أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - أحمد الخميسي - وجهة نظر روسية في الاستراتيجية الأمريكية لعالمنا















المزيد.....

وجهة نظر روسية في الاستراتيجية الأمريكية لعالمنا


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 795 - 2004 / 4 / 5 - 08:41
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


ترى : كيف تنظر روسيا إلي " الهيمنة الأمريكية " على العالم ؟ وانفراد الولايات المتحدة بتقرير كل صغيرة وكبيرة على ظهر الكرة الأرضية ؟ بدءا من سعلة رجل عجوز في نيكاراجوا ، وانتهاء ببترول العراق ؟

بداية لابد من القول إن روسيا – رغم كل مظاهر الانهيار الاقتصادي وضعف القرار السياسي- مازالت القوة النووية الثانية في العالم ، وكانت ومازالت الدولة الأضخم مساحة بين دول الأرض قاطبة بكل ما يعنيه ذلك من ثروات وقدرات طبيعية وثقافية بل وعسكرية . وقد تكون كل تلك القدرات مشلولة في هذه اللحظة ، لكن ذلك لا ينفي أنها موجودة ، وأنها قابلة للتحول من السكون إلي التفجر . هناك أيضا اعتبار آخر يضفي على روسيا أهمية استثنائية بالنسبة لنا نحن العرب ، ويلقي على كواهلنا بواجب متابعة ما يختمر في روسيا من تيارات وأفكار : أعني بذلك الاعتبار أن امتداد مساحة روسيا على قارتي أوروبا وآسيا جعل تطورها التاريخي والثقافي أقرب إلي تكوين " أورو – آسيوي " ، وروسيا بهذا المفهوم ليست دولة أوروبية بحت كما هي حال ألمانيا مثلا . هذا التكوين استمد قوته من كثافة الوجود الإسلامي داخل روسيا ( 20 مليون ) ومن حولها ( 50 مليون ) ، وهو أمر لا يتوفر أيضا لأية دولة أوروبية أخرى . وقد بلور كل ذلك ثقافة روسيا وميولها بدرجة كبيرة نحو الشرق . والآن كيف تفكر روسيا هذه ، المرشحة للتحول ، في الموضوع الأمريكي ؟ . بهذا الصدد صدر مؤخرا كتاب هام بعنوان " الاستراتيجية الأمريكية للقرن الحادي والعشرين " تأليف الباحث الروسي الدكتور أناتولى أوتكين أحد أهم المتخصصين الروس في الشئون الأمريكية ، وترجمه إلي العربية أنور إبراهيم الذي قدم للمكتبة من قبل عدة كتب منها " تطور الفكر الاجتماعي العربي " ، " السعودية والغرب " ، و " تاريخ القرصنة في العالم" . صدر الكتاب عن المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة .

