أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى اسماعيل - عن غرنيكا سوريا ويدها البيضاء














المزيد.....

عن غرنيكا سوريا ويدها البيضاء


مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)


الحوار المتمدن-العدد: 3455 - 2011 / 8 / 13 - 20:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يمكننا تصنيف الثورة الشعبية السورية, وتأسيساً عليها الأزمة الراهنة للبلاد في إطار مرحلتين: مرحلة ما قبل اجتياح حماه, وما بعدها. فمرحلة ( الما قبل ) لا تشبه مرحلة ( الما بعد ) إلا من ناحية استمرارية أوجه القمع والعنف المفرط للسلطة. لكن مرحلة ( الما بعد ) تحمل في طياتها تحولات كانت متوقعة وإن جاءت متأخرة نقلت فيها الحالة السورية إلى حالة متقدمة. فالأهوال التي شهدتها مدينة حماه أجبرت المجتمع الدولي الذي اكتفى بالتفرج في الآونة الأخيرة على مغادرة مقعد المتفرج والانخراط مجدداً في الشأن السوري وبشكل لافت, عبر التوصل إلى بيان الإدانة الأممي للقمع في سوريا, مضافاً إليه مواقف أمريكية أكثر وضوحاً من سابقاتها, فيما يتعلق بالتفكير بمرحلة ( ما بعد الأسد ), وأن سوريا ستكون ( أفضل من دون الأسد ). كان لافتاً أن هذا التحول الموقفي الدولي من الوضع السوري جاء في الفاصل الزمني بين يومي جمعة, سمي الأول بـ ( صمتكم يقتلنا ) والثاني بـ ( الله معنا ), في إشارة إلى الغيبوبة الصغرى التي ارتضى بها المجتمع الدولي, ويأس السوريين من مساندة وشد أزر دولي لحراكهم إلى درجة عدم التعويل عليه ومن هنا المرارة الكامنة في التسميتين.

بدأت حماه إذن بتحريك الكثبان السياسية ومراكز القرار العالمي, لا يستغرب ذلك, فالمدينة السورية التي شهدت التظاهرات الأضخم والتعداد الأعظمي من المحتجين في ساحة العاصي معروفة في الأدبيات السياسية بأنها ( معدة ) سوريا, ويمكن تعريفها أيضاً بأنها ( غرنيكا ) سوريا, نظراً لأنها عاينت تاريخياً مشهدين سابقين من القمع الدموي للنظام البعثي, الأول كان في 1966 والثاني في 1982 وكان الأوج غير المسبوق لماكينة القمع التي حصدت عشرات الآلاف من الأرواح, إضافة إلى تدمير نصف الأبنية والدورالسكنية في المدينة, إلى جانب الآلاف من المفقودين منذ تلك الحقبة الزمنية السوداء في تاريخ سوريا الحديث, حيث كان قانون الطوارىء سيء الصيت وقانون 49 لعام 1980 سيدي الموقف والحالة السورية حينها.

حماه السورية تذكرنا ببعض المدن الشهيدة في العالم, التي صنعت تواريخ لبلدانها, بتقديمها الأمثولة في التضحية ومواجهة الطغيان والاستبداد وقوى الشر, حتى تحولت إلى ماركة وطنية بإمتياز ومثل أعلى وطني في تصديها لنداء الواجب, فإذا كانت درعا أوقدت شعلة الحرية لسوريا, فإن حماه تلقفت الشعلة ببروميثية راهنة وأوصلتها إلى الذروة الطبيعية, بكثافة المنتفضين والمحتجين, وتذكيرها إيانا بدور الساحة المحور في الضغط على الأنظمة, وتكرارها صنيع الانتفاضة المصرية ضد مبارك في إضفاء رمزية من نوع ما على ساحة العاصي, حيث تمازج نحيب النواعير مع نحيب الأمهات والأخوات والزوجات الثكالى وكل من فقد على درب الجلجلة السوري عزيزاً, ولأن البروميثية محظورة في بلاد الاحتكار الحصري للمفاهيم والحراك, كان الانهيال على حماه ضرباً وقتلاً وسحلاً واعتقالاً من أجل إعادة الشعلة المقدسة إلى مستودع أمانات السلطة, لتنحر في العفونة الهائلة والرطوبة الهائلة.

