أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - هو.. والزعيم (2-4)















المزيد.....


هو.. والزعيم (2-4)


عقيل الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3471 - 2011 / 8 / 29 - 15:05
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


هو.. والزعيم (2-4)
بمناسبة مئوية العالم عبد الجبار عبد الله.
عقيل الناصري
وهذا ما كانت تمارسه القوى الاجتماعية والأحزاب السياسية طيلة العراق المعاصر وبمختلف حقبه الزمنية، حيث تارة يتصاعد وفي أخرى يخمد مؤقتاً وفي ثالثة يحتدم الصراع والتناقض بين نفس المكونات الديمقراطية، أو/و بينها وبين السلطات المختلفة، أو/و بينها وبين القوى الاجتماعية الأخرى غير المؤمنة بالتداول السلمي وتبني الديمقراطية عامةً والاجتماعية على وجه الخصوص. وقد تجددت آليات هذا النزوع النضالي الاستقلالي في زمن الجمهورية الثالثة على ضوء ما ترتب من أوضاع الاحتلال الأجنبي وتنافر المصالح وتضاربها سواءً للمكونات الداخلية، أو بينها وقوى الاحتلال ومشاريعه اللاحقة للعراق والمنطقة. إذ لا تزال موضوعة الديمقراطية وتقويمها وتطويرها تمثل أحد المهام الأراسية لهذه القوى الاجتماعية، التي كان لها السبق التاريخي في الدعوة الحقيقة لتعميق هذا البعد. هنا نتذكر ونشير بقوة التاريخ إلى:
- تلكم الشخصيات اللبرالية والتي لعبت دور التنوير منذ أواخر العهد العثماني وتصدت للكثير من المفاهيم والرؤى الساكنة لواقع الحياة المتغيرة؛
- كذلك الرواد الأوائل للفكر المساواتي (الاشتراكي) وما لعبوه من دور تثويري في إدخال المفاهيم الجديدة وخاصةً المادية منها، إلى عقول الفئات الاجتماعية الحديثة (الانتلجنسيا، والطلبة والطبقة الوليدة الناشئة- العمال)، وبمختلف السبل ، حتى أسست اللبنات المادية الأولى لقوى التغيير الاجتماعي والراديكالية على وجه الخصوص؛
- الوطنيون العراقيون وما أسسوا له من مدارس فكرية انطلقت من الفئات التجارية القروسطية المتنورة وبعض الشخصيات من القوى التقليدية، وكذلك بعض من ضباط الجيش. وكان خير من يمثلهم (مدرسة إن جاز التعبير) الحزب الوطني برئاسة محمد جعفر أبو التمن، ومن ثم جماعة الأهالي ولاحقا الحزب الوطني الديمقراطي؛
- القوى الاشتراكية الراديكالية من تنظيمات ماركسية ومن ثم الحزب الشيوعي، والفئات المتأثرة بأفكاره أو بعض من جوانب نظريته العلمية أو القريبة منه فكرياً: كحزب الشعب والاتحاد الوطني وجمعية الرابطة الثقافية والمنظمات الثقافية الأخرى التي أخذت تبث الروح الديمقراطية وتشجع النشاط العلمي والاجتماعي؛
- وكذلك التنظيمات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني الجنينية التي تأسست، خاصةً، منذ منتصف الأربعينيات والتي أخذت تبث الروح الثقافية والدعوة للديمقراطية البرلمانية. كالجمعيات المهنية والنقابات العمالية والتنظيمات الطلابية وغيرها.
لقد تصدت هذه المؤسسات وتلك التنظيمات الاجتماعية وغيرها الدائرة في أفلاك قوى سياسية أو/و أثنية أو/و دينية، تمحور بعض من أوجه الصراع الاجتماسياسي للنواحي الملتهبة التي غطت القرن المنصرم برمته، حول كل من :
- القيم الاجتماعية ومنابتها ومنابعها والخروج من السلفية الفكرية؛
- التنظيم الاجتماعي للدولة وشكل المؤسسات المدنية؛
- الأنماط الاقتصادية والإنتاج الاجتماعي وقواه التحديثية وتلائمها مع ماهية العصر؛
- الحريات السياسية وتنظيماتها الحزبية والتداول السلمي للسلطة؛
- حقوق الإنسان الطبيعية والمكتسبة، للفرد والجماعة الأثنية والدينية والسياسية؛
- الخصال النفسية المتحورة حول التقلبات الحادة في الحياة الاجتماسياسية الاقتصادية بأبعادها الاجتماتاريخية؛
- ماهية العلاقات الخارجية للدولة العراقية وأشكال تحققها ضمن الصراع الدولي والإقليمي.

