدو المواهب
- اصطياد القصيدة
- مثقفون وناشطون سوريون يهنئون ثوار ليبيا البطلة بإسقاط نظام ا ...
- المواهب الجديدة بين الرعاية والإقصاء
- خطاب السقوط
- الإصدار الإبداعي الأول والولادة الطبيعية
- كتاب تركوا أثرهم وانقطعوا عن الكتابة
- اللاذقية
- إمبراطورية الحفيد الأكبر
- من يكسر شرنقة الصمت؟
- محمود درويش بعد ثلاث سنوات على غيابه:لايريد لحياته ولقصيدته ...
- بهلوانيَّات جاهلية :ردَّاً على ترَّهات رشاد أبي شاور
- رئيس منظمة حقوق الإنسان في سوريا – ماف (إبراهيم اليوسف): الج ...
- عبود سلمان يعمد عرائسه في نهر الفرات
- دموع -السيد الرئيس-
- في عيده السادسة والستين: الجيش السوري- على مفترق الطرق-


المزيد.....




- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
- الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...
- تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...
- ليبيا.. إطلاق فعاليات بنغازي -عاصمة الثقافة الإسلامية- عام 2 ...
- حقق إيرادات عالية… مشاهدة فيلم السرب 2024 كامل بطولة أحمد ال ...
- بالكوفية.. مغن سويدي يتحدى قوانين أشهر مسابقة غناء
- الحكم بالسجن على المخرج الإيراني محمد رسولوف
- نقيب صحفيي مصر: حرية الصحافة هي المخرج من الأزمة التي نعيشها ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - علي فرزات يهز عرش الاستبداد