حماه السورية طبعة معادة من مدينة غرنيكا الإسبانية, التي حطمها الجنرال فرانكو مع الطائرات الألمانية في 1937, إبان الحرب الأهلية الإسبانية, لقطع دابر الجمهوريين الإسبان, وينبغي على التشكيليين السوريين والوثائقيين السوريين وغيرهم تخليد أسفارها الملحمية في مواجهة الطغيان السلطوي السوري, كما فعل التكعيبي بيكاسو مع غرنيكا وأهوال الحرب فيها, إذا ما علمنا وفي سياق المقارنة أن حماه شهدت في 1982 خلال العمليات العسكرية السورية ضد تنظيم الإخوان المسلمين مقتل قرابة 50 ألفاً من مجموع سكان المدينة الذي كان حينها بموجب التقديرات الرسمية نحو 350 ألفاً, وتحويل 60 % من الدور السكنية فيها إلى أنقاض وأطلال وخرائب, إلى درجة أن بعض المعارضين السوريين ومحللين خارج سوريا يستخدمون أحياناً بدلاً من عبارة " الحل الأمني " عبارة أخرى هي " الحل الحموي " في تذكير بأحداث الثمانينيات من القرن المنصرم التي عصفت بالمدينة, وشكلت تالياً ردعاً سلطوياً لأي تطلع مشروع من قبل المواطنين, وقد واتت ثقافة " الحل الحموي " التي زرعها الأسد الأب أكلها لعقود قبل الانتفاض الجماعي للسوريين منذ منتصف آذار المنصرم في مسعى لإعادة كرامتهم الوطنية المستلبة.



#مصطفى_اسماعيل (هاشتاغ)       Mustafa_Ismail#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان الانسحاب من الهيئة المستقلة للحوار الكردي - الكردي
- القانون المانع للأحزاب في سوريا
- سوريا: الصراع على امتلاك الشارع الكردي
- رحالة غريب في سوريا اسمه اللقاء التشاوري
- فقط في سوريا : السلطة تحاور السلطة
- تصريح : السلطات السورية تباشر تجريدي من الحقوق المدنية وتلقي ...
- مبادرة من أجل الحالة الكوردية في سوريا
- الاختزالية السورية وتخوين المختلف
- وثيقة هيئة التنسيق الوطنية : تسويف الكورد إلى إشعار سوري آخر
- الصمت والخرس والسكوت منتجٌ كوردي بامتياز
- ادّكارات
- هزيمة
- محاولة للوداع
- فيديل الزرقاوي وأبو مصعب كاسترو
- نعمْ .. كلُّ داخلٍ سيهتفُ لأجلكَ وكلُّ خارجٍ أيضاً ...
- غارة على الحبر
- لماذا ينسحب الكرد من الاهتمام بالشأن العام ؟.
- كما يليق بعدو الفرح
- أجراس حلبجة وقامشلو
- ماكو الكردية والحماقات الإيرانية


المزيد.....




- قتلى وجرحى جراء غارات إسرائيلية على سجن إوين في محافظة طهران ...
- مكتب نتنياهو يعلن قصف موقع رادار بإيران بعد سريان وقف إطلاق ...
- ماذا دار بين أمير قطر ورئيس إيران بأول اتصال بعد الهجوم الصا ...
- ماذا حدث بين إسرائيل وإيران بعد دخول وقف إطلاق النار حيز الت ...
- كيف طورت إيران برنامجها النووي؟
- تفوّق جوي مقابل تكتيك صاروخي: حرب إيران وإسرائيل تكتب معادلت ...
- تعطّل القطارات يثير شبهات التخريب قبيل قمة الناتو في هولندا ...
- إيران تؤكد احترام وقف إطلاق النار إذا قامت إسرائيل بالمثل
- ترامب ينتقد إسرائيل بسبب هجماتها على إيران بعد وقف إطلاق الن ...
- امتعاض في إسرائيل بعد انتقادات ترامب


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى اسماعيل - عن غرنيكا سوريا ويدها البيضاء