يوضح تاريخ العراق الاجتماسياسي، إن هذه القوى مجتمعةً، كانت تحمل عبر نضالها، مطلبية التغيير وقد بوصلت توجهه ومضامينه وربما حتى وسائله، حسب الإمكانية والممكن وقدرتها في التأثير. بمعنى آخر ثورت هذه القوى الفعل الحداثوي ورسمت ملامحه وحتى إشكاله.. طيلة ما يقارب القرن المنصرم. لذا تبوءوا ما يمكن أن نطلق عليه حداثويو العراق المعاصر .

لقد ترعرع العالم عبد الجبار عبد الله في مثل هذه الأجواء العامة وذلك الحراك الاجتماسياسي الثقافي الذي ساد المجتمع العراقي منذ تأسيس الدولة المركزية والآمال معلقة عليها، باعتبارها العتلة المركزية للخروج من حلقات التخلف، ومن ثم على الفئات والطبقات الاجتماعية الجديدة كلٌ في مجال عمله وتخصصه. إذ كان هذا العالم من المساهمين في هذا الحراك العام باعتباره من صفوة العاملين في الحقل المعرفي. فإذا كانت سنوات ما قبل الحرب العالمية الثانية مثلت عهد تكوينه المعرفي والعلمي، فأن سنوات ما بعد الحرب، كانت بدايات التألق العلمي والمعرفي ليس في حقل اختصاصه حسب، بل حتى المساهمة العضوية في الحقول الثقافية العامة والتربية، مما أهلته ليكن احد علماء المعرفة المتعددة الجوانب، طيلة رحلته العلمية، التي لم تخلوا من المصاعب ولا من الألام، حتى صاغت منه علماً معرفياً، ونموذجاً للإنسان الملتزم بموضوعيته وعلميته ومؤمناً بالحرية الفكرية اللبرالية والاستقلالية في البحث العلمي. "... وكانت حصيلته العلمية من البحوث لغاية وفاته قد بلغت ثلاثة وثلاثين بحثاً عدا أطروحته في الدكتوراه، وربما تجاوزت هذا العدد، ذلك لأنه أنجز حتى عام 1963 ستة وعشرين بحثاً، وهو منشغل بمسؤوليات وظيفية وطنية كبيرة، فكيف بعد أن أحيل على التقاعد وتفرغ للبحث العلمي؟، لا شك أن إنجازاته العلمية قد تضاعفت، لا سيما قبل أن يشتد عليه المرض... ".
هذه القيم المعيارية التي تحلى بها وأعماله المتعددة أهلته أن يجتاز حدود الوطن إلى أهم المؤسسات العلمية في العالم الغربي آنذاك، سواءً من خلال المشاركة في المؤتمرات العلمية أو من خلال العروض العديدة التي عرضت عليه لتولي المناصب الأكاديمية في دول عديدة. إلا أنه ربط جدلياً بين هذه العروض وبين مهمة خدمة بلده والمساهمة العضوية في الارتقاء به ضمن اختصاصه على وجه الخصوص. هذه المكانة العلمية، في الوقت نفسه، أهلته إلى تبوء أهم مؤسسة أكاديمية في العراق آنذاك وهي جامعة بغداد، رغم أنه لم يكن أول رئيس للجامعة، وكذلك نائبا لرئيس لجنة الطاقة الذرية.
لقد عاش عبد الجبار عبد الله في سنوات تكونه الاجتماعي ومن ثم الفكري والوظيفي في بيئة اجتماعية (أُسرية دينية) (قيل) إن الحاجة والفاقة لازمتها من جهة، ومحيط اجتماعي متنوع في تكوينه الاثني والديني والسياسي من جهة ثانية. ومن طائفة دينية صغيرة الحجم من ناحية الكم لكنها كبيرة في العراقة والتأريخ الطويل في الحفاظ على ذاتها وتكوينها، ولكنه لم يكن متزمتاً دينياً رغم نشأته في أسرة روحانية حيث كان والده وجده وجد والده، الرؤساء الروحانيين للديانة المندائية كل ُ في زمانه .