موضوع الكتاب هو مستقبل العالم ، أو مستقبل بلادنا ، في ظل ما يسميه الكاتب الروسي " القوة الأمريكية المطلقة وواقع أن أمريكا تتفوق اليوم في المجال العسكري على الدول العشر التي تليها في ميزان القوة ، وهي قوة تقترن أيضا بوضع اقتصادي وعلمي متفوق ، ذلك أن أمريكا تنتج سنويا على مستوى العالم ما يزيد عن خمسة وسبعين بالمائة من الإنتاج العالمي لبرامج الكمبيوتر ، وستين بالمائة من الإنتاج الموسيقي وأكثر من ثلث إصدارات الكتب . وبداهة فإن الكاتب يتناول الموضوع من زاوية علاقة " الوضع الروسي " بما يجري ، ويشير صراحة إلي أن شيئا ما " شبيها بالاحتلال بدأ يحدث في روسيا " ، ويعني بذلك الاحتلال الأمريكي ، أو للدقة الهيمنة الأمريكية على الشئون الروسية ، وعلى سبيل المثال فإن المنشآت النووية الروسية ، والاقتصاد ، والشرطة ، والإعلام ، تقع تحت رقابة أو إشراف أمريكي مباشر ، أو غير مباشر عن طريق الوكلاء من الصهاينة المحليين . ويعتبر أناتولي أوتكين أن علينا " أن نستخلص خبرة المائة عام الماضية " للتعرف إلي الأسباب التي أدت بالعالم إلي الظرف الراهن . لقد زال الاتحاد السوفيتي ، لكن أمريكا لم تعلن حل حلف الناتو ، ولم تقم بتخفيض ميزانيتها العسكرية ، ولم تسحب أساطيلها المسيطرة على بحار العالم ، واحتفظت بمائة ألف عسكري أمريكي في دول أوروبا ، وعدد مماثل في آسيا ، ونحو خمسة وعشرين ألف عسكري في الشرق الأوسط ، وعشرين ألف في البوسنة ، كما أن لديها 12 مجموعة من حاملات الطائرات في حالة تأهب عسكري دائم في طوافها بمستودع بترول العالم ، أي الخليج العربي ، والمضيق الذي يفصل تايوان عن القارة ، وعلاوة على كل ذلك تحتفظ أمريكا بشبكة جبارة من القواعد العسكرية في مختلف أنحاء العالم . وتنفق أمريكا على احتياجاتها العسكرية حوالي 37% من حجم الإنفاق العسكري العالمي . وفي ظل تلك المعطيات يعترف المتشائمون والمتفائلون معا بأن أمريكا قد تضمن لنفسها زعامة تدوم على الأقل ربع القرن . ويرى الكاتب أنه ليس ثمة أساس للشك في أن القرن الحالي وليس السابق هو بحق قرن أمريكي بحت . فقد تلاشت المخاوف من أن تصبح اليابان ، وأوروبا الغربية قوتين ذات شأن، بينما ضغطت الحكومة الروسية ميزانيتها فأصبحت أقل من ميزانية فنلندا ! ولا يلوح خصم ضخم في الأفق يعرقل المشروع الأمريكي ، بينما تتحرك أمريكا مع حلفائها ، ولكن بوسعها في الوقت ذاته أن تتحرك مستقلة من دونهم . ويكتب تشارلز ماينز قائلا : " لم يحدث مطلقا منذ روما القديمة أن سادت دولة بمفردها النظام العالم متفوقة بهذه الصورة كما تسود أمريكا الآن " . وقد استخدمت أمريكا مصطلح " الهيمنة على العالم " بشكل رسمي للمرة الأولى عام 1950 في الوثيقة الرئيسية للحرب الباردة ، ثم ساد مصطلح جديد هو " الهيمنة الطيبة " . وقد حددت ذات مرة وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت الوسائل التي تستخدمها أمريكا لتحقيق " هيمنتها " ( الشريرة أو الطيبة ! ) بقولها : " إن تلك الوسائل تشمل المنطق البسيط ، الحوافز الاقتصادية ، المساعدة الفنية ، المعاهدات الجديدة ، تبادل المعلومات ، استخدام القوة ، التهديد باستخدام العنف ، المقاطعة ، التهديد بالمقاطعة ، وأي توليفة من الأدوات السابق ذكرها " . وفي إطار العمل على فرض الهيمنة أصبح تحديد هوية مصادر الخطر المحتملة من الأعمال المحببة للأمريكيين ، وهكذا أشار " صمويل هنتنجون " ذات مرة إلي صراع الحضارات ، بينما اعتبر المفكر الأمريكي تشويت أن مصدر الخطر هو منطقة الصراع في التطور الآسيوي ، وركز إيمرسون جهوده على فكرة الإسلام الأصولي ، بينما ينوه البعض بمخاطر تحالف الصين ( أكبر دولة في العالم من حيث تعداد السكان ) مع روسيا ( أكبر دول العالم مساحة ) . ويرى دافيد تاكر أن صورة العدو صارت تتجسد الآن في " المقاتلين الهمج الذين يتأملون تدني أحوالهم في البلاد الإسلامية الغنية بالنفط" ويتساءل رونالد ستيل : " من الذي لا يمكن اعتباره عدوا لأمريكا ؟ على ضوء هذه التصورات الفضفاضة عن العدو المحتمل ؟ " . أما بشأن الاستراتيجية الأمريكية في القرن الحالي فإن صراعا يدور بين دعاة " الانعزالية " الذين شكلوا حركة " القومية الجديدة " داخل أمريكا ، ويعتبرون أن واجب أمريكا الأول أن تجد شكلا من الاكتفاء الذاتي بالاهتمام بشئونها الداخلية وتنمية اقتصادها ووقف المساعدات الخارجية في ظل حقيقة أن حجم الدين الوطني وصل إلي خمسة تريليون دولار ، ويرى دعاة تيار " الانعزالية " أن أمريكا ليست مضطرة " للبحث عن زعامة " . وفي الجهة المقابلة يستمر التيار الأقوى الذي ينادي بمواصلة العمل من أجل الهيمنة على العالم ، وضرورة التدخل الأمريكي في كافة الأرجاء لأن العالم – على حد قولهم - مترابط ومتشابك بحيث أن أي خلل في النظام الدولي قد يمثل تهديدا مباشرا لأمريكا . ويرى أناتولي أوتكين أن التيار الغالب في السياسة الأمريكية الآن خليط من اتجاهي الانعزالية والهيمنة يرمي أولا للحفاظ على موقع الزعامة الأمريكية ، وتحاشي ظهور أي منافس ، وأنه بالرغم من غموض مستقبل روسيا ، إلا أن " نظام العلاقات الدولية الذي سيعتمد إلي الأبد على الهيمنة الأمريكية مجرد وهم ، كما أنه أمر بالغ الخطورة " . ويعقد الكاتب الروسي أمله في وقف زحف الهيمنة الوحشية على الشعب الأمريكي ذاته ، فهو وحده القادر على الإجابة عن السؤال المطروح : إلي أي مدى ستستمر تلك الهيمنة ؟ . وقد يكون الدكتور أناتولي أوتكين محقا في أن الأمل معقود على الشعب الأمريكي ، وضميره الذي يستيقظ بصعوبة ، ولكن ذلك كله رهن بتفاعل العديد من العوامل الداخلية التي قد تجتمع في لحظة على تغيير الوجه الأمريكي القبيح . ومع ذلك ، فإن الآمال المعقودة على المستقبل ، لا ينبغي لها أن تدعو الشعوب الأخرى للتراخي في مواجهة الوجه الأمريكي القبيح ، فلابد لكل شعب من أن يساهم في تحطيم الوجه الحديدي بنضاله الخاص ، ليس فقط لأن ذلك النضال حق مشروع لكل شعب ، بل ولأن هذا النضال ذاته هو نضال لتحرير الشعب الأمريكي . ذلك لأن الشعب الذي يقبل باستعباد الشعوب الأخرى ، ليس شعبا حرا .

