|
20 فبراير هي الضمير الوطني لجميع المغاربة
عذري مازغ
الحوار المتمدن-العدد: 3456 - 2011 / 8 / 14 - 16:57
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
مريرت مدينة الرصاص القاتمة، رصاص مناجم جبل عوام، يلفها الريح السموم، تنام في هلوستها الشجون، وتكتوي قحطا جاء من فراغ الأزمنة، تكتوي في لجة الضياع القائم، يتربع في سيرها الممشى كأنما لاتمشي، ترتل في عرسها نشيد الزفرات اليتيمة، مدينة في القلب تتكيء على خرير ذكريات سديمة، وتكبر في ضالتها أحلامنا الصغيرة، مدينة تكبر في حصارها وتتيبس على قشرة الأرض، يحتويها النسيان رغم انها يكبر فيها لحن الوجود، كأنما تنام على طريق الغزوات، تعتصر سقيم الليالي السود، ويأخذها إلى المتوى الآخر صقيع الإنتظارت، انتظارات تكبر فينا حصرتها، وتزفر لقحطها السنون، فكيف تلتئم فيها قبائل جاءت من عتمة الفقر تلوك اسطورة قديمة، أسطورة لناسها الهاربين من هول المخزن. خرجت لتوها من دير الغابات العتيقة تبحث عن اطلالها المغزوة، الممسوحةكل معالمها، لتغترب في حضنها، تردد خضوعها العجيب لسليل الخرافات القديمة، تأتي إليها قطعان الغزو فتمدها مريرت رقاب الجامحين لوحشة الغابة، الفقراء الغاضبين على سطوة القائم، ثقيل وطأ هذا الممتد إلى عبير الأزمنة يحصد خطوات القبائل الشائعة في بساط الأرض، يحصد اكلها ويلقف فتاتها: ما يؤخذ بالقوة سائر بالقوة والبقية ياتيه بالطوع المتجذر في خلايانا الدموية... هدايا تثمن فينا انتعاشة الفيض على بساط مدينة الرماد، رشاوي ساطعة هي الإدارة كلها بكل رموزها، هي اسمهاالحقيقي هو: إدارات القبض، الدركي يغذي مولاه، ومولاه يغذي مولاه الآخر، هكذا يتسلسل زمن الحيض عندنا: البؤساء طوعا يمدون فتاتهم ضريبة لخروجهم من قشة الغابات، والصغار يقبضون ويمنحون لفوقهم، وفوقهم لفوقهم حتى الفوق الأعلى، هذا ما يشهد به صغارهم (وبالعلالي)، أما الكبار النزهاء بربطة عنق فلا يعلمون شيئا عما ينفخ أجسامهم، كبار بربطة عنق، صغار كالجديان بالربطة ذاتها، واعجب لرئيس بلدية في مدينة اكادير الجميلة، مدينة اليسار المغربي بكل تأكيد، أن ينفخ في صور البلدية لأنه لم تجره السلطة في الفوق من ربطته ليقول باع كبيرة ، بلكنة جدي صغير، جدي اشتراكي يساري على النمط المغربي. من يثق بهذه الجديان الصغيرة كهذا الذي سعر وسائل الإعلام المغربية لتفضح قضية جدي دالع لم تجره السلطة من ربطته أثناء مراسيم الثغاء، في أي حيض يعيش الزمن المغربي هذا؟ من يسوق لهذه السلسلة من التفشي الخارق لبلديات لا تستطيع ان تسوق ذاتها؟ حتى هذه الخرافة الجميلة التي أنتعشت في المغرب في الآونة الأخيرة، هذه الجهوية الخرقاء التي يشكل العامل المعين من الرباط والقائد هما أس تمرير البرامج السياسية للقطاعات، فالمستشارون الأجلاء، الجديان الصغار كما أشرت، لن يستطيعوا تمرير برنامج معين دون موافقة هذه الأقزام الرباطية حتى لو صوتوا بالإجماع، وعليه وباعتراف الجديان أنفسهم تقوم السلسلة الفجة، فتمرير مشروع يقوم على تطعيم الصغير الذي يطعم الكبير، وهو ما حصل مع جدي أكادير، فمنع تبوعه وجره من ربطته كان بقرار فوقي لأنه فاتته لياقة الكرم، لقد نسي هو الآخر أنه خرج من غابة الكلبتوس ببن سركاو او غابة تاراست، او من رمال أكادير بشكل عام. والدستور الجديد لم ياتي بجديد، لم يخرج مواطنيه من عتامة القشة، ومادام العامل بالإقليم والقائد بالمقاطعة غير منتخبان، فنحن دوما في زمن القشة والخبيعة، بمعنى أن رؤساء البلديات والجماعات المحلية والإقليمية هم من عليهم أن يمثلوا السلطة الحقيقية وليس هذه الكائنات العابرة بالتعيين، لكن الحقيقة أن احزابنا الوديعة بيسارها ويمينها لاتتقن إلا لعبة الثغاء فكيف لها أن تثير موضوعا يخالف الثغاء، وكيف سيثق المواطنون بقانون البعبعة التي بها شؤوننا تسير؟ في شؤوننا العامة ينتخب شخص ليتعرف شرعيا على خرفان صوفية جميلة، بربطة مستقلة جميلة الملمس هي الأخرى، إدارية تابعة لجهاز مستقل أيضا كجهاز الداخلية، جهاز التعليمات الصارمة، جهاز نقل الأوامر، النزيه فيه أنه سيعلقك إلى فوق في أحسن الأحوال ما لم تبقشش: الامر جاء من فوق وآسف على الأمر، إنها الأوامر، انا اتفهم مشكلتك لكن...، جاء الأمر من الله عز وجل، ببساطة قاتلة يرفع شأنك إلى السماء، وأتساءل أحيانا: هل لهذه الكائنات قانون تسير به؟ هل الأمر الفوقي هذا المتحجم في أبجدية المغرب لا يخضع لأي منطق وضعي؟ وماذا يعني الأمر؟ يعني أن هناك قانون وضعي هو قانون الجديان، وقانون فوقي هو قانون آخر لا يجادل، ينتخب الشخص ليتوسط لك عند خراف التنزيه، البريئة حتى النخاع، خراف خانعة تنفذ الاوامر فقط، وأحيانا تتعاطف ببقشيش...ماذا سيفعل مواطن مجل انتخبه الناس وهنا أتكلم عن الحالات العادية جدا ولا اتكلم عن قطعان البارونات الذين يدخلون هذه الإنتخابات لتبييض أموالهم، أو أولئك الذين يتقربون بها إلى سدة الأوامر ويبذلون كل غال ونفيس لذلك، أتكلم عن اناس أبلوا للدخول في الإنتخابات بنزاهة ضمير، ووعدوا بأن يخلوا قمامات الزبل من أحياء جماعتهم وعندما يدخلون هذه الغرف المكدسة بروث النعاج ليكتشفوا رائحتها تزكم النفوس، ماذا سيفعل هؤلاء حين تكون الأمور هي تمرير حسابات إدارية مدفوعة الرشاوي للتصويت على تلك الحسابات وهذا ما تزخر به صحافة المغرب يوميا ويعرفه الصغير قبل الكبير، فإما أن يدخل في لعبة التمرير هذه ليقوم له إخلاء قمامة الزبل من حيه، وإما سيدخل مصرحا تافها لمعارضة تثغوا وتبقى احياءهم التي انتخبتهم تثغوا فيها أيضا تلك القمامات، وهذا بالتحديد ما حصل مع رئيس المجلس الحضري الجليل الذي احتكم للقانون في التعامل مع عقود الإشهار على قدم المساوات مع احد امبراطوريي المال بالمغرب الذي أغضب وأزفر كيف يوضع في وضع مساوي لأصحاب العقود المحليين وهو ما قاده ان يمنع رئيس مجلس حضري لمدينة تسمى عروس الجنوب ومستشاريه الذين صوتوا ضد لوحاته بأن لم يدقموا بيعتهم في السجود والثغاء، لكن والحق يقال ان السيد الرئيس قد احيى تقليدا رائعا كان المغاربة القدماء، والنزهاء بحق، يلجأون إليه عندما تغضب عندنا العروس، كانت تذهب إلى أهلها الجماعة ليتزردوا ويتباركوا وتعود العروس إلى دارها بكل الحياء المهذب والأدب الصادق وتتقبل بصدر رحب “عار” زوجها على أن لايصيبها “عار” الجماعة، لذلك تكون مدينة اكادير ذات المعاصرة بملامح المدن الأوربية قد استعادت اصالتها الجميلة في إحياء طقس جماعي تقليدي رائع، كاد ينقرض لولا غضب العرائس في جماعاتنا الحضرية والقروية، وهاهي الجماعات تتوافد على المدينة الجميلة لتقدف “العار” على الغاضبين كيما يعودوا إلى دارهم واهلهم ويتركوا إثارة الفضائح. في أي مجرة إذاً هو المغرب؟ في المغرب لم تنضج بعد دولة المؤسسات عندنا، وبالغباء المقرف لايترك اصحاب النفوذ المطلق شيئا من ماء الوجه لما يثيروه في خطاباتهم حول ديموقراطية العهد الجديد،كأن يجعلوا الناس يصدقون حقا انهم في دولة هي دولتهم، بل لا يثيرونا عقل المواطنين بالمرة اي مصداقية، فالمواطنون هم الرعية التي تساق كالخراف، وما دونهم الأسياد الأجلاء بعقلية خرافية لا تعترف بالرأي العام ولا هي تثيرها النزوات الحيوانية والأنا المضخمة حد الإنفجار، حشرات دنيئة فوق كل شيء، المغرب دولة يحكمها المزاج العام لحاشية الفوق، وما اكثر ما يزكم الأنوف، فالرباط مثلا، مدينة الروابط العنقية، لا تجد بوابا في عمارة ينسب نفسه إلى مواطنته، بل في اروع اللحظات ينسب نفسه إلى ابن عم عم عساس القايد، أليس مأساة عندنا، أن يحتقر مواطن نفسه، بفخر هائل هكذا، مواطنته بهذا الشكل التراجيدي المذهل؟ والحقيقة التي يقفز عليها كل الأكاديميون الأجلاء أن هؤلاء القواد في عهد مغرب ما قبل الإستعمار الفرنسي كان يحكم فقط ابراجا صغيرة أنشئت لقرصنة القوافل المهاجرة بين السهل والجبل،كانت تسمى حواضر ليست لها غابات يختبيء فيها ناسها في حالة الفر كمريرت القاحلة او شيشاوة الصخرية او أزرو الجميلة او مناطق أخرى في الشمال والجنوب والوسط، وهذا ما فجرته اسطورة حزب الإستغلال كون الظهير البربري خزاعة استعمارية، لقد أصبح الشعب الامازيغي مملكة نحلية بقدرة قادر، وأصبح قيامنا أن ننصر سلالة قائمة بالوهم الفرنسي على شعب يتقن لعبة الكر والفر ولا يعترف بسلطة عليه، أصبحنا خداما بمجرد خروجنا من مخبئنا، لقد قتلنا عبد الكريم الخطابي الشاهد على مؤامرات السلطة العلوية في بيع المغرب، وقتلنا عباس المسعدي المناضل القح في جبال بوغافر، وقتلنا كل رموز التضحية، واكثر من هذا تركنا اراضينا الجماعية تنخرها المؤسسات الرأسمالية ولم يبقى سوى هذه الكائنات الثغائية تثغوا مجدا بروثها الخانق، كائنات فرنسية بملامح مغربية، ولا أدري من اين أتى بعض المؤرخين بالأسطورة العجائبية التي تؤسس خاصيتنا الفذة: ان الشعب المغربي كان عبر التاريخ مدللا بالهرولة للمسة عربة الملوك وهي تقطع برجها من البوابة في الجهة إلى البوابة في الجهة الأخرى، وهم يرشون بابتساماتهم هذه الوفود المهرولة خلفهم. إن حركة عشرين فبراير هي المحق الحقيقي لأي تغيير حقيقي، وهي حتى الآن برغم زخم التهجم عليها لم تتزعزع، لسبب بسيط هو أنها تمثل الحقيقة التي يعرفها الصغير والكبير، هي الضمير الوطني، ومن سار خلافها فهو في مسار الجديان، فهي تعرف جيدا أن حاملي رابطات العنق هم جديان صغيرة تجر من روابطها، وتعرف أيضا أن الزمن المغربي توقف منذ فترة ولم يتجاوز بركة حيضه، ويعرف جميع سكان المدن ان المنشآت الإقتصادية القائمة ليست سوى ماكنات لنهب الإقتصاد الوطني وسلبه من الشركات المتعددة الجنسية، وهي لا تدر نفعا لهم، ولا هي تنفعهم في شيء، وهي واعية لهذا بأن على المغرب أن يخطو قفزته النوعية ويتحرر من الثوابت المضخمة التي بدونها الوطن ليس وطنا، فالوطن وطن بمواطنيه وليس بخرافات جديان تساق لتثوغ في البرلمان او البلديات أو الجماعات.لقد هضمت حركة عشرين فبراير درس الدستور الممنوح الآخر وهي واعية ان الآتي هو زمن الإعتقالات، وهي تعرف جيدا جسامة التضحية، وتعرف جيدا وزنها ولا تغامر ولا هي يخيفها القادم من زمن الإعتقال، وهذا سر نجاحها، فهي مسالمة والإعتقالات الأخيرة هي خرق لسلميتها، فتحية إذاً لكل أولئك الذين بدأت بهم ماكينا القمع ولروح الشهداء الذين سقطوا في ساحات النضال السلمي، فالمغرب سجن كبير يلف سجونا بعضها أيضا يلف بعضها ولا تخيف سجونه بالمرة .
#عذري_مازغ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القديس آمو
-
الماركسية في تفكيك أمير الغندور، الغندور منتحلا شخثص الفاهم
...
-
الماركسية في تفكيك امير الغندور: عودة إلى القياس الفقهي
-
الماركسية في تفكيك الأستاذ أمير الغندور: في غياب السؤال المع
...
-
الماركسية في تفكيك ألأستاذ امير الغندور: النزعة التلفيقية
-
الماركسية في فقه الأستاذ أمير الغندور
-
من حكايا العبور: سعيد الميركرودي
-
عودة إلى الصراع الطبقي والماركسية
-
لقاء مع بيكاسو: حي الجيتو
-
حول الصراع الطبقي والماركسية
-
حول الصراع الطبقي، رد على الزميلة مكارم
-
مغرب الإجماع البليد
-
نحو آلية عالمية للتنسيق بين ثورات الشباب في كل العالم
-
حول الدستور المغربي الجديد.. لتستمر الثورة
-
كلمة حق في استشهاد مهدي عامل
-
مارك فلوباييه:إعادة تأسيس المساواة هي في نفس الوقت استحالة ت
...
-
صلاة لأجل المرأة
-
الماركسية في توجسات مارك فلورباييه
-
يا لربيع الثورات عندنا
-
إسبانيا: ولغز 15 ماي
المزيد.....
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|