هذا المحيط الاجتماعي لعب، هو الأخر، دورا مهماً في صياغة شخصيته في أبعادها الإنسانية وما تميز به من تواضع اجتماعي وفكر إصلاحي، مثلت الأساس الأول لتكوينه النفسي والفكري/الثقافي و السياسي، وإن لم ينتمي إلى السياسية بمفهومها الضيق (الحزبية).. وكانت حجر الأساس التي حددت سلوكه العام في مجالات الحياة المتعددة. بالإضافة إلى كونه كان من صفوة ما "... يتميز الكبار من علماء ومبدعين حقيقيين بالتواضع والبساطة، ففي سعيهم نحو اكتشاف أسرار الطبيعة وتسخيرها لخدمة البشر، وفي جهودهم لإيجاد وخلق القيم الجمالية، يكونون بعيدين عن النرجسية والتبجح والضجيج.! فالعالم والباحث يدرك قبل غيره، ويعرف أكثر من الآخرين، عن تواضع نتاجه العلمي والإبداعي بالنسبة إلى الحقائق والألغاز عن الكون والإنسان... ".
مَثَلَ الواقع العراقي، في تنوعه الاجتماعي وامتداده العربي، أحد مصادر ثقافته، غير التخصصية، فقد كان مولع، ككل الكبار من الإصلاحيين، في تاريخ العراق وفي الأدب العربي القديم والجديد، حتى قيل أنه كان يمارس كتابة الشعر لا بل "... كان شاعراً ومثقفاً واعياً بأهمية التراث العربي... وقد وجدت في مكتبته الكثير من الكتب التاريخية والأدبية..."، بمعنى أنه "...عمد إلى تعدد وتنوع مصادر ثقافته العلمية والإنسانية المختلفة بما في ذلك الكتب السياسية والقانونية... " وبالإضافة إلى كونه يجيد عدة لغات هي: العربية، الإنكليزية، الفرنسية، الألمانية والآرامية.
كان التنوع في مصادر الثقافة، حافزاً قويا دفعته إلى معترك الممارسة العضوية للحياة وكذلك التبني النظري والعملي للفكر الديمقراطي اللبرالي في منحاه اليساري. حيث ساهم مع شلته من الأصدقاء المقربين إلى هذا التيار الفكري، من العمل على إشاعة أجواء الحرية الفكرية وتكريس نضالهم الحياتي من أجل التطلع لعراق المرحلة القادمة. وهذا ما يتجلى من شبكة أصدقاءه ومعارفه، في البدء ممن زاملوه من طلبة الإعدادية المركزية ببغداد، حيث أصبحوا يمثلون الجيل الثاني من الأنتلجنسيا العراقية ورواد الفكر الديمقراطي واليساري، التي مارست فعلها العضوي، خاصةً، منذ الأربعينيات وبالأخص في زمن الجمهورية الأولى. من أمثال عبد الفتاح إبراهيم، رشيد مطلك، حسين جميل، زكي خيري، الأخوين عبد القادر وعبد الله البستاني، عاصم فليح، امينة الرحال، مهدي هاشم، محمد صالح القزاز،عبد القادر السياب، علي حيدر سليمان ، إبراهيم حلمي، عبد المجيد حسن ، جميل توما، نوري ميخائيل ومحمود أحمد المدرس وغيرهم . كما "...إن التدقيق والتأمل في حياة عبد الجبار عبد الله خلال هذه المرحلة المهمة من حياته، تعطينا تصورا واضحاً عن مدى الفرص التي أتيحت أمامه في التعرف بشكل أو بآخر إلى العديد من الشخصيات الوطنية التي قامت بدور سياسي فاعل في العراق خلال المراحل اللاحقة ، كمثل شخصية عبد الوهاب مرجان، رئيس وزراء العراق (1957-1958) وعبد الكريم قاسم رئيس الوزراء العراق (1958-1963) اللذان كانا من زملائه المعاصرين في مرحلة الدراسة الإعدادية في بغداد... كما إن الأحداث السياسية المهمة والخطيرة التي ترافقت مع تلك المرحلة، قد تركت ولاشك أثراً من جهة ثانية، كما حصل مثلا في الاحتجاجات التي قام بها الطلبة في بغداد وفي مقدمتهم طلبة الإعدادية المركزية ضد زيارة آلفريد موند إلى بغداد عام 1928، وليس بمستبعد أن يكون عبد الجبار عبد الله أحد هؤلاء الطلبة المحتجين على تلك الزيارة، أو تكون مثل تلك الأحداث قد تركت أثراً مهما في بناء شخصيته الوطنية في المراحل اللاحقة "(التوكيد منا-ع.ن).