***

أحمد الخميسي . كاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيخ أحمد يـاسـيـن ما الذي اغتالوه .. ؟
- القاهرة تهتف للعراق
- راشـيـل كـوري ضـميـر الـزهرة
- الدكتور أبو الغار وكتابه إهدار استقلال الجامعات
- الصحافة المصرية لحظـات مضيـئـــة
- الرد على العملية الأخيرة في العراق
- محمد صدقي .. وداعا
- البيان الختامي للملتقى الأول للجان الشعبية المصرية لدعم الان ...
- ليس من جدار واحد ينشع دم الفلسطيني
- مضارب الأهواء عمل جديد لإدوار الخراط
- صورة الإسرائيلي في مصر
- ديوان - وطنيتي - قصة الروح الثائرة
- زراعة الكارثة في مصر
- الزهرة السوداء لحضارة الروائي العالمي - كوتزي
- بطاقة لطفل فلسطيني عام جديد .. يا حبيبي
- زهور قليلة في حقل الهزيمة
- عام ثالث .. على - حوار متمدن
- جائزة الثقافة الأمريكية في مصر
- نجوم كثيرة .. وقمر واحد في وداع حمزاتوف
- صــنــع الله إبــراهــيــم رسالة من على المنصة


المزيد.....




- السعودية.. مطار الملك خالد الدولي يصدر بيانا بشأن حادث طائرة ...
- سيجورنيه: تقدم في المباحثات لتخفيف التوتر بين -حزب الله- وإس ...
- أعاصير قوية تجتاح مناطق بالولايات المتحدة وتسفر عن مقتل خمسة ...
- الحرس الثوري يكشف عن مسيرة جديدة
- انفجارات في مقاطعة كييف ومدينة سومي في أوكرانيا
- عشرات القتلى والجرحى جراء قصف الطيران الإسرائيلي لمدينة رفح ...
- القوات الأوكرانية تقصف جمهورية دونيتسك بـ 43 مقذوفا خلال 24 ...
- مشاهد تفطر القلوب.. فلسطيني يؤدي الصلاة بما تبقى له من قدرة ...
- عمدة كييف: الحكومة الأوكرانية لا تحارب الفساد بما فيه الكفاي ...
- عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية متواصلة على رفح


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - أحمد الخميسي - وجهة نظر روسية في الاستراتيجية الأمريكية لعالمنا