أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - أحمد الخميسي - كعك أمريكي لسكان الفالوجة














المزيد.....

كعك أمريكي لسكان الفالوجة


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 1022 - 2004 / 11 / 19 - 10:53
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


عندما تأهبت أمريكا لغزو العراق أعلنت أنها تبحث عن أسلحة دمار شامل ، ثم أنها تبحث عن صدام حسين ، وعندما قامت بعض الجهات بتمرير اقتراح باستقالة صدام ، أعلنت أنها ستدخل العراق حتى لو استقال صدام . ومن ثم لم يعد مفهوما ، لماذا تدخل العراق ؟ ثم اتضح – بعد الغزو- أن المقصود تنظيم القاعدة ، وشبح بن لادن ، ثم اتضح أن سبب دخولها هو مطاردة الإمام الصدر ، ومع بعض التدقيق تبين أنه الزرقاوي ، وتأكد أخيرا أنهم " الإرهابيون " عموما ، وخلال رحلة البحث الطويلة تلك ، تبين أن أمريكا لا تبحث إلا عن تبرير للغزو ، وكلما تبخرت من بين يديها حجة فتشت عن حجة أخرى . وخلال ذلك أسالت القوات الأمريكية – المسماة قوات التحالف - دماء الآلاف من أبناء الشعب العراقي في شوارع ومساجد الفالوجة والنجف والكوت والرمادي وبغداد والكاظمية والموصل وسامراء وبعقوبة وغيرها من مدن العراق ، ودمرت البنية التحتية للعراق ، وفتحت أبوابه على مصراعيها للمرتزقة والباحثين عن الثراء . وقد كثف الأمريكيون في الأيام الأخيرة عملياتهم العسكرية في مدينة الفالوجة ، خلال عيد الفطر ، وكان على الفالوجة وهي مدينة لا تزيد مساحتها عن أربع كيلومترات مربعة و لا يتجاوز عدد سكانها 350 ألف مواطن – أن تتلقى بمفردها كل هدايا العيد من كعك أمريكي فولاذي تسقطه الطائرات الأمريكية دون توقف من السماء ، الكعك الذي فجر وتفجر في كل شئ : المساجد والشوارع والبيوت والسيارات والمستشفيات والمدنيين والعابرين والمقيمين والمقاومين والمسالمين . وقد تساقط كعك العيد الأمريكي على مسجد عبد العزيز السامرائي أثناء صلاة المغرب ، ومعه صواريخ الهدايا ، فقتل أربعين مصليا أعزل وأسقط عشرات الجرحى . ولم تترك قوات " التحرير " من المائة وعشرين مسجدا في الفالوجة مسجدا واحدا سليما ، وقصفت المستشفى العام بالمدينة ، ولاحق القناصون الأطباء الذين حاولوا الفرار فقتلوا 17 طبيبا منهم . ولإحكام قبضة التحرير ، منعت قوات الاحتلال قوافل الصليب الأحمر الدولي ، والهلال الأحمر العراقي من الدخول وتقديم أية مساعدات غذائية أو طبية . ومنعت أية تغطية إعلامية للعمليات ، كما أغلقت مكتب قناة الجزيرة ، ومنعت حتى شبكات تلفزيون أمريكية مثل شبكة" سي . بي . إس" من بث برنامجها المعروف " 60 دقيقة " بدعوى أن الصور الواردة فيه تمس الأمن القومي ، ثم فرضت حالة الطوارئ وحظر التجول ، لتواصل إلقاء هداياها العنقودية على كل شئ . وخلال ذلك توجه قلق المجتمع الدولي بهيئاته : مجلس الأمن ، ومنظمة العفو الدولية ، وغيرها إلي المأساة في دارفور ، وساحل العاج ، ومناطق أخرى . وأصبحت الفالوجة – التي وقفت وحدها عارية ومجيدة في وجه البربر - مدينة بلا ماء ولا كهرباء ولا طعام ولا دواء ولا مهرب ، دخان القنابل يلطخ سماءها ، وجثث المحتفلين بالعيد ملقاة في الشوارع تنبعث منها رائحة التحرر والديمقراطية في هواء لزج ثقيل وغبار غريب يلف كل شئ . وعقب أحد الجنود الأمريكيين على المشهد بقوله : " إنهم لم يعتادوا الحرية " . العائلات العراقية التي نزحت بمعجزة من الموت تعيش في منطقة العامرية في خيام أو كيفما اتفق تحت الجسور والقناطر ، ويحكي أفرادها أنهم كانوا يسمعون صرخات البشر الأحياء تحت الأنقاض تستنجد بهم ، ولا يستطيعون لها عونا ، وأنهم شاهدوا الدبابات الأمريكية تربط الجثث بحبل طويل في نهاية الدبابة وتجرها إلي الملاعب الرياضية لتحرقها هناك. وكتب مراسل " بي بي سي نيوز أون لاين " يصف المجزرة بقوله : " كان بوسعك أن تسمع أصوات الصراخ والنحيب ما أن تسقط قنبلة كبيرة بالقرب منك وسرعان ما يقطع أزير الصواريخ صوت النحيب ، فتسمع خلال القصف إلي صوت الصلاة ، يصلي الناس بصوت مرتفع لأنهم خائفون ". ولكن العدالة والحرية والديمقراطية الأمريكية لا تنسى واجبها ، فتطالب بفتح تحقيق مع جندي أمريكي أطلق النار على جريح أعزل! أما الاحتلال، والمقابر الجماعية، واغتصاب النساء ، وهدم المساجد ، والاعتقال ، وإذلال العراقيين ، وإطلاق النار على مدينة بأكملها فإنه أمر لا يستحق فتح تحقيق ! ولا تستحق عملية الإبادة الجماعية التي تتم سوى ذلك الصمت العربي والدولي المريب والمهين . واسم الفالوجة التي تقاوم اليوم الاحتلال الأمريكي البربري يعني الأرض التي تفلجت وتشققت فأصبحت مهيأة للزراعة ، وهي ذاتها الفالوجة التي شهدت من قبل معارك الخوارج ضد الأمويين ، وكانت أرضها مسرحا لمعارك بين العباسيين والعلويين ، وذكر الطبري أنه كان للقرامطة فيها نشاط ملحوظ ، ومنها انطلقت الثورة العراقية على المحتل الإنجليزي عام 1917 عندما قام الشيخ ضاري بقطع رأس القائد الإنجليزي لجمن ، فخرجت المظاهرات الشعبية في كل مدن العراق تهتف : " ضاري هز لندن وأبكاها " ، وبدأت الثورة . وعندما ينتهي الأمريكيون من إبادة المدينة بكاملها ، وتصبح مدينة أشباح وذكريات ، حينئذ فقط سوف تتجول الديمقراطية الأمريكية وحدها في الشوارع معلنة انتصارها وسط الموت الكامل ، هناك حيث قتلت أبناء الرافدين عطشا ، وأبناء أغنى بلد بالنفط جوعا . وبالرغم من كل ذلك فإن السيناتور إدوارد كيندي لم يخطئ كثيرا حين صرح بأن العراق أصبح " فيتنام الرئيس بوش " ، فقد اتخذت المقاومة في العراق بعدا شعبيا شاملا ، وعرت ليس فقط ضعف أقوى دولة في العالم في مواجهة إرادة شعب بل وعرت هزال السلطة التي تم تركيب أجزاؤها الهشة بسرعة لتلائم المحتلين ، ولكي يكون دورها الوحيد هو " ترجمة " الأوامر الأمريكية من لغة إلي أخرى . إننا لن نغفر تلك المجزرة ، ولن ننسى بطولات المدينة . وعلى كل الذين ضجوا من طغيان صدام حسين ، أن يضجوا من الطغيان الجديد ، لأن من يعادي الطغيان يعاديه في كافة صوره ، وليس في الماضي فحسب ، فالحاضر أولى بالمواجهة والتصدي ، إن كنا حقا نبغض الطغيان .