لقد أُرسل العالم في بعثة دراسية عام 1930-1931 إلى بيروت للدراسة على حساب وزارة المعارف باعتباره من الناجحين الأوائل على العراق آنذاك، و " كان الجو السياسي في الجامعة الأمريكية جواً حراً مفعماً بمشاعر معادية للإحتلالين البريطاني والفرنسي، جواً تسوده المشاعر الوطنية التوّاقة إلى التحرر والاستقلال...في هذا الجو السياسي الوطني تكونت نواة تنظيمية من عدد من الطلاب العراقيين الذين يدرسون في الجامعة الأمريكية في بيروت، ضمت عبد الفتاح إبراهيم،علي حيدر سليمان، جميل توما، عبد الله يكر، نوري روفائيل ، درويش الحيدري، إبراهيم بيثون وأنا وآخرين. جاءت المبادرة من عبد الفتاح إبراهيم وكان لولبها، عقدنا اجتماعاً تدارسنا فيه ما يمكن أن نقوم به وقررنا تنظيم وطني باسم الشعبية يعمل من أجل تحرير البلاد... بالاشتراك مع عدد آخر من الطلاب العراقيين الذين لم يكن لهم أدنى علم بتنظيم الشعبية قدمنا، بعد ذلك، طلباً رسمياً لتأسيس ناد سمّيناه (نادي النشء العراقي) ووضعنا له نظاماً داخلياً... ".
وقد انتسب، كما أجزم، عبد الجبار عبد الله إلى هذا النادي الذي كان يهدف لتوحيد الطلبة العراقيين، لان العديد من أصدقاءه كانوا من بين هؤلاء الطلبة من أمثال محمد حديد وعبد الفتاح إبراهيم وعلي حيدر سليمان...وهكذا تطورت بذرة (الشعبية) إلى تنظيم سياسي(جماعة الأهالي) ومن ثم الحزب الوطني الديمقراطي الذي كان يناضل من أجل دمقرطة العراق. هكذا بذرت البذرة الأولى للتيار الديمقراطي من هذه المجموعة التي، في الوقت نفسه شكل الأشخاص المحوريون من جماعة (الشعبية) جمعية الرابطة الثقافية عام 1943، حيث قامت بدور ثقافي ديمقراطي في أربعينيات القرن المنصرم، بوسائل متعددة، منها: إصدار النشرات وتشجيع البحث العلمي والتوسع في نشره، تحبيذ التأليف والترجمة وإلقاء المحاضرات وإقامة وتوطيد العلاقات الثقافية العامة مع الجمعيات والنوادي الاجتماعية المتشابهة الأهداف والتوجه الفكري. كما أصدرت الجمعية مجلة (الرابطة) وأسست شركة للطباعة خاصة سمتها مطبعة الرابطة" ... وكان مقرها في منطقة الصرافية ( مطبعة دار الجماهير)... ومع ذلك فإن مجلتها التي شغل فيها عبد الجبار عبد الله موقعاً مهماً ، كانت هي الأهم بين جميع نشاطاتها، كما يؤكد ذلك أحد أعضائها... ". وهنا يبرز الدكتور عبد الجبار عبد الله كأحد الشخوص المحوريين في الرابطة، حيث يشغل منصب سكرتير التحرير منذ صدور عددها الأول في آذار من عام 1944 " ولغاية العدد الثاني عشر... فحل محله خدوري خدوري، سكرتيراً جديداً لها..." أما هيئة التحرير فتكونت من" جمال عمر نظمي، وخدوري خدوري، ومحمد غناوي، وعبد الجبار مخلف العبيدي ". بالإضافة إلى صاحبها عبد الفتاح إبراهيم. لقد أوضحت مساهمات العالم عبد الجبار عبد الله وكتاباته الأولى في المواضيع الاجتماعية والفكرية، البعيدة عن اهتماماته العلمية والتخصصية، قدرة الرجل ومدى تعلقه بالأفكار اللبرالية والديمقراطية والتحرر وبالمضمون الاجتماعي لكل حراك جمعي، وكشفت عن توجهه الفكري وتطلعه الفلسفي في دعم فكرة الحداثة، وهذا ما يمكن تلمسه في مقالاته من قبيل (الحرية والضرورة) و(الحرية والضرورة في المجتمع) ثم (نشأة العلم) و(العلم والتطورات الاجتماعية) وغيرها. وقد أكملتها رؤيته المستقبلية لواقع العراق عندما أخذ يكتب المقالات أو خطبه حول دور الجامعة وأفق تطورها.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا، لماذا أخذ عبد الجبار عبد الله هذا المنحى الفكري المعتدل؟؟ ترى:
- هل يكمن ذلك في كون إن هذا المنحى يصب في ماهيته في البحث عن جوهر سعادة الإنسان؟
- أم إن إحساسه بأن هذا التيار الفكري كان يطالب بحقوق التكوينات الاجتماعية المختلفة ويدافع عنها في حرية المعتقد والحقوق الإنسانية الطبيعية والمكتسبة ؟
- أم أن إحساسه بالانتماء للمجموعات السكانية ذات الدخل المنخفض، وما لاقاه من شظف العيش، قد دفعت به إلى هذا التوجه، بغية انتشال هؤلاء من واقعهم المأساوي المرير ؟
- أم أن صحبته للالنتجنسيا الشابة ودعاة المساواتية والحداثة لعبت دوراً في ارتقائه المعرفي ودفعت به إلى الانضمام لهذا التيار ؟؟
- أم إن العوامل التي حبذت له مثل هذا الاختيار تمثل هذا كله، كما تتضمن بعض من العوامل الأخرى كالأبعاد النفسية والروحيه والفكرية ونظرته العلمية إلى صيرورات التغيير المستندة على العلم ،كأحد الروافد الأراسية، وبه يمكن ويكمن الولوج في طريق التطور؟
هذه الأسئلة وغيرها يمكن البحث فيها وما حولها، للوصول إلى ماهياته الحقيقية. وبغض النظر عن الدوافع، يمكننا القول إن الحقيقة التاريخية ستقف شاخصة إلى انتماء هذا العالم إلى كونه من أنصار " مملكة العقل والعلم والإنسان" والمنطلق منها وإليها. وهذا مما أهله أن يكون من بناة تاريخ العلم للعراق المعاصر.. وخاصةً في انطلاقتها الأولى. إذ أرى وأزعم، أن التاريخ الفعلي والحقيقي للعراق المعاصر قد أنطلق على يد مثل هؤلاء ومنذ الجمهورية الأولى.
وتأسيساً على ذلك سأحاول الكشف عن ماهيات العلاقات التي كانت تضم هذه جمهرة واسعة من الشخصيات والفئات الاجتماعية والجماعات المختلفة التي رسمت لنا طرق العراق القادم. وفي واحدة منها هي العلاقة بين عبد الجبار عبد الله والزعيم قاسم. وهذا ما سـأتطرق إليه في الجزء الثاني من هذه الدراسة.

الهوامش:

نشر مكثف هذه الدراسة في مجلة الثقافة الجديدة العدد 345 تموز 2011.
2- " لقد ضمت هذه الجمعية عددا كبيرا من الشباب المثقف في العراق حيث بلغ عدد أعضائها في الأيام الأولى لتكوينها ستين عضوا في بغداد والموصل وبعقوبة والكوت، وضمت بين أعضائها عددا من كبار المثقفين الذين لعبوا دورا فكريا وثقافيا متميزاً، نذكر منهم على سبيل المثال، الدكتور فاضل حسين والاستاذ طه باقر وكوركيس عواد، فضلا عن مؤسسيها، عبد الفتاح إبراهيم وعزيز شريف وحسين جميل وجواد هاشم وغيرهم" مثل: خدوري خدوري، مخلف العبيدي، جمال عمر نظمي، حازم نامق، جميل عبد الله، ناظم الزهاوي، محمد توفيق حسين، كامل قزانجي، عبد القادر إسماعيل البستاني. وهؤلاء جميعهم محسوبين على المدرسة الوطنية ذات التوجه الديمقراطي واليساري. راجع د. ستار نوري العبودي، الدكتور عبد الجبار عبد الله، سفير العراق العلمي،ص.51، المرتضى، بغداد التاريخ بلا علماً أن كتاب د. العبودي كتب في أواخر القرن المنصرم، وضمن مرحلة وجغرافية القمع المطلق والفكر المأزوم. ولهذا أشار الكاتب طعمة التميمي في مقالة عن الكتاب نشر في جريدة الصباح يكشف فيه زيف الموضوعة التي تحدث بها المؤلف عن تعاطف العالم الراحل مع (الاتحاد الوطني لطلبة العراق ) ويقول: " ولم أعرف مبررا واحدا لمؤرّخ في عراقنا الجديد للتستر على جرائم هذه الطغمة إلا لمجانفة طريق الحق والإبتعاد عن معايير النزاهة والأمانة التأريخية.. ويتمادى المؤلف في ذلك.. عندما يعرض تعاطف العالم عبد الجبار عبد الله مع الثلة التأسيسية الأولى لما يسمى بـ (الإتحاد الوطني لطلبة العراق) وهم ثلة من الطلبة الفاشلين الذين جاءوا من عصابات الطرقات المجهولة.. لغرض التشويش وعرقلة المد الديمقراطي الذي كانت تعيشه الجامعات العراقية في أجواء ومناخات الديمقراطية لثورة 14 تموز المباركة. وبلغ مؤلف هذا الكتاب ذروة مغالطاته، عندما نسب لعبد الجبار عبد الله تهمة “التعاطف” مع هذه التنظيمات الطلابية المشبوهة.. التي تخرجت منها ملاكات التعذيب والقسوة في حكم البعث الثاني بعد 1968، أمثال الجلاد ناظم كزار الذي كان طالبا في المعهد التعاوني الهندسي.. وغيره من الذين إبتلعتهم مؤامرات المنظمة السرية للبعث. راجع موقع دفاترwww.defater.com
3- تشير الدلائل الموضوعية في الجمهورية الثالثة إلى ذلك الزخم الكبير لدور مثل هذه التنظيمات والتي هي متأثرة بالمثاقفة مع ما يطرح من رؤى في العالم الغربي من جهة وماهية صيرورات التطور البنيوي للمجتمع العراقي وما التنظيرات التي تحاول الكشف عن هذه العلاقة وأفاق تطورها سوى الادراك الواعي لتأثيرات هذه الظاهرة. رغم التشابك بين مهمات هذه التنظيمات الأهلية وإعادة بناء الدولة العراقية الحالية.
4-د. ستار نوري العبودي، عبد الجبار عبد الله، ص.118، مصدر سابق.
5- " كان للدكتور عبد الجبار عبد الله ، سويةً مع الدكتور متي عقراوي، الدور الرئيسي في التهيئة والإعداد لتأسيس أول جامعة عراقية حديثة، هي جامعة بغداد التي تأسست عام 1956. كان أول رئيس للجامعة هو د. متي عقراوي، وشغل د. عبد الجبار عبد الله منصب الأمين العام للجامعة عام 1958، كما كان وكيلا لرئيس الجامعة... ". د. إبراهيم الخميسي، عين الإعصار، عبد الجبار عبد الله في مئويته، ص. 48، دار ميزر ، مالمو/ السويد 2011
6 - د. ستار نوري العبودي، عبد الجبار عبد الله ص. 12، مصدر سابق.
7- د. إبراهيم الخميسي، ، ص. 26، مصدر سابق.
8 د. ستار نوري العبودي، عبد الجبار عبد الله، ص. 24، و25. مصدر سابق.
9 - راجع، عقيل الناصري، عبد الكريم قاسم ،من ماهيات السيرة الذاتية، الكتاب الأول، ص. 121، دار الحصاد بيروت 2006.
10 - ليث الزبيدي، ثورة 14 تموز في العراق، ط. 2، دار اليقظة العربية بغداد 1981
11- د. . ستار نوري العبودي، عبد الجبار عبد الله، ص. 21. مصدر سابق. وهذه الرؤية سبق وأن اختبرتها بالنسبة لعبد الكريم قاسم، حيث أن تأثرهما بالغليان السياسي وحركة الاحتجاج والحراك الاجتماعي في البلد عامة وبالصحبة من الطلبة الواعين في مشاركتهم السياسية الأولى في تاريخ العراق ، الذين كانوا معهما، بالإعدادية المركزية وقد استدعت مشاركة هؤلاء الواعين في مثل هذه الأعمال الاحتجاجية والتي رسخت بثبات في قوة شخصيتهم. وكانت جماعة الرحال هم المحركون الأساسين لمشاركة الطلبة في الممارسة العضوية السياسية، كذلك الطبقة الوليدة- العمال والفئات المهنية .
12- محمد حديد، مذكراتي ، الصراع من أجل الديمقراطية في العراق، ص. 67، دار الساقي، بيروت 2006.
