أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - اصطياد القصيدة














المزيد.....

اصطياد القصيدة


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3471 - 2011 / 8 / 29 - 15:55
المحور: الادب والفن
    


لا يزال الحديث عن لحظة كتابة القصيدة، مدارومحور نقاشات كتاب ونقاد كثيرين، وكأن الموضوع لا يستنفد البتة، حيث تتباين الآراء من قبل الشعراء أنفسهم، كما تتباين آراء النقاد في المجال نفسه، لاسيما وإذا عدنا إلى تقصي حالة الشاعرأثناء لحظة كتابة القصيدة، حيث ثمة آراء جدّ مختلفة، تتراوح بين واجد أن القصيدة تولد على شكل عفوي، نتيجة مخاض مفاجىء، مقابل من سيجد أن القصيدة عبارة عن نتاج صناعة محددة، وأن الشاعر قادر على كتابة قصيدته في أية لحظة يشاء.

ويرى متابع سير الشعراء، أن الشاعر قد يكون عاجزاً –في حالات كثيرة- عن توصيف حالة ولادة قصيدته، بالرغم من أنه الأقرب إليها، لأنها قصيدته هو، إلا أن ما يرويه-عادة- عن كيفية هذه الولادة، قد يفيد دارس تجربته، في الاهتداء إلى حالة اكتمال القصيدة، وهي تأخذ ملامح روحه، ورؤاه، قبل ظهور هذه القصيدة، لتكون بين أيدي المتلقين.

لابد من الإشارة، إلى أن القصيدة تكون نتاج حالة " اختمار" داخلي، في نفس الشاعر، تمتد، بل ترتد، منذ لحظته الإبداعية، حتى بدايات وعيه، وما يتضمن هذا الشريط الزماني، من تأثيرات هائلة، سواء أكانت على صعيد التجربة، أو على صعيد عوالق الذاكرة، أو علائق الحياة اليومية، وما يترسخ، يوماً بعد يوم، من تراكمات هائلة، تتواشج مع اللغة، وتجد فيها أداة للتعبير، كي تمارس الذائقة الخاصة لدى المبدع دورها، وتتدخل حتى في بنية معمار النص، كي يظهر طافحاً برائحة أصابع الشاعر، نفسه، ومجسداً خصوصيته، في زحمة الأصوات المماثلة.

إن هذه الحالة، المشار إليها، لا يمكن توصيفها، مخبرياً، بهذه البساطة، مهما تم الإمعان في التحليل، أو وضع النص، تحت المجهر النقدي، لقراءة ألوانه، وخطوطه العريضة، أو الدقيقة، وغير ذلك من الملامح الضرورية التي لا بد منها،لأن هناك-على الدوام- ما يبقى عصياً على التوصيف، فلا يمكن الرهان على الإمساك به البتة، وهذا ما يجعلنا، أثناء الحديث، عن طبيعة الإبداع، بشكل عام، والشعر بشكل خاص، أمام عالم لايمكن سبره، كاملاً، بل أمام منظومة أسرار، لن نفلح في فكَّ رموزها، وربما طلاسمها، وهذا نفسه، ما يجعل الإبداع، حالة جد مختلفة، لن يستطيع أي ناقد مقاربتها، على نحو كامل.

وإذا كان هناك، ثمة شاعر، يؤكد أنه قادر على كتابة القصيدة التي يريد، وفق مخطط مسبق يضعه، في أي موضوع مطلوب، وضمن زمان ومكان محددين، فإن هناك شاعراً، قد لايستطيع فعل ذلك، البتة، لاسيما بخصوص ما هو مطلوب منه، وفق مواصفات خاصة، وأنه لايستطيع التحكم بتحديد زمان ومكان ولادة نصه، ولا بتوصيف ماهية هذا النص، كما أنه لا يستطيع أن يشخص العلامات الفارقة لنصه، قبل ولادته، ولا يستطيع إخضاعه لأي شرط مسبق، فإن حالة كلا الشاعرين، صادقة، وصحيحة، لأننا نكون-هنا-أمام قصيدتين، إحداهما قصيدة الصنعة، والأخرى القصيدة الإبداعية، وإن كان في إمكان شاعرالصناعة ، إنتاج نص يحمل الكثيرمما يشبه القصيدة الإبداعية، إلا أن قصيدته، تفتقد للنبض، والروح، بل: الشعر، تحديداً، وقد أفلح الكثير من الدارسين في توصيف المفارقة، بأن تحدثوا عن مثال قريب، وبسيط، ومشخصن، عندما رأوا أن الوردة الاصطناعية، تشبه إلى حد بعيد الوردة الحقيقية، إلى درجة اللبس، إلا أن هناك فرقاً كبيراً يظل بينهما، يتعلق بالروح، والعطر، والحياة، هذه الثلاثية التي يفتقدها كل ما هو صناعي.
ومن هنا، فإن لحظة كتابة القصيدة، هي التي تفرض نفسها، على الشاعر الحق، على نحو مباغت، من دون أن يكون فاعلاً، في تلك اللحظة، بمعنى ممارسة السلطة على ما يجري له، بل يتحول-في الحقيقة-إلى ناقل لمجمل التفاعلات والحرائق التي تتم في داخله، وهو يقودها إلى أوراقه، أو شاشة حاسوبه، كي نكون أمام قصيدة بشكل الحياة الجميلة، قصيدة تشبه روح الشاعر، ورؤاه، وتعكسهما في تضاريس و عوالم من الصور والمفردات والأخيلة، والدهشات، التي تشكل بناء هذا الكائن الاستثنائي، غير المكرر، ما دام أنه الإبداع.

[email protected]



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مثقفون وناشطون سوريون يهنئون ثوار ليبيا البطلة بإسقاط نظام ا ...
- المواهب الجديدة بين الرعاية والإقصاء
- خطاب السقوط
- الإصدار الإبداعي الأول والولادة الطبيعية
- كتاب تركوا أثرهم وانقطعوا عن الكتابة
- اللاذقية
- إمبراطورية الحفيد الأكبر
- من يكسر شرنقة الصمت؟
- محمود درويش بعد ثلاث سنوات على غيابه:لايريد لحياته ولقصيدته ...
- بهلوانيَّات جاهلية :ردَّاً على ترَّهات رشاد أبي شاور
- رئيس منظمة حقوق الإنسان في سوريا – ماف (إبراهيم اليوسف): الج ...
- عبود سلمان يعمد عرائسه في نهر الفرات
- دموع -السيد الرئيس-
- في عيده السادسة والستين: الجيش السوري- على مفترق الطرق-
- بين جمعتين: جامعة وجامع ودماء-5-
- زمكانية الكلمة
- مالم يقله الشاعر
- طاحونة الاستبداد:وفيصل القاسم: من نصف الحقيقة إلى تزويرها:
- هجاءُ الخطابِ الأنويِّ
- الحوار تحت -درجة الصفر-:رداً على تخرُّصات رشاد أبي شاور وآخر ...


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - اصطياد القصيدة