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ياسر عرفات .. تغريبة أخيرة
- ليلة القبض على العريش
- عبد الحليم قنديل .. اختطاف الحقيقة
- محطة الضبعة ومستقبل مصر
- العالم يحتفل بمئوية تشيخوف
- صفحة الحوادث والأدب الروائي
- القمة والقمامة في مصر
- ثورة يوليو .. بهجة التاريخ
- نموذج بولاق .. لسيادة العراق
- طانيوس أفندي عبده .. الكاتب المجيد
- بط أبيض صغير
- أدب سياسي
- مجموعة - نيران صديقة - لعلاء الأسواني
- ترجمة الروح
- فاطمة زكي ونساء الثورة
- كلما رأيت بنتا حلوة أقول يا سعاد
- وجهة نظر روسية في الاستراتيجية الأمريكية لعالمنا
- الشيخ أحمد يـاسـيـن ما الذي اغتالوه .. ؟
- القاهرة تهتف للعراق
- راشـيـل كـوري ضـميـر الـزهرة


المزيد.....




- كيف رد ترامب على سؤال حول ما إذا كان سيتدخل في نزاع إسرائيل ...
- وزراء خارجية الخليج يبحثون الهجمات الإسرائيلية على إيران
- الصحة الإيرانية تعلن ارتفاع عدد القتلى جراء الهجمات الإسرائي ...
- ترامب يتوجه إلى قمة مجموعة السبع في كندا مع توقعاته بتوقيع ا ...
- -القناة 14- العبرية: انتشال جثمانين آخرين من تحت الأنقاض في ...
- السودان.. مقتل وإصابة 35 نازحا في قصف شنته -الدعم السريع- عل ...
- معهد -سيبري-: عصر انخفاض عدد الأسلحة النووية في العالم يقترب ...
- ماكرون يدعو ترامب لاستخدام نفوذه لوقف التصعيد بين إسرائيل و ...
- عراقجي: النار التي أشعلتها إسرائيل قد تخرج عن السيطرة
- ما المنشآت الإيرانية الحيوية التي استهدفتها إسرائيل؟ وما أهم ...


المزيد.....

- حين مشينا للحرب / ملهم الملائكة
- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - أحمد الخميسي - كعك أمريكي لسكان الفالوجة