13- د. فاضل حسين، جمعية الرابطة الثقافية، فصل من تاريخ الديمقراطية في العراق المعاصر، مجلة دراسات في التاريخ والآثار،العدد 2، 1982، ص. 11، مستل من د. ستار نوري العبودي،، ص. 52، مصدر سابق،
14- د. ستار العبودي، المصدر السابق، ص.49، و54.
15- كتب الباحث مير بصري يقول" كان عبد الكريم قاسم رؤوفاً بالأقليات الكثيرة التي يزخر بها الوطن العراقي: فقد أعترف بحقوق الصابئة واليزيدين والأكراد والتركمان والآشوريين والبهائيين، وألغى قانون إسقاط الجنسية عن اليهود العراقيين، ومنع تهجير الإيرانيين الساكنين في العراق، ومنح الجنسية العراقية لآلاف الأكراد الفيلية..." أعلام السياسة في العراق الحديث، ص.248 ، دار الريس للنشر، لندن 1987.
16 - هذه الصحبة للنخبة المثقفة، دفعت بمالك سيف ـ إلى زج اسم العالم عبد الجبار عبد الله أثناء اعترافاته عام 1949 أمام التحقيقات الجنائية باعتباره شيوعيا ينتمي إلى جماعة إلى الأمام، التي انشقت عن تنظيم الحزب الشيوعي في تموز 1942 بقيادة ذو النون أيوب. ولدى الاستفسار من الابن الأكبر للعالم دكتور سنان عبد الجبار، نفى مثل هذا الانتماء لوالده لآي حزب سياسي، لكنه كان مقرباً من الأحزاب العراقية ذات المنحى اليساري والديمقراطي. مقابلة جرت في 29 أبريل/ نيسان 2011 في لوند/ السويد.



#عقيل_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هو.. والزعيم (1-4)
- الناصري: يكشف اسرارا جديدة عن ثورة 14 تموز
- الجواهري وتموز
- ثورة 14 تموز ومسألة العنف
- حوار مع الباحث الأكاديمي عقيل الناصري حول ثورة 14 تموز (2-2)
- حوار مع الباحث الأكاديمي عقيل الناصري حول ثورة 14 تموز
- من خفايا انقلاب شباط الدموي 1963 (6-6)
- من خفايا انقلاب شباط الدموي 1963 (5-6)
- من خفايا انقلاب شباط الدموي 1963 (4-6)
- من خفايا انقلاب شباط الدموي 1963 (3-6)
- من خفايا انقلاب شباط الدموي 1963´- سباق المسافات الطويلة : ( ...
- من خفايا انقلاب شباط الدموي 1963 (1-6)
- في جذور الظاهرة الانقلابية في الجمهورية الأولى (تموز1958- شب ...
- تهنئة الى الحوار المتمدّن
- في جذور الظاهرة الانقلابية في الجمهورية الأولى (تموز1958- شب ...
- في جذور الظاهرة الانقلابية في الجمهورية الأولى (تموز1958- شب ...
- في جذور الظاهرة الانقلابية في الجمهورية الأولى (تموز1958- شب ...
- في الظروف العامة لتأسيس الدولة العراقية واختيار فيصل الأول ( ...
- في الظروف العامة لتأسيس الدولة العراقية واختيار فيصل الأول ( ...
- في الظروف العامة لتأسيس الدولة العراقية واختيار فيصل الأول ( ...


المزيد.....




- اتهام 4 إيرانيين بالتخطيط لاختراق وزارات وشركات أمريكية
- حزب الله يقصف موقعين إسرائيليين قرب عكا
- بالصلاة والخشوع والألعاب النارية.. البرازيليون في ريو يحتفلو ...
- بعد 200 يوم من الحرب.. الفلسطينيون في القطاع يرزحون تحت القص ...
- فرنسا.. مطار شارل ديغول يكشف عن نظام أمني جديد للأمتعة قبل ا ...
- السعودية تدين استمرار القوات الإسرائيلية في انتهاكات جسيمة د ...
- ضربة روسية غير مسبوقة.. تدمير قاذفة صواريخ أمريكية بأوكرانيا ...
- العاهل الأردني يستقبل أمير الكويت في عمان
- اقتحام الأقصى تزامنا مع 200 يوم من الحرب
- موقع أميركي: يجب فضح الأيديولوجيا الصهيونية وإسقاطها


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - هو.. والزعيم (2-4)